رواية اغوار عزيز عزيز ونادين كاملة جميع الفصول

رواية اغوار عزيز عزيز ونادين للكاتبة سارة الحلفاوي هي حكاية تنبض بالمشاعر وتفيض بالصراعات الداخلية والخارجية، حيث تتقاطع الأقدار وتتشابك المصائر في قصة حب مختلفة لا تخضع للمنطق أو الزمن.في رواية اغوار عزيز، يعيش القارئ حالة من الانجذاب العاطفي والتوتر النفسي، وسط أحداث متسارعة تكشف أسرارًا مدفونة وقرارات مصيرية تغير كل شيء. الرواية لا تقدم حبًا مثاليًا، بل واقعيًا، مليئًا بالتحديات والتضحيات.

رواية اغوار عزيز عزيز ونادين كاملة جميع الفصول

رواية اغوار عزيز من الفصل الاول للاخير بقلم سارة الحلفاوي

- أنا بـكـرهـك يا عزيز!!! فاهم يعني إيه بكرهك! بكرَه طريقتك و إسلوبك و برودك و آآ!!
بتر عبارتها لما جذبها من ذراعها بعنف، فـ إصطدمت بصدرُه شاهقة تتلوى عشان تبعد عنُه لكن قبضتيه الفولاذية فوق ذراعيها و عيناه الحمراء القاسية تهتف قبل لسانُه:
- مش فارق معايا كُرهك من حُبك ليا! أنا كنت صريح معاكِ من الأول و قولتلك إني إتجوزتك بـس عشان الزفت التار، لولا كدا مكُنتش هفكر فيكِ أصلًا يا ناديم!!!
دفعها بحدة فـ رجعت لورا .. و جحظت عينيها و هي بتبصلُه، حاسة بـ نزيف يتسع ليشمل قلبها بأكملُه، هي فعلًا عارفة إن جوازهم عشان التار اللي بين العيلتين، لكن موافقته علر جوازه منهة خلتها تفتكر إنه بيبادلها نفس المشاعر، صكت أسنانها بقسوة، و في لحظة هوجاء قفزت عليه بتمسك في قميصُه بعُنف بتشدُه عليها و هي واقفة قدامه بطولها الضئيل إذا قورن بـ ضخامة هيئتُه، فـ رغم إنها طويلة لكن طولها بيتلاشى قُدامه! إرتعشت مقلتي عينيها و هي بتردد بـ همس قاسي:
- اللي قولته .. دلوقتي ده و رحمة أمي .. هتدفع تمنُه غالي أوي!
- هـ إيه؟!
قالها و هو بيقبض على كتفها غارزًا أظافرُه في لحم ذراعيها و بإيدُه التانية مسك فكها بقسوة بيحاول يتحكم في أعصابه عشان ميمدش إيدُه عليها، لكن لم تستسلم هي .. لم تُسلم له و صرّخت فيه بعنف:
- هتدفع تمنُه يا عزيز يا ابن القناوي!!!
و في لحظة كان بيجذبها من خصلاتها لتحت فـ كتمت تآوها بعندٍ غريب، بتبصلُه بقوة رغم إرتعاشة جسدها اللي كان بسبب غضبها مش خوفها منه، و بقسوةكان بيدفعها بطول ذراعه فـ إرتطمت بالأرض لدرجة إن راسها إتخبطت في الحيطة بخبطة خلتها تمسك راسها بألم رهيب، مسمعتش بعدها غير صوت الباب اللي إترزع بشراسة .. و تكة مُفتاح خلِت موجة سودا تبلعها بعد ما حسِت بـ دوار رهيب!!
خرج هومن الجناح و الشياطين تتراقص أمام عيناه، قابل وجه والدته الشامت و أعين الخادمات المفزوعة من هيئتُه:
- قسمًا بربي .. لو حد إداها كوبابة مايّة بس لهخليه يندم إنه دخل سرايا القناوي!!! إنتوا فــاهــمــين؟!!!
قالها و هو واقف قدام الخدم في المطبخ و هُما حاطين وشهم في الأرض بحُزن على تلك الجميلة القابعة بالأعلى، إلتفت عشان يطلع برا السرايا بأكملها و هو حاسس بخنقة غريبة، لكن لَقى أمُه بتقول بـ شماتة:
- أيوا إكده يا ضنايا، عرّفها إن اللعب مع ولاد الجناوي بموتة! ياكش هي و أهلها يتعظوا شوية!!!
سابها و مشي بيطوي الأرض من أسفلُه، ركب عربيته بعد ما رزع بابها، ساق العربية بجنون و كاد أن يَقتل و يُقتل لكن لمهارتُه تفادى، وصل أعلى جبل، سند راسه لـ ورا و هو بيفتكر الملاك الصُغيرة اللي كانت بتناديلُه بمُنتهى البراءة بـ "عمو" لما كانت بتشوفُه مع أبوه في شركة أبوها، إبتسم لما إفتكر أول مرة جمعتهم!!
كانت في السادس عشر من عُمرها .. بينما هو في الخامس و العشرون، كان جالس مع أبيه و أبيها، و قطع جلستهم الباب اللي إتفتح بقوة، و بنت جميلة بشرتها قمحاوية مايلة للبياض، قدها مرسوم برشاقة رغم صغر سنها، و شعرها غجري كيرلي طويل لكنه راق جدًا لملامحها الحادة .. لكن وشها إتملى دموع و هي بتجري على حضن أبوها بتردف برقة زي الوردة اللي لسة متفتّحتش:
- بابي!!!
- حبيبة بابي! حد دايقك يا حبيبتي؟
رجع لـ ورا على الكُرسي، حَط رجل على رجل و عينيه بتجوب البنت اللي واقفة قُدامه من راسها لأخمص رجليها، عينيه أُظلمت مُبتسمًا بشفاه منزوية لـ بنت رغم صغر سنها إلا إنها مُكتملة الأنوثة في نظرُه، لابسة برمودا يصل لما بعد ركبتيها باللون الروز الفاتح مع كنزة بيضاء بنصف أكمام، فاق من شروده فيها و قطّب حاجبيه لما لقى جسمها بيترعش و هي في حضن أبوها و وشها كلُه أحمر، و حَس بالدم بيغلي في عروقه لما سمعها بتقول بألم:
- بابي .. الـ .. الحارس اللي برا وقّفني كان بيقولي يعني إنه في ناس جوا عندك .. و .. و لقيته إتهجِّم عليا فجأة يا بابي بعيد عن باقي الحرَس!!!
- إيــه!!!
صرخة إنطلقت من أبوها، و أبو عزيز جنبُه بيقول بـ حزن على تلك الصغيرة:
- لا إله إلا الله .. وحدي الله يا بنتي و إهدي .. و إنت يا رفعت متسكتش على حق بنتك!
- أســكــت!!! ده أنا هاكلُه بإسناني!!
إنتفض عزيز من فوق الكرسي، طلّع سيجارة من جيبه و ولّعها و هو بيقول باصص للسيجارة قبل ما يضعها بين شفتيه:
- تعالي شاوريلي عليه!!
ثم تابع ناظرًا لأبيها:
- بعد إذنك طبعًا يا رفعت باشا! إنت مخلفتش رجالة فـ إعتبرني زي إبنك وباخد حق أختي!!
إنشرح وجه رفعت و قال مبتسمًا:
- طبعًا يابني ربنا يعلم غلاوتك عندي
طالعتُه هي بإستغراب لموقفُه الغير مُبرر بالنسبة لها، و عادت تُخبيء وجهها في صدر أبيها اللي طمنها و هو بيربت على كتفها:
- تعالي يا حبيبتي شاوريلنا عليه!!
وقف رائد أبو عزيز و هو بيربت على كتفُه بفخر!، و ذهبوا جميعًا لـ ذلك الحارس .. الحارس اللي كان قاعد على كُرسي متطمن إنها مُستحيل تقول .. و ده لإنه كرر فعلته معاها مرتان قبل المرة دي و مقالتش، و مكانش متوقع أبدًا إنها تقول و تتخلى عن جُبنها المرة دي، لكنُه قام وقف مصدوم لما لقى ضرفة دولاب _مجازًا_ بتتجه نحوه، و قبل ما يفكر حتى يجري كان عزيز جايبُه من قميصُه الإسود و أول ضربة سددها له كانت ضربة كادت أن توشك بـ مستقبله في الزواج و في إنجاب أطفال للأبد، لدرجة إنه وقع تحت رجل عزيز بيصوّت من الألم، فـ ميّل عليها عزيز و مرحمهوش و هو بيسددله لكمة عنيفة أفرغ فيها كل اللي كان في معدتُه! و كل ده بيحصل تحت أنظار ناديم اللي وقفت مصدومة بتبصلُه بإنبهار بريء، مش قادرة تصدق إنه هيموِّته بس عشان اللي عمله، غافلة تمامًا إن أي راجل حقيقي هيتصرف التصرف ده
حاول أبوه و رفعت يوقفوه و رفعت يتمتم:
- خلاص يا بني متوسخش إيدك في الزبالة ده .. أنا هدمرلُه مستقبلُه سيبُه!!!
- كفاية يا عزيز الواد شِبع ضرب!!
قالها أبوه، لكن عزيز إنفلتت أعصابها و زقُه على الأرض معلِقًا على صراخه كالولايا:
- صرّخ كمان زي المـرا!! صرّخ يا **** أنا عايزك تطربني!!!
وقف و صدرُه بيعلى و بيهبط مش قادر يلتقط أنفاسه من كم المجهود اللي بذله، بينما ربت أبيه فوق ضهره و هو بيحلفُه:
- خلاص يا عزيز يابني .. كفاية .. إهدى!!
- أنا هستناك في العربية يا حج!!!
قالها بضيق و هو بيبُص لأبوه، فـ أومأ له أبيه مُتابع ذهابه للسيارة بعيناه، بينما رفعت أمر رجاله بحمل ذلك الوضيع أمام أبخس المشافي، مقررًا عدم الذهاب للقسم لكي لا تخسر إبنته كرامتها، فـ إلتفتت له الأخيرة تقول بأعين متسعة:
- يعني مش هتوديه السجن يا بابي؟
قال رفعت بهدوء:
- سجن إيه يا حبيبتي بس .. بقى أنا بنتي .. بنت رفعت الشرقاوي تدخل إقسام و تتبهدل؟
- بس ده حقي!!!
قالتها بإحتجاح بريء، فـ قال رائد بهدوء يدعم موقف صديقه:
- أبوكِ عنده حق يا ناديم .. هو خد جزاؤه خلاص، لكن لو وديناه القسم و عملنا محضر هيستجوبوكِ و إنتِ يا بنتي مش وش إقسام!!!
ربت أبيها فوق كتفها و قال بحنان:
- يلا يا حبيبتي .. روحي أوضتك مع يزيد و أنا هخلص كلام مع رائد باشا و هجيلك نقعد مع بعض شوية!!
بصتلُه من غير ما تتكلم .. فـ قرص دقنها بلُطف و مشي من قدامها مع رائد، وقفت هي و قُدام عينيه يقبع ذلك الـ (Hero) بالنسبة لها في سيارته، حاولت التحلي بالشجاعة و فعلًا خدت خطوات نِحيته، فتحت باب العربية دون إستئذان و ركبت جنبُه جنب باب السواق، كانت مغمض عينيه و راجع براسُه لـ ورا، بصتلُه بتوتر، فركت أناملها و غمغمت:
- أنا .. مُتشكرة!
- إنزلي!!!
- إيه؟
قالتها بصدمة مش مستوعبة اللي قالُه، ولما أدركت الكلمة اللي إتقالتلها لعنت وقاحته في سرها، فـ عادها مرة تانية قائلًا:
- سمعتيني مش كدا؟
قالها في لحظة، و في اللحظة اللي بعدها كانت بتنزل و صفعت الباب بكل ما أوتيت من قوة، فتح عينيه و بص ليها و هي بتمشي بخطوات شديدة الغضب، خصلاتها الغجرية تطاير خلفها، لحد ما غابت عن عينيه لما دخلت الأوضة، بالتأكيد دايقها تصرفه، لكن ده اللي كان لازم يحصل، قال بينه و بين نفسه إزاي تسمح لنفسها تركب مع راجل غريب، أهي بتلك السذاجة؟ قطب حاجبيه و هو بيتخيل مجددًا ذلك الحقير و هو يلمس جسدها، و بعنف خبط الدريكسيون بإيده و هو شايف الحرس بيشيلوه في عربية تخص رفعت، و في لحظة كانت بيتحرك وراهم و هو بيطلع تليفونه بيهاتف أبيه، و لما رد قال بهدوء:
- حالًا هبعتلك عربية بسواق ترجّعك القصر يا بابا .. خدت العربية عشان عندي مشوار ميتأجلش!!!
عاد للواقع، إبتسم على إندفاعُه لما راح ورا الحُراس بالعربية و إستنى لما رموه قدام المستشفى، و نزل هو بنفسه خدُه و حطُه في شنطة العربية و خدُه مخزن الشركة مارس عليه جميع أنواع التعذيب .. و رجعه البيت بعاهات مستديمة في جسمُه!
إتنهد و هو بيتفكر شخصيتها القديمة .. لما كانت بريئة لا تعي شيء، كانت زي حتة الإزاز الرقيقة اللي يخاف يمسكها فـ تتكسر، مكنش يعرف إن حتة الإزاز دي سابت فيه جرح مش هيلتئم أبدًا، أو يمكن هو اللي قسي عليها ناسي إنها .. بتعوّر!
للحظة حَس بقلبُه واجعُه، رجع .. لف بالعربية ورجع عندها، كانت الساعة ما بعد الثالثة فجرًا، دخل القصر اللي إشتاق لريحة أبوه اللي كانت بتملاه فـ ردد و هو بيطلع جناحه:
- الله يرحمك يا أبويا!!
طلّع المفتاح من جيبُه، و دخل و ياريته ما دخل، لاقاها قاعدة قدام الباب بإيدين حمرا بتترعش و عينيها زي حبات الدم، لكن مش معيطة، بل للحظة حَس إن من كتر العياط اللي كاتماه سامع تبعثُر صدرها اللي الشهقات بتتردد فيه، لان قلبُه لحالتها مش هينكر .. و خصوصًا لما قالت بكُل شراسة:
- حاطتني في أوضة عازلة للصوت؟ فاكر إني هفضل تحت رجليك بعد البهدلة اللي شوفتها على إيديك؟ أنا همشي .. همشي و مش هتشوف وشي تاني .. أنا لو وصفتلك من هنا لبكرة أد إيه أنا بكرهك .. مش هتقدر تتخيل بردو!!
- خلّصتي؟ قومي إعمليلي حاجة أكُلها!
قالها بعد ما قعد على الكرسي قدامها حاطت رجل على رجل بيحاول يسكِت مشاعرُه، إبتسمت ساخرة، وقفت قدامه و رغم هيئتها المرهقة إلا إن عينيها إحتفظت بشراسة بات يعشقها، ميّلت عليه و سندت على الكرسي فـ بَصلها بإستمتاع و هي قُريبة منه لدرجة خطيرة:
- فاكر نفسك شاريني ولا إيه يا ابن القناوي؟ تضربني الصبح و عايزني أخدمك بليل؟
قرّب بوشه من وشها، بَص لعينيها و إنحدر لشفتيها و هو بيهمس قدام بخبث:
- و مش بس كدا .. ده أنا عايزك كمان .. و حالًا!
هُنا و قد ضغط على زر حساس لها، إعتدلت في وقفتها و بعدت عنه لما حسِت بناقوس الخطر بيضرب فوق راسها، قرر يكمل لعبتُه .. قام و خد خطوات نِحيتها، فـ إتراجعت هي ضِعفهم، فـ إتسعت إبتسامته و هو عارف إن ده الأمر الحساس الوحيد اللي بيسكتها فضل يتحرك نِحيتها لحد ما إرتطمت بالحيطة فـ إتخبطت راسها اللي لسة متعافتش من خبطة رهيبة قبلها تآوهت بألم مميلة راسها لقدام بتمسكها بإيديها الإتنين، فـ إستحالت إبتسامته الماكرة إلى قلق نهش في عضمُه و هو بيحاوط كتفيها بقلق و هو بيميل عليها:
- إتخبطتي جامد؟!!
- راسي آه!!
قالت و هي بتتآوه بألم حقيقي فـ شملها بعينيه و ضم راسها لصدره قاصدًا رؤية ما يؤلمها بالضبط، حاولت إبعادُه وسط ألمها لكن صراخه فيها لما زعق سكتها:
- مـ تتهدي بقى!!!
عاد يضم راسها لصدره بيفتح شعرها بيبُص لفروة راسها فـ إتصدم لما لقى مكان فيه دم جاف، إنقبض قلبُه و بصلها و قال بلهفة:
- إتخبطي فيها إمتى!!
- كان فيه واحد معندوش دم رماني بطول دراعه و إتخبطت  في الحيطة و أُغمى عليا!!!
قالتها بحدة و هي بترفع راسها ليه، إتغافل عن كلامها و حاوط وحنتيها هامسًا و لازال القلق ساكن عيناه:
- بتوجعك أوي؟ أجيبلك دكتور؟
إهتزت عينيها أثر رقة صوته و القلق اللي شايفاه بينبض في عينيه، مردتش .. سوى بهمس:
- إبعد عني!!!
- هبعد .. بس قوليلي الأول أجيب دكتور؟
قال و هو بيحاوط وشها برفق و عينيه بتمشي على كامل ملامحها
- لا .. أنا .. كويسة!!
قالتها بهمس خفيف و هي حاسة بلمساته فوق وشها، حاولت تبعدُه و هي بتقول بصوت خفيف:
- عايزة أروح .. لـ بابا!!!
غمّض عينيه بيحاول ميتهورش، أخد نفس عميق و مال لـ رقبتها مستنشقًا عبق ريحتها، و بدون و عي منُه كان بيطبع قبلات فوق رقبتها الطويلة، قطبت حاجبيها بتحاول تنطق عشان تخليه يبعد لكن رقة قبلاته خلِت حتى لسانها رافضة إنه يتحرك و يقول كلام هو نفسُه مش موافق عليه، إحساس بغيض بـ إستجابة جسم كامل لمجرد لمسات .. أو ده اللي حاولت تقنع نفسها بيه، غمّضت عينيها و مرت قُدامها ذكرى دهس أخوها الصغير بعربية من عربيات ولاد القناوي، حسِت بدلو من الماية الساقعة وقع على راسها، و في لحظة كانت بتدفعُه من صدرُه بتصرخ في وشه بدموع إتجمعت في غينيها:
- إبــعــد عــنــي .. إبعد إنــت فــاهــم!!! قتلتوا أخويا الصغير .. دمرتوني!!!
حاول يحتوي إهتزاز جسدها و نبرة صوتها لما جابت سيرة أخوها، فـ قال بصوت هادي:
- إهدي! أهو مات و حقكوا إتاخد!
هزت رأسها بعنف هيستيري بتضرب صدرُه بقبضات عنيفة لم تؤثر فيه:
- و هـو ده هـيـرجـعُـه؟!!! هيرجع طفل لسة مشافش الدنيا إترمى تحت عربية أخوك الخمُرجي الزبالة!! 
مسك كفيها، ثبتهم فوق راسها على الحيطةفـ إهتاجت أكتر و أخذت تتلوى بجسدها عشان تبعد عنه لكنُه همس قُدام شفايفها بهدوء غريب:
- لو مَهدتيش .. ههديكِ بطريقتي، و طريقتي مش هتعجبك!
صرخت بوجهه بشراسة مش جديدة عليه، فـ لم يجد مفر سوى بتقبيل شفتيّ ترتعش من شدة الغضب
- لو مَهدتيش .. ههديكِ بطريقتي، و طريقتي مش هتعجبك!
صرخت بوجهه بشراسة مش جديدة عليه، فـ لم يجد مفر سوى بتقبيل شفتيّ ترتعش من شدة الغضب، لاحظ صدمتها بالبداية، لاحظ توقف جسدها عن الحركة، و لاحظ أيضًا هدوء جسدها و هو عارف إن ده مجرد هدوء من شدة صدمتها ليس إلا، إلا إنه مقدرش يبعد، رغم إنها بالفعل سكتت لكن هو مقدرش يبعد سوى لما ضربتُه بقسوة على صدرُه عشان تبعده .. فـ فاق فعلًا و سابها، ولّاها ضهرُه بيمسح على وشُه بعُنف، بيحاول يقنع نفسه إن دي مجرد لحظة ضعف قدام بنت جميلة .. و مراتُه و حقُه، يعني اللي عملُه طبيعي رغم العهد اللي كان واخدُه على نفسُه إنه مش هيقربلها لأسباب كتير .. أولهم إنه واخد عهد على نفسُه ميحبش، و تاني حاجة فرق الـ عشر سنين اللي بينهم كبير بالنسبالُه، و أكيد هييجي عليها اليوم اللي تحس إنه مبقاش مناسب ليها و هتبقى عايزة حد في سنها!
لفِلها فـ لاقاها بتمسح شفايفها بعناد، إستفزتُه حركتها، فـ قرب منها مرة تانية على غفلة حاوط وشها و هو حاسس بأعصابة فلتت:
- بـتـمـسـحي شـفـايـفك لـيـه؟!! قارفانة؟ مـ تـرُدي!!
بصتلُه بحدة و قالتله:
- إنت خدت حاجة مش من حقك!!
- مـــش إيـــه!!!! مـش مـن حـقــي؟!!! أومال مـن حــق مـيـن؟
قالها و هو بيعتصر ذراعيها بين كفيه، فـ كتمت تآوهاتها لتجدُه يهتف بجنون:
- غلطانة يا نادين .. اللي عملته ده حقي .. لاء ده أقل حقوقي كمان، و أي حاجة أعملها معاكِ حقي .. كُلك على بعض حقي و على إسمي و بتاعتي!!!
إنفلتت ضحكة ساخرة منها تقول بمرارة:
- بجد؟ ناسي ليلة الدُخلة قولتلي إيه و عملت فيا إيه؟ ناسي كسرة قلبي؟ ناسي إنك بعضمة لسانك قولتلي إنك مش عايزني؟
عودة إلى ما قبل ثلاثة أشهُر!!
واقفة قُدام مرايتها بعد ما طلعت من الفرح، و هو واقف في البلكونة بيدخن سيجارتُه، هي مبتسمة رغم الحزن اللي في عينيها على أخوها، و رغم إنها مش قادرة تتجاوز الأمر لكن جوازها من الراجل اللي عاشت سنين تتمنى تبقى معاه خلّاها تنسى أي حاجة وحشة حصلت معاها آخر فترة، رغم بروده و عجرفته معاها إلا إنها عارفة إن جواه جميل .. و إنه أكيد بيحبها أو حتى مُعجب بيها، قعدت على السرير، بتحاولي تهدي التوتر اللي ملَى قلبها من يوم زي ده، و اللي رغم كونه زواج للثأر فقط إلا إنهم لما عرضوا عليه الفكرة مرفَضش .. و ده خلاها تتأكد إنه أكيد بيبادلها نفس مشاعرها، غمّضت عينيها و حاولت تجمع قوتها و تقوم تروحلُه، و بالفعل وقفت وراه و همست بصوت بالكاد طلع:
- عزيز..!!
لفِلها و فيه سيجارة في إيدُه و عينيه الباردة تحُثها على إستكمال الحديث، فـ غمغمت بتوتر:
- معلش .. ممكن تفتحلي سوستة الفُستان ده .. معرفتش أطولها!
- ماشي!
قالها بهدوء و هو بيشاورلها تدخل .. فـ دخلت الغرفة و قفل هو البلكونة وراه، لفِت بـ توتر شديد لكنها شعرت به في لحظة واحد بيفتحلها سوستة الفستان، و بعدها بيدخل البلكونة و بيقفل  عليه!!
لفِت ضهرها للمكان اللي كان واقف فيه بصدمة؟ إزاي؟ إزاي بالسُرعة دي و ليه مش زي ما بتقرأ في الروايات وقف يتأمل جمال ضهرها؟! إزاي محاولش يلمسها؟ دي حتى محتش بإيدُه على جسمها و هو بيفتح السوستة، للحظة حسِت بإهانة لأنوثتها، فـ دخلت الحمام صافعة الباب وراها و أجهشت في البكاء لكن بصوت مكتوم، غيّرت هدومها و خدت شاور و حاولت تصفي ذهنها، خرجت من الحمام لافة فوطة حوالين جسمها و من ثم دخلت لـ غرفة تبديل الملابس و لبست قميص نوم نبيتي حريري و فوقُه روب من نفس اللون، طلعت من غرفة تبديل الملابس فـ سمعت صوت هدير المياه في الحمام، نامت على السرير بشرود في اللي حصل، لكن جفنها مكنش قادر يغمض، رفعت عينيها للي طلع من الحمام لافف فوطة رمادي على خصرُه، نزلت عينيها بسرعة بخجل و ودت وشها النِحية التانية بتديلُه ضهرها في محاولة منها لرد كرامتها اللي بعثرها!!
بعد دقائق، حسِت بحركته في الأوضة لحد ما طفى النور، كانت فاكرة إنه هييجي ينام جنبها لكن لقت إنه طول و ماجاش، قامت قعدت على السرير و نوّرت الأباچورة جنبها فـ لقت نايم على الكنبة، بصتلُه بإستفهام و أعين متوسعة ببراءة .. لحد ما قالت:
- مش هتنام على السرير؟
- لاء!
قالها بإقتضاب، فـ قالت بهدوء:
- ليه؟ الكنبة هتوجعلك ضهرك و الجو برد و آآآ!!
قاطعها بإختصار:
- أنا حابب أنام هنا!!
هنام مقدرتش تتحمل .. قامت منتفضة من على السرير فتحت نور الغرفة و وقف قدامه و هو مغطى عينيه بذراعه العضلي، و قالت بحدة:
- في إيه يا عزيز!!! هو إنت مغصوب على الجوازة دي؟!
قام قعد بيفرُك عينيه من الضوء اللي دايقُه، بيقول و هو باصص قدامها مش باصصلها:
- شايفاني عيّل بريالة عشان أتغصب على جوازة؟!
- ممكن تقوم تقف نتكلم؟
قالتها بضيق و غصة في حلقها لما لقتُه حتى مش بيبُصلها، و بالفعل لقتُه وقف قدامها باصصلها بعيون باردة، مخدتش بالي من لمعة عينيه و هو شايف قُدام حورية .. حورية مُتألقة بأحمر دامي، ترتدي قميص للنوم يصل للأرض لكن ضيق على جسدها، و فوقه روب من نفس الطول إنزاح من على بداية صدرها فـ جعلُه يتنهد بعُمق يحاول كافة المحاولات لكي يسيطر على ما تبقى من صبرُه .. فـ هو لازال لم يُشفى من معركة خاضها و هو يحرر لها فستنها يرى ظهرها ذو اللون البرونزي خاطفًا لعيناه، خصلاتها الغجرية ولكن مهندمة جعلته يتمنى للحظة الغوص بهم، نظر لقدميها التي أخذت تقترب منه بجمود يحاول أن يجعله ظاهرًا فقط، كيف لها أن تقترب و هي على بُعد مسافة تُبعثرُه؟ أغمض عيناه و رائحة جسدها الطبيعية تفوح أمام أنفه، سمع تذمراتها عندما أغمض عيناه، و وضعت كفها فوق صدرُه تقول بصوتٍ جعلُه مشتتًا:
- بتغمض عينيك ليه؟
- نعست!
قالها بتلقائية و فتح عينيه مرة تانية و هو شايفها قريبة منه بتبصلُه بحُزن، إتنهد فـ حاوطت دراعه و قرّبت نفسها منه و هي بتهمس بصوت ملئتُه الغصة:
- إنت .. مبتحبنيش صـ .. صح؟
إبتعدي أرجوكِ، قالها بين و بين نفسه و هي قريبة لدرجة خطيرة منُه، مقدرش يرُد، لو قرّبت أكتر من كدا .. مش مسئول على اللي هيحصلها! همست نادين بـ صوت أذاب خلايا جسده:
- عزيز .. رُد عليا!
أخذ نفس عميق فـ أخذ أنفاسها بالخطأ من إقترابها منه .. جمّع قواه و قال بهدوء:
- نادين .. أنا مبحبش حد، و مش حابب أظلمك معايا، إنت لسة خمسة عشرين و أنا خمسة و تلاتين .. يعني فرق عشر سنين، مش هتحسي بيهم دلوقتي بس هتحسي بيهم لما أبقى أنا خمسين و إنتِ لسة أربعينات! أنا آآ..
قاطعتُه بتقول مصدومة:
- إنت بتقول إيه؟ إيه الحِجج دي؟ إيه المشكلة عشر سنين يعني مُعظم صحابي الفرق بينهم و بين إجوازاتهم عشرة و ساعات حداشر سنة كمان! ليه عاملها مشكلة!
قعد على الأريكة و قال بهدوء:
- دي حاجة تخصُهم .. لكن أنا مش شايف إني دي جوازة ناجحة!!
قعدت جنبُه بتحاول تيجي على نفسها و كبرياءها في سبيل إنه يبقى فاهمها و بيحبها، فـ قالت بهدوء:
- عزيز .. الموضوع أبسط من كدا صدقني!
- نادين!
قالها و هي حاطط إبهامه و سبابته على عينيه .. فـ رددت حزينة:
- نعم!!
- إنتِ عايزة إيه دلوقتي؟
قالها و هو بيبُصلها، فـ بُهتت ملامحها .. خدت خطورة لـ ورا، و قالت و هي حاسة بنغزات في قلبها:
- و لا حاجة .. تصبح على خير!
قامت و قفلت النور، راحت على السرير و إستلقت عليه بتكتم دموعها اللي حابساها جوا عينيها، أخدت نفس عميق و حاولت تنام لكن مقدرتش .. التفكير هيخلّص على الباقي منها!
لحد ما ربنا سبحانه و تعالى رَحمها و قدرت تنام! 
لما صحيت، دورت بعينيها عليه ملقتوش، و مسمعتش صوت ليه في الحمام، إنتفضت و لبست روبها و خرجت من الجناح بتنزل على سلم القصر، بتحاول تلاقيه بعينيها لكن مافيش فايدة، كانت واقفة لحد ما سمعت صوت أمه اللي بتكرها كُره غريب، بتقول بحدة:
- إنتِ واجفة عندك بقميص النوم إكده بتسوي إيه؟!!
- فين عزيز؟
سألت بإقتضاب تناظرها بضيق، فـ طالعتها من خصلات شعرها إلى أخمص قدميها، تقول ساخرة:
- ولَدي نزل شغلُه يا حبة عيني من بَدري .. شكلُك إكده .. ممزجتيهوش!!
هُنا و فُلتت أعصابها، قرّبت منها بتقول بحدة:
- إسمعي يا ست إنتِ .. أي تجاوز معايا في الكلام مش مقبول بيه نهائي!
قالت سُرية بقسوة:
- يعني هتَعملي إيه يا بنت المندَر!!!!
- همشي من هنا!! و مشياني هيفتح عليكوا سلسال دم ملوش نهاية!
قالتها بقوة، فـ سكتت سُرية تتذكر الشاب اللي كان لسة بعُمر الزهور و قُتل عمدًا بعد حادث أخيها، خافت على ابنها فـ صمتت، بينما طلعت نادين الجناح جسدها يهتز من العصبية .. لكن أول ما دخلت أجهشت ببكاء كتمته من إمبارح، فضلت تعيط لحد ما تعبت و قامت تاخد دُش، و لما طلعت غيّرت هدومها لـ بيچامة بيرمودا إلتصقت بجسدها مع كنزتها اللي كانت بدون أكمام، قعدت على السرير، مسكت تليفونها و هاتفت أبيها، و أول ما رَد قالت بلهفة:
- بابي .. وحشتني أوي أوي يا بابي!!
سمعته بيقول من الجهة الأخرى:
- روح قلب بابي .. و إنتِ كمان يا حبيبتي وحشتيني..
سكتت فـ قال رفعت بشك:
- مالك يا نادين؟ عزيز بيعاملك وحش ولا إيه!!
أسرعت تقول:
- لاء لاء يا بابي .. عزيز بيعاملني كويس م إنت عارفُه .. أنا بس مش متأقلمة هنا لسه!!
- مسألة وقت يا حبيبتي .. أنا لولا عارف إنك بتحبي عزيز مكنتش وافقت على الجوازة دي!! و عارف كمان إن عزيز راجل زي أبوه .. و مش هيسمح لحد ييجي عليكي أبدًا!
- طبعًا يا بابي!!
قالتها بهدوء و شردت، فـ قال رفعت بلُطف:
- يلا يا حبيبتي همشي أنا .. إبقي طمنيني عليكِ!
- حاضر يا حبيبي!!
قالت ثم ودعته و أغلقت معاه، جلست في ملل رهيب تنتظر مجيئُه بفارغ الصبر .. رغم إنها مش هتتكلم معاه في حاجة، لكن مجرد وجوده في المكان بيحسسها بأمان، مقدرتش تاكل أي حاجة، طلعت قعدت في البلكونة لحد ما الشمس غابت، نامت مكانها لكن صحيت على بوق سيارته اللي دخلت القصر بهوحائية، بصت لعربيتُه بلهفة، نزل منها بهيية فـ إتعلقت عينيها بيه مُبتسمة، لكنها إتحكمت في سيل مشاعرها و غمّضت عينيها تصتنع النوم على كرسي البلكونة و طول عمرها كانت شاطرة في الموضوع ده، حسِت بصوت خطواته جوا الجناح، لحد ما دخل أوضتهم، حاولت تخلي نفَسها طبيعي، لحد ما حسِت بيه بيقرّب من البلكونة، كتمت شهقة كانت هتصدر منها لما لقت نفشها في الهوا .. بين ذراعيه، إستغلت الفرصة و حاوطت رقبتُه ساندة راسها على كتفُه، إستمتعت بثوانٍ كانت فيهم بين ذراعيه لحد ما حطّها على السرير بـ تروِّي، و بعدها سمعت صوت باب الحمام بيتقفل!
فتحت عينيها و الإبتسامة إعتلت ثغرها، مسكت هدومها شمِتها لقتها كبها بقت ريحتُه، كانت قريبة منه لدرجة إنها حسِت بقلبها هيتخلع من مكانه، و لما صوت الماية إتقفل إترمت بسرعة على السرير تاني بتزيّف نومها، طلع من الحمام .. و هنا قررت النهوض، و فعلًا قامت نصف قاعدة بعيون ناعسة بتمثيل إحترافي، لكنها صرخت و هي شايفاه على وشك إنه يقلع الفوطة اللي كان لابسها على خصرُه معتمد على إنها نايمة و مش هتشوفُه، إتخض من صراخها خصوصًا لكن إبتسم و هو شايفها بتغطي عينيها بتصرّخ مصدومة:
- يا نهار أبيض .. يا نهار مافيهوش نهار!! إنت .. إنت كنت هتعمل إيه!!
- إنتِ بتصحي في الوقت الصح!
قالها بهدوء ف نطقت ساخرة:
- الوقت الصح أوي!
كملت و هي بتشاورة بإيد و الإيد التانية قافلة عينيها:
- إدخل .. إدخل الأوضة أستر نفسك!!!
ضحك على كلامها فـ إبتسمت أثر صوت ضحكتُه، و بالفعل سمعت صوت قفل الباب، فـ شالت إيديها بتتنهد براحة، بتغمغم بحُب:
- أول مرة أسمعه و هو بيضحك .. ياريتني كُنت شايفاه!!
عادت للوقت الحالي .. تقف و كامل جسدها يرتجف أثر الذكريات
التي ضربت قلبها بعنفٍ شديد، وقفت و هي بتبصلُه بتتنفس بعُمق، لقته بياخد خطوات تانية نِحيتها، فـ أسرعت بترفع سبابتها في وشه:
- خليك عندك .. إياك تقرّب!!
كمِل قُرب و هو بيشيل صباعها من وشه، مسك إيديها الإتنين بكف واحد ضد جسدها و بكفُه الآخر حاوط فكّها و لكن دون إن يضغط عليه و قال بحدة:
- بلاش تختبري صبري .. عشان لو نفد هتزعلي .. هتزعلي أوي!!
- عايز إيه يا بن القناوي؟
قالتها بعند و كإنها بترمي بكلامه عرض الحائط، فـ إصدمت بهمسُه قدام وشها بالضبط:
- عايزك .. عايز مراتي اللي قاعدة معايا بقالها تلَت شهور تحت سقف أوضة واحدة و مانعة نفسها عني!!
ضحكت ساخرة .. و قالت بقوة:
- لاء و إنت الصادق .. جوزي هو اللي من أول يوم كان بيعاملي كإنه متجوزني تخليص حق، إنت ناسي إن أنا .. أنا نادين رفعت كُنت بحاول أقرّب منك و كنت بتصُدني؟ دوق بقى من نفس الكاس يا عزيز!
- يعني بترُديهالي؟ .. مش قصة أخوكِ بقى!!!
قالها ساخرًا، فأسرعت بتقول بحدة:
- أخويا أنا عارفة إني مش هحاسبك على موتُه .. لكن العيلة دي أنا كلها على بعضها كرهتها، و آه برُدهالك يا عزيز .. لإنك شوفت مني النسخة الطيبة البريئة الغلبانة اللي كانت لسة متعرفش حاجة عن الدُنيا و رغم كدا قتلتها بإيديك، جاي عايز إيه دلوقتي؟ عايزني أترمي في حُضنك و أقولك موافقة؟! عايز تحيِّ حاجة ماتت خلاص؟
ساب إيديها، لكن سند إيديه جنب وشها على الحيطة و قال بـ ثقة:
- نادين .. إنتِ لسة بتحبيني، دي الحاجة اللي لسة مماتتش فيكِ، أنا شايفها في عينيكِ دلوقتي!!!
أظلمت عينيها، و سكتت للحظات لحد ما قالت بعقلانية:
- ممم جايز بردو .. جايز أكون لسة بحبك، بس مبقتش عايزاك!!
- بس أنا عايزك!
قالها بهدوء، فـ إبتسمت ساخرة و قالت:
- بس مبتحبنيش!   
- مينفعش أحبك .. لو حبيتك هتكرهيني إنتِ يا نادين!
قالها بهدوء، فـ قطبت حاجبيها بعدم فهم، لكن فورما حاول الإقتراب .. حطت إيديها على صدرُه بتقول بجمود:
- عزيز .. إبعد!!
إنتفضت لما خبط الحيطة جنبها بقبضتيه بعنف، و إتخضت و هي شايفاه بيكسر كل حاجة إيديه طالتها في أوضتُه، وقفت ثابتة مكانها و الإزاز حواليها بيتناثر على الأرض مُلطخ بـ دم كفُه، إنتفض قلبها و هي شايفه إيدُه بتنزف .. لكن وقفت مكانها متحركتش، عينيها تابعته بلهفة و هو بيخرج برا الجناح بأكمله صافع الباب وراه، إتحركت بحذر و حمدت ربها إنها كانت لابسة حاجة في رجلها، مشيت برا الجناح شايفاه بينزل على السلم بخطوات قوية تطوي الأرض، أمُه بتحاول توقفُه في محاولة منها لفهم اللي حصل لكنه مردش عليه و تابع سيره لـ برا، نزلت من على السلم بخطوات واثقة و جمود عكس القلق اللي بياكل في قلبها، و هتفت بصوت عالي:
- يا أم حمادة .. تعالي نضفي معايا الأوضة فوق!!
بصتلها سُرية بحُرقة أم، طلعلتها بخطوات قوية فـ وقفت في مواجهتها نادين، مسكتها من كتفها بقسوة بتقول بحدة و هي بتهزها بعنف:
- عملتي فيه إيه يا بت .. إبني طالع مش شايف جِدامه رُدي عملتي معاه إيــه!!!! 
- شــيــلــي إيــدك!!
قالتها نادين بلهجة حازمة، و تابعت و هي بتزيح إيديها بحدة:
- تاني مرة مش هسمحلك تتطاولي عليا بإيدك بالشكل ده أبدًا!!!
- هو إنتِ لسة شوفتي تطاول يا زبالة!!!
هتفت بعنف و هي بترفع إيديها ناوية تلطمها بالقلم لكن كانت نادين الأسرع في ردة الفعل و مسكت رسغها بكفها بتضغط عليه بـ قسوة، حاولت سُرية تشيل إيديها من قبضتها بعد ما بدأت بالفعل تتألم، فـ سابتها نادين و إنفلتت أعصابها و هي بتهدر فيها:
- عايزة تمدي إيدك عليا!!! ده لا عاشت ولا كانت اللي تمد إيديها على نادين رفعت! ده أنا أروح فيكي في داهية!!!
بصتلها سُرية بصدمة إبتلعتها و مقدرتش تنطق، لحد ما سابتها نادين موجهة نظراتها النارية ليها و طلعت جناحها، دخلت الأوضة صافعة الباب وراها بتصرخ بعنف:
- عايزة تمد إيديها عليا .. فاكراني هسكتلها، ده بيت مـجـانيـن!!! 
دخلت بعد قليل أم حمادة و ساعدتها في لملمة تلك الفوضى التي بعثرها زوجها ذو العقل الصغير بعدما رفضتُه بوضوح .. جاعلة من مرارة العلقم الذي ذاقته من قبل في حلقُه الآن!!
مسكت قطعة إزاز عليها دمُه اللي جف، فـ إتنهدت و لملمتهم و حطتهم جوا ورق جرايد بمساعدة أم حمادة في أكتر من كيس عشان محدش يمسكه و يتإذي!
قعدت على السرير و مسكت تليفونها تهاتف أبوها بكل لهفة، و بالفعل رد عليها بيقول بحب:
- حبيية قلب أبوها!!
إتملت عينيها بالدموع و غمغمت بلهفة:
- بابي .. وحشتني أوي أوي أوي!!
- و إنتِ كمان يا روح بابي، يلا إستأذني من جوزك و تعالي أقعدي معايا شوية .. حاسس إني عايز أشبع منك!!
قفزت من فوق السرير بتقول على عجَلة:
- حالًا يا بابا .. مسافة الطريق .. هجري بالعربية و هجيلك!!
- لاء متجريش يا حبيبتي خدي بالك من نفسك و أنا مستنيكي!!
قالها بعد ما ضحك، فـ إنتعشت روحها و هي بتقول بحُب:
- حاضر يا حبيبي .. مع السلامة!!
أغلقت معه و دارت كالمجنونة تبحث عن حاجة تلبسها، و فعلًا جهزت نفسها و خدت تليفونها و مفاتيح عربيتها و مشيت، طلعت برا الجناح لقت بهو الڤيلا فاضي، خرجت للجنينه و من ثم الجراچ، ركبت عربيتها و إتحركت صوب باب الڤيلا المقفول، و قالت للحراس بلهجة آمرة:
- إفتحوا الباب!!
مال الحارس لها و عينيه في الأرض بيقول بهدوء:
- مخدناش أوامر من عزيز بيه إن حضرتك هتطلعي، فـ منقدرش نفتح الباب!!
غمّضت عينيها و حاولت تتحكم في أعصابها لحد ما قالت بهدوء مماثل لكن بنبرة تهديدية:
- إفتح الباب بدل م أخلي النهاردة آخر يوم ليك في الشغل .. عزيز في إجتماع و لو عِرف إنك موقّف مراته على الباب مش هيسكتلك!!
لاحظت نظراته اللي زاغت بحيرة، لحد ما إعتدل في وقفته و أمر باقي الحراس بفتح الباب، إنطلقت بالسيارة و هي تضحك بصوت عالي مُنتصرة هاتفة بإستنكار:
- قال مش هطلع غير بأمر من عزيز بيه قال!!
فتحت نافذة السيارة تستنشق ذلك الهواء الطلق، شافت تليفونها بيرن بإسمه فـ قفلت التليفون بعدم إهتمام، و أسرعت بالسيارة لحد ما وصلت قصر أبيها، ركنت السيارة داخل القصر بعشوائية و ركضت على الباب بتخبط عليه بلهفة، فتحتلها الدادة بتاعتها فـ حضنتها بشوق و قالت:
- وحشتيني يا دادة أوي، فين بابي؟
- و إنتِ أكتر يا نادين يا حبيبتي، البيه فوق في جناحه مستنيكِ!!
قالتها بإبتسامة، فـ أسرعت نادين تلقي بشنطتها و كل ما يخصها على الأريكة في بهور القصر، و صعدت له بلهفة مُنقطعة النظير، دخلت الجناح ف لقته قاعد على السرير ساند ضهره على ضهر السرير، وقفت و الدموع ملت عينيها بتقول بإشتياق فاق الحد:
- بابا!!
فتح لها ذراعيها بحُب لصغيرته التي تربّت على يداه، فـ أسرعت الأخيرة ترتمي بأحضانه و تبكي بكل حُرقة، ربت على خصلاتها بيقول بـ خضة:
- اسم الله عليكِ يا حبيبتي، مالك يا نادين حد عملك حاجة!
كيف تُخبره أن الجميع إشترك في أذيتها، كيف تخبرُه بأن هذا الحنان لم تتلقاه من سواه، كتمت كل ما كان يحزنها في قلبها و قالت وسط بكائها:
- مـ .. مافيش حاجة، بس إنت كُنت واحشني أوي يا بابي!!
تنهد بعدما إطمئن و قال بحنو:
- حبيبت قلبي .. إنتِ اللي وحشتيني أوي يا بنتي!!
فضلت في حُضنه مش قادرة تبعد راسها عن مرمى صدرُه، و هو شادد على حضنها و كإنه بيحاول يشبع من وجودها، شهقات فقط ما بعد البكاء صادرة منها، هديت مُستمتعة بإحساس إن إيدين أبوها محاوطاها بدفء، لحد ما بدأت إيديه تنزل تدريجيًا، واحدة واحدة حسِت بشدتُه على حضنها إرتخت تمامًا، قطبت حاجبيها، و رفعت راسها ليه، لقته مغمض عينيها و راسه مسنودة على ضهر السرير، إبتلعت ريقها و تمتمت بصوت بالكاد يُسمع:
- بابا .. بابا حبيبي إنت نمت؟
يُتبع
بابا .. بابا حبيبي إنت نمت؟
رفعت كفها اللي بيرتعش بتمسح على وجنته بتقول بـ صوت كلُه رجفة:
- بابا .. يا بابا نمت وسيبتني! إصحى يا بابا أنا لسة مشبعتش منك!
غصة في حلقها و هي مش شايفة من أبوها أي إستجابة،  إرتفع صدرها بـنفَس مبقتش قادرة تاخده، شددت على دراعه بتحاول تهزُه و هي بتقول بصدمة رهيبة:
- بابا .. مبترُدش عليا ليه؟
إتفتح الباب بعنف شديد، لفِت وشها لقته عزيز اللي كان على ملامحه الغضب الناري، لكن لانت ملامحه و هو شايف قُدامه اللي عمره ما كان يتخيل يشوفه، إنتفضت نادين لوجود عزيز و جريت عليه بلهفة بتمسك دراعه و هي بتقول بتشاور على أبوها بجنون:
- عزيز .. عزيز تعالي صحي بابا يمكن يصحى معاك!! أنا بحاول أصحيه بس مش راضي جرب كدا إنت .. هو بيحبك و بيسمع كلامك جرب كدا يا عزيز!!
غمّض عينيه و هو حاسس بقلبُه بيتعصر عليها، مشي معاها نِحية أبوها، قعد قُدامه و هي واقفة جنبه كامل جسمها بيرتجف و مقلتيها بتوزع نظرات بين عزيز و أبوها، مد عزيز كفه بيشوف نبضُه من رقبته لكن مالقاش نبض، إزدرد ريقه و إتنهد مش قادر يواجهها، لحد ما قام وقف قدامها، شمَلها بعينيه و هو بيشوف وشها شديد الإحمرار، عياطها المكتوم و عينيها الزائغة بعدم إدراك للي بيحصل، حاوط وجنتيها و رفع وشها ليه و هو بيقول بـ حذرٍ:
- نادين!!
مقدرش يتكلم .. الحروف وقفت على لسانه، فـ ردت هي بلهفة:
- نعم .. نعم يا عزيز، نايم صح؟ تيجي طيب نطلع و نسيبه يرتاح شوية و شوية كدا و ندخلُه؟
مرَدش، فـ بعدت إيديه عنه بتترمي في حضن أبوها بلهفة ساندة راسها على صدره و هي بتقول:
- ولا أقولك!! لاء .. خليني، خليني معاه .. هفضل معاه لحد ما يصحى، سيبني معاه يا عزيز عشان خاطر أغلى حاجة عندك، متمنعنيش أفضل معاه أنا ماليش غيرُه يا عزيز، هو أبويا و أمي و أخويا و حبيبي و كل حاجة .. أنا ماليش غيره، ماما ماتت و هي بتولد أخويا و أخويا كمان مات .. فـ أنا ماليش غير بابا، سيبني يا عزيز في حضنه شوية!
رفع عزيز وجهه لأعلى يدعي خالقه أن يصبرها و يصبرُه على الألم الذي يشعر به في قلبه عليه فما بالك بها!! قعَد على الأرض بمرفقيه نِحيتها، ربت على خصلاتها بحنان و مسح دمعاتها ثم همس برفق:
- نادين .. تعالي في حضني أنا شوية طيب!!
بصتلُه بتردُد، لكن حسمت أمرها و هي بتنفي براسها بتقول ببكاء:
- لاء .. أنا عايزة حُضن بابا!!
إبتلع غصة في حلقُه عليها، و قال برجاء لأول مرة في حياته يرجوها:
- عشان خاطري .. تعالي في حضني أنا شوية بس!!
جذبها برفق من ذراعها فـ نهضت و قام هو معتدل في وقفته، جذبها لحضنه محاوط كتفيها و راسها على صدرُه، بيربت على شعرها و ضهرها بيمسح عليه بحنو مش قادر يواجهها بالحقيقة،
فضلت في حضنه شوية بيحاول يهديها عشان يقدر يقولها .. لحد ما قال بصوت مُتحشرج:
- إنتِ قوية يا نادين و مؤمنة بالله و قدرُه! ربنا إسترد أمانته و إحنا مافيش في إيدينا حاجة!!
في لحظة كانت بتبعدُه، و صرّخت فيه و هي بتضرب صدره بعنف:
- بس إسكت!! إسكت إنت بتعمل معايا كدا ليه؟ حتى بابا مش عايزني أبقى جنبُه؟
مسكت قميص أبوها و هي بتقول بألم:
- بابي .. قوم شوف بيعمل معايا إيه، و النهاردة مَد إيدُه عليا كمان .. و مامته .. مامته كمان كانت هتضربني، قوم يا بابا بنتك إتبهدلت .. متسبنيش أتبهدل أكتر من كدا يا بابا أرجوك متسبنيش، خليك معايا يا بابا أنا ماليش غيرك مينفعش تسيبني و تروح لماما و لـ يازيد و أفضل أنا هنا لوحدي ماليش حد، أرجوك يا بابا .. متعملش فيا كدا!!
كان بيسمعها و هو حاسس بوجع في كل خلية في جسمه، و قلبه نبض بألم لما ذكرت دفعُه ليها، و إتفاجئ بإن أمه كمان كانت هتضربها، غلي الدم في عروقه لكن حاول يحافظ على هدوءه عشانها، خدها من ضهرها جاعلًا من ظهرها لاصقًا بصدرُه مُشددًا على أحضانها، فضلت تصرخ بتضرب دراعه القوي المثبت على بطنها بتحاول تبعده بصرخات عالية:
- سـيـبــنــي يـــا عـــزيــــز!!! 
وصل صياحها للأسفل فـ طلعوا الخدم يشوفوا في إيه و إتصدموا من اللي شافوه قدام عينيهم، غطوا وش رفعت بالغطا تحت أنظار نادين المفزوعة من اللي عملوه فـ لفّها ليه بيحضنها بقوة دافع برأسها في رقبته عشان متشوفش منظر صعب عليها بيهمس في ودنها:
- ششش .. إهدي .. أنا جنبك!!
فضلت تبكي بإنهيار و دموعها لطّخت رقبته، لحد ما إرتخي جسمها فـ إتخض و هو بيحاوط خصرها، بيحملها بين ذراعيه و هو بيحاول يفوّقها بشتّى الطُرق، حط صباعه على نبضها لاقاه ضعيف فـ ركض بيها لتحت، ركب و حطها على رجله رافضًا تمامًا تركها، و ساق بيها لـ أقرب مستشفى، نزل و هو بالكاد بيجمّع شتاته و دخل بيها المستشفى بيهدر بصوت عالي هزّ المشفى:
- تـرولــلـي هــنــا بـسُـرعـة!!
 أتى طاقم ممرضات بـ سرير المشفى الصغير فـ حطها عليه و دخلوا بيها فورًا العناية المُركزة، قعد هو على كُرسي المشفى مغمض عينيه حاطط راسه بين إيديه، مش قادر ينسى عياطها و صراخها و تفاصيل اليوم بأكملُه، لسه كلامها بيرن في ودانه، فضل قاعد لحد ما إفتح باب العناية و خرّجوها بالتروللي، أسرع واقفًا ينظر لعيناها المغمضة و جسدها الهامد كالموتى، دخلوا بيها غرفة عادية و هو وراهم، الطبيب قالُه بهدوء:
- واضح إن المدام بتعاني من إنهيار عصبي شديد أدى لفقدانها الوعي، لكن هي سليمة جسديًا!
- تمام متشكر يا دكتور!
قالها بشرود، فـ خرج الطبيب و طاقم الممرضات و جلس هو جوارها على نفس السرير، إتردد إلّا إنها مسك كفها بلُطف، سند دقنه عليه و بصلها و هو بيقول مبتسمًا:
- فاكرة لما شوفتك أول مرة؟ لما دخلتي لأبوكِ بتعيطي و لابسة برمودا، كنت شايفك عيّلة متدلعة مبتعرفش تواجه مشاكلها .. فـ واجهتها أنا!! بعد ما ضربت الراجل ده من كل قلبي و كل مرة كنت بمد إيدي عليه فيها كنت بتخيل إنه بيلمسك، الفكرة نفسها كانت مخلية الدم بيغلي في عروقي، لما ركبتي العربية إدايقت أوي وقتها .. عارفة ليه؟ حسيتك مُستهترة .. بتركبي عربية واحد لسه عارفاه من دقيقتين، و في نفس الوقت أنا أصلًا كنت بقاوم نفسي بالعافية عشان مخُدكيش في حُضني أهدي جسمك اللي كان بيترعش وقتها .. فـ تخيلي تيجي كمان تركبي جنبي، لو مكنتش طردتك وقتها م العربية كنت هحضنك، فـ إحمدي ربنا بقى! النهاردة كنتِ بتقولي لأبوكي الله يرحمه إنك مالكيش غيرُه، بس أوعدك هخليكِ فـ يوم من الأيام تيجي تقوليلي إنك ملكيش غيري!!
قطبت حاجبيها كإنها مُعترضة على اللي بيتقال، فـ إبتسم و أسرع بخطف قبلة و إثنتان و ثلاث قبلات من باطن كفها قبل م تصحى، فتحت عينيها بالفعل و هي بتغمغم:
- بابا .. بابي!!
تنهد عزيز و نهض جالسًا على الفراش أمامها، قرّب وشه منها و همس بهدوء:
- مينفعش عزيز؟
- فين .. بابي!!
قالت و هي بتبصلُه بـ أعين سرعان ما ملئتها الدموع، فـ رفع كفه بيمسح على خصلاتها لتغمض عيناها تتمسك بـ تلابيب قميصه ترجوه بنبرة ضعيفة:
- عزيز .. هاتلي بابي!!!
شعر بـ قلبُه يُعتصر بقبضة فولاذية، فـ طريقة نطقها لكلمة أبيها و صوتها الحزين الضعيف جعل منه عزيز آخر و هو بيُقبل جبينها بحنان قائلًا:
- لازم نتقبل الواقع .. و نترحّم عليه عشان هو لو شافك كدا هيزعل أوي .. و إنتِ مش عايزة بابي يزعل منك صح؟
غمغمت و هي بتبصله بألم:
- يعني .. يعني خلاص كدا؟ مش هشوفه تاني؟ ده مات بين إيديا يا عزيز .. مات و أنا في حُضنه!!!
ربت على وجنتها بإبهامه يهمس:
- كان عايز ياخدك في حضنه قبل ما يمشي يا نادين .. دي حاجة المفروض تبسطك متزعلكيش!
تابعت تنظر له بضعف هامسة:
- خلاص كدا .. مبقاش ليا حد .. ولا حُضن أترمي فيه!
تنهد و جذبها من ذراعها برفق لكي تجلس أمامه، و شدّها تاني بلطف لصدره، أراح راسها عليه و قال و هو بيمسح على شعرها:
- و أنا فين؟ أنا جوزك و إترمي في حُضني في أي وقت!
- لاء يا عزيز إبعد!!
قالت تتلوى بين ذراعيه، فـ شدد على حضنها هامسًا في أذنيها:
- ممكن تهدي شوية؟ سيبيني أخدك في حضني!
إستسلمت بين أحضانه في إستكانة لأول مرة تكُن عليها، أبعد خُصلاتها عن عنقها المرمري، و دفن أنفه بها يستنشقها لأول مرة يكُن بهذا القُرب، أغمضت عيناها و لم تقاومه، حتى تلك القبلات التي أخذ يوزعها على عنقها لم تقاومها، قبلات جنونية جعلتها تشعر أنها تُحلق في السماء، تنطق إسمه بضعفٍ أغراه أكثر:
- عزيز!!
تنهد و توقف عما كان يفعل، يُمسد فوق خصلاتها، يرفع رأسه لينظر لها فوجد الدمعات تتكون في عينيها، إتنهد و  قام فـ و هو بيمسح على وجهه بيحاول يهّدي الرغبة الغريبة اللي بدأت تظهر جواه ليها، لقاها بتعدل لبسها بتقول بحنقٍ:
- إطلع برا يا عزيز! 
قطب حاجبيه بدهشة، و قال بحدة:
- أطلع برا! ليه؟
هتفت بتغمّض عينيها و بتقول:
- تعبانة و عايزة أنام!!
مسمعتش بعد جملتها غير صوت الباب اللي بيتقفل بعنف إنتفض ليه جسمها، إنسابت الدموع على وجنتيها و ملامح أبوها مبتروحش من قدام عينيها، بتفتكر آخر مكالمة بينهم اللي كانت بمثابة مطرقة خبطها بيها على راسها
- عزيز عندك يا نادين؟
تنهدت الأخيرة تقول:
- لاء يا بابا .. في الشغل كالعادة!
- طيب إسمعيني يا بنتي عشان أنا عندي كلام مهم أوي عايز أقولهولك و مش عايز عزيز يعرف بيه!
إعتدلت نادين في جلستها، و قالت مقطبة حاجبيها بقلق:
- قول يا بابا أنا سامعاك!!
إتنهد أبيها و قال و قد غامت عينيه بالحزن:
- فاكرة شريف!!
هتفت بحيرة:
- شريف! شريف أخو عزيز!!
ثم تابعت بمرارة:
- اللي داس يزيد بالعربية؟
- أيوا!
- مالُه؟
قالت و هي تقطب حاجبيها بضيق لما إفتكرت أخوها، فـ غمغم الأخير:
- أهل جوزك و جوزك عارفين إن شريف مات في حادثة، بس الحقيقة إن أنا اللي قتلتُه!!
- إيــــه!!!!
صرخت بفزع و رجعت تكتم فمها بإيديها مصدومة من اللي سمعته، تعالى صدرها بأنفاس باتت تخنقها، و فضلت ثواني ساكتة مش قادرة تنطق لحد ما قالت:
- قتلتُه يا بابا!!! إزاي!!
قال رفعت و هو مغمض عينيه بيسترجع اللي عملُه:
- بعت واحد لعربيته قطعلُه الفرامل!!
شهقت، و مسحت على خصلاتها بترجعها لـ ورا بتدور في الأوضة مصدومة مغمغمة:
- ليه .. ليه يا بابا ليه تعمل كدا!!
هتف رفعت بحسرةٍ:
- بتسألي ليه يا نادين؟!! قتلوا إبني و بتسأليني ليه؟ قتلوا يا زين و هو لسه يا حبيبي ٨ سنين، داسه بعربيته عشان كان سكران، كان لازم أقتله و أبرّد نار قلبي يا نادين!
بكت بحُرقة و هي تقول و شهقاتها:
- شريف مات بعد موت أخويا بـ ٣ شهور، يعني إنت كنت خدت بتارك و بردو جوزتني عزيز .. طب ليه يا بابا؟!
قال أبوها بحزن:
- كان لازم أخليكي تتجوزيه، عزيز الراجل الوحيد اللي هآمن لبنتي معاه، و أنا بكبر يا نادين مبصغرش، و كان لازم أطمن عليكي مع حد يكون أد المسئولية، عشان كدا إتفقت مع رتئد على جوازكوا، وخصوصًا إني عارف إنك بتحبيه و إتعلقتي بيه، هددت رائد وقتها إن عزيز لو متجوزش نادين هيفضل سلسال الدم شغال بينا حتى بعد موت شريف!!
إندفعت أنفاسها داخل رئتيها، و إنهارت باكية تُتمتم بألم:
- إنت عارف لو عزيز عرف يا بابا هيعمل فيا إيه؟
إنتفض رفعت يهدر بها بقوة:
- إياكِ .. إياكِ تجيبيلُه سيرة يا نادين، عزيز لو عرف يا بنتي مش هيسكت غير لما ياخد حق أخوه مني أو منك، و إنتِ مراته يا بنتي .. يعني في بيته و أنا مستحملش إنه يعمل فيكي حاجة!
- مُستحيل أقوله يا بابا!!
قالت بأعين مُسبلة بحزن، لا تصدق أن أبيها يقترف شيئًا شنيعًا كهذا، مش قادر تتوقع ردة فعل عزيز إيه لو عِرف، مؤكد هيقتلها!!
عودة للوقت الحالي، إنسابت الدمعات على وجنتيها تتنفس بصعوبةٍ، بتحاول تهدي نفسها لحد ما غمّضت عينيها بتعب!
 *********
رِجع لأوضتها بعد ما لَف بالعربية و الغضب مالي قلبُه، فكرة رفضها ليه و لقُربه جننُه، و هي اللي كانت بتتمنى حُضن، بتتمنى يقربها و لو دقيقة، إبتسم ساخرًا و هو بيمشي في رواق الغرفة، فتح الباب فجأة و إتصدم لما شاف آخر حاجة يتوقعها!
دكتور واقف من المفترض إنه بيفحصها، لكن الحقيقة إنه كان فاكك أربع زراير من قميصها، وهي نايمة مش واعية للي بيعملُه، و عينيه على جسمها بشهوة هو كـ راجل قادر يميزها كويس، لدرجة إنه محسش بيه لما فتح الباب، الدم غِلي في عروقه، و إتصاعد وتيرة غضبه و هو بيشده من بالطو الأطباء من خلف رقبتُه، بيلفُه ليه و بيسدد لكمة قوية أطاحت بيه أرضًا، إنتفضت نادين من نومها بفزع، و بصت لقميصها بدهشة و إبتدت تقفلُه بعدم فهم للي بيحصل، كل اللي شايفاه عزيز و هو فوق الدكتور بيضربُه بقسوة أول مرة تشوفُه عليها، إترعبت من منظره لكن قامت وقفت وراه و مسكت إيدُه بتحاول تبعدُه و هي بتردد بفزع:
- في إيه يا عزيز .. عزيز كفاية هتموتُه!!
- إبـــعـــدي!!!
- في إيه يا عزيز .. عزيز كفاية!!
- إبـــعـــدي!!!
صرّخ فيها بصوته الجهوري اللي إتلم على أثره المشفى بأكملها، بيحاولوا ينتزعوا الطبيب من بين إيدين عزيز، وقفت نادين قُدامُه، ماسكة في قميصه بترجوه بعيون متوسعة:
- خلاص يا عزيز و حياة أغلى حاجة عندك!
إنتفض بيكلم باقي الدكاترة و الممرضين كإنه مش سامعها بيهدر فيهم بعنف و إيديه على خصر نادين:
- الــوسـ.ـخ ده دخلت لقيته بيتحـ.ـرش بمراتي و فاتحـ.ـلها القميص، و رحمة أبـويـا ما هسيبُه إلا في القِسم أو في كـ.ـفنُه!!!
ثم حاول إبعاد نادين صائحًا بعنف:
- و أنا قررت يبقى في كفـ.ـنُه!!!
إنتفضت نادين المصدومة من كلامه و فِضلت ماسكه في قميصُه بتقول راجية إياه:
- يا عزيز بالله عـليك!!!
- إسكتي خالص!!
قالها بعنف بيبصلها بعيون بتخرّج شرار، أسرع الطبيب بيقول بحدة:
- إنت أكـيـد مجنون!! أنا كنت بكشف عليها و بشوف نبضها ف طبيعي لازم أفتح زراير القميص!!!
أمسك بذراع نادين يبعده عن تلابيبه لكنها تشبثت به أكتر رافضة تركُه شايفة ملامح وشُه القاسية اللي بتتشنج من شدة عصبيته و هو  بيصرّخ فيه:
- بتكشف عليها يا زبـ.ـالة، مش عليا الشويتين دول، قسمًا بـ ربي ما هحلك و هطربق المخروبة دي على دماغ اللي خلفوكوا كلكوا!
أسرع طبيب آخر بالتدخل يقول معتذرًا:
- إهدى يا عزيز بيه و هنعمل لحضرتك اللي إنت عايزه، أرجوك إهدى شوية بس و صدقني لو ده فعلًا حصل إحنا مش هنسيب الموضوع يعدي بسهولة .. دي مهما كانت مستشفى مُحترمة!
قال جملته الأخير بينظر للطبيب اللي بيتصبب عرقًا بنظرات ذات مغزى، هتف عزيز بقسوةٍ:
- و أنا مش هستنى لما تتأكدوا، أنا شوفته بعيني و مش مهتم تتأكدوا ولا لاء، سلمولي الدكتور ده بدل ما هطلع على أقرب قسم و هخلي سمعتكوا في الأرض و هشمّعلكوا المستشفى دي .. ده أنا عزيز القناوي يا حتة زبـ.ـالة!!! بتغلط مع عزيز القناوي!!!
شهق البعض بعدما تعرفوا على هوية الواثب أمامهم، أغمضت نادين عينيها من عجرفتُه اللا مُتناهية، بينما إنتفض الطبيب يقول بتلهفٍ:
- لاء و على إيه يا عزيز بيه، مدام حضرتك متأكد من اللي شوفته يبقى خدُه و إتصرف معاه براحتك!!
ثم تابع مترجيًا إياه:
- بس أرجوك يا بيه .. في بيوت مفتوحة من المستشفى دي، أرجوك بلاش شوشرة!!!
إبتسم بخبثٍ بعد ما خد اللي هو عايزُه، و قال و صدرُه بيعلى و بيهبط .. بلُهاث:
- و أنا موافق!
بصتلُه نادين مش مصدقة الللي بيعملُه، لقتُه بيطلع تليفونه و بيتصل بواحد من حُراسه اللي كان واقف برا المستشفى عشان ييجي ياخد الدكتور، إنتفض الطبيب و في لحظة كان بيجري برا الأوضة، إنتفض عزيز و بعد نادين عنه بكل قوته لدرجة إنها وقعت على الفراش، و طلع يجري وراه من غير تردد بينما ضرب الطبيب الآخر كف على كف بيقول:
- هو اللي جابُه لنفسه!!!
خرجت نادين وراه و لقته مسكُه فعلًا و بيلكـ.ـمُه بقسوةٍ حتى نز.ف الآخير من فمُه و أنفه، ركضت نحوه و وقفت قُدامه بتصرّخ فيه:
- يا عزيز كفاية بقى فضحتنا!!!
لم يُلقي بالًا لكلماتها، و جذب الطبيب من ياقات قميصه بيصرخ في وشه:
- والله لأندمك على اليوم اللي قررت تعمل فيه كدا و تمد إيدك عليه!!!
أنقذه الحارس من بين براثنه، وجه عزيز كلماته للحارس و قال بحدة:
- أنا عايزُه في المخزن ..محدش يلمسُه لحد م أنا آجي فاهم!!
- أمرك يا عزيز بيه!
أخذه الحارس و خرجا من المشفى، بينما وقفت نادين مستندة على الحائط بظهرها، تضم ذراعيها لصدرها واضعة أناملها فوق شفتيها بتتابعُه بعينيها بصدمة إختلطت بحيرة، من بداية خصلاته اللي بقت مُشعثة، جبينُه المتكرمش و هو مكشّر بشكل خلّاها تبتسم غصب عنها، حاجبيه المعقودين، و عينيه الحمرا من شدة غضبه و إنفعاله، شفايفُه المطبوقان للداخل و لرُبما هو دلوقتي بيتخيل نفس المشهد تاني، صدره اللي بيعلو و يهبط كإنه طالع من ماراثون، إتنهدت و هي بتبصلُه بحب، إتحول لخضة و هي شايفاه بياخد خطوات نِحيتها و الغضب متملك منه، كانت هتهرب لولا كفيه اللي إتمدت على كتفها و ثبتتها بعنف في الحائط بيهمس بـ نبرة شعرت بخطورتها:
- إنتِ نومك للدرجة دي تقيل!! إزاي مصحتيش لما كان بيلمـ.ـس .. جسمك!!!
إهتاج صدرُه أكتر في الجملة الأخيرة من شدة غضبُه، فقطبت حاحبيها و همست ببراءة:
- أنا محستش بـ حاجة .. والله!!
حاول تهدئة أعصابُه، و سابها و هو بيشد على شعره للخلف بعنف، إزدردت ريقها و غمغمت بتردد:
- ممكن تهدى شوية؟
إبتسم ساخرًا و لف ليها و هو بيقول:
- ههدى حاضر .. أنا إيه اللي معصبني فعلًا؟ مجرد واحد حط إيده الوسـ.ـخة على مراتي حاجة عادية يعني!!
إبتسمت من قلبها فـ أشعلت نيرانه أكتر، رفع كفيه لوجهها فـ إتخضت لكن لاقته بيطبطب على وجنتيها و هو بيقول بإبتسامة صفراء و سُخرية:
- إضحكي .. إضحكي كمان!!
كتمت ضحكاتها لما لف بيديها ضهرُه، و رجعت زيفت الجدية على وشها لما لفلها بيقول بحدة:
- أنا شايف إنك بقيتي زي القردة أهو، نمشي بقى!!
أشارت لنفسها مصدومة و هي بتقول:
- أنا زي القردة!
مردش عليها وسحب معصمها للغرفة، مشيت معاه بقلة حيلة مبتسمة على حالُه، خد حاجتها و خرجوا برا المستشفى بأكملها بعد ما دفع تكاليفها، ركبت معاه و إفتكرت اللي جابها هنا المستشفى، شردت بحزن بتُدرك إن باباها خلاص مابقاش موجود، بصلها هو و عرف اللي بتفكر فيه، فـ قال بهدوء:
- هنروح الڤيلا عشان نعمل العزا و نرجع بيتنا تاني!!
إنتفضت و إلتفتت له قائلة بفزع:
- مين غسِّل بابا؟!!!
- أنا بعت لـ واحدة تغسِّلُه!!
قال و هو بيلف المقود عارف كويس إنها هتنفجر فيه دلوقتي، وبالفعل إنفجرت في وجهه بتقول بحدة:
- إزاي تعمل كدا من غير ما أقولك!!! 
ضعفت نبرتها و هي بترجع بضهرها على الكرسي:
- أنا .. أنا كنت عايزه أغسِّله بنفسي! كنت عايزه أنا اللي أعمل كدا و أشوفه لآخر مرة!
صدحت شهقة باكية منها طرق على أثرها فوق المقود بيمنع نفسه من إنه يجذبها لأحضانه، سأل نفسه .. و ليه يمنع نفسه؟ صف السيارة جانبًا و بصلها، لقاها بتعيط بتبص لصوابعها و دموعها تسقط تباعًا:
- ليه يا عزيز كدا!! ليه مسبتنيش أنا أغسّل أبويا؟
ضم رأسها لصدرُه برفق، بيمسح على خصلاتها و ضهرها بيحاوطها برفق قائلًا:
- مكُنتيش هتستحملي .. أنا عارفك كويس!!
أراحت رأسها على صدرُه و هي بتغمغم:
- كنت هستحمل .. كنت آآ
قاطعها و هو بيمسح على وجنتها زي الأطفال قائلًا بهدوء:
- إدعيلُه بالرحمة يا نادين!!
إستكانت على لمساتُه، و إبتسم و هو شايفها بتحاوط خصرُه بتتنهد، بدأ يقود و هي لسه في حُضنه، لحد ما وصلوا للڤيلا، بصت حواليها بألم و هي شايفة أبوها في كل مكان، خرجت من حضنه و من العربية، سارت بشرود و مشي هو وراها بحذر، عينيه عليها و على التليفون فـ إيده، و رفعه على ودنه بيقول بهدوء:
- عايز أكبر صوان عزا يبقى هنا في ڤيلا رفعت مندور، هديك العنوان!!
• • • • • • • 
وقفت مُتشحة بالسواد، بتاخد عزا أبوها في الڤيلا و بالخارج الرجال، لابسة بليزر إسود و أسفله بلوزة خفيفة سوداء و بنطال من نفس اللون، ململمة شعرها على هيئة كعكة للخلف، وشها شاحب و عينيها شديد الإحمرار، ربتت عمتها على كتفها بتقول بحُزن:
- إجمدي يا نادين .. مش واخدة عليكي بالإنهيار ده يا حبيبتي!
- بابا راح يا عمتو .. راح و مش راجع تاني خلاص!!
إتنهدت عمتها تقول:
- إدعيله بالرحمة يا حبيبتي .. إستهدي بالله و إدعيله!!!
رفعت راسها لفوق بتدعي ربنا بصمت إنه يرحمه و يغفرله اللي عملُه، و حسِت إنها عايزة دلوقتي تروح و تترمي في حضن عزيز و تريّح راسها عليه يمكن الأصوات المتداخلة في عقلها تهدى، فضلت واقفة بصمود بتحاول تبينُه للناس، لحد ما قعدت بإرهاق بعد ما معظم الناس مشيوا، فـ إقتربت منها عمتها تميل عليها مربتة على رأسها:
- أنا همشي دلوقتي يا حبيبتي .. عوزتي أي حاجة كلميني يا نادين!!
أومأت لها نادين بإبتسامة تربت على كفها، فـ قبلت الأخيرة رأسها و ذهبت، جلست وحيدة تُطالع المكان حولها، هُنا ضحكت معه، هُنا جلست بأحضانه، و هُنا داعبها بحُب أبوي، شهقت ببكاءٍ تحاول إلتقاط أنفاسها، رفعت رأسها فوجدت عزيز يخطو للداخل، و توقف عندما رآها على هذه الحالة، أسرعت تنهض و هي التي كانت تنتظر ظهوره، مشيت ناحيته بخطوات أشبه بالركض، و رفعت أصابع قدميها عشان تطوله رغم طولها وسط أقرانها إلا إن طوله كان فارع، و حاوطت عنقه تجهش في بكاءٍ مرير، غمّض عينيه و حاوط خصرها و شهقات بكائها .. دموعها اللي نزلت على رقبته خلتُه يقطب حاجبيه بحزن على حالها، تشبُثها بقميصُه .. لأول مرة في حياته تحضنه بالشكل ده، ربّت على ضهرها، و شدد على حُضنها بيستمتع بإحساس بيجربُه معاها لأول مرة، رغم إن اللي يبان إن هي اللي محتاجة حضنه، لكن في الحقيقة هو كان محتاج قربها ده أكتر منها، بعدت براسها بس عنه فـ أعادت غرتها للخلف ينظر لوجهها المتعرق اللي مليان دموع و هو بيقول بهمس:
- هيزعل أوي لما يشوفك بتعيطي كدا!!
بكت أكتر فـ لانت محياه لها بيبُص لوشها الأحمر و تفاصيله الحزينة و هي بتغمغم:
- إنت مش فاهم يا عزيز .. بابا ده كان كل حاجة ليا!!
أومأ لها بيمسح دموعها بحنان بكفيه:
- فاهم 
أكملت بشفاه ترتجف:
- ماما راحت .. يزيد راح .. و دلوقتي بابا! ليه بسيبوني يا عزيز .. هو أنا وحشة؟ مش بيحبوني صح؟
طالعها مصدومًا، لا يصدق أن تلك المنهارة بين ذراعيه هي نادين القوية الشرسة العنيدة اللي عُمرها ما شككت في نفسها، بل لطالمة كانت مزهوة بنفسها و بجمالها و بحب الناس ليها، حَس إنه واقف قُدام نادين اللي قابلها لأول مرة و ركبت معاه العربية بسذاجة، حاول إحتوائها، حملها بين ذراعيه و طلع لأوضتها اللي حافظ مكانها كويس، بيقول و هو بيريح جسمها على السرير:
- لاء إنتِ جميلة .. نادين جميلة و أي حد بيشوفها بيحبها!!
- إلا إنت تقريبًا!
قالتها ساخرة بتريح راسها لورا، سكت و معرفش يرُد عليها، إزاي يفهمها إنه بيعشقها، بس مينفعش علاقتهم تستمر، إتنهد و قعد قُدامها و مسح على خصلاتها فـ غمّضت عينيها متذكرة أبوها اللي لطالما كان يفعل لها المثل، إبتسمت فـ إبتسم و لأول مرة يلاحظ إنها بتحب الحركة دي، يمكن لإنه أول مرة يعملها ليها، فضل أكتر من ربع ساعة من غير ما يزهق لحد ما حَس إنها نامت، قلع قميصه بتعب و دخل ياخد شاور، طلع بالفوطة يدور في جناح أبيها على بنطلون يناسبُه، و لقى بالفعل و رجع ليها لاقاها لسه نايمة لكن مكشرة، عِرف إنها جايز تكون بتشوف كابوس، قعد قُريب منها، و ميّل على مقدمة رأسها يُقبلها بحنان .. تابع ردة فعلها ف بدت و كإنها محستش بيه، نزل بشفايفه لجوار شفتيها و قبلها بعمق .. بيتنفسها، لقى وجهها بيرجع لطبيعته، فـ بَص لكرزتيها، و مقدرش يمنع نفسه من تقبيلها بشغفٍ، و هو بيروي شفتيه بعسل حبات الكرز تلك، بِعد عنها لما حَس بتململها و إبتسم، قرّب شفتيه من خاصتها و همس:
- كُل يوم من ده!!
عادت تقطب حاجبيها و كإنها سمعتُه فـ ضحك، و غمغم:
- متقلقيش .. هتتعودي!!
• • • • • • •
إستفاقت من نومها، تشعر بشيء صلب أسفل وجنتها، فركت عيناها بنعاسٍ و رفعت وشها لقتها نايمة في حضنه .. لاء .. هي نايمة عليه، إيديها محاوطة عنقه و قدميها داخل قدميه، شهقت و بعدت عنه بترمي نفسها على السرير جنبُه كاتمة شهقاتها بكفها، تنظر له فتجدُه مغمض عيناه، لتتنهد براحةٍ:
- مشافنيش ..الحمدلله!!
- مين قالك كدا!!
قال مُبتسمًا و هو لسه مغمض عينيه، شهقت و كانت هتقوم من على السرير لولا ذراعه اللي قبض على خصره مُطلًا عليها بكتفيه، ينظر لها بعبث مُراقبًا تحول وجنتيه لإحمرارٍ خفيف، فتجده يهمس بخبثٍ:
- ينفع تكلبشي فيا كدا؟ و كل شوية تبوسيني في رقبتي و آآآ!!
كتمت حديثه بكفها تضعه فوق شفتيه قائلة بأعين متسعة:
- أبوس مين! إنت بتقول إيه!
- مش مصدقاني؟
قالها رافعها حاجبه الأيمن، صمتت و إرتجف بدنها لما نزل على رقبتها بشفتيه، يطبع فوقها قبلات عميقة و رجع يقول بخبث:
- عملتي كدا بالظبط! 
و مال مرة تانية و كإنه مكتفاش من القبلات الخفيفة اللي وضعها على رقبتها فأعاد الكرة يُقبل عنقها المرمري قبلات عميقة، حطت إيديها على صدرُه بتحاول تبعدُه و هي حاسة إن دقات قلبها العنيفة وصلت لمسامعه، لكنُه لم يبتعد، بيرفع وشه ليها و بيقول وسط أنفاسُه المبعثرة:
- و بعدين يا نادين .. صبرت عليكي كتير! كفاية كدا!!
قطبت حاجبيها لكلماته التي أثارت حنقها، تدفعه من صدرُه بضيق قائلة بحدةٍ:
- صبرت عليا!! هو إنت ناسي كلامك ليا ولا إيه يا عزيز بيه؟ مش قولتلي إنك إتجوزتني عشان التار؟ و لولاه مكنتش هتفكر فيا؟!
إتنهد و أبعد خصلاتها عن وجهها متأملًا براعة الخالق المتمثلة في خلقتها، يُردف بهدوءٍ لا يمت للهيب مشاعره الداخلية بصلة:
- و دلوقتي عايزك .. ده حقي!
- مستحيل .. ده بعينك!
قالت بتحدٍ أثار غضبُه، فـ هتف بغضبٍ أخافها:
- إتعدلي يا نادين و إتكلمي كويس، أنا لولا إني مراعي ظروفك كنت حاسبتك على لهجتك معايا دي!
فضلت ساكتة، و بلحظة إتكونت الدموع لعينيها، تُردف بحزنٍ زيفته ببراعة:
- عايز إيه يا عزيز .. ليه بتفكر في نفسك و بس، أهم حاجة إنبساطك و راحتك لكن أنا .. أنا في ستين داهية!!
إتوتر و إرتبك لما شاف الدموع في عينيها، و لاحظ نبرتها المختنقة بالعياط، فـ قال بهدوء و أنامله تسير على طول ذراعها:
- و ليه العياط دلوقتي؟
كتمت إبتسامتها في نجاح مخططها و جعله ينسى مطلبه، و رجعت تقول بألم مصطنع:
- سيبني يا عزيز .. متوجعنيش أكتر من كدا أنا قلبي واجعني بما فيه الكفاية!!!
و في لحظة لم تتوقعها كان يميل مُقبلًا ذلك المكان للرقيق الذي يحوي ما هو أرق، طبع قبلة مكان قلبها فـ إقشعر جسدها بخجل و أسرعت تكتم شهقة مصدومة، كيف له أن يُذيب الجليد الذي سبق و وضعه بينهما و بتلك البساطة!
عاد يرفع وجهه لها، بيقول بهدوء و رفق:
- سلامة قلبك!
قام من عليها سايبها مُبعثرة، و قال و هو بيتفحص هاتفه:
- يلا قومي إجهزي عشان نروح البيت!!
تضايقت من أمر رؤية أمه مجددًا لاسيما في موقفهم الأخير معًا، فـ إستندت بمرفقيها للخلف تقول بلهفة:
- طب م تخلينا هنا!!
رفع حاجبيه لأعلى كعلامة على رفضُه بيقول بهدوء:
- لاء مينفعش، لازم نرجع .. مينفعش أسيب أمي لوحدها أكتر من كدا!!
مطت شفتيها بضيق، و إستغلت إنشغاله تسخر منه مقلدة ما قال في سرها تنكمش بمحياها، رفع عيناه لها فـ أسرعت تبتسم له بإصفرارٍ، و قامت تضرب الفراش بالغطاء متجهة إلى المرحاض لكي تستحم!!
• • • •  • • •
قعدت جنبُه في العربية مُستندة بـ راسها على النافذة، بتفتكر المرة الموالية اللي قابلت فيها عزيز، و إزاي مشاعرها إبتدت تتحرك ناحيته أكتر!
كانت خارجة من مكتب باباها بتجري بفرحة بعدما أخبرها بالسيارة التي سيجلبها لها، مخدتش بالها من الحيط المنيع اللي كان واقق قُدامها فـ إرتطمت بصدره لما كانت لافة راسها لمكتب أبوها، إتخضت و شعرت بجسدها يؤلمها لما خبطت فيه .. رجعت لـ ورا وبصتلُه بغضب إتمحى تمامًا لما إكتشفت ماهيتُه، بصلها عزيز من فوق لتحت، كانت لابسة ثوب أبيض بأكتاف ساقطة و خصلات لُملمت للخلف تاركة بعض الخصلات المتمردة ساقطة على عنقها المرمري، كان الثوب أعلى ركبتيها، ظاهرًا جمال ساقتيها البيضاويتين، و نحرها المُزين بعظمتين ترقوة تمنّى للحظة لو وزع قبلاته عليهما، ملاحزتش تأمله لهيئتها، بل إبتسمت بنقاء و مدت كفها له بتقول بـ طاقة سعادة تشع منها:
- إزيك؟!
مقدرش يسيب كفها ممدود، و سلِّم عليها مُستشعرًا طراوة كفها، و تلقائيًا إنزوت شفتيه بإبتسامة جذابة لما شافها بتبتسم و عيونها .. بتلمع .. أهي هكذا أم أنها فرحت بوجوده؟، نطق أخيرًا برزانته المعهودة:
- بخير!
شالت إيديها من إيديها فـ بدت وكأنها ركلته خارج الجنة، فضلت محافظة على إبتسامة بريئة بتقول بلُطف:
- إنت عزيز مش كدا؟
أول مرة يستشعر جمال إسمه، تدحرجت مقلتيه لشفتيها .. و رجع يبُص بعينيها يكاد يقسم إنه نسي هو مين .. و فين .. و ليه هي مش مراته؟
إبتسم على تفكيرُه، و قال بهدوء:
- أيوا .. عزيز القناوي!
أومأت و هي بتقول ببراءة:
- تعرف إن إسمك حلو .. سينيمائي!
سكت .. نفسُه يوقف الزمن عشان يفضل يتأملها من غير حرج، 
إستغرب لطافتها رغم الموقف الآخير اللي كان بينهم، و كإنه إتمحى من ذاكرتها، هل هي بريئة لدرجة إنها تنسى إهانتُه ليها؟ 
لقاها بتقول بود:
- أنا بقى نادين .. نادين رفعت!
أومأ لها بيقول:
- عارف!!
إبتسمت و هتفت و هي تفسح له المجال:
- مش هعطلك بقى .. أكيد بابي مستنيك! باي!
أشارت له و مستنتش ردُه، و إختفت من قُدامه كإنها سحابة قطنية جميلة برقتها و براءتها، نفى برأسه بيحاول يبعد أفكاره دي عن عقلُه .. الفرق بينهم كبير و مُستحيل يفكر فيها إلا أخت .. صغيرة!!
إستفاقت على شرودها على توقفُه بالسيارة، لتجده يخرج من السيارة، فتحت الباب و ترجلت شاردة، إنزلقت قدمها و كانت هتُقع لولا دراعُه القوي اللي حاوط خصرها بيشملها بعينيه و هو بيقول بهدوءُه المعتاد .. حتى باتت تراه صقيع جليدي:
- بُصي تحت رجلك و إنتِ ماشية!
بِعدت عنه بضيق و مشيت بخطوات حادة بتطوي الأرض أسفل قدميها، بينما هو مِشي ببرود على وشُه إبتسامة مستنكرة واضع كفيه في جيب بنطاله، دلفت نادين إلى الڤيلا، و وقف هو يتحدث بالهاتف، دخلت و اللي توقعته لقتُه، والدته قاعدة على الكنبة بتقول بسُخرية فور وقوع عينيها عليها:
- ها يا نادين .. اللي بتتحامي فيه خلاص .. مـات!!!
ثم تابعت بخبث:
- خلاص صُباعك بقى تحت ضرسنا، و هعرف أچيب منك حق إبني اللي إنتوا أكيد قتلتوه حتى لو مافيش حاچة تثبت ده بس أنا متوكدة! و الله لأحسر أبوكي عليكي يا نادين يا بنت رفعت مندور!!!
إنتفض كامل جسدها بغضب حقيقي تتجه إليها واثبة أمامها ترفع إصبعها في وجهها قائلة بحدة:
- إياكِ تتكلمي مرة تانية عن بابا!!
- نــــاديــــن!!!!
إلتفتت له بحنقٍ فوجدتُه واقفًا بوجهٍ مُكفهر و أعين تشتعل غضبًا، كادت نادين أن تتحدث ولكنها عادت تلتفت إلى أمه مصدومة لما قالت بحزنٍ زيفته ببراعة:
- شايف مرَتك يا عزيز، بعزيها فـ أبوها .. فَزعت فيا!
طالعتها نادين مصدومة، تقول بأعين متوسعة:
- إنتِ إزاي كدابة كدا!!!
لم تشعر سوى بـ قبضة عنيفة فوق دراعها، بيشدها على السلم عشان يطلعوا جناحهم، حاولت تبعد إيدُه بتقول بشراسة:
- إبعد إيدك عني!! إبعد يا عزيز بـقـولـك!!!
هزّها بعنف جعل جسدها ينكمش و هو يهدر في وجهها:
- إخـــرســـي!!!
زقّها للجناح فـ حاولت تتوازن و هي بتصرّخ فيه:
- إنت هـمـجـي و حيـو!!
قاطعها لما دفعها للحيطة بكل قسوة، حاولت تداري رعبها منه بصعوبة و هي شايفة صدرُه بيعلو و يهبط من شدة غضبُه، عينيه حمرا و عروقة بارزة، كان زي الوحش اللي على أتم الإستعداد يفتك بفريسته، تآوهت بألم لما قبض على فكها لدرجة إنها حست إنه هيتكـ.ـسر بين إيديه، إرتفعت تآوهاتها لما ضغط أكتر على وشها و هو بينطق بقسوة:
- صوتك لو عِلي هخرسهولك عُمرك اللي جاي كلُه، و لسانك الزبـ.ـالة ده هقطعهولك يا نادين، مـش هيكفيني فيكي عُـمـرك لو قليتي أدبك على أمي ولا دايقتيها بكلمة، إنتِ فـاهـمـة!!!!!
إتسعت عيناها بعنف، ، و رفعت كفيها تدفعه من صدرُه تقول بشراسةٍ:
- و إنت إياك ترفع إيدك عليا تاني و لا تزُقني بالهمجية دي!!
ثم إلتمعت الدموع بعيناها بتقول بصوت عالي لاحظ فيه غصة بكاء:
- إنت مش فاهم أي حاجة .. بتزعق و تشخط و تمد إيدك بس!!
إرتبك أثر الدمعات اللي شافها بتلمع في عينيها، و صوتها المخنوق بالبكاء و هي بتقول:
- أمك قالتلي بالحرف كدا إن اللي كنت بتحامى فيه مات و إنها هتحسّره عليا!! عايزة تذلني و تكسرني بموت أبويا!!! إنتوا كلكوا مبتحسوش بحَد .. أنا بكرهكوا كلكوا!!
كانت هتبعد من بين قبضتيه لولا إيده اللي إتمدت على خصرها بيرجعها مكانها قُدامه والحيطة وراها، فـ وقفت بتداري وشها بكفيها و هي بتعيط بإنهيار، غَص قلبُه بضيق و هو عارف إن دموعها صعب تنزل إلا على حاجة كبيرة وجعتها، إدايق من كلام أُمه ليها، مسح فوق خصلاتها المموجة بنعومة، و حاوط جانبي وجهها و رقبتها عشان يرفع وشها ليه، قائلًا بهدوء و هو بيبُصلها:
- شيلي إيدك و بُصيلي!!
نفت براسها و لسه كفيها على وشها لكن عياطها هِدي، مسح بأنامله على ما ظهر من جانبي وجهها فـ شالت إيديها بتبصلُه بضيق، إنتفض قلبه و هو شايف دموعها ملطخة وشها و عالقة في أهدابها الطويلة، وشها أحمر و شفايفها بتترعش، إتنهد و قرّب منها بشفايفُه يُزيل دمعاتها برفق خلّاها بتفتح عينيها بتوسُع مصدومة، بِعد عنها و بصلها بهدوء بيقول و وشه لسه قريب منها:
- غمضي عينيكِ!
فعلت بإستغراب، لتجدُه يمسح بإبهاميه رموشها و عينيها، رجعت فتّحت عينيها و بضعف من أفعالُه، دق قلبها بعنف لما لقت عينيه مُثبتة على شفتيها، كانت هتنطق لكن إبتلع هو كلماتها في جوفُه، بيُقبل شفتيها قبلات مُتقطعة كإنه بيحاول أن يوقف شفتيها عن الإرتجاف، بِعد عنها و هو ساند كفيه جوار رأسها، أسند جبينه فوق مقدمة رأسها بيتنفس بصعوبة، مش قادر يتمادى معاها أكتر من كدا عشان ميوصلش لنقطة ميقدرش يرجع منها، غمّض عينيه و بصعوبة .. صعوبة شديدة بِعد عنها بيدخل المرحاض و بيصفع الباب خلفه، صُدمت من فعلتُه، فـ هي كانت على وشك أن تستسلم لأفعاله، كيف له أن يخلق لها أجنحة و يبترها بعد دقائق، إرتجف قلبها فـ حطت إيديها عليه بتحاول تهدي نبضاته، و نزيفُه
دي مش المرة الأولى اللي يرفضها .. أو يبعد عنها، مقدرتش تتحمل، إنهارت و مسكت فازة و بكل قوتها رمتها على الأرض، مخدتش بالها و هي بتخطو للفراش من شظايا الإزاز اللي دخلت في رجلها، شهقت بوجع و إترمت على الأرض بتصرّخ:
- آآآه يا رِجلي آآآه!!!
 يُتبع 
- آآآه يا رِجلي آآآه!!!
خرج من الحمام مخضوض على صوتها اللي رج قلبُه، إتسعت عينيه لما شافها مرمية على الأرض و إحدي قدميها بتنزف بغزارة، إتصدم و جِري عليها شالها وسط صُراخها و تمسُكها في قميصُه و هي بتتآوه بألم:
- آآه يا عزيز رِجلي!!
حطها على السرير برفق فـ طُبعت الدماء على الملاءة، أسرع يدلف المرحاض عشان يجيب صندوق الإسعافات، جابُه فعلًا و قَعد قُدامها، حَط رجليها على فخذُه و نضّف مكان النزيف برفق فـ أخذت تضرب على الفراش بقوة من شدة ألم الكحول، قطب حاجبيه و هو بيقول بهدوء:
- إهدي .. خلاص قرّبت أخلّص!!
- مش قادرة يا عزيز!
هتفت بألم حقيقي بتميل و تمسك في دراعُه، إتنهد و لفِلها الشاش و هو بيقول بضيق:
- عشان تبقي تتعصبي و تكسري الفازة كويس!
- يـــوه!!
قالت بضيق و هي بتإن بوجع، مسح على قدمها صعودًا و هبوطًا بيقول برفق:
- خلاص إهدي، دلوقتي هتبقي أحسن!!!
أبعدت كفُه بحدة فـ رفع حاجبيها مندهشًا، لتقول هي بحنق:
- ملكش دعوة بيا!!
- لا والله؟
قالها مستنكرًا، فـ أشاحت برأسها تكتف ذراعيها بتفتكر اللي عمله قبل ما تكسر الفازة و ظنها إنه رفضها، إتنهد و قام يبدل ثيابه، و بعد دقائق خرج، فـ إتنهدت بضيق تطالعه بتردد .. و قالت و هي تبلل حلقها:
- أنا .. أنا عايزة أغير هدومي و آكل!!
طالعها بعدم مبالاة مصطنعة، و أخذ يمشط خصلاته و هو بيقول:
- طب يلا قومي .. مش من دقيقتين قولتيلي ملكش دعوة بيا؟
نفخت وجنتيها بغضب و هي بتقول بأداءٍ مسرحي:
- ربنا ما يحكمك على حد أبدًا يا ابن القناوي!!
كتم إبتسامته،  و لفلها راسم وش الغضب و الصرامة على وجهه، مشي ناحيتها فـ رجعت بضهرها لـ ورا بتقول بأعين بريئة .. بترفع رجلها الملفوفة في وشه مغمغمة ببراءة زائفة:
- رِجلي يا عزيز!!
وقف بيبُصلها للحظات، و قرّب منها و شالها فـ أسرعت تتعلق في عنقه بتقول بتردد:
- شايلني كدا ليه!!
- هغيرلك!!
قالها بجمود و هو بيتجه لغرفة مخصصة لتبديل الثياب، إزدردت ريقها و سكتت، قعّدها على أحد الكراسي في الأوضة ولّف يشوف بيچامة تلبسها، فـ أخرج بيچامة بنطلون مفتوح من قُدام من بداية ما بعد الركبة و كنزة بدون أكمام، حطها جنبها و قعد على ركبُه قُدامها، و إبتدى يفتحلها زراير القميص، فـ إحمرّت وجنتيها تتنفس بصعوبة و هي بتقول:
- عزيز خلاص هغيّر أنا لف وشك بس!!
- ششش مش عايز شغل عيال!!
قالها بهدوء، شال القميص من على جسمها فـ بقيت بحمالة الصدر، رفعت كفيها تخفي مفاتنها بـ كفيها، شهقت و هي بتشوفه بيفتح زرار البنطلون و بيسحبه و يشيله عنها، غمغمت بخجل شديد:
- عزيـز!!!
ضمت قدميها تغلقهما بخجل حقيقي و حياء إبتسم على أثرُه، أُظلِمت عيناه برغبة شديدة، إتنهد و حاول يصبّر نفسه بيهمس لنفسه بهدوء:
- إهدى يا عزيز ..آه دي أول مرة تشوفها من غير لبس بس عادي!!
تلمّس بأنامله جسدها البض و هو بيلبسها، لاحظت هي تغير مِحياه فـ إبتسمت رغمًا عنها من تأثيرها عليه، قررت أن تستغل ذلك لصالحها، فـ بعدما ألبسها البنطال أخذت تقول بصوتها الرقيق:
- عزيز مالك؟
- مالي؟
قال و هو بيبلل حلقه اللي جف من مظهرها الفاتن أمامه، إبتسمت الأخيرة و هي تقول بنبرة ذات مغزى:
-  ممم مش عارفة .. مش على بعضك كدا!
أسرع يجعلها ترتدي كنزتها حتى لا يتهور، فـ أسرعت هي تميل عليه .. معانقه رقبته تتمتم بطفولية إصطنعتها:
- أنا جعانة أوي يا عزيز!
إتنهد و هو شايفها بتميل عليه و بتحاوط عنقه و أنفاسها تختلط بأنفاسه، حملها بصبر يُحسد عليه، و بذهن مشتت نزل بيها على الدرج، دفنت هي وجهها في عنقه فورما لاحظت أمه اللي وقفت أسفل الدرج تطالعهم بأعين تستشاط غضبًا، إبتسمت بخبث و قرّبت شفايفها من عُنقه بتقبلُه قبلة رقيقة وِقف على أثرها، مستغرب أفعالها الجريئة، فـ طالعته بنظرات بريئة بتميل على كتفه براسها مبتسمة إبتسامة أذهبت عقلُه، إتنهد و كمل طريقه فـ لفت براسها تبُص لأمه بحاجب مرفوع و عيون عابثة خبيثة، حطها على الرخامة و أشار للخدم بالخروج فـ فعلوا فورًا، بِعد عنها عشان ميضعفش و قال و هو بيعمل نفسه مشغول باللي في التلاجة:
- عايزة تاكلي إيه؟
إبتسمت و هي بتمرجح قدميها بشقاوة بتقول بسعادة:
- أي حاجة!
إبتدى يحضرلها شطائر من الجبن التركي، فـ أسرعت بتقول بحزن زائف:
- م تيجي تقف جنبي هنا!
- إشمعنا!!
قال بيلعن نفسه و بيلعنها في سرُه، فـ مدت ذراعيها له بتقول برجاء:
- تعالى بس عشان خاطري يا عزيز Please !!
إزاي ميجيش؟ و هو شايفها بتمد دراعها زي الطفلة اللي مستنية أبوها يشيلها، راح وقف جنبها فـ إبتسمت بحُب حقيقي مزيفتهوش زي ما بتزيف حركاتها، نفسَها بس تشوف ضعفُه قُدامها، و عاهدت نفسها على ده اليومين دول مستغلة اللي هي فيه، فضلت تبُص لوسامته، و كل ما تفتكر إن الراجل القمر الطول بعرض بوسامة ده جوزها بتتسع إبتسامتها، لما خلّص إداها الطبق و قال بيتجنب النظر في عينيها:
- شيليه عشان أعرف أشيلك!!
إبتسمت و خدت منه الطبق، ركنتُه جنبها و رفعت كفيها بتحطهم على كتفيه بتقول و عينيها بتمشي على ملامحه بعشق:
- مش بتبُصلي ليه؟
بصلها أخيرًا بإستسلام، بيستشعر لمساتها الناعمة على وجهه، بيهمس قُدام شفايفها:
- بتعملي كدا ليه؟
- أنا عملت حاجة!
همست بتبصلُه بحُب، تشعر بذوبان حصونه و أغواره بين يداها، فـ تتسع إبتسامتها تسير بأطراف أناملها على ذقنه برقة تهمس بصوتها الذي بات خطيرًا على جوارحه:
- عزيز!!
لم يتحمل، لم يتحمل أكثر من هذا و إندفع يتذوق رحيق شفتيها بجوعٍ محاوطًا وجنتيها، توسعت عيناها و لم تكُن تظن أن الأمر سيتطور بينهما لـ تقبيلها، لكنها إستسلمت بين ذراعيه فرِحة بشعور إخترق خلايا جسدها، لكن إنتفض جسدها عندما إلتقطت أذنيها طرقة عنيفة على الحائط فـ إندفعت تبعدُه و هي ترى والدته تقف خلفه تقول بصوت ساحِق غاضب:
- إيه جِلة الحيا دي!!! مش ليكم أوضة تعملوا فيها اللي تريدوه!!
حاولت تهدئة أنفاسها تنظُر إلى عزيز و هو الآخر يمسح فوق وجهه بعنفٍ، لم يُقل هو شيئًا و حملها فأسرعت تلتقط الصحن تنظر إلى والدته بإبتسامة شامتة، تريح رأسها على صدر زوجها و صعدا هما الجناح، إزدردت ريقها عندما إقتربا من الجناح، تظُنه سيكمل ما بدأُه، دلف للجناح و وضعها على الأريكة و أخذ بيدل الملاءة التي تلوثت بدماءها، بينما جلست هي تقضم من الشطيرة تطالعه ببراءة على تبعثرُه و أنفاسه التي يلتقطها بصعوبة لا تعلم أهذا غضبًا أم رغبة بها، سندت ضهرها للخلف تحرك قدمها السليمة بإستمتاع، لما إنتهى و فرش ملاءة جديدة، و خلّصت هي أكلها، وضعت الصحن جانبًا، و مدت ذراعيها له بإبتسامة بريئة، فـ تنهد و راح شالها و حطها على السرير، لكن إتفاجئت بيه بيروح للأريكة، شهقت و قالت بتوتر:
- هتنام على الكنبة ليه؟
- عادي!
قالها ببرود، كاذب .. هو في قمة خوفه أن يستلقى جوارها و يفقد السيطرة على ذاته و يأخذها بين ذراعيه يبث لها شوقه و عشقه، خائف من أن يخون ذاته و عهده و وعده لنفسه قبل وعده لها، أسرعت هي تقول بحدة:
- عادي إزاي! تعالى نام جنبي يا عزيز!!
وضع ذراعه على عيناه بيقول بضيق:
- نامي يا نادين!!!
إنتفخت أوداجها و بتهور قامت على رجلها فـ صرخت بوجع إنتفض على أثرُه:
- آآآه عزيز!!!
راحلها بدون تفكير، بيشيلها و بيرفع رجلها ليه و هو بيُردف بحدة:
- بتمشي عليها ليه!
أسرعت تبرر ما تفعل مغمغمة بحزن :
- يا عزيز أنا مش عايزاك تنام بعيد عني عشان لو عوزت حاجة تبقى جنبي و أعرف أصحيك، إفرض عطشت في نص الليل؟ 
إتنهدت و إستلقت على ضهرها بتقول:
- بس بردو أنا مش هقدر أجبرك تنام جنبي!!
إتنفس بغضب شديد و راح طفى الأنوار و إستلقى جوارها، إبتسمت هي بفرحة خبيثة، و إستلقت جواره لكن بعيد شوية، بتتنهد و للحظة مر طيف أبيها أمام عيناها، تكونت الدموع في عيناها، و همست بصوت خافت:
- بـ .. بابي!!
لفِلها و بَص لجسمها اللي بيترعش و هي كاتمة عياطها، من غير تفكير كان بيشدها من دراعها و بياخدها في حضنها، دفنت راسها جوا صدرُه بتتعلق في رقبتُه بحركة حبست أنفاسه بتقول بحزن حقيقي تلك المرة:
- هيوحشني أوي!!
مسح على ضهرها صعودًا و هبوطًا يرفع رأسه لأعلى يناجي ربه بالصبر و السلوان على شِفاه تتلمس صدرُه و هي ترتجف من دون قصدٍ منها، و أنفاسها اللهيبية لبكائها تزيد حرارة جسدها، و ذلك الجسد الذي يرتجف بين ذراعيه فـ يضمه لجسده فـ يرتجف قلبُه، حَس بإنتظام أنفاسها، نامت و تركته يعاني قُربها، آثار شفتيها على ثغرُه يكره ضعفُه في قربها .. و يمقت بُعدها أكثر، أخذ نفسًا عميقًا من خصلاتها و أغمض عيناه يحاول النوم حتى نام بالفعل!!
• • •  • 
إستفاق على همهمات ضعيفة تصدُر منها، فتح عيناه فوجدها كما هي لازالت متشبثة بأحضانه لكن تهمهم، أخذ يمسح على خصلاتها بحنوٍ مرة تلو الأخرى، لكن مسكتتش و من الواضك أنها تصارع كابوس مُفزع، قتح النور بالريموت، و قام نُصف جلسه بيطل عليها بصدره العريض بيمسح على شعرها بيقول بصوته الناعس:
- نادين .. فوقي!!!
- بابا!!
غمغمت ببكاء و فزع و عينيها لسه مقفولة، حاول يصحيها من كابوس كانت مُستغرقة فيه، فتّحت عينيها و بصتله للحظات و الدموع بتجري على وجنتيها، إتعدل في جلسته و جذبها له فـ أسرعت ترتمي بأحضانه تبكي بعنف، ربّت فوق خصلاتها و ظهرها بيحاول يهديها و هو بيقول:
- إهدي عشان هو بيزعل منك لما بيشوفك بتعيطي كدا!!
سكتت، فـ إبتسم و غلغل أناملُه في خصلاتها، بعد دقائق ..  أبعدها .. حاوط وجنتيها و قال:
- يلا قولي ورايا ..
أومأت له تكفكف دمعاتها، فـ قال بهدوء:
- اللهم ارحم أرواحًا صعدت إليك و لم يعد بيننا و بينهم إلا الدعاء، اللهم انظر لهم بعين لطفك و كرمك يارب العالمين، اللهم اجعل أمواتنا من الضاحكين المستبشرين الغارسين من ثمار جنتك الشاربين من حوض نبيك، ربي اغفر لهم و أرحمهم برحمتك يا الله!
كان تردد خلفه كل كلمة، شعرت بـ سَكينة في قلبها فـ إبتسمت تُطالعه بإمتنان، نظرت لجفونه الناعسة فـ غمغمت بـ حرجٍ:
- أنا بقلقك صح؟
لم يجيبها، أغلق الأنوار و إستلقى على ظهرُه و أسرع يجذبها لأحضانه، إبتسمت و لم تمانعه، و كيف تمانع و هي جنتها بين تلك الذراعين، أغمضت عيناها و بإرهاقٍ نامت و غفى هو الآخر
• • • • • • •
إستيقظ من نومه يفرد ذراعيه عندما لم يشعر بها على صدره، لكن لم يجدها أيضًا جواره، فتح عينيه بقلق و نظر في أنحاء الغرفة ملقهاش و مش سامع صوت مايه في الحمام، إنتفض و بدون مقدمات كان بيفتح باب الحمام بعنف، إتخضت و هي نايمة في البانيو فقاعات الصابون تخفي جسدها عن أنظارُه، شهقت لما لقته واقف قدامها بيتنفس الصعداء إنها موجودة، أسرعت تقول بحنق:
- إيه شغل التتار ده! إطلع برا عيب كدا!
كانت مطمنة إنه مش شايف جسمها، لكنها إتفاجئت بيه بيقول بخبث:
- لاء أنا بايت هنا!!!
ثم تابع بدهشة ناظرًا إلى قدمها الملفوفة التي أخرجتها من المياه:
- إنتِ قومتي إزاي أصلًا .. بتعرفي تمشي عليها أهو!!
رددت بإرتباك:
- آآ لاء مش كدا .. ده أنا .. قعدت أصحيك كتير تشيلني بس مصحتش ف إضطريت أمشي بالراحة اوي عشان أوصل لهنا!!
ثم أسرعت تقول بإبتسامة:
- كويس إنك صحيت عشان مش عارفة كنت هطلع إزاي!! ممكن تلف بقى أقوم أغسل جسمي و ألبس البشكير عشان تشيلني!!
إستند بظهره على الحائط، يُربع ذراعيه أمام صدره قائلًا بخبث:
- طب م تقومي أنا ماسكك!
جحظت بعيناها قائلة:
- بتقول إيه يا عزيز، أقوم إزاي و إنت واقف مبحلق فيا كدا!!
إبتسم الأخير ليغمض عيناه قائلًا:
- أهو!
إبتسمت على أفعاله، لتُغمغم بحدة زائفة:
- لا يا راجل! مش واثقة فيك من هنا لهنا!
ثم أشارت من رسغها إلى مِرفقها، فـ ضحك من قلبُه لـ يلتفت يوليها ظهره العريض قائلًا بخبث:
- خلتص أديني لفيت، بس زي م إنتِ مش واثقة إني ممكن أفتح عيني ف أي وقت، أنا بردو ممكن ألف أبُص عليكي عادي!!
شهقت و هي لازالت داخل المياه تقول بلهفة:
- م أنا هحلِفك!! قول أقسم بالله ما هلف غير لما تقوليلي!!
ضحك حتى عاد برأسه للخلف، فـ إبتسمت أثر سماعه صدح ضحكاته، بيقول بنبرته الرجولية المميزة:
- خلاص مش هلِف!!
- لاء إحلف!!
قالتها بغضب، فـ هتف بجدية:
- خلاص يا نادين قولتلك مش هلِف، مش محتاجة حلفان!!
ترددت في النهوض و هي تغمغم بإرتباك شديد:
- طيب .. ماشي!!
وقفت تسند قدمها المصابة أمامها، تزيل بواقي الصابون عن جسدها بالمياه و عيناها تتابعه بحذر، لتسرع جاذبة البشكير ترتديه محكمة رابطته، تقول بإبتسامة:
- خلاص لِف!!
إلتفت لها يتأمل مظهرها و هي لابسة البشكير قدميها من بداية ركبتيها ظاهرتان و خصلاتها الطويلة على جانبي كتفيها تبتسم بإتساع تمد ذراعيها له، تنهد و هو يقسم أن آخر ذرة صبر في دمه على وشك النفاذ، فـ هو يتمنى الآن لو يأخذها بين ذراعيه كمثل أي زوجين، حملها بين ذراعيها لتتعلق برقبته تنظر له عن كثب، كان هيحطها على السرير لكن قالت مسرعة:
- لاء لاء قعدني قُدام التسريحة!
وضعها بالفعل على المقعد أمام المزينة، صدح رنين هاتفه فـ أجاب يحدث مساعدته في الشركة، كانت عيناها عليه في إنعكاس المرآة أمامها، تمشط خصلاته بضيق عندما علمت أنه يحادث أنثى، و عندما أنهى مكالمته وجدته مقطب الحاجبين، إلتفتت له تقول بقلق:
- في حاجة؟
- هسافر!!
قال بضيق، صمتت و تابعت تمشيط خصلاتها بشرود، تقول بأعين حزينة:
- و أنا طيب!
- هاخدك معايا طبعًا!
قال و هو بيمشي نِحيتها فـ لفتلُه مصدومة متسعة الأعين و وقفت لكن صرخت بألم فأسرع يسندها قابضًا فوق خصرها،زال الأم من محياها تقول بفرحةٍ:
- بتتكلم بجد؟ هتاخدني معاك؟!
أومأ لها يسير بضهر أنامله على وجنتيها يتلمس بشرتها شديدة النعومة، و بإندفاع عانقت عنقه قائلة بضحكات طفولية:
- شكرًا يا عزوزة شكرًا!!
- يــــا إيـــه؟
قال بحدة قابضًا على ياقة روب الإستحمام فـ قالت قالت بإرتباك زائف:
- عزوزة؟
- عــزوزة دي تـبـقـى خـالـتـك!!!
قالها بغضب حاد فـ قالت مبتسمة:
- الله يرحمها بقى!!
- نـاديـن .. مسمعكيش تقولي عزوزة دي تاني!!
قال بحدة و نبرة لا تقبل المزاح، فأسرعت تغمغم عابثة في ذقنه:
- حاضر يا عزيز!
ثم تابعت تنهيدته الحارقة، فـ إبتسمت ببراءة قائلة:
- زعلان؟
- طبعًا!!
قال و هو بيبصلها بضيق، فـ أسرعت تتعلق في عنقه قائلة بحُب:
- خلاص سيبني أصالحك!!
ثم أخذت تُقبل ذقنه برقة قبلات متتالية إندهش على أثرها، تنحنح و حاول إبعاد ذراعيها عن عنقه لا يود الإنجراف معها و هو يالكاد يكبح ذاته، لكنها تشبثت به أكثر تدفن رأسها في عنقه، و أنفاسها تلفح رقبته فيُغمص عيناه، يسمعها تنطق بإسمه برقةٍ، فـ يغمغم كإجابة، شعر بشفتيها تلتصق بـ رقبته فـ إزدادت أنفاسُه ثقلًا، و لا يعلم كيف و متى حملها و وضعها على الفراش، مال عليها منتويًا أن يُطفئ لهيب شوقه الآن عازمًا على إمتلاكها و إن كلفه الأمر نقض العهد الذي قطعه مع ذاته، و إن كلفه الأمر ذاته نفسها، مد كفُه لكي يُحرر ذلك الرباط الذي يحجب عنه ملاذُه و جنته، لكنها أمسكت بكفه و قد إنقلب السحر على الساحر، تطالعه بأعين متسعة مهتزة و بشفاه ترتجف تنطق:
- عزيز!!!
همس بأنفاس متلاحقة يقول بصوته الأجش:
- متقوليش عزيز .. إنتِ اللي بدأتي!!
- عزيز أنا خايفة!!
قال وبأعين تلمع بالدمعات، فـ غمّض عينيه، بيقول:
- متخافيش .. مينفعش تبقي خايفة و إنتِ في حُضني!
صمتت و الحروف ترتجف على لسانها لا تخرج، لتقضي بعد ذلك سويعات في أحضانه يبث لها عشقه، كان شخصية أخرى تمامًا بين ذراعيه، ذلك الذي لم ينطق لها يومًا بـ حبيبتي .. فعلها عدة مرات يهمس لها بين الفينة و الأخرى أنها حبيبته .. و طفلته و صغيرته و عشقُه الأوحد، حتى ظنت أنه فقط ثمل، لكنها تعلم أنه لا يشرب، و لا تعلم أنها خمرُه و سبب ثملُه، إمتلكها .. و إنتهى الأمر و باتت على أسمه و فعل ما كان يجب أن يفعله قبل ستة أشهر، أخذها بين ذراعيه و هو يلقي الغطاء على جسدهما، أخفت وجهها بصدرُه لا تصدق ما حدث، فـ بالرغم من سعادتها لوجودها بين ذراعيه، إلا أن خوفها من القدام أكبر بكثير، فـ إن علم أن أبيها السبب في ما حدث لأخيه لرُبما يقتلها إنتقامًا من أبيها، شعرت بنغزاتٍ في قلبها فـ تآوهت بألم:
- آآآه
إنتفض بيبُصلها محاوط وجنتها اليمنى بكفه قائلًا بلهفةٍ:
- مالك؟ أنا وجعتك؟ حاسة بإيه؟!!
طالعته و لم تستطع السيطرة على دمعاتها تنظر له تحاوط وجنتيه تقول:
- عزيز .. إوعدني إنك مش هتسيبني أبدًا يا عزيز!!
قطب حاجبيه، و مال مُقبلًا شفتيها قبلة سطحيه يقول و هو يزيل دمعاتها بأنامله:
- ليه بتقولي كدا؟
- إوعدني يا عزيز!!
هتفت ترجوه، فـ هتف بحنوٍ:
- وعد!!
تنفست الصعداء و وضعت كفها فوق قلبها من فوق الغطاء علها تضبط نبضاته التي كادت تخترق صدرها، تُهدءه و تخبره بأنه لن يتركه، نظر لما تفعل و لحركاتها التي يهيم بها عشقًا، يُميل مقبلًا جفونها و باقي أجزاء وجهها بحُب، قبلات بطيئة ساهمت في إطمئنانها أكثر، فـ إبتسمت مغمضة عيناها بعشقٍ قد تمكّن من خلاياها!
• • •  • • • •
إستفاقت من نومها تنظر بجانبها، فوجدته لازال نائمًا بعمقٍ، أشفقت عليه و مصحيتهوش، لكن حلقها الجاف جعلها تنهض مستندة على الحائط تبحث عن شربة ماء، لبست روب تُخفي به جسدها العاري، ملقيتش في الجناح فـ خرجت منه و نزلت الدرج بحذر و هي بتتآوه بإلم من ضغطها على رجلها و ألم آخر يسري في جسدها، كانت الڤيلا مُعتمة لأن الساعة قد تعدت الثالثة فجرًا، ذهبت إلى المطبخ و فتحت الأنوار ثم الثلاجة، شربت الكثير من المياة، و أخذت تُفاحة ثم عادت تخرج من الطبخ، لتتفاجأ بـ والدته جالسة على المقعد تطالعها بنظرات لن تنكر أنها أرعبتها، لكنها أكملت طريقها بـ لا مبالاة تقضم تلك التفاحة، سمعتها تقول بقسوةٍ:
- سلمتيله نفسك مش إكده؟!!
وقفت مصدومة .. تتسآل كيف علمت؟ لم تجيبها و أخذت تصعد أول درجة من السلم، لكن الأخيرة إشتعلت غاضبة تقول بحدة:
- أقفي إهنه كلميني!!!
إلتفتت لها ببرود تأكل من التفاحة، فـذهبت الأخيرة نحوها كالرعد العاصف تقول بحدة:
- إنتِ عملتي غلطة كبيرة يا مرت ولَدي! لو فاكرة إني هسيبك عايشة تتهني في البيت إهنه تبقي غلطانة! لإني يوم ما أثبت لـ عزيز إن أبوكي اللي قـ.ـتل شريف .. هيرميكي برا و مش هتشوفي وشه تاني!!!
إهتزت عيناها مُرتعبة، على يقين إن لو عزيز عِرف فعلًا هيطلقها، و طلاقها من عزيز يعني مو.تها بشكل حتمي!،.رفعت عينيها لـ كاملة .. والدته، و غمغمت بهدوء تُحسد عليه:
- مش عارفة هتفهمي إمتى إن شريف ما.ت موتة ربنا و إن لا أنا و لا أبويا لينا علاقة بمو.تُه!!!
إتهجمت عليها و مسكت ذراعيها بتهزها بعنف:
- كــــدب!!! إنتوا اللي قتـ.ـلتوه!!!
أبعدت كفيها عن ذراعيها تقول بحدة:
- متقربيش مني!!!
ثم إلتفتت تصعد الدرج بحاجبين متقطبين، لتصرخ بها الأخيرة:
- أنا هخليه يقتلك يا نادين .. هخليه يقتـ.ـلك زي ما أبوكِ قـ.ـتل إبني!
غمّضت عينيها و هي بتصعد الدرج بتحاول متهتمش لكلامها، دلفت للجناح و منه إلى غرفتهما، فوجدته لازال نائم، إقتربت منه بعشقٍ تنام على معدتها جواره، أناملها تعبث بخصلاته الناعمة و ذقنه و رموشه الكثيفة، تبتسم و تميل مُقبلة جفنيه، فـ تشعر أنها لم تكتفي، تُقبل فكُه العريض فـ لم تكتفي أيضًا، حتى باتت توزع قبلات حنونة فوق كامل وجهه، إستفاق هو على أثرها و إعتلت الإبتسامة وجهه كما فعلت هي، حاوط خصرها من فوق المئزر المغلق بإحكام، و نظر لها بأعين نصف مفتوحة، فـ أسندت أذنها على صدره تحاوط خصرُه قائلة بلُطف:
- صحيتك .. حقك عليا!!
ضمها لـ صدرُه أكتر و قال بنعاسٍ:
- صحيني كدا كل يوم!!
إبتسمت بإتساع و غمرت رأسها في صدره أكتر، مسح على خصلاتها حتى غفت بين ذراعيه و نام هو الآخر!
يُتبع 
إستفاقت على شعور بالمياه يتغلغل كامل جسدها، فإنتفضت بفزع و لقت نفسها في البانيو و المياه الدافية تغمرها و الصابون يخفي جسدها، إلتفتت حولها فوجدت عزيز يقف ملتفًا بمنشفة حول خصره و يبدو أنه للتو أنهى إستحمامه، نطقت إسمه مصدومة:
- عزيز!!
نظر لها قائلًا بخبث و هتف:
- نومك تقيل أوي، يعني شيلتك و قلّعتك الروب و حطيتك في البانيو و بردو لسه نايمة!!
غمغمت بإرهاقٍ:
- أنا جسمي متكسر أوي!!
قال بجدية يجلس على حرف البانيو:
- عشان كدا حطيتك في البانيو، المياه الدافية هتفُك جسمك!
هتفت بعتاب تنظر له بضيق:
- إنت السبب!!!
إقترب منها ممسكًا طرف ذقنها يقول بمكرٍ:
- متلومينيش! ٦شهور قاعدة معايا تحت سقف أوضة واحدة و مش عارف أقربلك!!
غرزت أسنانها بشفتيها بخجل تنظر أرضًا، أُظلمت عينيه برغبة و حرر شفاها من بين أسنانها بيقول و عينيه مُثبتة على شفتيها:
- متعمليش كدا بشفايفك تاني عشان إنتِ مش هتستحملي اللي هعملُه!
شهقت بخجل و ضربت كفه الممسك بذقنها تقول بإرتباكٍ:
- طب إطلع برا بقى عشان أعرف أقوم!!
غمز لها بمكر بيقول:
- قومي و أنا قاعد، أنا كد كدا شوفت كل حاجة!!
- عـزيـز!!!
صاحت به بخجل فـ ضحك، ينهض لكي لا يُربكها أكثر، بينما نزعت مسد المياه من البانيو و نهضت تبعد قدمها المصابة عن إنهمار الدش أعلى رأسها
إنتهت و لفت حول جسدها منشفة كبيرة، خرجت من الحمام و لقتُه لبس بنطلون و بيجهز شنطته، وقفت مندهشة و غامت عينيها بالحزن لما ظنت إنه غيّر رأيه و مش هياخدها، إلتفت لها فـ قطب حاجبيه من مظهرها و سأل بإهتمام:
- مالك؟
تمتمت تجلس على الفراش جواره:
- لو مش عايز تاخدني معاك قول و أنا مش هزعل، هروح أقعد في بيتنا عادي
قطب حاجبيه بإستغراب، و وقف أمامها بيحاوط وجنتيها قائلًا بهدوء:
- مش هعوز ليه و أنا اللي قايلك؟ يلا قومي جهزي شنطتك عشان الطيارة كمان ٤ ساعات!!
رفعت عينيها له بسعادة، فـ قرص أرنبة أنفها و كمل تحضير شنطته، قامت وهي بتركض على قدمها الصحيحة بحماسٍ رهيب 
• • • • • • • •
صعدت معه سلم الطيارة بوجل، أنفاسها تتعالى و هي بتبص للطيارة بخوف شديد ماسكة في كفُه بتقول برجاء:
- عزيز .. م تروح إنت و أرجع أنا البيت!!
إبتسم و مال عليها يحملها بين ذراعيه قائلًا:
- طب يلا يا جبانة!!
تشبثت في دراعه بتدفن راسها في صدرُه بقلق شديد، إتمحى فورًا لما شافت إبتسامة بلهاء على وجه المضيفة بتقول و عينيها بتاكل عزيز .. جوزها!:
- مستر عزيز .. و الله الطيارة نوّرت، أنا طالعة الـ Flight دي مخصوص عشان حضرتك فيها!!
رفعت إحدى حاجبيها بضيق من حركاتها و حديثها، و تابعت كلمات جوزها الرزينة:
- متشكر يا داليدا!
بصتلُه بحدة بتسأل نفسها إزاي عرف إسمها و منين و ليه!، تشبثت في رقبته بتقول بغنجٍ:
- عزيز، حُطني على الكُرسي بسرعة بليز عشان رجلي إبتدت توجعني!
إرتبكت داليدا و أسرعت تشغل نفسها في شيء آخر، بينما وضعها عزيز على مقعده المعتاد، و جلس جوارها، كانت عينيها مثبتة على تلك المضيفة و لاحظت إنها بتسترق النظر ليهم بين الحين و الآخر، هزّت قدميها الصحيحة بغضب و بصتله فـ وجدته بيتفحص هاتفه قبل الإقلاع، لمعت في ذهنها بفكرة ماكرة فـ مالت عليه و أناملها تسير على طول ذراعه بحميمية مغمغمة بدلع:
- عزيز
نظر إليها بطرف عيناه قلق على اللي في عقل الشيطانة الصغيرة دي، لكنه همهم كإجابة، فـ همست هي في أذنه:
- بوسني!!!
- إيه؟
قالها و هو شاكك إن ودانه اللي إلتقطت الكلمة غلط، لكنها أعادتها على مسامعه فـ إستغرب، ليهتف بنبرة خبيثة:
- متأكدة!!
- جدًا!
قالتها مُبتسمة و عينيها ثابتة على المضيفة اللي بتتابعهم بضيق، مال يُقبل جوار شفتيها بعمق ثم شفتيها، حبست أنفاسها بصدمة، هي كانت تقصد يبوسها على خدها بس!! بِعد بعدها بثواني بيبُص في تليفونه، غمغمت هي تستند على المسند جوار ذراعها:
- مكنش قصدي كدا .. بوسة على خدي بس!!
- بوس إبتدائي ده مبحبوش!
قال وهو مركز في تليفونه، فـ إبتسمت بخبث لما لمحت المضيفة إختفت من قُدامهم، لكن فور إعلان الطائرة على الإقلاع حتى تمسكت بذراعه، بتقول برعب و هيستيرية:
- عزيز .. عزيز مش قادرة آخد نفسي!
بصلها بصدمة، مكنش متخيل إن الموضوع معاها بالجدية دي، فـ ربطلها الحزام و مسح على وجنتها اليمنى بضهر صوابعه:
- إهدي و بُصيلي، فاكرة لما بالصُدفة إتقابلنا في الساحل و غرقتي و أنقذتك؟
حاول تشتيت إنتباهها فـ بصتلُه و إبتسمت و لكن جسمها لسه متشنج، بتقول:
- لما زعقتلي بعدها؟
أومأ لها و هو مبتسم من تجاوبها معاه، فـ شردت بتفتكر اليوم ده
كانت في رحلة مع صحابها في أحد منتجعات الساحل الشمالي، و هو كان بيخلص صفقة في نفس المنتجع، عينيه وقعت على بنت لابسة مايوه لكن محتشم عكس كُل أقرانها، و رغم إنها مش مححبة لكن رفضت تلبس بكيني، إبتسم لما عرف هويتها، فضل مراقبها من بعيد يُقطب حاجبيه أحيانًا من هزارها مع أحد الرجال أصدقائها، و يعود و يبتسم لما يلاقيها فرحانة كإنها طفلة، لحد ما قرروا صحابها إنهم يطلعوا ياكلوا و أصرت هي تفضل في المايه شوية، المكان بقى شبه خالي سواهم، و لإنه كان قاعد بعيد شوية فـ متعرفتش عليه، لحد ما حس وسط سباحتها إنها بتبعد، و بتدخل جوا زيادة عن اللزوم، كانت سبّاحة ماهرة لا بأس بها من وجهة نظرُه، لكنه خلع عنه نضارته الشمسية لما حَس بالخطر عليها، و في لحظة كان بيرمي نضارته و تليفونه على الترابيزة و بيقلع قميصه المفتوح و بينزل يلحقها، كانت شِبه دخلت في الغويط و حتى مصرّختش، بتغمص عينيها و بتفتحها كإنها بتستسلم لمصيرها خلاص، جري عليها لحد م وصل لمكان هو نفسه مبقاش لامس فيه الأرض، شالها بين إيديه و هي كانت بين الوعي و اللاوعي من المايه اللي شربتها، دراعها و راسها مرتخيين على ورا لدرجة إن قلبُه كان هيقف و إفتكرها ماتت، حطها على الرملة، بينده عليها بجنون:
- نادين .. نادين سامعاني؟
ملقاش منها رد، فـ قبض كفيه و وضعهما على صدرها بيضغط عليه عشان يخرج المايه اللي بلعتها، لكن مافيش فايدة، مكانش قدامه حل غير التنفس الصناعي، قرّب منها و أفرج عن شفتيها بينفخ جوا فمها، فضل على الحال ده شوية لحد ما لقاها بتتنفس و بتكح و المايه بتخرج من فمها، غمّض عينيه بيحمد ربُه بيتنفس بصعوبة، لعق شفتيه اللي حملوا ملمس شفتيها مُبتسمًا على ذكرى هتفضل في ذهنه طول عمره، بينما هي بصت حواليها و أجهشت في البكاء، إتخض و رفع عينيه ليها بيقول بقلق:
- في إيه إهدي!!
- كنت هموت!!
قالتها ببكاء طفولي، فـ إبتسم و مسح على خصلاتها بيقول بهدوء:
- بعد الشر!!!
- إنت عزيز؟
قالتها بصدمة بتمسح دموعها، فـ أومأ لها بهدوء، إبتسمت ملء شفتيها لكن رجعت تبصلُه بقلق مغمغمة:
- عزيز إوعى تقول لـ بابا!! هيخليني مسافرش تاني في حياتي!
هتف بضيق:
- لاء هقولُه، إنتِ مستهترة و مكنش ينفع من الأول تفضلي في مكان زي ده لوحدك!!
قطبت حاجبيها تقول بحدة:
- و إنت مالك بيا؟! حد عيِّنك وَصي عليا و أنا معرفش!!!
طالعها بهدوء يُحسد عليه، و في لحظة كان بيقوم و بيسيبها و يمشي، طالعته بندم و أسرعت تنهض تقف خلفه و هي شايفاه بياخد حاجاته و بيمشي، مشيت وراه بتقول بخجل:
- معلش أنا أسفة عليت صوتي يا عزيز و آآآ
قاطعها لما إلتفت و قال بحدة بيشاورلها بسبابتها:
- عزيز بيه! أنا مبلعبش معاكِ في الشارع!!
وقفت تبصلُه بضيق و حزن زي الطفلة اللي غلطت و أبوها بيعاقبها، و تمتمت بحزن:
- طيب يا عزيز بيه عندك حق .. فيه فرق سن بردو لازم أحترمُه!
كإنه ادتلُه بالقلم، فوّقته على واقع نغز في قلبُه، مكنش ملاحظ فرق السن بينهم إلا لما هي بنفسها لفتت نظره لـ ده من غير قصد، تصاعد الغصب في قلبُه من إستحالة إنهم يبقوا مع بعض، و لَف و كمل سيرُه فـ إتبعته هي بمرحها المُعتاد:
- مقولتليش يا عزيز .. بيه، هتقول لـ بابا؟
مرَدش عليها و كمل سيرُه بيحط نضارته اللي زادتُه وسامة، وثبت بتقف قُدامه فـ وقف بيبُصلها بضيق، إلا إن إبتسامتها الجميلة خلِته يتنهد و هو بيبعد نظرُه عنها عشان مياخدهاش في حضنه، هتفت هي بلُطف:
- خلاص بقى قلبك أبيض، بليز متقولش لـ بابا هيقلق عليا أوي و هيبعت ياخدني!!
صمت للحظات، لكنه عاد يقطب حاجبيه لما إفتكر صحابها الولاد اللي كانوا موجودين و هزارهم اللي خلّى الدم يغلي في عروقه، فـ سألها بحدة:
- إنتِ قاعدة فين .. و مع مين؟!
أشارت للفندق خلفه بتقول ببسمة:
- قاعدة في الأوتيل ده، مع صحابي!!
- في أوضة لوحدك صح؟
سألها بضيق، أسرعت تقول:
- آه طبعًا!
أومأ لها و قال بهدوء:
- ماشي .. هتقعدي لإمتى؟
- يومين كمان!
قالتها و هي بتنفض التُراب العالق في ملابسها، فـ تدحرجت عينيه لما ترتديه، بنطلون لازق في جسمها و قطعة علوية بنصف أكمام لكن تصل لما قبل ركبتيها، إتدايق لما لقى اللبس لازق في جسمها من المياه و ميعرفش ليه حَس إن حتى لبسها ده مش عجبه و إنه عايز يخبيها عن الناس، خصوصًا  خصلاتها اللي محرراها و نازلة على وشها و هي بتنفض لبسها، فـ قال هو بعصبية مقدرش يسيطر عليها:
- المايوه لازق على جسمك و مبين تفاصيله كلها!!! 
رفعت عينيها ليه و بصتلُه بإستغراب، لكن خرّجت منشفة من شنطتها و لفتها على كتفيها فـ غطت مفاتن جسدها و قالت بإبتسامتها البريئة:
- كويس كدا .. متقولش لبابا بقى بليز يا عزيز!! 
قربت منه شوية و هي بتميل راسها ليه برجاء بتضم كفيها مع بعض، أربكته أكتر و حمد ربنا إنه لابس نضارته لإنه كان بيتإملها برغبة حقيقي في ضمها لصدرها، و قال بهدوء:
- ماشي مش هقولُه!!
قفزت بسعادة و قالت:
- والله من أول ما شوفتك و أنا بقول عليك راجل جدع!!
ثم تابعت بحماس:
- طب بقولك إيه .. في حفلة النهاردة لـ عمرو دياب بليل، م تيجي؟
هتف بإنزعاج:
- مبحبش الحفلات!!
هتفت مبتسمة:
- دي هتبقى رهيبة، صدقني مش هتندم!! 
ثم أشارت له قائلة:
- يلا لازم أرجع عشان حاسة إن الرمل بياكل فيا، باي يا عزيز .. و من غير بيه!!
ثم ركضت من أمامه سايباه بيبتسم، مش قادر يصدق أد إيه هي مُفعمة بالحيوية و روحها جميلة،  إنجذابه ليها بيزيد، و رغم كُرهه للحفلات إلا إنه قرر يبقى موجود عشان يشوفها أكبر وقت ممكن!!
و بالفعل بالليل كان موجود في المكان، بيدور بعينيه عليها لكن الزحمة كانت رهيبة، نِدم إنه مخدش رقمها و إتصل بيها، فِضي يدور عليها لحد م زفر براحة لما شافها، لكن هيئتها خلت نار متوقدة مشتعلة في صدرُه، لابسة فُستان بيلمع واصل لـ ما قبل ركبتيها .. بدون أكمان بيظهر أكتافها البيضاء و عنقها الطويل المرمري و ذراعيها الرشيقان، شعرها متصفف بتمويجات ساحرة، و حاطة على وشها القليل من مستحضرات التجميل، مقدرش يتحمل منظرها، حَس إنه عايز يروح يكسرها نُصين و يشدها من شعرها يدخلها عربيته عشان محدش يشوفها، حَس بدُخان طالع من ودانه و هو شايفها واقفة بتهزر مع واحد و كان نفس اللي شافها معاه الصبح، كان بيقرب منها و بيهمس في ودنها فـ بتضحك أكتر، للحظة قِرف منها، و حَس إنه إتسرع لما أُعجب بيها و إنها شخصية تافهة معندهاش حدود مع الجنس الآخر، كان هيمشي و يسيب كل حاجة لولا إنه شاف نفس الشخص بيشدها معاه لمكان منزوي، مشي وراهم من غير وعي و كإن رجليه اللي سايقاه، لاقاه بيدفعها على الحيطة و هو واضح عليه الثمالة، و هي إتصدمت من اللي عملُه و بتقول:
- فارس .. إنت بتعمل إيه!!
- نادين أنا عايزك .. مش قادر أستحمل أكتر من كدا!!!
قال و هو بيقرب منها فـ شهقت و رفعت كفها بتصـ.ـفعه بحدة بتقول بشراسة:
- إنت إتجننت إيه القرف اللي بتقوله ده! إبعد عني!!!
كانت بتحاول تد.فعه من صدره لكنه كان زي الجبل، بينما وقف عزيز و فيه حاجة جواه مبسوطة إن دي ردة فعلها و إنها مسمحتلوش يقربلها، لكن مقدرش يتحمل لما قرب من عنقها و لما زقتُه رفع إيديه و ضر.بها، إتجه عزيز ليه بأعين تنطلق منها الشرار و بخطوات تطوي الأرض، مسكُه من ياقة قميصُه و سدد له لكـ.ـمة أطاحته أرضًا وسط بكاء نادين اللي حطت كفها على خدها و هي حاسة بتنميل فيه! عزيز ميل عليه و ضربه بقوة و رجع يقف بيبصلها بحدة أرعبتها، جذبها بقسوة من دراعها و مشاها قُدامه لحد ما طلعوا من مكان الحفلة للجراچ، بكت أكتر لما زقها على عربيته بيمسك ذراعيها بعنف بيهزها بقوة و هو يصيح في وجهها:
- بــتــعــيــطــي!! فارحانالي بجسمك و مبيناه و زعلانه إنه طمع فيكي؟ م طبيعي و هو شايف واحدة بتضحك و تتمسخر معاه و بايتة برا بيت أهلها، طبيعي يشوفك بنظرة وســ.ـخة!!!
عيطت أكتر بتخبي وشها عنه مش قادرة تواجه غضبُه و صريخُه عليها، سابها و هو بيتنفس بيحاول يهدي نفسُه .. للحظة حَس إنه هيجراله حاجة .. كل ما يفتكر إن اللي إسمه فارس ده قرب منها و لمسها بيبقى هيتجنن، فضل يضرب في العربية جنبها فـ إنتفضت بتبعد عنه برعب بتحاوط نفسها و هي لسه بتعيط، غمض عينيه و رجع فتحهم بعد ثواني بيبصلها، كانت حالتها مزرية، شعرها بقى مشعث و وشها أحمر و علامات صوابع قذرة على خدها الأبيض، عينيها كتلتين من الإحمرار و جسمها كله بيترعش، أشفق عليها، و قرّب منها فـ بعدت خطوتين فـ شدّها من كتفيها بيوقفها قُدامه، إرتجفت بتبص في الأرض بتعيط بإنهيار، رفع أناملها و مسك دقنها بيقول بحدة:
- إرفعي وشك .. بُصيلي!!
رفعت وشها ليه و الدموع ملطخاه، عينيها البريئة بصتلُه فـ هدمت حصونه، مسّد بإبهامه على خدها اللي عليه العلامات، عينيه لانت و هو شايفها بتبعد وشها بألم، فـ مسد على خصلاتها بيرتبها فـ عيطت أكتر و هي بتقول بصوت متقطتع:
- أنا .. أنا مكنتش أتوقع إنه هـ .. هيعمل كدا و الله
- عارف!!
قال بهدوء، هو متأكد إنها متعرفش نوايا اللي حواليها القذرة، براءتها مخلياها مش شايفة اللي طمعانين فيها، لقاها بتقول بشفاه ترتجف:
- أنا .. لو كنت أعرف إنه زبالة .. كدا .. مكنتش هتعامل معاه خالص يا عزيز .. والله العظيم مكنتش .. أعرف!!
كوّب وجهها بكفيه بيحاول يمنع نفسه من ضمها لصدرُه، بيمسح على وجنتيها بإبهاميه بيهمس برفق:
- إهدي!
- عايزة أروح .. لبابي!!
هتفت برجاء بتبصله زي الأطفال، فـ أومأ لها بيقول بلُطف:
- حاضر .. هوديكِ!!
أومأت له و هي بتضم ذراعيها لصدرها، إتنهد و فتحلها باب العربية فـ ركبت، ركب جنبها و لقاها بتشد فستانها لتحت بخجل بريء، لف بجسمه و إلتقطت چاكت يخُصها، حطه على رجليها فـ أسرعت بتعدله عشان تغطي رجليها، بتقول بهمس:
- ممكن أرجع أوضتي في الأوتيل أجيب حاجتي الأول!
- ماشي!!
قال و هو بيسوق العربية و مافيش قُدامه غير منظرها الضعيف زي الورقة اللي في مهب الريح، وقف العربية قدام الأوتيل و لقاها بتلبس الچاكيت بتاعه و كإنها بتتحامى فيه، طلعت حضرت شنطتها وسط عياطها و غيرت هدومها لبنطلون و بلوزة، لملمت خصلاتها على هيئة ذيل حصان لتحت، و رجعتلُه العربية، نزل و حطلها الشنط في العربية من ورا، فتحت هي الباب و قعدت بإرهاق، ركب جنبها و إبتدى يسوق و هو سامع همهماتها الباكية، حَس إن دموعها بتنزل زي ماية النار على قلبُه، مقدرش يتحمل و قال بضيق:
- كفاية عياط يا نادين!
- ماشي!
قالت بحزن و هي فاكرة إن صوت عياطها الخفيف مدايقه، لحد ما سكتت بتكتم عياطها جواها بتتمنى تترمي في حُضن أبوها!
عودة للوقت الحالي
كانت ساندة راسها على كتفُه بتفتكر اللي حصل مُبتسمة، نست تمامًا إنها على طيارة و نسيت فوبيتها من الإرتفاعات، كان بيتابعها بجنب عينيه بإبتسامة، رفعت عينيها للمضيفة اللي تقدمت منهم شايلة الأكل بتقول موجهة كلامها لـ عزيز:
- مستر عزيز .. الـ Meals زي ما حضرتك طلبت!!
- شكرًا!
قالها بهدوء بينما نادين عينيها بتطلع شرار بتبصلها بحنق شديد، إلتقطعت قطعة من الستيك بالشوكة قائلة بإبتسامة:
- الستيك دي معمولة Especially لحضرتك، ممكن حضرتك تدوق و تقولي رأيك!!
طالعتها نادين مصدومة، و بصت لـ عزيز اللي أخد منها الشوكة و أكل هو القطعة، و من ثم قال بهدوء:
- لذيذة!!
إبتسمت له المضيفة تطالعه بحالمية، بينما إلتقطت نادين قطعة بالشوكة و قضمتها بعنف، و قالت بعدها بحدة:
- طعمها بشع إستغفر الله العظيم، مافيش طعم أصلًا .. ماسخة!!
هتفت بها تطالعها بنظرات ذان مغزى و كإنها بتقولها " أنا هنا مش قصدي ع الستيك!" طالعتها المضيفة بضيق و بصت لـ عزيز و قال بإبتسامة:
- المهم إنها عجبت حضرتك يا عزيز باشا!!
رفع عزيز حاجبه الأيمن بضيق، ثم قال و هو يضع الشوكة مكانها:
- مدام معجبتش مراتي .. شيليها!!
نظرت له نادين مصدومة، و إتسعت إبتسامتها مش مصدقة اللي قالُه، فـ إبتسمت الأخيرة بحرجٍ و أومأت له تحمل الطبق و تحمل معه خيبتها، مقدرتش نادين تخفي فرحتها، و جذبت وشها ليه تُقبل وجنته عدة قبلات متتالية عاشقة إبتسم على أثرهم و هو يحاوط خصرها يمسح على ظهرها صعودًا و هبوطًا، نزلت بشفايفها لدقنُه بتوزع قبلات على كل جزء طالته من وشه فـ ضحك مستمتعًا بملمس شفتيها على بشرته بيتمنى لو تفضل كدا و مش هيزهق، توقفت عندما تعبت من تقبيله بتاخد أنفاس عميقة مستندة بجبينها على خدُه، إلتفت و باس جبينها، فـ إبتسمت و أسندت راسها على كتفُه متعلقة في ذراعه القوي مبتسمة بشعور إنتشاء قوي يتغلغل بها!
••••••••••
ركضت جوا الغرفة بسعادة، هي بتعشق الفنادق لإنها مبتبقاش محتاجة تعمل حاجة بنفسها، إرتمت على الفراش فاردة ذراعيها بتقول بإبتسامة واسعة:
- و أخيرًا وصلنا!!
تململت على الفراش بتقول:
- أنام شوية بقى!!
قال وهو بيغسل وشُه بيحاول يفوق نفسُه:
- نامي لحد ما أرجع!!
 إنتفضت من فوق الفراش بتمشي ببطء نِحيته بعد ما حست إن جرح رجلها إبتدى يوجعها:
- هتروح فبن دلوقتي؟ ريح جسمك شوية!!
خرج من الحمام و وقف قُدامها بيقول بهدوء:
- مينفعش لازم أقعد مع الـ clients دلوقتي!
حاوطت عنقه بتقول بنبرتها الأنثوية:
- طيب متتأخرش عليا!
تنهد قُدام جاذبيتها اللي بتضعفُه، و قال بهدوء:
- ماشي!
- يا إيه؟
قالتها بضيق بتقطب حاجبيها، فـ مفهمش وقال:
- يا إيه إزاي؟
سندت راسها على كتفُه بتقول بحُب:
- مش أنا لما كنت في حضنك قولتلي يا حبيبتي .. و قولتلي يا عُمري و دُنيتي؟ عايزة أسمعهم منك دلوقتي!!
إرتبك، بيفتكر إنه فعلًا لما كانت بين أحضانه كان بيهمسلها بكلمات عاشقة و فقد السيطرة تمامًا على نفسه وقتها، هو في العادي مبيعملش كدا و دي كانت أول مرة، فـ قال و هو بيحاول يتهرب منها:
- لما أرجع عشان متأخرش!!
طبعت قبلة على عنقه جعلته يقبض فوق خصرها بيحاول يتحلى بالصبر بتقول بصوتها اللي يخضع أمامه أعتى الرجال:
- مش هياخدوا منك .. وقت!!
و رفعت نفسها تُقبل دقنُه بحنو هامسة قُدام شفتيها:
- يلا قول .. عشان خاطري!
لقى لسانه بيتحرك بدون وعي:
- يا حبيبتي!!
إبتسمت و عانقت رقبته أكثر بتدفن وشها في تجويف عنقه مقبلة بشرة رقبته بحنان هامسة جوار أذنه:
- و إيه كمان؟
غمّض عينيه و قال و إيدُه بتمشي على خصرها بعشق:
- و عُمري!!
بعدت وشها عنه و طبعت بشفتيها جوار شفتيه بتقول مغمضة عينيها مستندة براسها على خدُه:
- بس؟
قال و هو بصعوبة بيسيطر على نفسُه عشان يبعد:
- و دُنيتي كلها!!
مال منتويًا على تقبيلها لكنها بعدت بسرعة بتنام على السرير على بطنها بتقول بمكر:
- يلا يا عزيز هتتأخر على الـ Clients بتوعك!!!
شدد على قبضتيها بحدة بيقول و هو بيمشي متجهًا لباب الغرفة:
- ماشي يا نادين، لما أرجع هدفعك تمن اللي عملتيه ده!!!
و أول ما قفل الباب وراه فضلت تقفز بجسدها فوق الفراش بإبتسامة و ضحكات جميلة على العبث اللي عملتُه فيه و حالُه اللي أربكته، فـ الأسلحة الأنثوية تستطيع فعل الأفاعيل!
يُتبع
إستفاقت على أنامل تعبث بـ منامتها اللي كانت عبارة عن كنزة تصل لمنتصف معدوها بدون أكمام تتعلق فقط بـ حمالتين على كتفيها، و سروال يصل لمنتصف فخذيها، كانت نائمة بعمق و لكن إستشعرت أنامل تجول على ما ظهر من جسدها، قامت مفزوعة لكن إتنهدت براحة لما لقتُه عزيز، بتحط إيديها على قلبها بتقول بلوم:
- حرام عليكي يا عزيز خضتني!!!
إبتسم و قال بصوته الرجولي:
- خضيتك ليه؟ إنتِ فاكرة إني هسمح لحد يدخل أوضة مراتي ويلمس جسمها كمان!!
إرتبكت من أنامله التي تسير على فخذيها فـ حاولت إبعاد كفُه تقول بتوتر:
- إنت .. إنت بتعمل إيه!
- هعاقبك!
قالها بجدية شديدة، فـ رفعت عينيها ليه بصدمة بتقول:
- تعاقبني؟ أنا عملت إيه؟
قرّب بوشه من وشها و قال بخبث:
- إنتِ عارفة عملتي إيه، خليتيني مش قادر أركز مع الناس اللي كنت قاعد وسطهم و للحظة حسيت إن دماغي معاكي إنتِ!!
إفتكرت اللي عملتُه قبل ما يمشي، و قررت تنفذ الجزء التاني من خطتها، فـ غمغمت بهدوء:
- طيب غيّر هدومك و تعالى نام و ريح جسمك شوية!!
أسرع يهتف بنظرات كلها رغبة ليها:
- أنا فعلًا عايز أريح جسمي .. في حضنك!!
شهقت بخجل و أسرعت بتقول بتوتر:
- عزيز بس بقى! يلا بجد عشان تنام شوية!!!
- مافيش نوم النهاردة!
قالها بحدة مازحة، فـ ضحكت برقة تغمغم مغمضة الأعين و كفيها أسفل وجنتها:
- و بعدين بقى! إدخل خُد شاور كدا و فوق وبعدين نشوف الموضوع ده!!
- إياكِ تنامي!
قالها بتحذير فـ أومأت له، ذهب هو و فتحت عيناها هي بخبث لتقول:
- أنا هخليك تقول حقي برقبتي يا .. يا عزوزة!
فتح باب المرحاض مرتديًا بنطاله و رائحة عطره الرجالي تفوح منه، ألقى بنظره عليها فـ لاقاها نايمة بعُمق، راح نِحيتها متوعدًا ليها بيغمغم:
- نمتي يا نادين!
إستلقى جوارها بيمسح على خصلاتها و هو بيناديها بيأس:
- نـاديـن!!
ملقاش منها رَد، فـ إتنهد بضيق و قفل النور و حط دراعه على عنيه عشان ينام هو كمان، لكن فتحت هي عينيها بخبث و قربت منه بتمسك دراعه حاطة راسها عليها مهمهمة بنعاس، أسرع يشيل إيده اللي كانت على عينيه و بصلها بيمسك كتفها بلهفة:
- صحيتي يا نادين؟
بردو ملقاش رد، راسها بس مسنودة على دراعُه و بتحاوطه بـ ذراعيها، زفر بضيق و مسح على خصلاتها و غمض عينيه عشان ينام!
بينما هي بصتلُه بتتأملُه بمكرٍ لحد مـ نامت فعليًا!
 •••••••••••••
صحيت على شِفاه موضوعة على رقبتها، شهقت بخفوت و خجل و هي بتستوعب إنه ملقي بجزعه العلوي عليعا محاوط خصرها كإنها هتهرب، راسه تحت دقنها دافن أنفه و شفتيه في عنقها، من أنفاسه المنتظمة عرفت إنه لسه نايم، تنهدت بعشق لا ينضب و مسحت على خصلاته بحنان فطري، تغلغل أناملها في نعومة شعرُه و ضهرُه العاري اللي كان كلُه عضلات بتمسح عليه برفق و حنان، باست اللي طالته من جبينه بتحاول بجسمها الصغؤر تضمه ليها أكتر و أكتر بتشبع نفسها من وجوده و حُضنه اللي إتحرمت منه يمكن من أول ما شافتُه، بدأت تنهار. حصونها خصوصًا لما حست إنه صحي و طبع قبلة حنونةعلى رقبتها بعثرت كيانها كله، إزدردت ريقها و قررت متمثلش النوم بالذات إنه ممكن يكون حَس بـ لمساتها و صحي على أثرها، رفع وشه النعسان ليه فـ إبتسمت رغمًا عنها بتبص لشعره الأشعت و عيناه المجفلة من آثار النوم، رفعت كفيها تعيد ترتيب شعرُه و بتحاوط وشُه بحنان وبإبتسامة مرسومة على شفايفها أسَرته، فـ ثبت أنظاره على شفايفها و رجع تأمل عيونها بيقول بصوته المتحشرج أثر نومه:
- بتحبيني؟
صدمت من سؤال، سكتت شوية لكن قررت إنها مش هتخبي عليه مشاعرها أكتر من كدا، و أومأت له تتشرب ملامحه بعينيها، فـ مال يُقبل جوار شفتبها قبلة عميقة دغدغت أنوثتها و كامل حواسها يهمس و أنامله تسير على خصرها:
- إنطقيها .. قولي إنك بتحبيني!!
- بحبك!
همست بها بعد ما قررت نسيان أمر إنتقامها الخبيث منه دلوقتي و التركيز على قلب بينبض بعنف بين ضلوعها من لحظات يمكن متتكررش تاني، قالتها بكُل عفوية و براءة جسمها بيقشعر من لمساته على خصرها، فـ مال يلتقط قبلة عميقة رغم سطحيتها من شفتيها، بعِد و هو بيهمس بأنفاس متهدجة:
- أد إيه؟ بتحبيني أد إيه؟!
بللت شفتيها بحرجٍ، فـ مقدرش يتحمل أفعالها اللي مبتقصدش تثيره بيها بس هي بتولّع نار قايدة فيه و هي الوحيدة اللي قادرة تطفيها، دفن جبينه على خدها بيقول و كإنه بيترجاه:
- متعمليش أي حركة بشفايفك .. والله العظيم إنتِ م أد اللي ممكن أعمل فيكي في لحظة جنان!!
مفهمتش قصدُه، يمكن لإنها مأدركتش إن حركة بسيطة زي دي تأثر عليه، فـحاوطت وشُه بحنو و رفعتُه لوشها عشان يواجهها بتقول بحنان بيحسه منها لأول مرة و كإنها أمه:
- أد الدنيا يا عزيز!
إبتسم و ريّح راسُه أسفل دقنها، مسحت على خصلاته بتقول و عينيها غامت بحُزن:
- إنت بتحبني؟
كانت عارفة إن الإجابة لاء .. أو صمت، لكن همهمته موافقًا على اللي بتقوله كانت إجابة، كتمت فرحتها في جوفها و حاولت تبقى طبيعية و هي بتقول:
- من إمتى؟
- من ساعة ما شوفتك أول مرة!!
جحظت بعينيها و قالت مصدومة:
- أول مرة؟ 
و تابعت ساخرة:
- إنت لما بتحب حد بتطردُه من عربيتك؟
- لو مكنتش طردتك وقتها .. كنت هعمل كدا ..
مال عليها بيوزع قبلات على وجهها فـ ضحكت وقالت وسط قبلاته:
- خلاص خلاص كفاية!!
- أنهي أرحم بقى؟
قال مُبتسمًا دافنًا أنفه في عنقها فأجابت مسرع ميتسمة:
- الطرد طبعًا!!
كانت عايزة تنُط من فرحتها من إعترافُه ليها، قلبها بيدق بسرعة جدًا يمكن لإنه إتطمن إن معشوقه بيبادله العشق، فضلت مُستمتعة بكونه في أحضانه تمسد على شعرُه لحد ما قال اللي قلب كيانها كلُه:
- أبوكي ليه علاقة بموت شريف يا نادين!!
إرتجف قلبها و أناملها، حمدت ربها إنه مش شايف عينيها المفزوع. دلوقتي، حاولت تخلي نبرة صوتها طبيعية بتقول ساخرة:
- إنت هتعمل زي الحجّة والدتك و لا إيه؟
- جاوبيني!
قال و هو بيرفع راسه ليها، لملمت شتاتها و قالت بهدوء:
- لاء يا عزيز!!
رفع إنملُه و شال خصلة من على وشها بيرجعها ورا ودنها بيقول بعدوء خوّفها:
- لو طلعتي بتكدبي عليا .. و أبوكِ اللي قتلُه .. عقلك مش هيعرف يصورلك هعمل إيه!
سقط قلبها في قدميها، و مقدرتس تنطق و الخوف بيدي في جسمها، لحد ما قالت بصوت خافت:
- ليه بتخوفني منك؟ ليه بتقلب كُل لحظة حلوة لذكرى بشعة تفضل محفورة في دماغي!!
بص لعينيها الحزينة و مكنش يعرف إن كلامه هيدايقها و يأثر فيها كدا، مسح على شعرها و منطقش فـ قالت بتحاول ادفعه من صدره:
- عايزة أقوم يا عزيز!!
- لاء!!
قال بصوت قاطع بيقرب خصرها منه أكتر، ؤافض تمامًا خروجُه من جنة مُتمثلة بين إيديه، فضلت تضرب صدره بقبضات ضعيفة حزينة بتهمس:
- سيبني .. سيبني أقوم!!
- أنا آسف!
قال بهدوء و مسك كفها بيُقبل باطنُه تحت نظراتها المصدومة .. متخيلتش إعتذارُه في أحلى أحلامها، بصتلُه و هو بيُقبل راحة كفها قبلات بطيئة، و رِجع لـ ملاذُه المتجسد في كرزتيها، يلتقطهما بقبلةٍ حنونة و كإنه بيعتذر بطريقتُه، ضعفت مقاومتها ليه، و إستسلمت بين إيديه مأخوذة من طريقته اللي بقت جديدة عليها، بتبادله قبلته بخبرة مُنعدمة خلتُه يشدد عليها أكتر غارقين في بحر من العشق. و الخوف معًا!
• • • • • • •
صِحيت من نومها بتتحسس الفراش جنبها لكن لقتُه فاضي، فتحت عينيها بإنزعاج لإنها مصحيتش على أحضانُه و قُبلاته، لفت الغطا على جسمها و قامت لكن سمعت تليفون الفندق الأرضي بيرن، راحتلُه بخطوات بطيئة و خدت السماعة بتقول بصوتها الناعس:
- ألو .. 
جالها صوته اللي خلاها تبتسم بحُب مشددة على السماعة:
- صحي النوم!!
- إنت فين يا عزيز!!
قالتها بإنزعاج بريء، فـ هتف هو بهدوء:
- عندي كام حاجة هخلصهم و أجيلك، بس عايزك تقعدي في البانيو تفُكي جسمك عشان حاسس إني إتغابيت عليكي إمبارح!
شهقت بخجل و من ثم غمغمت بهمس:
- طيب!!
أكمل بإبتسامة:
- و إجهزي بعدها عشان عيب نبقى في سويسرا و منركبش خيل!!
إبتسمت بحماس بتقول بطريقتها اللي بيعشقها:
- إحلف!! هركب خيل!! ده بابا مكنش بيخليني أقرب من الإسطبل!!
قال ببعض من الحنان:
-لاء هتركبي بس و إنتِ في حضني عشان ميحصلكيش حاجة! 
أسرعت بتقول بحماس:
- إتفقنا .. ساعة بالظبط و هبقى جاهزة .. يلا باي بقى متعطلنيش!!
سمعت ضحكته قبل ما تقفل وجريت على الحمام
• • • • • • •
وقفت قُدام المراية مبسوطة من شكلها، كانت لابسة بنطلون حدد تفاصيل ساقيها الرشيقتان من خامة الجينز، و كنزة بيضاء بأكمام بتضحك لما إفتكرت كلامُه في التليفون في تاني إتصال ليه:
-  أقسم بالله لو شوفت دراعاتك الحلوة باينة هيبقى يوم إسود على دماغك يا نادين!!
رفعت شعرها ذيل حصان فـ أظهر خصلاتها، و لبست Boots وصلوا لـ ركبتيها، حمدت ربها إن رجليها إتعافت بشكل كبير عن الأول، أخدت تليفونها و إتحركت نِحية الباب، خرجت من الأوضة و نزلت على السلالم بحمساها المُعتاد لقتُه واقف في بهو الفندق بلبس كاچوال لأول مرة تشوفه عليه، إبتسمت بحُب و جريت عليه ع السلم فـ إنزلقت قدمها و كانت هتُقع على وشها لولا دراعه اللي مسك وِسطها بسُرعة فـ وقعت في حضنه ماشكة كنزته تناظره بفزع، إبتسم و مال مُقبلًا جفنها بيقول بمكر:
- مش نمشي عِدل ولا إيه؟ رجعنا لشُغل العيال تاني؟!
ضحك لـ التوتر اللي ظهر على وشها من الموقف برمته و هي بتبص حواليها يتهمس:
- الأوتيل كله إتفرج عليا! شكلي بقى عِرة!
 حاوط كتفها بيقول مبتسمًا:
- يلا يا أخرة صبري!!!
وقف قُدام الإحصنة بعيون بتلمع، شفايفها منفرجة قليلًا مش قادرة تصدق المنظر اللي قدامها، فتحت باب الإسطبل الهشبي و جريت على الحصان متجاهلة نداء عزيز، قرب من الحصان و مسحت على شعرُه من غير خوف، مسحت على راسه لكنها شهقت و رجعت عدة خطوات لورا لما أصدر الحصان صهيل قوي و قفز للخلف بشكل أفزعها و خلّاها ترجع خطوات لورا، إصطدمت في صلابة صدر عزيز اللي حاوط كتفيها بيقول بضيق:
- حد يعمل كدا؟!!
إلتفتت له و قال بخضة:
- أنا .. أنا مكنش قصدي .. أنا خايفة!!
مسك كفها و قرّبه من الحصان لكنها حاولت تتراجع بتقول برعب:
- عزيز لا خلاص يلا نمشي!!
حاوط خصرها ملصقًا ظهرها بصدره بيقول:
- متخافيش .. حبوب الشجاعة اللي كنتي واخداها مفعولها راح ولا إيه؟
- لاء بس هو خوِّفني منه!
قال بخوف شديد بتنزع إيديها من إيده و بتلتفت بتترمي في حُضنه، إبتسم و مسح على ضهرها مُقبلًا خصلاتها بيقول بحنان:
- متخافيش يا حبيبتي، إنتِ اللي خوفتيه منك، لازم ياخد عليكي شوية الأول!!
رفعت عينيها للحصان و قالت بحيرة:
- يعني المفروض أعمل إيه طيب؟
- هاتي إيدك!
قبض على كفها بيمسح على ضهره و شعره برفق بكفها الناعم، حتى إتسعت إبتسامة نادين شيئًا فـ شيء، ضحكت و هي شايفة الحصةن مستسلم للمساتها، إلتفتت براسها بس لـ عزيز و الإبتسامة مزينة ثغرها:
- ده شكلُه حبِني!!
كان مُبتسم و لكنه قطب حاجبيه بيسند دقنه على راسها بيقول و هو بيشدد على جسمها نِحيته:
- متخلينيش أضربُه بالنار بقى!!
تجاهلت حديثُه و بعدت عنه شوية بقترب وشها من الحصان تلتصق بخدها على وجهُه فـ رفع الأخير ذيله بإستمتاع، شدها عزيز ليه بيقول مكتفًا ذراعيها لمعدتها بيقول بضيق:
- و بعدين بقى!!
ضحكت الأخيرة و خرجت من أحضانه بتلتفت له و بترفع إيديها ليه بحماس بتقول:
- يلا بسرعة طلعني على ضهرُه!! بسرعة بسرعة!!
- يا بنتي إهـدي!!
قال مش مصدق الحماس اللي طالع من عينيها البرّاقة، بيبتسم و هو حاسس إنه واخد بنته الصغيرة مش مراتُه، لم تنطفء شعلة حماسها و قالت:
- يلا عشان خاطري بقى!!!
قال و هو بيزيحها من طريقه بلطف:
- طب إوعي هركب أنا الأول!!
شهقت و هي بتقول:
- طب و أنا!!
إمتطى الخيل و مد كفُه ليها بيقول:
- هتركبي قُدامي .. في حُضني!!
قطبت حاجبيها بضيق و مسكت كفُه بتحاول تطلع لحد ما شدها من خصرها بيقعدها قُدامُه، لتغمغم بضيق:
- إيه شغل العيال ده إنت واخد بنت أختك على العجلة، أنا عايزة حصان لوحدي!!
- لاء!
قال بنبرة قاطعة بيمسك اللجام فـ كتفت دراعها بضيق بتستند على صدرُه، مشي هو بالحصان بيميل شوية على شعرها مسنتشقًا ريحتُه الخلَّابة، إتضايق من سكوتها فـ إبتسم بخبث و شد اللجام عليه فجأة فـ رفع الحصان كفيه عاليًا لتشهق هي مصدومة بتمسك في دراع عزيز اللي حاوط بيه خصرها بتنطق بإسمه برعب:
- عـزيـز!!
- إتعدلي و فُكي التكشيرة دي!!
قالها بإبتسامة، إتعدل الحصان واقف على إيديه و رجليه، تأففت بضيق لكن لفت نظرها تحكمُه في لجام الخيل، خدته من إيديه و مسكتُه و ضغطت على موضع قدميها بتضربه بخفة على الخيل، مشي الخيل و إبتدى يسرع و هي بتصرّخ بفرحة و حماس، لحد م إبتدى يجري وسط فرحتها و عدم خوفها، بينما عزيز حاوط خصرها و كُل اللي في دماغه دلوقتي هي و إن ميصيبهاش مكروه، مسك اللجام، فـ فردت ذراعيها بفرحة حقيقية بتقول :
- أنــا مـبـسـوطـة أوي يــا عـزيــز!!!
إبتسم و طبع قبلة على خصلاتها محاوط خصرها بعشقٍ، أخدت هي أنفاس عميقة و كإن روحها رجعتلها!، همس لها عزيز بعد ثواني بيقول:
- كفاية كدا بقى ولا إيه؟
أومأت له تنظر له من أعلى كتفها بإبتسامة شقية، شد اللجام عليه لحد ما وقف الخيل، مالت هي على الخيل حاطة وشها عليه بتقول ببراءة:
- تعبت يا قلبي؟ تعبناك صح!!!
جذبها من خصرها بيقول بضيق:
- طب إنزلي يلا بدل م أوقعك!!!
ضحكت من قلبها و قالت بخوف زائف:
- لاء لاء!! إنزل إنت الأول أنا خايفة أنزل لوحدي!!
ترحل هو بالفعل من فوق الخيل، و مد ذراعيه لها عشان يلتقطها، إتعلّق في رقبتُه و نزلت و هو مشدد على خصرها، فضلت محاوطة رقبته تشرأب بقدميها، و عانقته بعدها بحُب:
- بحبك أوي!!
إتنهد و ضمها لجسدُه بيقول:
- و أنا بحبك!!
بِعدت عنه بإبتسامة، فـ مال مُلتقطًا شفتيها في قبلة راغبة حنونة، حاولت تبعدُه بخضة لحد م بِعد بتقول مصدونة:
- يا عزيز .. حد يشوفنا!!!
- الإسطبل ده بتاعي .. محدش شايفنا!!
قال بأنفاس متهدجة راغبة ليها، فـ إتسعت عنيها بتقول:
- الإسطبل بتاعك!!! إشتريتُه إمتى؟
قال و هو بيمسح على وجنتها اليُمنى بضهر أنامله:
- لما كلمتك الصُبح و إتبسطي بإننا هنركب خيل .. قررت أشتريه!!
إتسعت إبتسامتها بتبصلُه بعدم تصديق، و من غير مقدمات إرتمت في أحضانُه بتعانقه بقوة بتضم جسمها لجسمُه بعشق، إبتسم و شدد على أحضانها أكتر، بِعدت بوشها بس عنه و أمطرت وجهه بـ وابل من القبلات بتقول و سط كل قُبلة:
- إنت حبيبي .. و قلبي .. و حياتي!!
ضحك و حملها بين ذراعيه بيقول بخبث:
- أنا شايف إننا نرجع أوضتنا بقى!!
ركلت بقدميها بتغمغم برجاء:
- لاء لاء لاء و حياتي و حياتي يا عزيز خلينا، عايزة أركب حصان بنت لوحدي!! 
ضحك عاليًا بيقول بخبث:
- حصان بنت!! إسمها فرس يا نادين .. و بعدين هو فيه فرس يركب فرس؟!
شهقت عاليًا بخجل بتضربه في صدرُه بتقول:
- عيب كدا على فكرة لم نفسك!! و يلا نزلني مش عايزة أرجع عايزة أقعد هنا عشان خاطري بقى!!
نزلها على رجليها مش قادر يرفض طلبها بالمكوث، فـ أسرعت تركض بعيدًا عنه قائلة بخبث:
- لو جدع إمسكني!!
- بقى كدا!! طب تعالي!
قال و هو يركض خلفها يلتقطها بذراعيه وسط ضحكاتها التي ملئت المكان!!
يتبع
نايمة على رجلُه وسط الرملة و هو قاعد ساند ضهرُه و قُدامهم حطب أشعل النيران فيه، بيشرب كوباية شاي بكف و بالآخر بيغلغل أناملُه في خصلاته اللي شال عنها الربطة سايبهم مفرودين على رجله، غمضت هي عينيها بإستمتاع و هي حاسة إن أحلامها بتتحق، نايمة في حضن جوزها اللي بتعشقُه، في مكان مافيهوش غيرهم هُما الإتنين، بيمسد على شعرها بحنان لطالما إتمنت تحس بيه منه، إبتسمت و رفعت عينيها ليه بتقول بصوتها اللي بيُهيم فيه:
- عارف بقى أنا حبيتك من إمتى؟
همهم كإجابة بيبُصلها بإهتمام، فـ قالت بتمّشي أناملها على ساقُه بحُب:
- الأول أُعجبت بيك أوي لما ضربت الزفت اللي إتحرش بيا في الڤيلا عندنا، و بعدين إتشديت ليك لما إنقذتني من اللي إسمه فارس ده و لما شوفتك ساعتها كان نفسي أترمي في حُضنك و أعيط و معرفش ليه وقتها شوفت فيك .. بابا!!
حبيتك بقى و إتعلقت بيك لما رجعت من السفرية دي و كنت متابعة أخبارك أول بأول، كنت بشوف صورك و كل حاجة بتنزلها و أنام على صورك .. تخيل؟ لكن .. من ساعة حادثة يزيد حبيبي .. و كل حاجة إتغيرت، كنت كل ما أشوفك توجعني! مش عارفة ليه كنت بتبقى قاصد توجعني أوي كدا!
غمغمت في آخر كلماتها بحُزن شديد بتفتكر اللي حصل لما عرفت بموت أخوها!
أول ما عرفت جريت على الشركة بتاعته، حاول الحراس يوقفوها لكنها صرّخت فيهم و دخلت غصب عنهم زي الرياح الغاضبة، ركضت لـ مكتبُه على الدرج لخوفها من المصاعد، و فتحت الباب و الحُراس بيلحقوها مُتخيلين إنها داخلة تإذيه، إتصدم من وجودها و قام وقف ورا مكتبُه، إنقضت عليه بتصرّخ في وشُه و بتمسك تلابيبه بتهدر فيه بقوة و قسوة:
- يـــا حــيــوان يــــا عـيــلــة قــتــالــة قُــتـــلــة!!! و الله لأموتك زي ما موتوه والله يا عزيز هقتلك بإيدي دي!!!
فضلت تضرب على صدرُه فـ قرب منها أحد الحراس على وشك لمس دراعها عان يبعدها عن رب عملُه، لكن هدر فيه عزيز بصراخ أجفلها هي شخصيًا:
- مــحــدش يـقــربــلــهــا!! إياكوا تيجوا جنبها!!! و إطلعوا برا فورًا!!!
خرج الجميع فورًا، بصلها هو و لأول مرة يشفق عليها، بيقول بصوت هادي عكس تمامًا جهوريته قبل ثواني:
- إهدي!!!
إغرورقت عينيها بالدمعات و هي بتقول بعنف:
- أهدى؟! أهدى و إنتوا قاتلين أخويا الصغير!! عايزني أهدى بعد ما فرمتوه تحت عربيتكوا!!!
سابلها جسمه تحاول تهز فيه لكن مكنش بيتهزر مما جعلها تجن أكتر، سابته و خدت كُل اللي على مكتبه بتلقيه على الأرض دفعة واحدة، حافظ على هدوءُه و ثباته، لحد ما وقفت قدامه صدرها بيعلو و يهبط بعنف شديد مش قادرة تاخد نفَسها تحت نظراته، قرّب منها و هو بيحارب شعفُه نِحيتها، مش قادر يصدق نفسه .. عزيز القناوي مشاعره إتحركت بعد ما دفنها سنين طويلة! بيحارب بكل قوة عشان مياخدهاش في حضنه و يفتت عضمها بين إيديه من شدة رغبته فيها، وقف قُدامها و قال بهدوء جاهد نفسه عشان يحافظ عليه:
- عايزة كام؟
قلبُه وجعُه لما بصتلُه بعيون مصدومة مقهورة، مش قادرة تصدق كلامُه، لدرجة إنها قالت بصوت بيترعش:
- عايزة كام!!! ده .. ده ردك؟ دي مواساتك ليا؟
مقدرش .. لَف بضهرُه عشان ميواجهش عينيها اللي أدمت قلبُه، غمّض عينيه و قال بجمود يعاكس تمامًا نار قلبُه:
- أنا عرفت إن والدك .. رفعت بيه صحتُه تعبانة من اللي حصل و إن شركتُه بتُقع، فـ أظُن أكتر حاجة ممكن يحتاجها الأول و تعوضه عن الحادثة دي هي الفلوس!!!
راح بأقدام ثابتين، فتح درح المكتب و أخد دفتر الشيكات بتاعه، قطع ورقة منه و مسك إيديها .. بيحاول يتغاضى عن نعومتهم و طراوتهم اللي جننتُه و فتح كفها بيقول بهدوء:
- حُطي الرقم اللي يعجبك .. و بكرة الصبح هتلاقيه في حساب أبوكِ!!!
بصت للشيك .. و رجعت بصت ليه و الدموع بدأت تنزل من عينيها بنظرات مش ممكن ينساهم، فضلت ساكتة .. مش قادرة ترُد و لا حتى قادرة تحرك جزء صغير من جسمها، إتخيلت إنه هيواسيها .. هيحضنها .. هيضمها لصدره و يهدهدها بكلماته و يعتذرلها و يربت على ضهرها، آخر تخيلاتها تبقى دي ردة فعلُه، فِضل ماسك كفها في حُضن إيدُه، يمكن الشيك كان حِجة عشان يفضل ماسك إيدها و إبهامه بيتحسسُه، قطب حاجبيه و هو شايفها بتقول بصوت مبحوح:
- مش قادر أصدق .. أنا حاسة إني عايشة في كابوس!!
مردش .. و ساب إيديها من غير ما يبِصلها، بيبعد عنها، لحد ما سمعه بتقول اللي خلاه يغمض عينيه بألم:
- ربنا .. ربنا يوجع قلبك زي ما قلبي واجعني دلوقتي!!!
سمع بعدها الباب بيتخبط بعنف، حَط إيدُه على قلبُه بيقول بألم:
- هو واجعني فعلًا يا نادين!!
إلتقط هاتفه بلهفة و إتصل بأحد حراسه بيقول بصوت عالي:
- الأنسة اللي كانت في مكتبي من شوية .. هتخرج من الشركة دلوقتي، تفضلوا بالعربية وراها و عينيكوا متغبش عنها لحظة لحد ما توصل بيتها .. مفهوم!!!
عادت للواقع و محستش بدموعها اللي بتسقط على وجنتيها بحزن، لاحظ هو دموعها فـ قال بحنان:
- قومي .. تعالي يا حبيبتي!!
أسرعت بتقوم و بتقعد في حُضنه مقربة منه جدًا، رفع أنامله اليمنى يمسح دمعاتها بحنو، و كفه الآخر يتحسس خصرها برفق، بصلها و قال برفق:
- ممكن تبطلي عياط؟
أومأت له فزادت دمعاتها ركضًا على بشرة وجنتيها، ملقاش حَل غير تشتيتها، فـ ميّل على شفايفها اللي بتترعش بحزن صامت، و قبّلها بحنو شديد قبلات متقطعة أنهاها بقبلة طويلة أذابتها و جعل دمعاتها تتوقف عن الهبوط، قرّبها منه بإشتياق لاسيما لما حاوطت عنقه بتقرّب منه و أد إيه بيحب الحَركة دي منها، هبط بقبلاته لعنقها فـ أسرعت تقول بصوتها المحمل بالمشاعر:
- عزيز .. كفاية!!
- مبستكفيش منك!! مبقدرش!
قال بعشق وسط قبلاته، و إبتسمت هي بتبُص حواليها بتقول بخوف:
- ممكن حد ييجي .. ميصحش يا عزيز!!
كإنه مسمعهاش، لعن تلك الكنزة اللي بتفصلُه عن جناتُه و نعيمه الخالص، فـ قال و هو بصعوبة بيلتقط أنفاسُه:
- دعيتي عليا بوجع القلب .. و أنا عيشتُه يما فيه الكفاية في حُبِك!! 
أسرعت تمسح على خصلاته من ورا بتقول بحنان:
- ألف بعد الشر عليك يا حبيبي من وجع القلب!! 
غمر وشُه في تجويف عنقها، بيقول و إيدُه بتمشي على خصرها و ضهرها:
- فاكرة ليلة الدُخلة، لما إستغربتي برودي و إني متأثرتش بيكِ، أنا كان في نار جوايًا قسمًا بربي أقوى من النار دي، كان نفسي أخدك في حُضني الليل كلُه و مطلعكيش منُه، بس مكُنتش قادر، كنت بمنع نفسي عنك بطلوع الروح يا نادين!!
إبتسمت بتسمع إعترافاته الجديدة عليها، بتمسح على ضهرُه برفق و حنان، خرج من حُضنها و حاوط وجنتيها بيقول بلهفة و عينيه بتشمل ملامحها:
- عشان كدا أنا بحاول أشبع منك اليومين دول .. و بردو مش عارف، بيت عايزك في حُضني كل يوم .. لاء كُل ساعة و كل دقيقة!!! هو إحنا بنعمل إيه هنا؟ بنعمل إيه وسط الإحصنة إحنا المفروض نبقى في السرير دلوقتي!!!
شهقت بخجل و هي شايفاه بيشيلها بين إيديه بتمسك في رقبته و بتقول برجاء:
- خلينا قاعدين شوية عشان خاطري يا عزيييز!!!
ضمها لصدرُه بيقول بخبث:
- يا قلب عزيز لو فضلنا هنا خمس دقايق كمان هنخدش حياء الإحصنة!!!
صدحت ضحكاتها عاليًا فـ إبتسم بيركبها العربية!
••••••••••
- هنرجع خلاص؟
قالت بحُزن بتمُط شفتيها للأمام، قرَص أرنبة أنفها و هو بيصفف خصلاتُه و هي ثاعدة على المزينة قُدامه بيقول:
- لازم نرجع .. في شغل متأخر عندي في الشركة واللي هناك مش هيعرفوا يعملوه، ده غير إن أمي قالبة الدنيا في البيت مش عارف في إيه!!
تنبّهت حواسها، ودق ناقوس الخطر في عقلها بتقول بتوتر:
- قالبة الدنيا إزاي يعني؟
- عايزانا نرجع عشان بتقول إن في حاجة عايزة تعرفهالي!!
قال بـ لامُبالاة و هو بيتثر عطره على جسمُه، بينما هي شخصت بعينيها و هي حاسة إن الحاجة دي تخُصها هي و تخُص اللي أبوها عملُه، حسِت إن جسمها تلِّج!!! الدم هرب من وشها و هي باصة قدامها بشرود تام، مسك إيديها عشان ينزلها بيقول:
- يلا قومي جهزي الشُنـ ... في إيه؟ جسمك ساقع كدا ليه؟!
قال بقلق و هو بيمسح على كفها بكفُه بيحاول يدفيه من شدة برودته، بصتلُه بتوهان، حسِت إنها ضايعة .. نفت براسها و كإن بُعدُه عنها أمر هي مش هتقدر تتحملُه، حاوط وشها بكفٍ و كفه الأخر قابض على راحة يدها، بيقول بقلق و حاجبي تقطّبا:
- مالك يا نادين؟ إنتِ خدتي برد؟!
رمت نفسها في حضنه بتحاوط خصرها مغمضة عينيها بتقول بخفوت:
- شكلي كدا!
ثم تابعت ترجوه بتسيطر على دموعها بصعوبة:
- هو .. هو إحنا ينفع نفضل قاعدين شوية كمان؟ يومين بس!!
مسح على خصلاتها مبتسمًا بيقول بحنان:
- لو كان ينفع أنا اللي مكنتش قِبلت نمشي دلوقتي، حاسس إني عابز أقضي وقت معاكي لوحدنا، بس هنعوضها مرة تانية الأيام جاية كتير!!
غمرت راسها في صدرُه مغمضة عينيها بتُحادث نفسها إن دي النهاية، و إن يمكن حتى حُضنه ده متقدرش تبقى فيه تاني، لما وصلت للنقطة دي دموعها سقطت تِباعًا، و شددت على حضنه يتمسح راسها في صدرُه زي القُطة، مش قادرة تبعد و حاسة إن روحها هتطلع مع طلوعها من حضنه، بتنطق بصوت بيرتجف و هي حاسة بإيدُه بتمشي على ضهرها بحنان:
- مـ .. ماشي!!
- إنتِ تعبانة يا حبيبتي؟
سألها بقلق و هي لسه في حضنه، فـ أسرعت تهز براسها إيماءً، أخذ يُحرك كفيه بطول ذراعيها العاريان ليُشعرها ببعض الدِفء فـ برودة جسمها قلقِته، و قال متوجسًا:
- أطلُبلك دكتورة تشوفك؟
نفت براسها بسُرعة و شددت على حُضنه بتقول برجاء:
- مش عايزة حاجة .. عايزة أبقى في حُضنك بس و مش عايزة أطلع منه أبدًا!!
إبتسم و قبّل رأسها قبلة عاشق، يضمها أكتر لصدرُه .. و مكنش يعرف إن ده آخر حُضن هيبقى بينهم!
• • • • • • • •
خطت بقدميها جوا القصر، ماسكة كفُه بقلق رهيب و عيونها بتدور في المكان بتبحث عنها لكنها حمدت ربها إن التوقيت اللي وصلوا فيه كان الفجر، و إن هي من المؤكد نايمة، إبتسامة إترسمت على ثغرها بتتنفس الصعداء، بتسمع بيقول بهدوء:
- أمي أكيد نايمة، تعالي نرتاح في جناحنا و بكرة أبقى أعرف منها في إيه!!
أسرعت تومئ له مبتسمة و جذبته من كفُه بتقول بفرحة:
- أيوا يلا .. أوضتنا وحشتني أوي أوي!!
إبتسم و طلع معاها بعد ما الخدم طلّعوا الشنط، و فور دخولها الجناح و منه لأوضتهم إرتمت على السرير بتقول براحة حقيقية:
- سريري حبيبي .. كان واحشني!!
حرر أزرار قميصه و قرّب منها بيقول بخبث:
- لازم يوحشك .. كان شاهد على معارك ميستحملهاش سرير أبدًا!!!
شهقت بعنف من وقاحته حاطة إيديها على فمها بصدمة بتغمغم:
- يخربيت السفالة!!
ضحك من قلبه على ردة فعلها و ألقى بقميصُه بعيدًا، و نام على ضهره جوارها بياخدها على صدره لتنام هي على معدتها أمامها بتعبث في دقنُه بعشق ضاري، بتقول:
- بتحبني؟
- أوي!!
قالها بصدق و هو بيخرر عقدة خصلاتها و بيغلغل أنامله بهم، إبتسمت و قالت:
- عُمرك ما هتسيبني؟
قطب حاجبيه من سؤال و رد عليها بسؤال قائلًا:
- بتقولي كدا ليه؟
- بطّمن .. أصلي جبانة أوي في حُبي ليك! 
قالت بتقرّب من وشه أكتر زاحفة بجسدها للأمام، فـ إبتسم لما أنفاسها بقت قُريبة من أنفاسه بيقول بحنان:
- لاء مش هسيبك يا حبيبتي .. إطمني، لو سيبتك إعرفي إني ميت!!!
شهقت بتضع كفها على شفايفُه قائلة بإنزعاج:
- بعد الشر عليك يا حبيبي .. متقولش كدا و متجيبش سيرتُه تاني خالص!!
قبض على كفها الموضوع على شفتيه، و قبلُه قبلات متتالية إبتسمت على أثرها، وضع كفه خلف عنقها .. و هم بتقبيل شفتيها لكنها أسرعت بالنهوض و قعدت على معدته متدلية بقدميها على الجنبين، إبتسم على فعلتها فـ مسكت كفُه بتفردُه و هي بتقول بـ إسلوبها اللي بيعشقُه:
- قولي خمس حاحات بتحبهم فيا .. يلا واحد!!
و أثنت خنصرُه، فـ قال بعشق و كفه التاني بيرجع خصلاتها لـ ورا:
- جنانك!
- إتنين!
قالت مبتسمة و هي بتثني بنصرُه، فـ قال بحُب:
- بحِس إن فيكي حاجات عكس بعض، يعني قوية و في نفس الوقت ضعيفة، عاقلة و الواحد ينفع يقعد يناقشك و يطلع من المناقشة مبهور .. و مجنونة بردو جدًا و بتعملي حاجات بردو تخلي الواحد مبهور، رقيقة .. بس شرِسة!!!
إتسعت إبتسامتها على إجابته و قالت:
- بحبك .. تلاتة؟
 و أثنت أوسط أصابعه، فـ قال و أنامله تسير على وجنتها:
- بحب فيكِ طفولتك .. من أول ما قابلتك و أنا حاسس إني بتعامل مع طفلة بس في جسم أُنثى، و الغريبة إنك ساعات كتير مبيبقاش ليكي أي علاقة بالبراءة و الطفولة .. في حضني مثلًا!!
قال و هو بيغمز لها بخبث فـ شهقت و وشها إستحال للإحمرار بتقول:
- بس بقى عيب!! 
ثنت سبابته فـ هتف بهدوء بيمشي بأنامله على وجنتها:
-  ملامحك .. مُستعد أفضل باصصلك و مزهقش!!
- واحد!
قالت بعدما أعطته إبتسامة جعلته يبتسم هو الآخر، ونطق بحُب:
- لما بتُحضنيني جامد .. بحب لما بتستغلي أي فُرصة عشان تبقي قُريبة مني!!
إبتسمت و مالت عليه مُقبلة وجنته قائلة:
- كدا يعني؟
- لاء .. كدا!!
قال و قلَبها على ضهرها فـ تعالت ضحكاتها ليبتلعها في جوفُه مُقبلًا شفتيها بـ رغبة، و إنحدؤت أناملها لمعدتها منتويًا على القبض على خصرها لكنها ضحكت تدفعه من صدرُه قائلة بأعين متسعة و إبتسامة زينت وجهها:
- إنتَ بتزغزغني؟
- إنتِ بتغيري؟!
قالها مصدومًا لتلمع عيناها بخُبث و إنهال على معدتها بأنامله يدغدغها فأخذت تتلوى بين ذراعيه تحاول إبعاده و ضحكاتها قد ملئت المكان، ترحوه أن يترُكها لكنه مبعدش، رفع كنتزها لكي يتثنى له دغدغتها براحتُه، و بالفعل ظل يدغدغها حتى كادت أن تنقطع أنفاسها فـ توقف، خدت نفسها بسرعة بتحاول تعوض الأكسچين اللي فقدته بتقول بأنفاس متهدجة و الإبتسامة لسه على وشها:
- حـ .. حرام عليك .. و .. والله!
هتف بخُبث بيقرب وشُه منها:
- ده هيبقى روتين يومي .. هشتغلك!!
نفت براسها وبتضحك و راسها بترجع لـ ورا، فـ نال لحنايا رقبتها يُقبلها بعشقٍ خالص!!
• • • • • • • 
نايمة على السرير .. جسمها العاري عليه غطا يُخفيه،و كعادتها تلمس الفراش جوار لعلها تجدُه، لكن إنحبست أنفاسها في رئتيها لما لقت السرير .. فاضي! عِرفت إنه نزل لأمُه، شهقت برُعب و وشها شاحب، قامت بسُرعة سايبة الغطا و دخلت المرحاض لكي تغتسل، فعلت في أقل من عشر دقايق على عكس عادتها، و لبست اللي لقتُه في وشها و حتى مهتمش تنشف شعرها، فتحت الباب و طلعت تجري برا الجناح بتميل بجزعها العلوي للأمام من فوق الدرح عشان تشوفه، شهقت بعنف كاتمة شهقتها بكفها لما شافت عزيز واقف قُدام أمه اللي كعادتها متشحة بالسواد، وشها غاضب و ماسكة في كنزة شاب يبدو في منتصف العشرينات هزيل الجسد و عينيه مُنكسة لأسفل، جريت على السلم و وقفت وراه بتقول بأنفاس متقطعة:
- عـ .. عزيز!!!
إلتفت ليها .. و ليته لم يفعل، عينيه كانت حمرا بشكل مُخيفة، و ملامحه مشدودة كإنه للتو سمع خبر حرب عالمية تالتة، صعد صدرها و هبط بـ رُعب من هيئتُه، بينما قالت أمه بسُخرية مقيتة:
- تعالي .. تعالي يا مرَت وَلدي!!! مش هو ده اللي جتل شريف؟! م تنطُجي!!
بصتلها مصدومة، و خافت تقرّب منهم و إتمنت لو في إيديها ترجع جناحهم و تستخبي تحت الغطا، عينيها إتملت دموعها و شهقت بعنف بما إتجهت أمه ليها و جذبها من دراعها بقسوة بتوقفها قُدام الراجل .. بتهزها بعنف و بتصرخ فيها:
- هو مش إكده؟!! هو اللي أبوكي إتفج معاه عشان يقطع فرامل عربية إبني و يعمل حادثة!! 
- هو مش إكده؟!! هو اللي أبوكي إتفج معاه عشان يقطع فرامل عربية إبني و يعمل حادثة!!
إلتفتت نادين لـ عزيز اللي كانت عينيه عليهم بنظرات غامضة نقدرتش تفسرها، بترجوه بعينيها إنه يخلصها من براثن أمه لكن كان واقف زي الصنم مبيتحركش، هزتها أمه بعنف عشان تتكلم فـ إنهارت في العياط و صرّخت فيها:
- إبـعـدي عــنـي!!! إنتِ ناسية إن إنتوا كمان قتلتوا أخويا!!!!
ثم نزعت كفها من على جسمها و جريت بتمسك في لبس عزيز بتقول بـ عياط:
- عزيز .. حبيبي بُصلي! أنا .. أنا ماليش دعوة و الله بالكلام ده يا عزيز والله ما كُنت أعرف حاجة!
غمّض عينيه فـ حاوطت وشه بتقول و هي بتنفي براسها:
- لاء .. لاء متغمضش عينك و بُصلي!! متعملش فيا كدا!!
فضل على حالُه فـ إزداد وتيرة بُكائها بتلتفت لـ أمه بتصرّخ فيها بحدة:
- إنتِ عايزة مننا إيه!!! عايزة تدمري حياتنا لــيــه!!!
- إخـــرســـي!!!
أتاها صوته من وراها فـ إنتفض جسمها بتلتفت و بتبصلُه بألم، إنقض عليها بيمسك ذراعيها غارزًا أناملُه فيهم بعنف وجعها بيصرخ في وشها:
- لو حد حياته هتدمر هتبقى حياتك مش حياتي!!! هدمرلك حياتك يا نادين .. هدمرك و هقهر أبوكِ عليكِ يا بنت رفعت!
نفت براسها و جسمها بيترعش بين إيديه، بتمسك دراعه اللي قابض عليها بتقول برجاء باكي:
- عشان خاطري إهدى و إسمعني .. و الله أنا ما كُنت أعرف والله!
مسمعهاش، شدّها من دراعها وطلع بيها على السلم، كانت بتحاول تجاري خطواته لكن مقدرتش و وقعت على الدرج فـ قومها مرة تانية بعنف أكبر و دخل بيها جناحهم، و بعنف شديد كان بيزُقها في الأوضة فـ إرتطم ضهرها بـ ضهر السرير، تجاهلت الوجع الرهيب اللي ضرب بضهرها و إنكمشت برُعب لما لقته بيُقبل عليها .. بيمسكها من شعرها لدرجة إنها حسِت بـ جزورُه هتتقطع في إيديه بيهزها فـ ألمها بيتضاعف بيقول بعنف رهيب:
- بتستغفليني!!! بتضحكي عليا يا بنت رفعت و عايشة معايا ده كلُه و مش معرفاني إن أبوكي اللي قتل أخويا!!!
بكت بحُرقة لأول مرة تبكي بيها، و قهرة رهيبة في قلبها، مقدرتش تنطق و هي شايفه ملامحه اللي لطالما كانت محببة لقلبها بقت أشبَه بملامح وَحش! ساب شعرها و مسكها من أكتفها بيدفعها ضد السرير جاعلًا من ألم ضهرها لا يُطاق بيصرخ في وجهها:
- إنتِ زبــالــة!!! و أنا هخلي حياتك جـحـيـم يا نـاديـن!!
غمضت عينيها حاطة إيديها على ضهرها بوجع رهيب، بتحاول تزقه من كتفه عشان تبعد قبضته عنها فـ إزداد غضبُه، و محسش بنفسه غير و هو بيشدها من دراعها بقسوة بيجرها برا الأوضة و بينزل تاني للبهو و من البهو للجنينة تحت أنظار ثُرية والدتُه الشامتة و قلبها بيتراقص فرحًا على تلك المسكينة، فـ هي تعلم جيدًا غضب إبنها الذي يشبه تسونامي .. لا يرحم أحدًا!
مشي بيها في الجنينة فـ شهقت و هي شايفة رايح لمكان أشبه بالمخزن، مسكت في هدومه بتقول بذُعر بتحاول تثبت رجليها على الأرض عشان ميعرفش يشدها:
- إنت موديني فين!!! لاء يا عزيز مش عايزة أقعد هنا لاء!!!
شدها بقوة أكبر فـ مقدرتش تقاوم جسمُه اللي بيفوقها قوة بمراحل، و فتح الباب و رماها لـ جوا من غير رحمة! شهقت من ظُلمة المكان و ريحته العفنة و شعورها بحاجات بتتحرك حواليا .. و أصوات فيران!! حالة من الهيستيرية تلبستها، و جريت على الباب قبل ما يقفلُه بتمسك في مقدمة صدره بتخبي جسمها في حضنه و رافعة وشها ليه بتصرخ فيه بعياط يليّن الحجر:
- متسبنيش هنا يا عزيز أنا بخاف من الضلمة .. متسبنيش أرجوك هنا!!
أزاح كفها بعُنف و صرخ في وشها بقسوة بيقول بحدة:
- إياكي تحُطي إيدك الزبالة دي عليا مرة تانية، قولتلك هحول حياتك لجحيم و النهاردة يادوبك أول يوم!!
وقف مصدومة و عينيها حمرا من شدة العياط، بيننا قفل هو الباب عليها بعنف حاسس بـ نار قايدة جواه، فضل واقف دقايق مش قادر يمشي و لا قادر يقف و يسمع توسلاتها ليه عشان يخرجها، قرر مغادرة القصر بأكملُه، و بالفعل سابها بتعيط لحد ما حست بأحبالها الصوتية بتتمزق! و إيديها ورمت من كُتر الخبط على الباب، و ضهرها واجعها بشكل رهيب، عيطت أكتر و صرخت و هي حاسة بحاجة بتمشي على جسمها، بعدت الحاجة دي و إتضح إنها فار صغير، حضنت نفسها بتردد كل الأدعية اللي تعرفها، بتخبط على الباب من حين لآخر قائلة بإرهاق إتمكن منها:
- حد .. يخرجني .. إفتحولي .. الباب!!
حسِت بـ غمامة سودا بتبلعها، ف سقطت على الأرض بوشها مستسلمة لتلك البقعة تمامًا!!!
وقفت المدعوة ام حمادة مشرفة الخدم في المطبخ، بتقول بحزن:
- يا عيني عليكي يا نادين هانم، حسبي الله و نعمة الوكيل فيكي يا ثُرية .. البيه هيموتها!!!
هتفت خلدمة أخرى بنزق:
- طب ما ليه حق يعمل فيها أكتر من كدا كمان، ده أبوها قتل أخو البيه و حسر قلب امه عليه!!
طالعتها أم حمادة بحدة:
- إخرسي إنتِ، عايزة جنازة و تشبعي فيها لطم!! طول عمرك كارهة نادين هانم!!
ألقت المدعوة رانيا الطبق في الحوض لدرجة إنه إتهشم و قال دت بحدة:
- و أنا هكرها ليه يعني!! تيجي إيه دي فيا عشان أكرها!!!
هتفت بحقد شديد:
- هي بس إكمنها معاها فلوس مخلياها حلوة شويتين، و عندها زوج الواحدة مننا تتمنى ضُفره .. طول بعرض زي بتوع السيما! و حالتها مرتاحة عشان كدا بتصرف على نفسها!!
لاحت شفتيها بإبتسامة شامتة بتقول:
- يلا أهو كل ده راح .. و جرّها وراه زي الجموسه و حطها في المخزن .. طب دي حتى الجاموسة تقرف تقعد في المكان ده!!!
- رانــيــا!
صرخت فيها أم حمادة بحدة فـ إلتفتت رانيا تكمل عملها بإمتعاضٍ!!
• • • • • • • • 
كان بيمشي بالعربية بـلا هوية، لا عارف يروح فين ولا قادر يفضل في الڤيلا، صوت صريخها .. ترجيها ليه .. عينيها اللي كانت زي الدم من العياط، حاجات لسه محفورة في دماغه، لحد ما الفجر أذن عليه، هو سايب البيت من الصُبح! ركن عربيته جنب أحد المساجد، و نزل بلهفة للقاء ربه للذي بالتأكيد سيربط على قلبه و يلهمه الصبر، توضأ و أدى فرضه في المسجد ثم خرج حاسس براحة كبيرة، ركب عربيته و فجأة حَس بـقلبُه بيتعصر، قطب حاجبيه و ساق العربية حاسس إن في مكروه أصابها، مشي بالعربية بسُرعة جنونية عشان يوصلها، بيسابق الهوا و الرياح، وصل فعلًا في زمن قياسي، نزل و إدى المفاتيح لأحد حُراسه عشان يركنها سايب باب العربية، تقدم من المكان و طلع مفتاحه من جيبُه، فتح بأنامل بتترعش، لقاها تحت رجلُه مُغشى عليها، نزل لمستواها و شالها بين إيديه و هو حاسس بـ ذلك العضو اللي سماه (أبلَه) بيتمزق عليها، خرج من المكان و أول ما النور نزل عليها و قدر يشوفها بوضوح إتصدم! جروح في ذراعيها و لبسها فيه خروم بسيطة توقع إنها من الفار، وشها شاحب بشكل أول مرة يشوفها عليه، مهتمش بريحتها اللي بقت نفس ريحة المخزن المُنفِّرة و قرّبها من صدرُه بيُعاني ألم عاشق جُبر على نزع عشقها من قلبه، طلع السلم وسط الضلمة وراح لجناحُه، دخل و دخل الأوضة و حطها على السرير برفق، وضع إصبعه أمام أنفها فوجد تنفسها طبيعي، أخد برفانه من على التسريحة، و نثره على كفه و حاول يخليها تشمُه عشان تفوق، و بالفعل فاقت بتحاول تفتح عينيها لكن بتتصدم بنور قوي على عكس ما إعتادت في ظُلمة سجنها، إعتدل في وقفته و قد عادت له ملامحه الجامدة، بصتلُه نادين بإرهاق رهيب و غمغمت:
- عـ.. زيز!!!
قال بحده و هو بيبعد عنها و بيقلع قميصه:
- إستغلي الكام ساعة اللي هتبقي فيهم برا المخزن و قومي نضّفي نفسك، ريحتك مش قادر أطيقها!!!
- آآآه!!
تآوهت بألم .. مش عارفة ده من صدى كلماته على قلبها و لا من محاولاتها للنهوض فـ كل إنش في جسمها بقى بيوجعها، ضهرها المكدوم و معدتها الخاوية و صدرها اللي بقى واجعها من شدة بكاءها، صوتها المبحوح و رجليها اللي بتخونها لما بتحاول تقف، فروة راسها المُلتهبة من شدة قبضته على خصلاتها .. حتى دراعها حاسة بجروح فيه، حسِت بـ عجز .. فـ أجهشت بالبكاء بترجع براسها لـ ورا بتخفي وشها عنه بوجع و هي نايمة على السرير بعد محاولات فاشلة للنهوض، لكنها شهقت لما لقت نفسها متعلقة في الهوا بين إيديه، مسكت في لبسه فـ وقف و بص لإيديها بيقول بقسوة:
- شيلي .. إيدك!!
فعلت فورًا تنكس عيناها بحزن رهيب على حالتها معه، دخل المرحاض، نزلها و وقفها على رجليها فـ أسرعت بتُقعد على التويلت المقفول غطاه مش قادر تُقف، بصلها بضيق و نزل قعد على مرفق ركبتيه قُدامها، نزع عنها كنزتها برفق لتآوهاتها و هي بترحوه:
- بالراحة عشان خاطري .. جسمي كلُه تعبان!!
قال بهدوء شديد و هو بينزع بنطالها:
- مالكيش خاطر عندي .. فـ متحلفينيش تاني بيه!!
سكتت .. و إبتلعت باقي كلامها في جوفها حاسة بـ غصة مؤلمة في حلقها، كانت قُدامه بـ ملابس داخلية و هم هو بنزعها لكنها قالت بصوت بيترعش:
- لاء!!
بعد إيده عنها، و إتعدل في وقفته و مسك دراعها عشان يقومها فـ قامت بالراحة، سندت على دراعه عشان تدخل جوا البانيو، بينما هو نزع عنه قميصه و بنطاله في لحظة سايب نفسه بـ لبسه الداخلي بردو بس، دخل البانيو و وقف جنبها و فتح الصنبور رفـ هدرت المياه عليهما، وقفت منكمشة بتحاوط جسمها بذراعيها، أخد هو علبة الشامبو، و حط شوية على إيدُه و حطها على فروة راسها اللي أول ما لمسها صرّخت من شدة الألم بتقول بوجع حقيقي:
- آآآه راسي .. راسي وجعاني!!
إزدرد ريقه، و برفق كان بيدلك راسها بالشامبو بيغسلها شعرها، نزلت الدموع من عينيها من شدة الوجع و ما عانته فـ إختلطت بالمياه، إتأكد إن شعرها نِضف و شطفُه كويس، فـ إلتقط لوف و شاور كريم يخصها، أفرغ الكثير على اللوف بيبص لحالة جسمها السيئة، و بدأ يمشي اللوف برفق على جسمها المجروح وسط أنينها و الخجل اللي لاحظُه بسهولة لما وشها بقى أحمر، نزل شوية عشان يفركلها رجلها باللوف فـ بأنامل مرتجفة سندت على كتفُه خايفة إنه يزعقلها عشان لمستُه، لاحظت جسمه السُخن جدًا أول ما لمسته، ظنت إنه لربنا أصابه برد، مكانتش تعرف إن لسه تأثيرها عليه موجود، و إنت وقوفها قدامه شبه عارية سوى ملابسها الداخلية و هو اللي بيسحمها مكنش شيء هين عليه، إعتدل في وقفتُه و قال بهدوء:
- لفي!!
شهقت بخجل شديد و رجعت لـ ورا و قالت بتوتر:
- خلاص سيبني أنا هعرف أتعامل!!
و بحدة كان بيشد دراعها و بيلفها، فـ إنكمشت بخجل شديد و هي خاسة باللوف بتمشي على كل جزء في جسمها، قطب حاحبيه لما وقعت عينيه على كدمة مش هينة، فـ سألها بهدوء:
- من إيه الكدمة دي؟
قال بتوتر لا تُحسد عليها:
- لما زقتني الصبح .. إتخبطت في ضهر السرير!
سكت، وشطف جسمها شطفة أخيرة قبل ما يقفل الماية، و يطلع من البانيو بيلتقط منشفتها الوردية الكبيرة اللي كانت جنب منشفته السودا، حطها على كتفه و مد كفه ليها عشان تطلع من البانيو، مسكت في إيده و طلعت مش قادرة تبص في عينيه، لَف المنشفة على جسمها جاعلًا منها شبه قابعة في حضنه، مشيت ببطء برا الحمام و هو وراها، قعدت على السرير و بصت في الأرض و عينيها إتملت دموع، لا هي قادرة تاخد منه موقف و لا تصرخ في وشه بشراسة كما إعتادت، ولا قادرة تقرب منه و تفهمه اللي حصل، هي عالقة في المنتصف، و ما أسوأ المنتصف!!
لقته بيقول بجمود بعد ما خرج من غرفة تبديل الملابس وجابلها بيچامة:
- الصبح يطلع و هخلي أم حمادة تنضف المخزن و هرجعك هناك تاني!!
رفعت عينيها ليه بصدمة، وقامت وقفت قصاده بتبصله برجاء و بتقول:
- أرجوك يا عزيز مترجعنيش هناك تاني، و حياة مامتك!! المكان ضلمة أوي و مُرعب أرجوك يا عزيز .. إعمل فيا اللي إنت عايزه هنا بس بلاش ترجعني المخزن ده .. تاني!!
أنهت كلماتها ببكاء شديد، فـ أخفى تأثُره بدمعاتها و كلماتها و شهقات بكاءها و نزع من عليها المنشفة، سكتت و إبتدى يلبسها منامية مُريحة، و لمل خلص بصلها و قال ببرود:
- أجيبلك أكل؟
طالعت الأرض بخجل بسبب معدتها الللي بتؤلمها من شدة جوعها! و همهمت:
- ماشي!!
سابها و خرج فـ قعدت حاطة راسها بين كفيها بتبكي بألم شديد مش قادر تتخيل إنها هترجع المكان ده تاني، دخل فـ كفكفت دموعها، قعد على الكنبة و قال و هو بيحك الطبق على الطاولة الصغيرة قدامه:
- تعالي!!
نهضت و إتجهت نِحيتُه، قعدت جنبه و بدأت تاكل بشراهة أسفل أنظاره، و لما خلصت الأكل سألها بهدوء:
- أجيبلك تاني؟
- شـ .. شكرًا!
هتفت بعد أن هزت راسها بخجل، طال الصمت بينهم لحد ما قطعته لما رفعت عينيها ليه و قالت بدموع محبوسة في مقلتيها:
- هترّجعني هناك؟
- آه!
قال بشكل قاطع و هو بيبصلها بثبات، فـ شهقت ببكاء و برُعب بتقول بصوت باكي:
- متعملش فيا كدا عزيز أرجوك .. عاقبتي هنا زي م إنت عايز بس بلاش تحطني في المخزن!!
هتف بحدة:
- و إنتوا عملتوا فيه كدا ليه!! كان لسه بيبتدي حياته قتلتوه بدم بارد ليه!!!
نفت براسها بتقول بعياط:
- و الله العظيم أنا لو كنت أعرف إن بابا هيعمل كدا كنت منعته، و رحمة بابا ما كُنت أعرف!!!
غمض عينيه و هدر فيها بعنف:
- إخرسي .. مبقتش طايق أسمع صوتك!!
سكتت حاسة بنغزات في قلبها، راقبته بعينيها و هو بيقوم بيدور في دُرج الكومود على حاجة معرفتش هي إيه، لحد م ـ طلع مَرهم، بصلها و قال بجمود:
- تعالي نامي على بطنك على السرير!!
قطبت حاجبيها بعدم فهم، قامت و راحتله و هي بتقول بحيرة:
- ليه؟
شهقت لما مسك دراعها و زقها على السرير مخلي ضهرها في مواجهته، حاولت تقوم بتصرخ يحدة:
- لاء بقولك إيه كلُه إلا قلة الأدب اللي إنت عايز تعملها دي! هي وصلت معاك تغضب ربنا!!!
كان بيفتح المرهم و بيسند ركبته على السرير و رجله التانية على الأرض، لكن وقف للحظات مصدوم، و قال بضيق:
- م إنتِ دماغك زبالة هقولك إيه! أنا هحطلك مرهم على الكدمة اللي في ضهرك يا غبية!!
كتمت شهقتها بكفها من الحماقة اللي قالتها، و إستسلمت نايمة على كفيها ساندة راسها عليهم، رفع هو بلوزتها، و فضَّى المرهم على ضهرها فـ حسِت بـ برودتُه، مخدش بالها و وزعه بقوة من ضيقُه من الموقف برمته، فـ هدرت هي بألم:
- آآه يا عزيز بالراحة بتوجعني!!
وعي على نفسُه و حرك الكريم على موضع الكدمة برفق، حَط أكتر من طبقتين من المرهم لإن الكدمة مكانتش هينة، و قرب بشفايفه منها بينفخ في المرهم عشان ينشف، إبتسمت نادين بحُزن، لو كان بيعمل كدا في العادي كان زمانها لفتله و حضنته على إهتمامه بيها، لكن هو دلوقتي مش طايق حتى إيديها تلمسُه، نزل البلوزة و بِعد عنها معتدلًا في وقفته ، شدها من دراعها بيقومها بيقول بهدوء زائف .. فـ لمسة جسدها أسفل أنامله أعاد له ذكريات لا يود أن يتذكرها:
- قومي عشان ننزل!!
- هنروح فين؟
قالت و هي بتقعد قدامه بعيون بريئة بتحاول إستمالته بيهم، بينما هو أشاح بنظره عنها و قال بضيق:
- المخزن!!
نفت براسها و مسكت إيده و رأسها قُريبة من معدته لإنها قاعدة وهو واقف قدامها بتقول برجاء:
- يا عزيز مش عايزة مخازن أنا بخاف من الضلمة أوي مش هقدر أستحمل ممكن أموت فيها!!
شدها من دراعها بعدم تأثر خارجي فقط، هي لما ذكرت سيرة الموت قلبه إتنفض مش قادر يتخيل حياته من غيرها، مشي بيها و اللي إستغربه إنها فضلت ساكته، عينيها بتلمع بالدموع و خطواتها بطيئة معاه كإنه بيسوقها للموت، طلع من القصر تحت نظرات الخدم اللي كانت منهم متشفية و منهم مُشفقة، توجه ناحية ذلك المخزن و خرج المفاتيح و فتح الباب، و قبل ما يدخلها كانت هي بتدخل و بتقعد في زاوية في المكان ضامة ركبتيها لـ صدرها، قطب حاجبيه بضيق حقيقي، و قبل ما يقفل الباب قلبُه هزمُه و قال بحدة:
- هخرجك من هنا على شرط!!!
و بسرعة رفعت راسها ليه، و راحتله بعيون علقت الدموع فيها، بتقول بلهفة:
- موافقة!!!
قال ببرود:
- هتشتغلي خدامة هنا في القصر .. هتخدمي جوزك و حماتك و هتعملي شغل البيت مع زمايلك!!
يُتبع
 - هتشتغلي خدامة هنا في القصر .. هتخدمي جوزك و حماتك و هتعملي شغل البيت مع زمايلك!!
إتسعت عينيها بصدمة، وقفت مشدوهة و سكتت للحظات قبل ما تقول بذهولة مشاورة على نفسها:
- عايزني أخدم في البيت اللي كنت طول عُمري هانم فيه؟ عايز تخلي مراتك تقف تخدم مع الخدامين في المطبخ؟!
إنتفض بيمسك دراعها بحدة بيهزها بعنف:
- بطلي بقى مناخيرك اللي في السما دي، ما كُل الستات بتخدم في بيوتها و بتشوف طلبات جوزها و حماتها! هُما دول خدامين!!
قالت بأعين ترقرقت بهم الدموع:
- لاء مش خدامين .. بس إنت كدا مش معتبرني مراتك .. معتبرني خدامة بس!!
إبتسم شاخرًا و قال بجدية:
- لاء متقلقيش من الحكاية دي .. حقوقك الزوجية هديهالك بردو!!
جحظت بصدمة، و بإنفعال نفضت ذراعيه عنها و هي بتصرخ في وشه:
- هو إنت الجواز بالنسبالك سرير و بس!!!
قال بصوت أعلى:
- مـعــاكِ إنــــتِ آه!!
إرتجف جسدها و حاوطت ذراعيها و كإن البرودة تعصف جسدها قائلة بألمٍ:
- و أنا مش هقبل بـ كدا .. أنا عايزة أتطلق!!
إندفعت الدماء لوجهه، و برزت عروقه فـ قششدد على ذراعيها غارزًا أظافره في لحم ذراعيها بيقول بقسوة:
- ده في أحلامك!! مش هطلقك و هتفضلي على ذمتي لحد ما أحس إني خدت حق أخويا اللي مات غدر منكوا!!!
حاولت تشيل قبضته من على ذراعها و نفَسها بيعلى و بيهبط و كإنها بتغرق، أطلق سراحها فـ فركت ذراعيها بوجع شديد، قبض على رسغها و شدها لخارج المخزن، حاولت توقفه ماسكة كفه اللي ماسك دراعها بتصرخ فيه:
- سـيـبنـي!!! ســـيــبــنـي بـقــولــك!!!
مسمعهاش وجرها لـ جوا القصر، و راح للمطبخ و هدر بصوته الجهوري:
- مش عايز مخلوق في المطبخ غير أم حمادة .. الباقي كله في أجازة مفتوحة و مرتباتكوا هتوصلكوا!!
هلل الجميع بفرحة عدا أم حمادة اللي عرفت نية عزيز و هي شايفاه ماسك نادين بقسوة و هي بتخبط على كفُه عشان يسيبها، غادر الجميع فـ دفعها هو لـ جوا المطبخ .. كانت هتُقع لولا إنها مسكت في الرخامة وراها بينما إلتفت هو إلى أم حمادة و قال بقوة:
- عايزك تعلميها كل حاجة .. تنضيف و أكل و شرب و ترويق، كل حاجة يا أم حمادة و متساعديهاش في أي حاجة .. تشرفي و بس!!
أنكست برأسها بإحترام ضامة قبضتيها قائلة بتهذيب:
- حاضر يا بيه اللي تؤمر بيه!!!
أتاهم صوت ثُرية من خلفهم بتقول بفرحة لا تسعها:
- عفَارم عليك يا عزيز!!
حدجتها نادين بنظرات نارية، و سبتها بأفظع السباب في نفسها بتحاول تتحكم في نفسها عشان متنقضش عليها و تقتلها بإيديها، بيننا لم يرد عزيز و إلتفت مغادرًا المطبخ، إبتسمت لها ثرية بتشفي، و قرّبت منها فـ رفعت نادين إنملها صارخة بها يجنون:
- إياكِ تقربي خطوة كمان!!
وقفت ثُرية بتوتر .. هي عارفة إنها مجنونة و ممكن تتهجم عليها في أي وقت، فـ وقفت مكانها بتقول بحدة:
- لسه شايفة نفسك لـيـه يا بت!! أبوكي مات و جوزك لو عليه هيجتلك من غير ما يرمشله جفن!! لسه فاكرة إن ضهرك مسنود ليه!!!
هتفت نادين بقسوة:
- م هو فعلًا مسنود!!! إنتِ فاكرة إن ربنا هيسيبك!! ده هينتقملي منك و مش هيسيبك في حالك!!!
ضحكت الأخيرة بسُخرية و قالت بحدة:
- إخرسي يا زبالة!!
و سابتها و مشيت، وقف نادين بتحاول تاخد أنفاسها اللي هربت من شدة الضغط النفسي اللي عليها، فـ أسرعت لها أم حمادة بتملى كوب من الماية و بتديهولها قائلة و هي بتربت على كتفها بحنان:
- بس يا حبيبتي إهدي .. إشربي!!
شربت الأخيرة بعطش شديد و مسحت على وشها المُتعرق، أنفاسها تعلو و تهبط، لفِت للحوض و بغِل إبتدت تغسل الأطباق بعنف تحت نظرات أم حمادة المشفقة على حالتها!
• • • • • • •
واقفة تايهة، بتسمع كلام أم حمادة عن طريقة عمايل الأكل اللي هي مش فاهمة حاجة فيها، يمكن لإن عمرها ما دخلت المطبخ و لا سلقت بيضة، طول عمرها مُرفهة و الكل بيخدمها، إفتكرت أبوها اللي كان بيمنعها من دخول المطبخ معللًا إن مينفعش نادين هانم تقف مع الخدم، إبتسمت بحزن على اللي وصلتله دلوقتي مع الراجل اللي أبوها إختاره و كان فاكر إنه هيحميها .. بيذلها!!
بعد ساعات طويلة، حطت الأكل على الصينية بإجهاد و ألم من إيديها اللي إتملت باللسعات و الحروق، و نظرت لأم حمادة قائلة بإرهاق:
- ممكن تودي إنتِ الصينية؟ مش قادرة .. اقف!!
أسرعت أم حمادة تمسك الصينية بتقول برفق:
- حاضر يا بنتي .. إقعدي و إرتاحي و أنا هوديها!!
أومأت نادين و جلست بتعب على الكرسي بتفرك قدميها بألم رهيب!!!
عادت أم حمادة منكسة رأسها بحزن، قائلة بضيق:
- عزيز بيه عايزك يا بنتي!!
- ماشي!
قالت بألم و هي بتقوم من على الكرسي بتحاول تمشي على رجليها، مشيت بالفعل بتُعرج، و وقفت قدام السفرة الطويلة اللي قعدوا ياكلوا عليها هو و أمه، قالت و هي حاسة بتعب شديد:
- نعم!!
سمعته بيقول ببرود و هو بياكل:
- إنتِ اللي تجيبي الصينية بعد كدا مش أم حمادة!!
- ماشي!
قالت و هي مش قادرة حتى تتكلم، فـ قال بهدوء:
- الأكل مش بطال على أول مرة ليكي!
مكانش باصصلها، يمكن مش قادر يواجه نفسها باللي بيعمله فيها، سكت للحظات و لكنه إنتفض على صوت إرتطام قوي بالأرض، لفِلها و لقاها مرمية على الأرض مغشي عليها! و من سرعة و قوة نهوضُه الكُورسي وقع على ورا، بينما نهضت أمه بتقول بحدة:
- كفاياكي تمثيل بقى يا شيخة!!!
لم يعبأ لكلمات أمه، و ركض عليها و هو شايف حبيبته .. عشقُه الوحيدة مرمية على الأرض بـ وش شاحب و جسم مُرتخي زي الجثة!، مال عليها و شالها بين إيديه و صرخ بحدة:
- أم حــمــادة!!! كلمي الدكتورة .. بــســـرعة!!!!
جِري بيها على سلم جناحهم اللي هجرُه من ساعة مـ خرّجها منه، حطها على السرير برفق و سند بركبته على السرير عشان يبقى قريب منها بيميل على وشها و بيضرب وجنتيها بضربات خفيفة:
- نادين .. فتّحي عينيكي!! نادين حبيبتي إصحي!!
ملقاش منها إستجابة تفحص نبضها فـ لقاه منتظم و أنفاسها بتخرج في إنمله لكن ضعيفة، سند جبينه على صدرها بيتنفس الصعداء و هو مغمض عينيه:
- الحمدلله .. الحمدلله!!!
مسك كفها و قبل راحته بعشق بياكل في قلبُه، فـ للحظ تلك اللسعات اللي إنتشرت على أنحاء دراعها، غمغم بألم على منظرها:
- يا حبيبتي .. يا عُمري أنا!!!
مال مُقبلًا كل جرح على ذراعيها قبلات عميقة عاشقة بيهمس وسط كل قبلة و التانية:
- آسف يا حبيبتي .. آسف يا روح قلبي!!!
ساب إيديها و حاوط وجهها بكفيه بيميل على أنحاء وشها بيوزع قبلات عليه و هو بيقول:
- كل وجع حاسة بيه دلوقتي .. أنا موجوع أضعافه قسمًا بـ ربي!
قاطعه طرقات على الباب فـ عرف إنها الدكتور، جري عشان يفتح فـ دخلت .. و قال هو بحدة:
- فوقيها .. و لو مفاقتش هشطبك من نقابة الدكاترة خالص فاهمة!!
أسرعت المسكينة تومئ له، و بدأت بفحصها و هو واقف بيراقبها، و بعد دقائق إلتفتت لـ عزيز اللي كان واقف على أعصابه و قالت بتوتر:
- هي المدام كويسة .. هو ضغط نفسي و عصبي بس أدى لـ فقدانها الوعي، لازم ترتاح و محدش يضغط عليها عشان حالتها ترجع تستقر!!
- هتفوق إمتى!
قال بلهفة ظهرت في نبرة صوته، فـ قالت الدكتورة بهدوء:
- أقل من ساعة بإذن الله و هتفوق! 
أومأ لها بصمت، حاسبها و خرجت من الجناح، رِجع لـ نادين و قعد جنبها بيمسح على خصلاتها المتعرقة و وجنتيها، قبّل جبينها و إتنهد، فتح الدرج و خرّج كريم للجروح، بيقول بسُخرية:
- أنا الظاهر مبقتش أعمل حاجة غير إني أوجعك و أعالجك!
حط الكريم على إيدُه و من ثم على الحروق، فـ لاحظ هو تقطيبة حاجبيها بألم، مال عليها و قبّل شفتيها اللي إشتاق لضمهما، قبلة سطحية و بِعد قائلًا بحنان:
- حقك عليا يا حبيبي!!
لاحظ تقطيبتها التي إنفكت و كأنها شعرت بقبلته فـ إبتسم و بدأ بفرد الكريم على جروحها، خلّص و إنحدرت عينيه لقدميها اللي إتلونوا بلون أحمر و شِبه وارمين، قطب حاجبيه و مسك قدمها بيقول بحيرة:
- حبيبتي .. رجلك مالها!!
إبتدى يفرك قدميها بحنان و رفق، لحد ما حس بتورم رجليها قل عن الأول، إتنهد بيفكر في اللي هيعمله لما تفوق، بيتمنى لو ياخدها في حضنه، يشبع منها و يروي شوقه، نفى براسه و كإنه بينفي ده لما إفتكر شريف اللي جاله خبر موته في حادثة و هو كان عاجز مش عارف يعمل إيه، قام ماسك دماغه من الصداع اللي هيفرتكها، و خرج من الجناح بيتهرب من مواجهتها!!
أستفاقت نادين بعد دقايق، تآوهت بألم حاسة بجسمها كلُه واجعها، بصِت حواليها و لقت نفسها في جناحُمهم، إنتفضت بفزع و لاحظت المرهم اللي على إيديها، فـ جن جنونها و هي بتردد بهيستيرية:
- أنا لازم أمشي .. همشي .. همشي و ههرب من هنا!!
و بالفعل قامت من على السرير بتمشي على رجليها اللي حسِت بوجعها اخف عن الأول، فتحت باب الأوضة فـ لقت الجناح فاضي، خرجت من الجناح و وقف أعلى الدرج ملقتش حد في بهو الصالة، لفت براسها حواليها بتتأكد من عدم وجوده، و لما ملقتهوش جريت بأقصى قوتها لبهو البيت و منه لـ الجنينة، إلتقطت أنفاسها و مشيت و هي شايفة الحُراس واقفين محاوطين القصر و مستحيل هتعرف تخرج من وراهم، جريت برجليها اللي إستغربت إنها خفت، لمحت سلم خمنت إنه يخص الجنايني، فـ إبتسمت بألم و خدته و سندت على سور الڤيلا، طلعت عليه بخوف فهي تخشى المرتفعات، وقفت على السور و هي حاسة بأنفاسها بتروح، كان في منطقة صغيرة مش واقف فيها حرَس، لكن واقفين قريب من المنقطة دي من الجانبين، دعت ربنا محدش يشوفها و خدت السلم اللي كان تقيل جدًا عليها، و بكل ما إمتلكت من قوة جذبته و وقفتُه النِحية التانية
نزلت على السلم بحذر شديد، و من غير تفكير طلعت تجري، لمحها واحد من الحراس فـ صرخ لأصدقاءُه:
- حرامية .. إضربوا عليها النار!!!
شهقت و جريت بسرعة أكبر لحد ما لقِت عربية في وشها ..
وقفت مصدومة لما إكتشفت إنها عربيتُه، إرتبكت لكن طلقات الرصاص اللي بتدوي في المكان خلتها تجري عليه بعد ما نزل من العربية بتتحامى فيه و بتستخبى ورا ضهره:
- عزيز!!
نزل عزيز من العربية بلهفة بيبُص لحالتها المزرية، لما جريت عليه شدها ورا ضهرُه و هدر بـ الحُراس و إيدُه على خصرها وراه:
- وقفوا ضرب يا بهيم إنت و هو!
أطاعوا الحراس أمر رئيسهُم، و إنصرفوا بأمر من عيناه، فـ إلتفت ليها بلهفة محاوط وشها و عينيه بتمشي على جسمها بيتأكد إن مافيهاش حاجة:
- إنتِ كويسة؟ إتأذيتي؟!
نفت براسها برجفة، فـ إتنهد بـ راحة و سكت للحظات بيدرك هي هنا ليه، قطب حاجبيه و قال بحدة:
- كنتِ عايزة تهربي؟!!
خافت من تغير محياه بشكل مُفاجئ، بصتلُه للحظات قبل أن تهدر في وشه بعصبية:
- آه يا عزيز!!! عايزني أفضل هنا بعد العذاب اللي شوفته على إيدك!!!
دفعها بعنف على العربية بيضرب ضهرها في صارخًا بجنون .. فكرة إنها كانت عايزة تهرب و تسيبه مجنناه:
- مش هتمشي من هنا غير و أنا ميت إنــتِ فــاهـمـة!!! 
نفت براسها بتقول بقوة غريبة تلبستها:
- همشي .. همشي و مش هتعرفلي طريق!
شدها من دراعها بعنف بيجرها للقصر، حاولت تبعده عنها بتصرخ فيه:
- بطل بقى تجرني زي البهيمة كدا!!!
- يبقى أشيلك زي المِعزة!!
و مال بيشيلها على كتفه و راسها تدلى فوق ضهره اللي فضلت تضرب عليه بقوة و وشها إشتد إحمراره من موقفها المحرج، ركلت الهوا بقدميها لكنه في لحظة كان بيعدل شيلتها عشان تبقى بين إيديها بيبصلها بحدة و بيقول:
- بطلي فرك!!
سار للأمام وسط تلويها و بجدية حادة لحراسن قال :
- العين اللي هتترفع هشيلها!!!
أنكسوا نظراتهم فورًا، فـ مشي بيها و هي بتضرب في صدره و كتفه بعدم يأس، طلع بيها الجناح و منه لأوضتهم، نزلها على السرير بحذر، كانت هتقوم لكنه دفعها بحدة من كتفها مثبت إيديها جنبها بيقول بقسوة:
- أنا هوريكِ إزاي تسيبيني و تمشي!!!
قالت بعنف:
- أنا بكرهك و أي فرصة تجيلي أخلص فيها منك هعمل كدا!!! 
صرخت في وشه بحدة، فـ مال على شفايفها بيُقبلها بعنف ضاري و كإنه بيعاقبها على هروبها مبعِدش غير لما حَس بطعم الدم في فمُه، ثبت جبينه على جبينها بيلتقط أنفاسها فـ همست بتقطع و صوت حزين:
-  بكرهك يا عزيز .. ياريتني ما عرفتك ولا اشوفتك ولا قابلتك في حياتي!!
مال يقبّلها مرة أخرى قبلات حنونة مُتقطعة رقيقة، حاولت تبعدُه بتقاوم حُبه اللي لسه جواها بوادر منه! لكنه أذابها بقبلاته و لمساته كإنه بينفي ليها و لنفسه كلمتها، كل محاولاتها الضعيفة عشان تبعدُه .. بائت بالفشل، و لقِت نفسها بتحاوط عنقه بذراعيها بإستجابة إعتبرتها خيانة .. خيانة لكرامتها اللي بإيده هدرها على الأراضي، خيانة لـ قلبها اللي رغم حبُه إلا إنه إتأذى من محبوبُه، خيانة لـ عزة نفسها اللي بهدلها بإيديه، إعتبرتها لحظات من النعيم سرقتها و هي في حضنه، و رغم إن قبلته مكانتش غصب عنها، إلا إن الدمعات إنهمرت من عينيها .. و كإن حتى عينيها إعتبرتها خيانة!! نزعها من الجنة لما بِعد .. و فوّقها لما قال و وشه لسه قريب منها:
- البوسة دي كانت إثبات صغير ليكي إنك بتعشقيني مش بس بتحبيني .. لو كنتي شوفتي نفشك بتحاولي تبادليني إزاي .. كنتي هتفكري ألف مرة قبل ما تفتكري إنك بتكرهينه!
إتسع بؤبؤ عينيها بصدمة، المرة المية اللي بيدوس فيها على قلبها جزمتُه، و المرة الألف اللي يحسسها بضعفها قُدامه، عينيها إتملت وجع مزق قلبه هو شخصيًا و للحظة ندم، قالت و كإنها لسه عايزاه ينكر اللي فهمته:
- عملت كدا .. عشان تثبت لنفسك إني لسه بحبك و ضعيفة قدامك؟!
داس على قلبه و عليها لما قال بجمود:
- طبعًا .. فاكراني هضعف قُدامك بعد اللي عرفتُه!!
بدون مقدمات خبطته في صدره خبطات عنيفة بتقول بحدة شديدة:
- إبعد عني .. قوم من عليا!!
قام من عليها فعلًا و قال بضيق:
- هتفضلي هنا في الجناح ده النهاردة و بكرة هتنزلي تكملي شعلك في المطبخ!!
حدجته بحدة، قامت وقفت قُدامُه بتبصله للحظات بشراسة، و خبطته في كتفه بكتفها عشان تعدي، دخلت الحمام و فتحت حنفية الُدش بعنف و من هنا تركت الحرية لدموعها و شهقات بكائها عشان ميسمعها، قعدت في البانيو بهدومها، بتعيط و بتضرب نفسها بتعاقبها على فِعلتها و إستسلامها ليه!! خرطت بعد دقاىق بعيون منتفخة و بـ منشفة ملتفة على جسدها اللي كان بيرتجف، لقته نايم على السرير فـ بدلت ثيابها و نامت على الكنبة بوضع جنيني بتحضن قدميها لصدرها 
كابوس .. كابوس قوي و عنيف فاق عليه بينده عليها بأقصى قوته، فُزعت و قامت وقفت بترَدد:
- عزيز .. في إيه!!
جريت عليه لما شافته على حالة أقلقتها، و قعدت قدامه بتبص لشعره المشعث و أنفاسه الثائرة و وجهه اللي بقى بيتصبب عرقًا، قعدت قدامه بتحط كفها على قدمه قائلة بقلق:
- مالك؟ كابوس؟
أومأ لها بيحاول يتنفس، فـ ربتت على كتفه بتقول برفق:
- إهدى طيب .. حاول تتنفس إنت مش عارف تاخد نفسك، يلا .. إتنفس معايا!!
إبتدت تتنفس و هو قلِدها، لحد ما حَس إنه بقى أهدى، بصلها و شرد في ملامحها، بينما هي إستغلت شرودُه، و حاوطت وشه مقربة وشها منه بتقول برفق:
- أحسن .. يا عزيز؟
أومأ لها و كإنه ثمل، مالت عليه أكتر و غصبت نفسها على إستنشاق أنفاسه اللي باتت تؤذيها، و بجُرأة قبّلت شفتيه قبلة خفيفة سطحية و من ثم ناظرتُه بدلال يوقِع أعتى الرجال، راقبته عن كثب و هو بيغمض عينيه، فـ إبتسمت و إقتربت أكتر و تعمقت قبلتها بقلة خبرة جننتُه أكتر، أسرع هو ياخد دورها، و يقبلها بعشق و شوق حقيقي، إبتسمت هي و بحدة زقته من كتفه قبل ما يوصلوا لنقطة متعرفش ترجع فيها، بِعد فـ قالت بإبتسامة شامتة و أعين خبيثة:
- ده كان إثبات ليك إني لو بحبك قِراط .. فـ إنت بتحبني أربعة و عشرين!!
بصلها بصدمة حقيقية، و قبل ما تقوم كان بيمسك كتفها، و بيزقها على السرير مثبت كفيه على كتفيها هادرًا بعنف:
- متلعبيش معايا يا نادين عشان متندميش!!!
- طب إبعد بس إيدك كدا!
قالتها بإستخفاف خرّجُه عن شعوره، فـ هدر بحدة في وشها:
- نــــاديــــن!!!!
مش هتنكر خوفها منه و عينيها اللي إترعشت بتوتر، إتلوت بين ذراعيه بتصرّخ فيه:
- إبعد بقولك!!!
- و لـــو مـــبــعـــدتــش!!
نطقها بعنف بيدفعها على السرير أكتر فـ تألمت بتحاول تبعدُه عنها بتقول بوجع:
- آه يا عزيز آبعد!!
- مش هبعد .. و هقرب .. و أخرك هاتيه!!
قال و هو بيندفع لوجهها يوزع عليه قبلات عنيفة لا تمت للحنان بصلة! شهقت و صرخت و ضريته على كتفه عشان تبعده و لأول مرة تكرَه لمساته القاسية، لحد ما ذرفت الدموع بتقول برجاء:
- سيبني يا عزيز متعملش فيا كدا بالله عليك .. متكرهنيش فيك أكتر كدا!
كان مُستمر في توزيع قبلاته العنيفة على وشها و بداية نحرها، لحد مـ سمع صوت عياطها، دفن أنفه في رقبتها مغمض عينيهو صوت عياطها زي الأذى في ودنُه .. هو بيعترف إنه بيضعف قُدام دموعها .. فـ ما بالك بـ عياط بصوت عالي!! رفع وشُه ليها .. و بص لوشها الأحمر اللي كله دموع، و عينيه المقفولة و جسمها اللي بقى يترعش بين إيديه، بيسأل نفسه هي بتعيط ليه؟ هي فاكرة إنه ممكن ياخدها غصب؟ ولا حتى لمساته مبقتش طايقاها؟، غمض عينيه مش قادر يبصلها و لا قادر يتحمل الفكرة دي، لكن جسمها اللي بيترعش أثار شفقته عليها، قَعد قُصادها بصدره العاري، و شدها من دراعها عشان تقوم فـ فتحت عينيها و حاولت تبعد رسغها عن كفُه بتصرخ فيه بعياط:
- سيبني .. إبعد!!!
شدها لحضنه رغمًا عنها بيحاوط بذراعيه المفتولين، حاولت تبعدُه بعِندها المعروف لكن همس في أذنها بصوت حنون:
- جسمك بيتنفض .. و مش هتطلعي من حُضني غير بعد م أهديه شوية!!
نفت براسها بتقول و حتى باتت الحروف ترتجف على شفتيها:
- لـ .. لاء إبعد .. إبــ .. ـعد!!!
مسح على شعرها .. و على ضهرها بحنان، بيضمها أكتر ليه فـ بدأت تهدى، وشها على صدرُه و إيديها جنبها رافضة تحاوطُه، جاب شعرها على جنب واحد و مال يُقبل تجويف عنقها، و من ثم همس بصوته الدافئ:
- متعنديش معايا .. و متحُطيش راسك بـ راسي .. مينفعش يا نادين!
مردتش، إفتكر إنها نامت لحد مـ قالت:
- بتعمل معايا كدا ليه؟
مسح على شعرها و قال بهدوء:
- كدا اللي هو إيه؟
- ليه بتعذبني و بعدها تيجي تاخدني في حُضنك؟ ليه بتجرحني و بعدها تداويني؟ ليه بتعيّطني و بعدها تمسح دموعي؟ ليه مُتناقض!!
غمض عينيها و ضمها أكتر لجسمُه بيقول:
- أنا مش متناقض .. أنا في حرب، حرب ما بين قلبي اللي بيتنفسك .. و عقلي اللي مبقاش قابل فكرة وجودك أصلًا، و أنا متعلق بين الإتنين!
حاولت تبعد عنه لكنه ثبتها بيقول بخشونة:
- مبتعديش .. إتكلمي و إنتِ في حُضني!!
هتفت بألم:
- مش هقدر أنسى اللي عملته فيا .. أنا موجوعة أوي و قلبي الحاجة الوحيدة اللي مش هتعرف تداويها .. محتاطة أبعد .. تعالى نبعد عن بعض نرتب أفكارنا و نشوف كل واحد فينا عايز إيه!
تنهد و قال بعد ما أبعدها هو بيحاوط وجنتيها قائلًا:
- فكرة البُعد دي لو كانت سهلة كدا كنت عملتها من غير ما تقولي، مافيش حاجة إسمها نبعد .. مش هقبل!!!
- مش مهم تقبل يا عزيز .. أنا عايزة أتطلق أنا تعبت!!!
- إنسي!!
قالها بنبرة غير قابلة للنقاش، هتفت بحدة و ضيق:
- طب أنا مصيري إيه دلوقتي!
قال بهدوء:
- إنتِ مراتي!!!
- ولا خدامتك؟
قالتها ساخرة فـ مسك دراعها اللي كان كلُه حروق و مال يُقبلهم برقة أقشعر لها بدنها، إنكمشت بخجل لما نزِل أكتاف كنزتها مُقبلًا عضمتي ترقوتها، حطت إيديها على كتفُه عشان تبعدُه بتقول بخجل:
- عزيز .. إوعى!
- إنتِ وحشتيني بشكل عقلك ميتخيلهوش!
قال بجنون عاشق و هو يُقبل عنقها تصاعديًا تارة و تنازليًا تارة، أغمضت هي عيناها بتحاول تحارب إشتياقها هي الأخره له، عِرفت إنها كانت غلط لما إفتكرت إنها كرهت لمساته، نامت على الفراش بعد دفعة خفيفه له من كتفها، و حطت إيديها على صدرُه بتزقُه بضعف قائلة بأنفاس مُبعثرة:
- كفاية .. يا عزيز!!
بدى و كإنه مسمعهاش، و نست هي كل ما حدث في أحضانه، و تناسى هو أيضًا كل ما مر به، جاعلًا شغله الشاغل هي، كيف لإنسان أن ينسى إسمه .. عُمره .. أبويه و إخوته .. منصبه و مكانته و اليوم و الساعة و التاريخ بين أحضان من يُحب؟!
• • • • • • • 
إستفاق بـ وجهٍ متعرق و أنفاس ضائعة، أتاه أخيه في الحلم، يتوسل له ألا يُضيع حقُه، و كإنه بينهيه عما يفعل، حَس بالنار بتتجدد في قلبُه تاني، لكنها خمدت لما وقعت عينيها عليه، نايمة ببراءة طفلة مغطية جسمها العاري ساندة راسها على دراعه و إيديها على صدرُه، غمض عينيه و مقدرش يمنع نفسُه من تقبيل جبينها، و برفق شديد أسند راسها على المخدة عشان يقوم، قام و دخل المرحاض يغتسل و يستحم، لبس بنطلون و قميص و قرر يقضي اليوم برا يمكن يعرف يرتب أفكارُه، خرج من الجناح بعد م شملها يعينيه، فـ كانت غارقة في نومها، نزل على السلم فـ لقى أمُه قاعدة قدام جهاز اللاب توب بتعيط بصوت، إنتفض قلبه عليها و راحلها .. قعد جنبها بيقول ممسدًا على كتفها:
- مالك يا أُمي بتعيطي ليه يا حبيبتي!!!
قالت ثُرية مشيرة لـ الشاشة بألم:
- جبت يابني الكاميرات و شوفت الواد الخسيس دِه وهو بيجطع فرامل عربية شريف!!
حدّج بعينيه في الشاشة و تصاعدت الدماء لـ رأسه من شدة الإنفعال و برزت عروقه و هو شايفُه بيقطع الفرامل و بيعمل مكالمة بعدها، إلتفت لأمه لما قالت يحزن:
- المصيبة مش إكده و بس، المصيبة إنه إعترفلي إن نادين .. مرَتك يا ولدي كانت هي اللي يتتابع معاه الموضوع ده، حتى إسمع إكده!!!
و أسرعت تضغط على شاشة هاتفها وسط صدمته، و فتحتله تسجيل ظهر فيه صوت الشخص اللي قتل أخوه بيقول:
- نادين هانم كانت موافقة جدًا على فكرة أبوها، و هي كانت بتتابع معايا شخصيًا لإن واضح كدا إن قلبها كان محروق على أخوها، إنها قالتلي آخُد عربيتها و أمشي وراه عشان لو مماتش أخبطه أنا بالعربية، و بالأمارة نمر عربيتها فـ سـ د ٢٠٢٥ 
جحظت عينيه مصدوم من اللي بيسمعه، صوت بكاء أمه بيتردد في أذنيه، مش قادر يصدق إن البنت الوحيدة اللي عشقها من قلبه كان عارفة إن أبوها هيقتل أخوه و كانت بتساعده على ده!!! كان إبتدى يصدقها لما قالتله إنها مكنتش تعرف!! و كان إبتدى يشفق عليها!!! و بعنف ضرب على الطاولة الصغي،ة أمامه فآإنتفضت أمه بخضة إلتفتت لما لما تمتمت ببكاء شديد:
- خد حقي و حق أخوك يا بني، لو الراجل اللي كان سبب في موته مات .. بنته اللي كانت بردو سبب في موته لسه عايشة .. و عايشة في عزك و متهنية! قلبي موجوع أوي يا عزيز .. ريّح قلبي يابني!!!
ألمه قلبه على دمعات أمه التي لا تسقط سوى لأمر قاسٍ لا تتحمله، كوّب وجنتيها و قال و شرر الإنتقام ينبع من عيناه و حروف كلماته:
- عهد عليا يا أمي لـ هقهرها زي مـ قهرتك، و هخليها تتمنى لو مكنِتش إتجوزتني .. هخليها تتمنى الموت و مش هتطوله أبدًا!!
*************
أربع أيام .. من غير م تشوفه أو تسمع صوته، لما صحيت بعد مـ قضت أجمل ليلة في عُمرها و كإنه كان بيعوضها عن اللي عمله .. و صحيت ملقتهوش جنبها، إفتكرت خضتها عليه و نزولها جري بأي حاجة تغطي بيها جسمها العاري بتسأل عليه لكن ملقيتهوش، و قابلتها نظرات أمه النارية فـ قررت ترجع الجناح، إتصلت كتير عليه لكن تليفونه كان مغلق، مكنتش بتاكل غير اللي بس يعيشها، بيتمنى لو تشوفه .. سألت عليه أمه و مش هتنسى أبدًا حدتها معاها في الكلام لما قالت بعنف:
- ملكيش دعوة بـ وَلدي .. مش كفاية جتلتوا الصغير عايزين تجتلوا الكبير كُمان!!!!
وققتها سابتها و مشيت بضيق، و في اليوم الرابع تحديدًا الساعة السابعة مساءً دلف إلى الجناح بطلته اللي بتخطف قلبها، شهقت بعد م كانت قاعدة على السرير بتتفقد صورُه، و إنتفضت من فوق الفراش و جريت عليه بكل لهفة بتمسك في قميصه بتقول بحدة إختلطت بإشتياق:
- كنت فين!!! هو أنا كلبة عشان تسيبني مرمية لوحدي يوم و إتنين و تلاتة و أكلمك مبتردش!!!
ضربت أنفها ريحة غير ريحة برفانه اللي إتعودت عليها، دي ريحة برفان حريمي، مسكت تلابيبه، و قربت بأنفها من قميصه و من رقبته، جحظت بعينيها لما إتأكدت و رفعت وشها ليه بتقول بعنف:
- ريحتك برفان حريمي!!! إنت كنت فين يا عزيز!!
قالها بيبصلها بسخرية:
- كنت بتجوز!!!!
 يُتبع♥
- ريحتك برفان حريمي!!! إنت كنت فين يا عزيز!!
قالها بيبصلها بسخرية:
- كنت بتجوز!!!!
وقفت تبصلُه و كإنه قذفها بـ نيزك، عيونها بتتوسع .. و الدموع بتتجمع فيها، بتحاول تلمح في عينيه أي لمحة هزار بايخ، صدرها إبتدى يعلى و يبهط و كإنها بتغرق، غمضت عينيها من قوة النغزات اللي بقت حاسة بيها في قلبها، رجعت بصتله و قربت منه بتقول و نفَسها بيتقطع .. و الحروف بتخرج منها بالعافية:
- هو .. هو إنت بتهزر ولا .. بتتكلم .. جد؟
إبتسم ساخرًا، مُتلذذ برؤية الوجع في عينيها .. حَب يزودُه أكتر فـ قرّب منها .. مسك كفيها بقسوة شديدة بيشدها على صدره و بيقول بحدة:
- شمي كدا ريحتي و هتعرفي أنا بهزر و لا بتكلم بجد .. أنا لسه جاي من عندها .. و على فكرة هي تحت مع أمي وحابب أوي .. أعرفكوا على بعض!!!
إنتفضت و محسِتش بنفسها غير و هي بترفع إيديها الصغيرة .. بتديله قلم قوي خلاه يغمض عينيه بيحاول يتحكم في أعصابه و مينهالش عليها بالضرب و تموت في إيديه، مهربتش و هي شايفة ملامحه بتتوحش .. مكانتش مُدركة أصلًا للي بيحصل، ضربته على صدره عدة ضربات بتقول و صدرها بيتهدج بعنف:
- بتتجوز عليا!!! أنا قاعدة هنا قلبي بيتقطع عليك و إنت هناك في حضن مراتك الجديدة! 
شدت شعرها لـ ورا بتصرخ فيه و هي بترجع خطوات لـ ورا:
- لاء .. لاء أنا مـش قـادرة أتحمـل!!!! طلقني .. طلقني دلوقتي!!!!
كان لسه مغمض عينيه أسنانه بتصتك ببعض من شدة غضبُه، صوت التكسير اللي حواليه خلاه يفتح عينيها و هو شايفها فقدت صوابها .. بتكسر كل اللي تقابله قدام عينيها، وشها أحمر و شعرها أشعث و أنفاسه مبعثرة، فضل واقف بيبصلها حاطت إيديه في جيبه .. لكنه قطب حاجبيه و هو شايفها بتضرب على ودنها و شعرها يجنون هيستيري، قرّب منها و بعنف مسك رسغيها بينزلهم من على ودنها و منتصف وشها اللي بقى كتلة من الدم من شدة إحمراره، هدر فيها بقوة و هو مقربها ليه:
- بطلي بقى شغل الجنان ده .. أنا ماسك نفسي عنك بالعافية!!!
نفت براسها بتقول و هي بتنهار و قدميها بتخونها فـ بتحاول تبعد عنه عشان تقعد على الارض بتقول بهمس لعدم قدرتها على الحديث:
- سيبني .. سيبني أقعد رجلي مش شايلاني!!!
حاوط خصرها بيسند جسمها اللي تقل على دراعه، بيراقب ملامحها اللي بترتخي و كإنها على وشك أن يغشى عليها، بتهمس بألم:
- سيبني .. شيل إيدك .. أنا بكرهك!!
حملها بين ذراعيه و حطها على السرير فـ غمضت عينيها بتعب بتحط إيديها على قلبها بتتآوه بألم:
- آآآه .. آه قلبي!!!!
بصت حواليها بفزع، و قامت و هي بتقول بهيستيرية:
- أنا بعمل إيه هنا .. أنا عايزة أمشي من هنا!
دخلت غرفة تبديل الثياب، و طلعت شنطة سفر تخصها و حطت فيها هدومها كلها بعشوائية بترميهم في الشنطة، دخل وراها و وقف على إطار الباب بيتمتم بهدوء:
- لو فاكرة إني هسيبك تمشي عادي كدا تبقي غلطانة؟
غمضت عينيها و رمت آخر قطعة كانت في إيديها جوا الشنطة بتلتفت ليه و بتقول بحدة:
- عايز إيه .. عايز مني إيه ها؟!!
إلتمعت عينيه بغل و قال بحدة:
- عايز أرجع حق أخويا منك!!!
ضحكت من قلبها .. ميّلت لُقدام من شدة ضحكاتها، و رجعت وقفت قُدامه بتقول بقوة:
- طب و حق يزيد يا أخويا .. ولا نسيتوه!!!
تابعت بحدة:
- أنا لما إتجوزتك .. مفكرتش أبدًا أخد حق يزيد منك عارف ليه؟ عشان عندي مُــخ .. و عارفة إن ملكش ذنب، إنت عايز تنتقم مني ليه في حاجة ماليش ذنب فيها!!!
صرخت في في آخر جُملتها فـ مقدرش يتحمل، قبض على فكها بنعنف بيقربها منه هادرًا في وشها:
- صوتك ميعلاش بدل ما ورحمة أبويا أجيبك تحت رجلي و يا عالم هتطلعي عايشة ولا ميتة! أنا هاخد منك حقي عشان إنتِ السـبـب في موته، إنتِ اللي جيبتي الوسخ اللي قطعله الفرامل و كنتي بتتواصلي معاه أول بأول .. مـــش كــــــدا!!!
 تغاضت عن فكها اللي هيتكسر في إيدُه، و قالت مصدومة:
- إنت بتقول إيه!!! مين اللي قالك الكلام الفارغ ده!!!
نفضها من إيدُه و صوته بيعلى بجهورية:
- إخـرسـي بقى بطلي كدب .. إنتِ إيه مبتشبعيش!!!
سندت على إحدى الطاولات مغطية وشها بكفها، رفعت عينيها ليه و قالت:
- إنت ليه مبتصدقنيش .. ليه طول الوقت شايفني شيطانة أوي كدا!!
قرب منها و صرخ في وشها قائلًا:
- طب مـ إنتِ فعلًا شيطانة!! الوش البريء ده بتخدعي بيه كل اللي حواليكِ و إنتِ في الحقيقة .. رخيصة!!!
إتسعت عينيها مصدومة من اللي بتسعه، و مقدرتش تتحمل كلامه فـ هدرت في وشه بقسوة:
- ماشي يا عزيز .. أنا بقى شيطانة .. و أنا اللي دبرت موتة أخوك!!! مبسوط كدا؟ و أحب كمان أعرفك إنك مبقتش فارق معايا .. تتجوز تطلق إعمل اللي تعملُه .. و إوعى بقى من سِكتي عشان أنزل أبارك للعروسة الجديدة!!!
 و ضربته في كتفه عشان تعدي، وقف مذهول من كلامها، مش قادر يصدق إنها إعترفت بلسانها، و إن على كلامها مبقاش يفرق كعاه، مشي وراها بخطوات بتطوي الأرض فـ لاقاها بترتب خصلاتها، و بتحُط أحمر شفاه قاني .. بتعدل ثيابها و بتنثر عطرها، و سابت الجناح و مشيت، فاق من صدمتُه و مشي وراها، لاقاها بتنزل على السلم بتمَخطُر، وقفت قدام أمه و مراته الجديدة التي تُدعى ندى، ذات الخصلات القصيرة و القوام المكتنز برشاقة على عكس نادين اللي كانت أشبه بالقوام الفرنساوي، كانت مختلفة في كل حاجة عن نادين .. نادين بشرتها مرمرية بيضاء .. و قمحاوية مايلة للسمار، عينيها غامقة عكس نادين اللي عينيها عسلي، كانت مختلفة عنها في كل حاجة و كإنه قاصد يدايقها، وقفت ندى قُدامها بضيق بينما نادين رسمت إبتسامة صفرا على ثغرها بتردف:
- إزيك يا .. معلش عزيز نسي تقريبًا يقولي إسمك!!
هتفت و هي بتمد إيديها عشان تسلم عليها، فـ مدت ندى كفها بتقول بحنق:
- ندى!!!
- أهلًا يا ندى!!
قالتها بترحاب، بينما حدجتها ثرية و كإنها بأربع أذرع مُندهشة من طريقتها، سابتها ندى و راحت لـ عزيز، إحتضنت خصرُه و قالت بخبث:
- عزيز بردو مقاليش إسمك .. أصلُه بينسى كل حاجة و هو معايا!!
في لحظة .. كل حصونها إتهدمت .. كل برودها إختفى، قناع القوة اللي ككانت لابساه وِقع و فضحها، لما شافتها لامساه و محاوطه خصرُه .. حركتها المفضلة مبقتش بتاعتها، كتمت شهقة ... و عياط و أهات لما لقته هو كمان بيحط إيده على كتفه .. بيلمسه صعودًّا و هبوطًا، بردو دي الحركة اللي كان متعود يعملها ليها، حسـت بنفسها بيضيق .. مقدرتش تكمل المسرحية دي فـ قالت بهدء بتحا ط تبان طبيعي:
- نادين رفعت يا ندى!!
و إتحركت نِحية السلم بتعدي من جنبه بتطلع و هي بتقول بصوت قوي زيفته ببراعة:
- أنا في جناحي بقى لحد م الغدا يجهز!!
وقفها لما ندهلها بعد ما كانت إتخطتُه، فـ وقف مغمضة عينيها:
- عايزك تفضيلي الجناح يا نادين!!!
خنجر فضل يزقه في قلبها لحد م غرقت في بحور دمها .. هيناموا على السرير اللي كانت بتنام معاه عليه .. هيستخدموا نفس الحمام اللي كانت بتسخدمه معاه .. هيسحمها زي ما عمل معاها؟ و هيلسها زي ما لمسها؟ تساؤلات كان ليها الفضل في نهش دماغها، لكنها إلتفتت له و قالت بقوة و إتزان تُحسد عليهم:
- حاضر .. بس كدا!!
و رجعت جناح بخجوات سريعة، دخلت و أول ما قفلت الباب قعدت على الأرض و إنهارت في عياط قاسي و اللي حمدت ربنا عليه إن جناحهم عازل للصوت، قعدت على العرض بتعيط من قلبها و شهقات بكاءها قاتل، غطت وشها بكفيها بتبكي بحرقة غلبت يكاءها على موت أبوها، ضربت الأرض بكفيها بتتآوه بصوت عالي رافتة راسها لفوق و مغمضة عينيها
- آآآآه يـــارب!!!! يـــارب شيله حبه من قلبي يارب كرهني فيه يا ربي أتوسل إليك!!!!
فضلت على الأرض دقايق، و حاولت تقوم بتسند على الحيطة، راحت لشنطتها اللي كانت فيها لبسها بالفعل و غادرت الجناح بعد م بصتله للمرة الأخيرة و دموعها بتنزل بصمت، بتفتكر اللحظات الجميلة اللي عاشتها معاه، طلعت من الجناح و دخلت جناح تاني، حاولت تلهي نفسها عشان ميجرالهاش حاجة و إبتدت ترص هدومها في الدولاب، مشيت بعدها بتعب غريب ضرب جسمها و إترمت على السرير و نامت من غير مقدمات، هي اللي كانت حارمة نفسها من النوم ٣ أيام من خوفها عليه!!!
نامت كتير .. يوم كامل نايمة و كإنها بتهرب من الواقع، لحد مـ فاقت على لمسات حنونة، فـ قتحت عينيها بلهفة تظنه عزيز، لكن غمضت عيننيها بحزن لما لقتها أم حمادة .. جايبة صينية و حاطها على الطاولة. و بتحاول تصحيها قائلة برفق:
قومي يا حبيبتي .. قومي كليلك لُقمة!!
هي فعلًا جعانة، قامت من غير كلام و قعد قصاد الطاولة و إبتدت تاكل .. و في وسط الأكل سألتها بجمود:
- عزيز فين يا أم حمادة؟
تنهدت أم حمادة مشفقة عليها، بتقول بحرجٍ:
- هو .. هو مع المدام في الجناح!!
أومأت لها بهدوء، و كملت أكلها، لحد ما شبعت و لفت ليها بتقول بإمتنان:
- تسلم إيديكِ!!!
- الله يسلمك يا قلبي!! 
قالتها أم حمادة بحنان فائض و خدت الصينية مغادرة، قامت نادين تستحم و ترتدي شورت بالكاد يصل لما قبل منتصف فخذها من خامة الجينز، تعلوه كنز و كتفها اليمين ساقط، لملمت خصلاتها بـ كعكة فوضوية فـ يدت شهية، خرجت من الجناح و لا تعلم لِم قصدت جناحه، و ليتها لم تفعل، لم يكن الباب مغلقًا بالكامل، قدرت تشوف اللي بيحصل جوا، كانوا واقفين بيتكلموا لكن مقدرتش تسمعهم، لكنها إرتد جسمها بصدمة لما لقته بيقرب منها و ضهرها ضد الحيطة .. و شفتيه بتسير على طول عنقه بقبلا راغبة تقسم أنها تماثل تمامًا تلك التي كان يقبلها به، حبست أنفاسها برئتيها و هي شايفة ججوزها يفعل مع إمرأة أخرى مثلما كان يفعل معها، شعور القهر اللي حاسة بيه دلوقتي ملهوش مقارنة، فضلت واقفة شايفاه إيديه بتمشي على جسمها فإنهمرت دموعها بألم شديد، شايفاه بيفتح زرار قميصها فـ مقدرتش تتحمل اللي بتشوفه و جريت بتنزل على السلم برؤية مشوشة لدرجة إنها كانت هتُقع أكتر من مرة، خرجت الجنينة و هي حاسة بـ ضيق في نفسها، و قعدت على كنبة تشبه المرجية، شاردة قدامها و دموعها بتنزل بصمت تام و كإنها فاقدة النطق
*********
نفضها من إيديه لما لاحظ إن نادين مشيت، فـ إهتاج صدر الأخرى مما فعل و تجاوبها معه بتقرب منه تاني ماسكة قميصه قائلة بإغراء:
- وقفت ليه؟!!!
أبعد إيديها بإشمئزاز .. و كإن لمسة أي ست تانية على جسمه غيرها بتكويه!! و قال و هو بيبعد عنها موليها ضهره بيمشبطي في الأوضة ذهابًا و إيابًا:
- نادين كانت واقفة .. عملت معاكي كدا عشان متشكش إن جوازنا صوري .. و ياريت متنسيش ده!!
مشيت نِحيته بتتأمل ضهره العريض بإعجاب شديد، حاوطت خصرها ساندة راسها على ضهره فتشنج جسده بتقول بصوت رقيق مغوي:
- بس أنا عايزاك يا عزيز .. جوازنا بالنسبالي مش صوري و نفسي نتممه دلوقتي!!!
نفضها عنُه كالخرقة المُتسخة، و إلتفت لها بيرفع سبابته في وشها هادرًا بها بعنف:
- إياكي تاني مرة تلمسيني، و إوعي دماغك الوسخة دي تجيبك إني ممكن ألمسك!! أنا لا طايقك و لا طايق صنفك كلُه!!!
بصتله بعيون حارقة، بتصرخ بحدة:
- متجمعنيش معاها .. أنا مش كدابة ولا خاينة زيها!!
محستش بعدها غير بصفعة بتنزل على وجنتها، ملحقتش تدارك القلم لما شدها من شعرها بعنف بيهزها بقسوة:
- إخرسي و سيرتها متجيش على لسانك النجس ده! 
نفضها من دراعه فإرتدت خطوات لورا حاطة إيديها على خدها متسمرة بصدمة، سابها هو و خرج بخطوات عنيفة، و بلهفة كان بيدور عليها في كل مكان، راح للجناح ملقهاش، إتجنن و بدأ يدور عليها بهيستيرية، مشاعر مختلطة إجتاحتُه ما بين خوف و قلق و غضب و رُعب من فكرة إنها سابتُه، خرج للجنينه ناوي على معاقبة الحراس اللي ظن إنها هربت من وراهم زي المرة اللي فاتت، لكنه لمحها قاعدة على المرجيحة، شِبه نايمة و رجليها كلها باينة بسبب الشورت القصير اللي لابساه، مغمضة عينيها، بصلها .. الشوق كان بيتقافز من عينيه، فضل لثواني و فجأة إتحول الشوق لغضب ناري بعد مـ أدرك إنها مش في أوضتهم و إنها نايمة في وسط الجنينة و جايز عين الحرس تُقع عليها!!
راحلها بعصبية، مسك دراعها فـ شهقت بخضة فـ قال بعنف:
- نايمالي في الجنينية بـ شورت مخلي فخادك كلها بـرا!!! حد قالك إني مركبهُم!!!
نفضت دراعها من قبضته بتقوم و تقف بتصرخ في وشه:
- إنت مالك بيا!!! مالك بـ لبسي و جسمي!! مـ تروح تشوف مراتك اللي جاية بـ لبس أتكسف ألبسه قدامك!!!
مردش .. هو فعلًا ملاحظ لبس ندى المبالغ فيه لكنه متكلمش يمكن لإنها متفرقلوش في حاجة، مسك إيديها و جرها وراه بضيق، فقدت أعصابها و صرخت بصوت عالي فيه بتضرب ضهره اللي طايلاه:
- إبعد .. إبعد بقى سيبني!!!
دخلها القصر و منه للجناح و مافيش قُدام عينيها إلا صورته و هو بيبوسها، غلي الدم في عروقها و إبتدت ضرباتها تبقى أعنف و من غير وعي رددت:
- إنت مش في كنت في حضن مراتك!! جايلي ليه م تسيبني في حالي!!
زقها ع الحيطة و قال بمكرٍ:
- آه كنت في حضنها .. عندك مشكلة!!!
بصتله بإحتقار حقيقي، و رفعت كفيها تضربه بقسوة على صدره مرددة بهيستيرية:
- طب روح ..  روح كمل بوس فيها!!
- إنتِ زعلانة عشان بوستها و إنتِ لاء و لا إيه؟!!
هتف بهمسٍ يشبه فحيح الأفعى، مما جعلها تنكمش بتقزز مغمغمة:
- إبعد عني مش طايقاك!!
مرة تانية بتمس رجولته، لكن إشتياقه ليها كان أكبر من رغبة في معاقبتها دلوقتي، قرب من لدرجة خطيرة و قبض على كفيها معًا ورا ضهرها و بالكف التاني حاوط عنقها بيقول بخبث حقيقي:
- خلاص متزعليش أوي .. سيبيني أبوسك زي ما بوست ضُرتك كدا!!!
رفع ذقنها غصب، و مال على وشك إشباع ذلك العنق الطويل قبلات و فعَل بالفعل وسط صراخها و إعترضها الحاد .. و كإن شفتيه باتت مستعملة لا تليق بها، لم تكن قبلة بالنسبة لها، بل كانت بقع من النيران تكوي جسدها بدون رحمة!
مكانتش قادرة تشيل إيديها من إيده و تبعدُه من شدة قبضته على كفيها، لكن بعزم قوتها ضربت بقدمها كاحلُه ضربات عنيفة مأثرتش أبدًا فيه، لكنه قرر يبعد عنها، بصلها و ياريته ما عمل كدا .. عيون حمراء غاضبة و نظرات بترتكز في صدره تخبره بأن الموت أهون لها م موضع شفتيه، ساب إيديها و إبتلع رمقه و هو حاسس إنها إبتدت بالفعل تكرهُه!!، أول ما ساب إيديها و حررها من قبضته بعدت عنه، و راحت للحمام بتصفع الباب خلفها، قعد على الأريكة متجهم الوجه، حاسس بنغزات غريبة في قلبُه، إزدادت أكتر لما رفع عينيه و لاحظ رقبتها الندية .. عِرف إنها غسلتها! بقت تقرف منُه؟! تسائل مصدومًا .. هي اللي كانت بتتمنى قُربه و لمساته، دلوقتي بقت تغسل موضع شفتيه، إتجنن و خرج من الجناح قبل ما يتهور و يندم على اللي ممكن يعمله، خد عربيته و مشي من غير وجهَه، للحظة ندِم .. هو حقيقي وجعها، برغم وجعه من الأمر برمتُه لكنه وجعها أضعاف، 
قطب حاجبيه بيتخيل إحساسها لما شافته بيقبل ندى بتلك الحميمية اللي زيفها ببراعة .. لو كانت الأدوار إتبدلت .. و شافها مع حد يمكن كان خرب الدنيا على دماغها، مجرد تخيل الأمر شوش تفكيرة و كان هيبط في عربية، صف بسيارته جانبًا بيحاول يلملم شتاته، بيفكر أد إيه إنساق بغضبُه لأفعال جنونية ضيعتها من إيديه، قادر العربية تاني و رِجع للقصر، مش عايز حاطة غير إنه ينام في أحضانها، إبتسم بألم متذكرًا حنانها معه قبل تلك النكبة، متذكرًا لحظاتهما معًا، دلف للقصر فوجد والدته تتسامر مع ندى و يبدو أنهما تآلفا بشكل كبير، إستغرب لكنه طلع للجناح اللي بقت تقطن فيه من غير تفكير، فتح الباب بلهفة و دخل الأوضة لكن مالقهاش، فتح باب المرحاض بهمجية لكن بردو ماقالهاش، تسرب القلق لقلبُه، و للحظة شعر بقلق لا مثيل له، و كإنه شعر بأمرٍ ما إستاء له قلبه، كان بيدور عليها زي التايه من أمه .. المجنون اللي عاش عمره كله ضال طريقه و بعد ما لقاه .. نسيه!! مافيش بني آدم إلا و سألُه في القصر، كلهم أكدولُه إن محدش شافها من وقت جلوسها في الجنينة الصبح، ركب عربيتُه و بجون ساق للڤيلا بتاعت أبوها، سأل الحرس لو كانت جات لكنهم نفوا، قطب حاجبيه مصدوم بيحاول يفكر فين راحت .. مالهاش مكان غير بيته و بيت أبوها .. متعرفش حد تروحله!! شد شعره لـ ورا بجنون، و هنا أدرك إنه خسرها .. بالكامل!!
حاول كتير يتصل بيها لكن تليفونها كان مقفول، راح مكتبُه و شغل كُل الكاميرات اللي في القصر و اللي قدام كل البوابات لكن ملقاش ليهة أثر، أخد تليفونه و إتصل بمن يُدعى نادر بيهدر فيه بصوت عالي كلُه قلق:
- أنا مراتي إختفت من بيتي يا نادر!! دورلي عليها .. متسيبش فندق .. مستشفى!!!
سكت مغمض عينيه و قلبه بيوجعه من مجرد فكرة إن ممكن تبقى جرالها حاجة، كمل بعنف و فقدان أعصاب:
- و لا قِسم غير لما تدور فيه يا نادر .. أنا عايز بكرة الصبح عنوانها يبقى عندي!!!
أتاه صوت نادر بتهذيب:
- حاضر يا عزيز بيه .. فيه بس شوية معلومات لازم تبقى معايا عن الهانم عشان أعرف أجيب لحضرتك مكانها بالظبط!
- ماشي يا نادر .. قولي عايز تعرف إيه و أنا هعرفهولك!!
أنهى مكالمته معاه بعدما أعطاه المعلومات الاازمة كإسمها الثلاثي و مواصفاتها، جلس بعدها واضع رأسه بين كفيه محني الظهر لأول مرة، أنفاسُه بالكاد يلتقطها، مش قادر يتخيل إنه ممكن ميشوفهاش تاني، سمع طرقات على الباب فـ قال بإرهاق:
- إدخل!!
دلفت أم حمادة بتوتر، بتقول منكسة رأسها:
- ممكن يا عزيز بيه لو حضرتك فاضي أتكلم معاك في حاجة!!
رفع عيناه لها بتعب و أسند ظهرها على المقعد بيقول:
- أجلي أي كلام دلوقتي يا أم حمادة!
قالت بنظرات ذات مغزى:
- حتى لو كلام يخُص نادين هانم!!!
إنتفض من على مقعدُه، قرب منها بخطوات هرِعة بيقول بلهفة:
- نادين!!! إنتِ عارفة مكانها؟!!!
نفت أم حمادة برأسها مغمغمة بأسف:
- لاء يا بيه مش بالظبط!!
- أومال .. إنطقي يا أم حمادة أنا فيا اللي مكفيني!!
قال بعد ما مسح على وشه بعنف و عروقُه بارزة، هتفت الأخيرة بهدوء:
- حاضر يا باشا .. أنا كنت عايزة بس أقول لحضرتك إني سمعت ثُرية هانم بتتكلم في التليفون مع واحد .. الظاهر إن هو نفسه اللي جابته هنا و هو اللي قتل شريف بيه، كانت بتقولُه إنها عايزاه يبعتلها تسجيل بصوته بيقول فيه إن نادين هانم السبب و بتتفق معاه على مبلغ معين .. مقابل الكلام ده!!
جحظ بعينيه مصدوم من اللي سمعه، و قال بحدة:
- إيه اللي إنتِ بتقوليه ده!!!
هتفت الأخيرة بإرتجافٍ:
- و حياة إبني حمادة يا بيه ده اللي حصل .. و أنا مقدرتش أشوف نادين هانم مظلومة و أقف ساكتة كدا! عشان كدا قررت آجي أقول لحضرتك!!
- يعني .. نادين مظلومة؟!!
 قال و هو بيدور في الغرفة مش قادر يتمالك أعصابه، بيضرب على سطح المكتب قائلًا بعنف:
- ليه .. ليه مقولتيليش! من بدري قبل م أبهدلها معايا بالشكل ده!!! ما ترُدي!! 
هتفت أم حمادة بحزن:
- والله يا بيه كنت خايفة الهانم لو عرفت تقطع عيشي، كنت خايفة أوي يا بيه أعذُرني أرجوك!!!
- طب إطلعي .. إطلعي برا!!!
قال و هو بيشاورلها بأنفاس متقطعة، قاعد على حرف المكتب بقدمين متعبتين، خرجت بالفعل مسرعة، ضرب هو على جانبيه فوق سطح المكتب بكفيه بعنف بيصرخ:
- غـــبـــي!!! غــبــي غـبـي!!! إزاي أصدق إنها ممكن تقتل! إزاي أعمل فيها كدا!!
غصب عنه نزلت دموعه، بيقوم و بيميل على المكتب بيقول بألم:
- خسرتها .. للأبد، خلاص مش هشوفها تاني!!
************
الساحل الشمالي، في أحد الشاليهات بإسم رفعت محمد 
قفلت باب الشاليه وراها، خطت بقدميها الحافية و خلخالها الرنان بتغمر قدميها في الرملة الناعمة، و لأن الوقت في شروق الشمس فـ كان مظهر البحر حابس للأنفاس، ركلت بعض الرمال مُبتسمة، و قعدت على كُرسي قُريب من البحر، مُبتسمة بإتساع، بتضم قدميها لصدرها و بتتنفس بحُرية كبيرة، السعادة مرسومة على وشها لسه بتحاول تُدرك إنها هربت .. هربت بلا عودة، مشيت و سابتُه و إتحررت من سجنُه اللي كان مقيدها، مترددتش لحظة في الهرب، مبصتش وراها .. ندمانه على كل لحظة قررت فيها تصبر على اللي بيعمله و تكمل معاه، و أول ما هربت بمساعدة أم حمادة اللي كانت عارفة كل الأبواب السرية اللي في القصر قررت تغير رقمها و تبدأحياة جديدة كُليًا!! قامت من على الكرسي وفردت ذراعيها جوارها و هي بتقرب من البحر رافعة راسها لفوق بتردد بإمتنان:
- الحمدلله .. أحمدك يارب .. أحمدك يارب!!!
**********
شهر .. إتنين .. تلاتة من اغير ما يعرف عنها حاجة، بقى عصبي بشكل غريب، مبينامش غير ساعة أو ساعتين في اليوم كله .. بيقضي باقي يومه بيلف عليها في الشوارع أو بيشتغل، لكن مافيش نتيجة، حتى نادر مقدرش يلاقيها، حياته إتغيرت بعد ما سابتُه، كإن روحُه إنطفت و ملامحه بقت باهتة، طلّق ندى بعد ما عرف الحقيقة مُباشرةً، و مبقاش بيتكلم مع أمُه إلا للضرورة القصوى، مبقاش طايق يشوف وش ست غيرها .. ولا يلمس غيرها، كان قاعد في مكتبه داخل الڤيلا، لحد ما طرقات على الباب قطعت شروده، سمح للطارق بالدخول فـ دلفت أم حمادة بـ وجهٍ شاحب، بصلها بإستغراب و قال:
- مالك يا أم حمادة .. حصل حاجة؟!
هتفت أم حمادة بـ رجفة:
- مـ .. مافيش يا بيه في واحد .. قاعد برا عايز حضرتك!!!
قطب حاجبيه و قام بيقول بحيرة:
- واحد مين!
سكتت و مقدرتش تنطق فـ خرج من المكتب، و لقى راجل لابس نضاره في إيدُه بعض الأوراق، قرب منه و قال بغطرسته العتادة:
- خير؟!
هتف المُحضر بضيق من أسفل نظارته:
- عزيز القناوي؟
- أيوا!!
هتف الأخير و قدر بدأ القلق يدغدغ قلبه، فـ هتف الأخير يمد له ورقة قائلًا بشماته شعر بها نحو ذلك الطاووس:
- طيب إمضيلي هنا يا حضرت، مراتك مدام نادين رفعت رافعة قضية خُلع عليك و الجلسة يوم ١٢\٩ 
يُتبع
- طيب إمضيلي هنا يا حضرت، مراتك مدام نادين رفعت .. رافعة قضية خُلع عليك و الجلسة يوم ١٢\٩ 
- نـــعـــم!!!
قال بأعين متوسعة، بيخطف منه الورقة و عينيه بتمشي عليها بجنون، غمض عينيه بعد ما شاف إمضتها و إتأكد إنها هي، حاول يهدي نفسُه، و فتح عينيه و قال بهدوء زيفه:
- هي فين؟ تعرف عنوانها؟!
قال الأخير بحدة:
- آه أعرفه .. بس معنديش أوامر أقولهولك!!!
مقدرش عزيز يتحكم في نفسه بعد ما عرف إن اللي قدامه يعرف عنوان مراته، مسك تلابيبه و قال بحدة:
- إسمع يا راجل إنت .. لو بتخاف على نفسك قولي عنوانها و أنا أوعدك مش هأذيك .. لكن قسمًا بربي لو ما قولت، هقعدك في بيتكوا بعاهة، أنا عزيز القناوي .. متلعبش مع عزيز!!!
نظر له الأخير بتوجس، تردد قليلًا إلى أن أبعد كفيه و قال بضيق:
- ماشي .. هقولك بس المدام لو قالت في المحكمة إني عرفتك العنوان بيتي هيتخرب!!
إرتاح قلبُه، و إتنفس و كإن روحُه رجعتله، و قال بلهفة ظهرت غصب عنه في صوته:
- متقلقش .. عهد عليا شغلك مش هيتأثر بحاجة، قولي بس العنوان!!!
إستغرب الرجل من صوته الذي خنع .. و اللهفة اللي ظهرت على ملامح وشُه، من شدة الغرور إلى شدة الحُب، فـ تنهد و أخذ يُملي عليه عنوانها!!
********
- بترفعي على جوزك قضية خُلع يا نادين!! عايزة تخلعي عزيز القناوي!!!
- يـــوه يا عمتو هو أنا كل ما أكلم حد يقولي عزيز القناوي و عزيز زفت!! بقولك حبسني في المخزن و راح إتجوز عليا!! زعلانين من ردة فعلي الطبيعيه جدًا إني أخلعُه؟! طب دي أقل حاجة ممكن أعملها معاه!!!
قالت و هي بتمشي جوار البحر بحدة، قعدت على الرملة بتاخد حجرة و بترميها في البحر بتسمع رد عمتها اللي أغضبها أكتر:
- يا حبيبتي إهدي بس و إسمعيني، عزيز بيحبك أوي و إنتِ كمان بتحبيه و آآآ
صرخت نادين بجنون:
- لاءا يا عمتو مبقتش أحبُه خلاص أحلفلكوا على إيه إني بقيت كارهاه و كارهة إسمه و سيرته!! هحب واحد عذبني إزاي يا عمتو .. هحب واحد حطني وسط الفيران و مفرقش معاه يجرالي إيه إزاي!!! ده إتجوز عليا و جبهالب لحد بيتي و على سريري!!
ثم إسترسلت بضيق من تذكُر الأمر:
- عمتو ممكن تسيبيني دلوقتي شوية؟ ماشي يا حبيبتي سلام!!
حطت هاتفها جوارها بحدة، و تمتمت بتنام على الرملة بتقول بسُخرية:
- قال أحبُه قال!
غمرت ذراعيها في الرمال و غمضت عينيها، محستش بالوقت و نامت، صحيت بعد ساعة بالظبط .. بعد ما حست بحركة غريبة في الشالية خوِّفتها، قامت وقفت و بصت حواليها بتقول بصوت عالي:
- مــيــن!!! مـيـن هـنـا؟!!
حست بخيال بيتحرك حواليها، شهقت بخضة و طلعت تجري على الشاليه، قفلت كل أبوابُه اللي كانت مفتوحة على مصراعيها، و دخلت أوضتها وطلعت من الكومود الخاص بيها مسدس مُرخص يخُص والدها، بصت حواليها بتقول بـ غِل مشهرة المسدس لقدام بطول ذراعيها:
- جيت لـ قضاك!!!
إتحركت بحذر بتبص حواليها و المسدس قدامها، خرجت من الشاليه بتصرخ بحدة:
- لو راجل و رجلك شايلاك إظهرلي!!!
- المسدس يعورك يا حبيبتي!!!
قالها من وراها، بعد ما حاوط خصرها بيقربها منه و ذراعيه إلتفِت حول خصرها و ذراعيها، عرفت صوتُه، و للحظة حسِت بالقرف من ذراعيه اللي بيحاوطوها، بيهمس في ودنها بخبث:
- لاء بس مسكتك للمسدس عجباني!!
وقفت ساكتة، لكن فور إحساسها بلمساته على خصرها المنحوت، بحدة و عنف دفعت براسها للخلف بعنف فـ إرتطمت بـ أنفه ليتآوه بألم، إنفلتت من بين ذراعيه و إلتفتت إليه بتشهر بالمسدس في وشه بتقول بإبتسامة خبيثة:
- و لسه .. في حاجات جاية كتير أوي هتعجبك!!
مسك أنفُه اللي نزفت من خبطتها، غمض عينيه و رجع فتحهم و قال و هو بيمسح الدم مُبتسمًا:
- لاء أنا متأكد!! 
تابع و هو بيقرب منها:
- سيبي بقى البتاع ده كفاية كدا!!
شاورتله بالمسدس بحدة:
- طـب إرجـع كدا يا عسل عشان متزعلش!!!
ضحك عاليًا و حَب شراستها المعهودة لكن المرة دي بـ زيادة أكتر، رجع فعلًا و قعد على الكُرسي قدام البحر فارد ذراعيه على جانبيه:
- رجعت أهو يا قلب العسل .. و قعدت كمان!!!
قربت منُه و لفت حوالين الكرسي، وقفت وراه و حطت مرفقها أسفل ذقنه بتلف دراعها حوالين رقبته والمسدس على دماغه بتقول بعنف:
- إيه اللي جايبك؟
رفع دراعها اللي كان محاوط رقبته لشفايفه و باسه بحُب و رجع حطُه تاني بيقول بتسلية:
- جيت أصفي اللي بينا .. و أشوف روح قلبي زعلانة مني و رافعة عليا قضية ليه و أصالحها!!!
قطبت حاجبيها بضيق من فعلتُه، و غمغمت بحدة:
- بطّل تلزيق .. روح قلب مين يا عسل أنا مش روح قلب حد!!! 
قال بيرفع عينيه ليها راجع براسه لورا:
- لاء إنتِ روح قلبي .. و عُمري و حياتي كمان عندك مشكلة!!
شددت على رقبته بإنفعال حقيقي وضغطت أكتر بـ فوهة المسدس على رأسه صارخة به بحدة:
- قولتلك بطّل اللي بتعمله ده متستفزنيش!!!
قال الأخير مُبتسمًا:
- لو حد مكانك .. و المسدس محطوط على راسي كدا قسمًا بالله ما هيكفيني فيه عُمرُه، بس إنتِ مراتي حبيبتي تعملي اللي إنتِ عايزاه!!
وقفت قُدام و المسدس منزلاه جنبها بتصرخ فيه بحدة:
- أنا مش مراتك يا أخي إنت تنح ليه!!!
قام وقف قُدامها، فـ قطبت حاجبيها بضيق و وجهت المسدس لـ صدرُه بتقول بتحذير:
- متقربش!!
هتف عزيز بهدوء صارم:
- لاء طولة لسان مش عايز!!!
شاورتله بعينيها قائلة:
- طب يلا وريني عَرض كتافك!!
- عنيا بس كدا!!
هتف مازحًا و حرر أزرار قميصه الأبيض من خامة خفيفة، فـ شهقت من فعلته و هدرت في وشه:
- إيه الإستهبال ده .. عزيز إطلع برا بدل ما قسمًا بالله أطلُبلك البوليس!!
قال بعدما ترك قميصه مفتوحًا و السخرية ملت صوته:
- هتقولي للبوليس إيه يا نادين .. هتقوليلهم جوزي كان بيقلع قميصُه قدامي؟!
غمغمت بعنف:
- إنت مش جوزي .. قضية الخُلع اللي رافعها عليك هكسبها إن شاء الله!!!
- عايزة تخلعيني؟
قال و أنامله بيمشيها على ذراعيها بشوق، نفضت كفيه و بحدة رفعت المسدس على جبينه بتقول بقوة:
- إياك تلمسني تاني .. و آه يا عزيز هخلعك!! 
- بس إنتِ لسه بتحبيني!!
قالها بهدوء بيراقب عن كثب ملامح وشها علُّه يتأكد من الأمر، لكنه مشافش في عينيها غير البرود .. و التبلد و كإنه بيكلم واحدة غيرها، للحظة شك إنه يمكن قالها بصوت واطي و هي مسمعتهوش فـ مدتش ردة فعل، لكنها قالت بجمود:
- طب هتصدقني لو قولتلك إني قسمًا بالله كارهة حتى الواقفة اللي وقفينها دي؟ هتصدقني لو قولتلك إني قرفانة من نفَسك القريب مني ده؟ هتصدقني لو قولتلك إني محسِتش بحاجة لما شوفتك دلوقتي؟
سكت .. فضل ساكت بيبُصلها، بيحاول يجمعلها أعذار يعذُر بيها كلامها، يمكن لو كانت قالته و هو مش غلطان غلط كبير كان طلقها في نهاية الكلمة اللي هتطلع من بؤها، لكنه غلطان .. و غلطُه يخليه يطلب منها السماح مئات المرات! جمّع أنفاسه اللي ذهبت إدراج الرياح مع كلماتها، و لملم شتات قلبُه اللي سمع صوت كسرتُه، و قال بهدوء:
- حقك .. و أنا النهاردة جاي أعمل أي حاجة عشان تسامحيني!!
نزلت المُسدس، و قالت بإبتسامة ساخرة:
- عايزني أسامحك على إيه ولا إيه؟ على وقفتك في صف أُمك العقربة ضدي؟ و لا على حبستي في المخزن اللي عيشت فيه ليلة عُمري ما هنساها!! طب ده أنا كنت مبقولش حاجة جوا غير إني مش ههون على عزيز .. و هييجي يطلعني من هنا!
أسامحك على خيانتك ليا و جوازك عليا و لمستك لـ ست غيري!! أنا الحقيقة مش عارفة أسامحك على أنهي غلطة فيهم! بس أنا كرهتك .. وصلتني لمرحلة وحشة مكنتش أتمنى أوصلها أبدًا!!
كانت بتتكلم عادي .. من غير دموع .. من غير تأثُر و كإنها بتسمّع أخبار اليوم، بينما كان هو بيتمزق مع كل كلمة، مكانش عارف يعمل إيه .. عايز يلمسها و يحضنها و يقولها إنه غبي و إنه آسف و يستحق منها أي حاجة .. لكن مقدرش لما لاقاها محاوطة نفسها بأسلاك شائكة رافضة قُربه تمامًا، خد نفَس عميق و بَص حواليه بحيرة و رجع بصلها بيقول فارد ذراعيه:
- أنا قُدامك أهو .. شوفي إنتِ عايزة تنتقمي مني إزاي و أنا معاكي .. خُدي حقك مني!!!
إبتسمت بهدوء .. و غمغمت:
- هاخدُه في المحكمة متستعجلش!!
إندفع بيكوب وجنتيها و بيقرب وشه منها قائلًا:
- إلا ده .. إلا إنك متبقيش على اسم عزيز القناوي!!
قررت تتوجعه أكتر .. مُستمتعة برؤية الألم في عينيه، فـ قالت بهمس فحيحي:
- ليه؟ م تسيبني أشوف حياتي مع واحد يقدرني و يحبني و ميعذبنيش زي م إنت عملت!!!
مقدرش .. مقدرش يتحمل كلامها و أخد إيديها اللي ماسكة المُسدس بيغرزه في صدره و بيقول بصوت عالي موجوع:
- إقتليني .. يلا دوسي .. بس إياكِ تقولي الكلام ده .. الموت عندي أهون بكتير أوي من إنك تبقي مع راجل غيري!!
غرزت بدورها المسدس في قلبُه أكتر و قالت بحدة:
- عايزني أقتلك و أضيع على نفسي نظرة الوجع اللي في عينيك دي؟ اللي أوعدك هتبقى الضِعف و إنت شايفني مع واحد تاني!
- نادين لاء!!
قالها بألم، برجاء و هو بيميل عليها محاوط وجنتيها و في لحظة كان بيمسك إيديها اللي مش ماسكة المسدس، بيُقبلها عدة مراته ظاهر و باطن، و بيرفع عينيه ليها قائلًا و هو حاسس بنغزات في قلبه:
-  سامحيني يا نادين، أنا مش عارف أعيش، حياتي إسودت بعد ما مشيتي!!
بصِت لنظرات الذُل في عينيه بتشفي هي نفسها إستغربتُه، و قررت تذلُه أكتر لما قالت بهدوء:
- إنت الظاهر بردو لسه مش فاهمني، الفكرة مش في إني أسامحك و لا لاء، الفكرة إني مش هقدر خلاص أعيش معاك تاني، أنا مش بس قفلت الصفحة .. ده أنا حرقت الكتاب!!
و إسترسلت:
- و بعدين يعني هو حلال ليك و حرام عليا، م إنت جبت واحدة عليا قعدتها في بيتي و في أوضتي و نيمتها على سريري .. على الأقل أنا مش هنام معاه على سريرك!!!
- نـــاديــن!!
هدر بها و مقدرتش يتحمل جملتها الأخيرة، أخد أنفاس عميقة و قال بحزن:
- أنا لا لمست ندى و لا سمحتلها تنام على سريرك، كانت بتنام على الكنبة اللي برا الأوضة و هي ليلة أصلًا اللي نامت فيها هناك بعد ما هربتي .. أنا ملمستهاش و رحمة أبويا!!!
رفعت حاجبيها بتقول بسخريرة مريرة:
- ملمستهاش؟ يعني أنا كان بيتهيألي بقى لما شوفتكوا من ورا الباب و إنت بتبوسها، و لو كنت وقفت كمان شوية الله أعلم كان حصل إيه!!
مسك كفيها معًا بيُقبلهم قائلًا بحنو:
- ولا حاجة يا حبيبتي .. ولا كان هيحصل حاجة، أنا بوستها ساعتها عشان شوفتك واقفة بتبصي علينا، قسمًا بربي أنا كنت قرفان و أنا بعمل كدا، أنا شفايفي ملمستش جسم ست غير جسمك، و لا شفايف غير شفايفك!!
قطبت حاجبيها بتقول بحدة:
- م كفاية كدب بقى .. ده أنا شايفاكوا بعيني .. الإحساس اللي كنت بتبوسها بيه كان تمثيل؟ و عايز تفهمني إنك ملاك عشان تقعد مع واحدة زي ندى تحت سقف واحد و متضعفش!!!
حَس بالقرف لمجرد الفكرة، فـ قال بوجهٍ منكمش و ملامح متقززة:
- أضعف إيه و أنيل إيه .. إنتِ فاكراني أخلي أي واحدة كدا تترمي في حضني عادي، و تاخد مكانك بالسهولة دي، الحضن ده محجوز ليكي بس، منطقة مُلغمة لغيرك و كلها وَرد ليكي! محدش بيقرب من حضني غيرك!!
فضلت ساكتة لحظات و هي شايفة الصدق في عينيه، إلى أن قالت بهدوء:
- هتطلقني و لا أخلعك؟
ثم تابعت بجمود:
- أنا شايفة إنك تطلقني أحسن بكتير .. أحسن ما يتقال على عزيز القناوي إن مراته خلعتُه!
سابها، رجع خطوات لورا بيرفع وجهه للسماء و بيناجي ربه و هو بيمسح على وشه بعنف، حاول يهدى لإن مش من مصلحته دلوقتي يثور و يغضب، و إتحلى بالصبر و قعد على الكرسي بيقول بإبتسامة:
- القعدة هنا جميلة، بس مزهقتيش؟ تلات شهور قاعدة لوحدك بتعملي إيه؟
قررت مُجاراته فـ قالت بهدوء:
- أي مكان إنت مش فيه بالنسبالي هيبقى جنة! و عادي قعدت إتعلمت شوية فنون قتالية مع حد كان بييجي هنا يدربني!!
- كان بيـ إيـــه!!!!
إنتفض من على مقعدُه صارخًا بها، مسك دراعها و لفها ليه و قال بعنف و إتبخر في لحظة الهدوء اللي كان عليه:
- كان بييجي يدربك هنا .. لوحدكوا؟ و يلمس جسمك؟!!
قطبت حاطبيها بتنزع دراعها من كفه بعنف قائلة:
- بطّل همجية، هيلمس جسمي ليه!! إنت فاكر إن أي واحد و واحدة مع بعض في مكان واحد يبقى بيحصل بينهم حاجة شمال!!
غمض عينيه و قال بنبرة أقل علوًا:
- لاء مش كدا .. أنا واثق في تربيتك!! أنا قصدي إنه عشان يدربك أكيد كان بيلمس جسمك و آآ!!
سكت!! حاسس بـ نار في قلبه لو شرب البحر اللي قُدامه ده كلُه مش هتتطفي، بِعد عنها و خد خطوات لـ جوا الشاليه إيدُه على قلبه بيحاول يهدي دقاته العنيفة، بيضرب على الطاولة اللي في الشاليه بقسوة، و ضرب على الحيطة لحد ما حَس بـ سائل دافي بينزل من كفه، مهتمش و قعد على الكنبة، دخلت هي الشاليه بضيق من أفعالُه الهوجاء، صرّخت فيه بحدة و هي بتشاورله بـ سبابتها:
- بقولك إيه .. إنت مش في بيتكوا عشان تخبط و تكسّر إنت فاهم!! اللي يقعد هنا يقعد بإحترامه و لو عايز الحقيقة فـ أنا مش قابلة بوجودك أصلًا!!!
عينيه المُتعبة .. و ملامح وشُه المطفية .. كان بيبُصلها و كإن ألم الدنيا كلُه إتجمع في عينيه و قلبُه، كلماتها لسه بتتردد في ذهنه، فـ قام مشي ناحيتها بتعب، مِسك أكتافها فـ طُبعت الدماء على ذراعيها، بصت لدراعها اللي إتلطخ بدمُه بخضة، و حاولت تبعد نفسها عنه بتقول بتوجس:
- إنت بتعمل إيه! إبعد كدا!!!
كان كإنه مغيب، بيقول و راسه بتنحني ليها لفرق الطول بينهم، و صوته خرج ضعيف مُتألم:
- هتقدري .. هتقدري تبقي مع راجل غيري؟ عايزة تسيبيني عشان تتجوزي غيري .. عايزة تقتليني!!
هتفت بضيق و هي بتبصله ببرود:
- هو إنت ليه مش عايزة تصدق إن حكايتنا خلصت خلاص؟ خلاص يا عزيز أنا خرجت من حياتك .. و إنت اللي خرجتني!!!
قالت و غرزت إظفرها في صدره، غمض عينيه و ميِّل على كتفها ساند جبينه عليه بيقربها لحضنه بيقول بصوت ضعيف:
- طب أنا آسف .. حقك عليا أنا غبي .. قوليلي طيب أعمل إيه و أنا هعملُه!!
- إتأخرت أوي!!
قالتها مبتسمة بسخرية، شامتة في الضعف اللي واضح على معالمُه، إتكلمت من فوق كتفه بتقول و كإنها قاصدة توجعُه أكتر:
- هو البني آدم كدا مبيعرفش قيمة النعمة غير لما تزول من وشُه!!!
- نادين .. كفاية!!!
كتمت صدمتها لما حسِت بدموع على كتفها، عزيز القناوي اللي نافِش ريشه على كل الناس بيعيط في حضنها، شعور دموعه اللي بقت تجري على رقبتها كإنها مابة نزلت على نار موقودة، شعور بلذة و إنتصار غريب، إبتسمت غصب عنها من فرحتها، و ربتت على ضهره بتقول قاصدة تدوس على ألمُه أكتر:
- خلاص يا عزيز .. صدقني موضوعنا خلص، شوف حياتك و سيبني أنا كمان أشوف حياتي مع راجل يقدرني و آآ
بتر عبارتها لما شدد على كتفيها و هو لسه في حضنها بيقول برجاء:
- كفاية يا نادين و رحمة أبوكِ أنا ملصَّم نفسي بالعافية!!
صكت على أسنانها بحدة و قالت:
- بتحلفني برحمة أبويا يا عزيز؟ مش أبويا ده اللي كنت عايز تنتقم منه فيا؟ مش ده بردو اللي إستأمنك عليا و في الآخر بهدلتني و ذلتني و فرحت أمك العقربة فيا!!
سكت .. مش عارف ينطق، مبيعملش حاجة غير إنه بيشدد على قُربها، و كإنه خايف يكون بيحلم .. تكون دي اللحظات الأخيرة اللي مؤخرًا بقى بيحلم بيها و هي في حضنه قبل ما يقوم على صوت المنبه و يكتشف إنه كان بيحلم، و إنه لسه في واقعُه اللي مبقتش هي موجودة فيه، دفن أنفه أكتر في رقبتها بيهمس بألم:
- متسيبينيش يا نادين .. مش بعد كُل ده .. خليكِ معايا!!!
يُتبع
- نادين .. كفاية!!!
كتمت صدمتها لما حسِت بدموع على كتفها، عزيز القناوي اللي نافِش ريشه على كل الناس بيعيط في حضنها، شعور دموعه اللي بقت تجري على رقبتها كإنها مابة نزلت على نار موقودة، شعور بلذة و إنتصار غريب، إبتسمت غصب عنها من فرحتها، و ربتت على ضهره بتقول قاصدة تدوس على ألمُه أكتر:
- خلاص يا عزيز .. صدقني موضوعنا خلص، شوف حياتك و سيبني أنا كمان أشوف حياتي مع راجل يقدرني و آآ
بتر عبارتها لما شدد على كتفيها و هو لسه في حضنها بيقول برجاء:
- كفاية يا نادين و رحمة أبوكِ أنا ملصَّم نفسي بالعافية!!
صكت على أسنانها بحدة و قالت:
- بتحلفني برحمة أبويا يا عزيز؟ مش أبويا ده اللي كنت عايز تنتقم منه فيا؟ مش ده بردو اللي إستأمنك عليا و في الآخر بهدلتني و ذلتني و فرحت أمك العقربة فيا!!
سكت .. مش عارف ينطق، مبيعملش حاجة غير إنه بيشدد على قُربها، و كإنه خايف يكون بيحلم .. تكون دي اللحظات الأخيرة اللي مؤخرًا بقى بيحلم بيها و هي في حضنه قبل ما يقوم على صوت المنبه و يكتشف إنه كان بيحلم، و إنه لسه في واقعُه اللي مبقتش هي موجودة فيه، دفن أنفه أكتر في رقبتها بيهمس بألم:
- متسيبينيش يا نادين .. مش بعد كُل ده .. خليكِ معايا!!!
- مُستحيل .. لو حطيت سكينة على رقبتي مش هفضل معاك أبدًا تاني!!!
قالت بقلب مُتبلد، دموعه .. رجاؤه و همسه الضعيف مأثروش فيها، بعدتُه من كتفيه بتزيحه عنها فـ إهتزت عينيها لما شافت مقلتيه اللي بقوا كُتلتين من الدم، وشُه الأحمر و المشدود بعروق نافرة، منظر لأول مرة تشوفه عليه، لطالما إعتادت قسوة محياه .. تبلُده و جموده، دي أول مرة تشوفه بالضعف ده، بعدت عنه بتوليه ضهرها وهي ضامة ذراعيها قدام صدرها، بتحاول تجمع كلمات عشان تقولها بعد منظرُه اللي بعثرها، لحد ما قالت بصرامة:
- إطلع برا يا عزيز .. قولتلك وجودك مش مُرحب بيه، مش عايزة أشوفك تاني غير في المحكمة بعد ما أكسب قضيتي و أخلعك، و أوعدك  هعمل كل اللي في طاقتي عشان أكسبها و أنهي الرُباط اللي ما بينا .. للأبد!!!
وقف بيبصلها و مكانش كفُه بس اللي بينزف، قلبُه بينزف أضعاف، حتى الظاهر من نزيفه مهتمتش بيه عكس لهفتها عليه و شخصيتها في الأول، مشي فعلًا و هو حاسس بكسرة أول مرة يحسها .. أول مرة دموعه تنزل من لما كان عيّل، حتى بعد وفاة أبوه و أخوه لم يرف له جفن، لكن خسارتها كانت أكبر من تحملُه و إدراكه، طلع لعربيته في الجراچ و فضل قاعد فيها، لا هو قادر يبعد عنها تاني و يرجع القاهرة من غيرها، ولا قادر يفضل معاها في نفس المكان و يظهرهلها ضعفُه .. و يعري روحه ليها بالشكل ده، فضل قاعد في العربية طول الليل، مرجّع راسُه لـ ورا و عينيه مغمضة و كإنه بين الوعي و اللاوعي، أفراد الأمن لاحظوا وجوده، فـ هاتف أحدهم نادين بيقول بهدوء:
- نادين هانم .. في واحد لسه خارج من عند حضرتك من حوالي ٥ ساعات، و لحد دلوقتي لسه قاعد في عربيتُه!!!
وقفت نادين تستمع له بصدمة، لكنها تنهدت و قالت بهدوء:
- سيبُه يا محمد!!
أغلقت معه الخط، و قعدت بـ عقل مشوش، مش هتنكر إن دموعه صدمتها، و على الرغم من فرحتها في ضعفُه إلا أن الموقف أهابها، حاولت تبعد الأفكار دي عنها و قامت تطبخ حاجة تاكُلها مُرددة بضيق:
- يتفلق!!!
**********
أربعة و عشرين ساعة في العربية .. يوم كامل من غير أكل ولا شُرب و كإنه قاصد يعاقب نفسُه، يمكن ربنا يغفرله و يرجعها تاني لحياته، تملكت الدوخة منه، هو دلوقتي مجبور يفضل في العربيه لإنه مش هيقدر يسوق بحالتُه دي، كإن الدم كلُه بيتسحب من جسمُه، رجّع الكُرسي لـ ورا، و بإنمليه ضغط على جفنيه بتعب، لكن إنتفض لما إلتقطت أذنيه طرقات على إزاز عربيته، فتح عينيه بلهفة و زي ما توقع .. هي! بسُرعة غريبة و كإنه للتو بس مُد بـ كم لا بأس بيه من الطاقة فتح الإزاز، و كان هيفتح الباب ينزلها لكنها دفعت الباب تاني بتقول بضيق:
- متنزلش .. خُد بعضك و إمشي و كفاية فضايح بقى لحد كدا!!
صوتُه خرج بالعافية بيقول بإرهاق:
- مش همشي غير و إنتِ معايا!!
ضربت فوق باب سيارته بكفها بغيظ و هتفت بعنف و لكن بصوت هامس عشان الأمن ميسمعوش:
- إنت كدا هتفضل هنا طول عمرك عشان أنا مش هرجع معاك!! إمشي يا عزيز و بلاش شغل عيال!!!
عزيز القناوي بيتقاله هشغل عيال! إبتسم ساخرًا من الحال اللي وصلُه، مسح على وشه و قال بأعين مُسبلة من الإرهاق:
- أنا مش هعرف أسوق بـ حالتي دي .. لو سوقت العربية دلوقتي هتقلب بيها!!!
إعتدلت في وقفتها بتزدرد ريقها بتوجس .. تأملت التعب اللي بادي على وشُه، و جسمه اللي رغم ضخامته لكنها حاسه إنه هزيل و كإنه مش قادر يصلب طولُه، طرقت بقدمها اليمنى الأرض عدة مرات بتقول و هي مكتفة ذراعيها بتبص بعيد عنه:
- و المطلوب مني إيه دلوقتي؟!!
هتف عزيز و قد بدأ الدوار يتملك منه:
- مش .. عارف!!
قطبت حاجبيها عايزة تضرب كف بكف على الحالة اللي هو فيها، تنهدت و فتحت الباب، مسكت دراعه و قالت بهدوء:
- حاول تنزل معايا!!
لمستها لدراعه أعادته لوعيُه، فـ بص لـ كفها بإشتياق شديد و هو قابض على صلابة ذراعه، و حاول فعلًا يقوم لكن مقدرش، سند رجليه على الأرض و حط راسه بين إيديه ساند مرفقيه على ركبته بيغمغم:
- مش قادر .. راسي تقيلة!!
داعب القلق قلبها أكتر، فضلت ماسك دراعُه بتلقائية و بصِت وراها، شاورت لـ محمد أحد أفراد الأمن بتطلب منه:
- محمد معلش تعالى إسندُه معايا .. عشان زي مـ إنت شايف ما شاء الله يعني هولاكو!
إبتسم محمد و قال بهدوء:
- حاضر يا مدام نادين!
كان محمد بِـ بنية قوية لكن لا تماثل عزيز، حاول إسناده بمساعدة نادين و إستطاعوا السير بيه لـ جوا الشاليه، قعدوه على الكنبة فـ وقفت نادين تلتقط أنفاسها بتربت على قلبها و هي بتقول:
- يا خرابي .. نفَسي إتقطع!! هُما بيأكلوك إيه!!!
غادر محمد بعدما إستأذن منها، بينما هي مالت على عزيز اللي غمض عينيه بتعب، بصتلُه بحيرة و قالت:
- بقولك إيه .. فوّق كدا معايا!!
- مايه .. عايز .. مايه!!
قال و هو بيبلل شفتيه بعطش رهيب، فـ أسرعت هي للمطبخ بتجيب إزازة مايه من التلاجة، و رجعت تديهالُه، خطفها منها و شربها كلها في نفس واحد، وقفت مذهولة و للحظة أشفقت عليه، فـ غمغمت و قد غلبتها عاطفتها الأنثوية:
- جعان؟
فتح عينيه نصف فتحه، و رجع غمضهم تاني و هو بيومئ بتعب شديد، فـ غرزت أسنانها بشفتيها و عينيها بتدور بحيرة، و رجعت قعدت جنبه بتطلع تليفونها من جيب بنطلونها:
- طيب دقيقة هعمل أوردر!!
و بالفعل أجرت إتصال لمطعم قُريب منها، و تلقائيًا أثناء كلامها في التليفون حطت كفها على فخذُه و كإنها بتدعمُه، أنعشت حركتها قلبُه، و مسك كفها بشوق بيحتفظ بيه في حُضن كفه، تنحنحت هي بحرج مُدركة فعلتها، و حاولت جذب كفها من باطن راحته لكنُه أبَى، بيقول بإرتجاف:
- حاسس إني سُخن!!
و رفع كفها لـ وشُه و جبينُه فـ شهقت بتقول بخضة:
- ده إنت مولّع!!!
حطت كفها على جبينه و وجنته و رقبته و بداية صدرُه بتتأكد لو الحرارة شاملة جسمه كلُه، و كان هو في أشد اللحظات إستمتاعًا بـ ملمس كفها على بشرته، و بالقلق اللي شافه في عينيها، تمتمت هي بتبص حواليها مش عارفة تعمل إيه:
- أعمل إيه طيب دلوقتي!!
- قلّعيني القميص، مش مستحمل على جسمي حاجة!!
قالها بصدق، فِ قماش القميص كإنه معمول من نار مزود حرارة جسمه أكتر، حررت هي أزرار قميصه و نزعته من فوق جسمُه،و قامت بسُرعة من جنبه بتجري على المطبخ مش بتقول غير:
- هيموت .. هيموت بسببي!!
خدت قالب التلج و خرّجت منه المكعبات و صبت عليه مايه ساقعة، خدت بندانة ليها و راحتلُه، حطت الطبق و البندانة على الطاولة الصغيرة، و مسكت ذراعيه بتقول بلهفة:
- بُص حرّك جسمك معايا شوية و نام على ضهرك!!
- مش قادر يا نادين!
قال بكذب المرة دي، هو يقدر يحرك نفسه و يستلقي لكنه كان مُنعم .. مُتلذذ بقُربها، زفرت هي بحيرة حقيقية و ميلت عليه و قربت منه، شبه خدته في حضنها بتحاوط أكتافه العريض و بتزقها برفق عشان ينام، غمض عينيه بيستمتع بقُرب أنفاسها منُه، و ريحتها اللي إفتقدها جدًا، حاول يخشب جسمه عشان يستمتع بقُربها أكتر و هدير أنفاسها المتعبة من المجهود اللي بتعملُه، لكنه أشفق عليها وساعدها و نام بالفعل على ضهره، حطت مخدة تحت راسُه و قعدت على الكنبة جنبُه بتحمد ربها إن كنبتها كبير و تسعهم، بصتله بقلق و خدت الطبق حطته على حجرها، غمست البندانة في الماية المتلجة و رجعت حطتها على جبينه، قطب هو حاجبيه من البرودة اللي إتحطت فجأة على جمر بيشتعل، تمتمت هي بشفقة بتقول و هي بتبصله:
- معلش .. دلوقتي جسمك بتعود على برودتها!!
إبتسم .. لسه حبيبته حنينة زي ما هي، لسه قلبها رقيق و نضيف، أد إيه لام نفسُه على ظنه فيها، لو كان يقدر ينتقم من نفسه على كل وجع خلاها تحسُه كان عمل كدا، جلوسها جواره و إهتمامها بيه زود تأنيب ضميرُه أكتر، خلاه عايز يقعد تحت رجلها و يعتذرلها الباقي من عُمره، فاق على لمسات من باطن كفها على وشُه كله بتمسح بالماية على أنحاء وشُه و رقبتُه، فتح عينيه و فضل يبُص لـ معالم وشها اللي بتتغير ما بين قلق و حيرة و خوف، خدت البندانة اللي إتنقلتلها حرارته و غمرتها في المايه تاني و مشت بيها على صدره العاري، قاطع تأمله إياها صوت تليفونها، حطت الطبق على الطاولة و قامت بترد مُسرعة:
- أيوا يا محمد .. ماشي تعالى خُد الفلوس و حاسبه و هات منه الأوردر!
طلّع عزيز من جيبه محفظته و مدها ليها بيقول بصوت متقطع:
- خُدي .. حاسيبه!!
بصتله بضيق و هتفت بحدة:
- خليهُملك!!
و راحت على أوضتها تجيب الفلوس فـ إتنهد و حط المحفظة على الطاولة، طرق محمد على الباب فـ شاورلُه عزيز عشان يدخل بيقول و هو بيشاور على المحفظة بعينيه:
- خد الفلوس يا محمد و حاسبُه .. بس بسرعة!!
أومأ محمد و فتح المحفظة بحرج و أخد المبلغ و رجع حطها مغادرًا، خرجت نادين بعد بُرهة و في إيديها الفلوس بتقول بإستغراب:
- محمد لسه مجاش؟!
هتف عزيز بتعب و قد ظهر الضيق على وشه:
- متسوقيش فيها بقى مش كُل شوية محمد محمد .. قولي سيكيورتي ولا زفت!!
بصتله شزرًا و قالت ساخرة:
- بالله عليك خليك في اللي إنت فيه! 
جه محمد بعد ثواني بيديها الكيس، فـ ناولته المال لكنه قال بهدوء:
- خلاص يا مدام البيه حاسبني!!
بصتله بصدمة و قالت:
- حاسبك؟ حاسبك إمتى؟!
قال الأخير بهدوء:
- من شوية .. عن إذنكوا!
و غادر، بصتلُه بضيق و قالت بحدة بتحط الكيس على الطاولة بعنف:
- إنت هتبأشش عليا ولا إيه؟!!!
غمض عينيه بقلة حيلة منها، و قال بهدوء:
- في واحدة تقول لجوزها هتبأشش عليا!!
- كُنت جوزي .. خلاص مبقتش أعتبرك كدا فاهم؟!!
قالت و هي بتشهر بـ سبابتها في وجهه، فـ طالعها للحظات قبل ما يقول:
- لولا إني مش قادر كُنت قومت و أثبتلك إنك مراتي و خليتك تعتبريني جوزك!!
قعدت جنبه و قالت و هي بتفتح الأطباق المغلفة بعناية:
- آدي أخرة الجبروت يا ابن القناوي!!! مش قادر تحرك إيد و لا رِجل!!!
إبتسم غصب عنه، مُستعد يتحمل أي كلمة منها تجرحُه مقابل إنها قاعدة قُدامه كدا و عارف يملى عينه منها، قال و خصلاتها المفرودة على ضهرها بيتمنى لو يقدر يغلغل أنامله فيهم:
- فرحانة فيا؟!
أخدت قطعة من اللحمة المشوية، و أطعمته قائلة بحدة:
- فوق ما تتخيل!!
إبتسم و هو بيمضغ الطعام اللي يكاد يجزم إنه إزداد حلاوة بعد ما لمسته، حاول يعتدل في جلسته و يسند ضهره عشان يعرف ياكل، لكنه قطب حاجبيه بألم لما أسند كامل جسدُه على كفه المجروح، لاحظت هي فعلتُه فـ أطعمته بضيق غير مبالية، بينما قال هو بهدوء:
- مكُنتيش عملتي كدا!!
قال و هو بيشاورلها بعينيه على إطعامُه، فـ إبتسمت ساخرة بتقول و هي بصاله في عينيه بقوة معتدلة في جلستها عشان تبقى في مواجهته:
- إنت فاهم غلط خالص، أنا طبيعي أعمل كدا مع أي حد مش معاك بس .. و لو كان أي حد مكانك كُنت عملت نفس الحاجة، إعتبر نفسك غلبان و بعطف عليك!!
ضحك بضعف بيقول و هو يكاد ياكُلها بعينيه:
- أنا غلبان؟! عزيز القناوي غلبان؟
قالت قاصدة إغاظتُه:
- و مسكين كمان!!!
تنهد و مسك كفها بيقول بحنان ظهر منه فجأة:
- أنا فعلًا غلبان و مسكين و بحبك!!
نزعت كفها عنه بعنف و قامت من جنبُه بتشاوله بصباعها بحدة و بتهدر فيه بعنف:
- إسمع بقى .. أنا مش هفضل أمرَّضك كدا!! إنت خلاص بقيت زي القرد أهو، هجيبلك حاجة تتغطى بيها و هكسب فيك ثواب، بس أول م الصبح يطلع مش عايزة أشوفك سامعني ولا لاء!!!
إهتاج صدرها من شدة غضبها، رجّع راسُه لـ ورا بتعب بيغمغم:
- ماشي!!!
راحت لأوضتها و خدت غطا، كانت هترميه عليه لكن حالته خلتها تشفق عليه، حطت الغطا عليه و حاجبيها منكمشين بضيق شديد، بصلها و قال:
- طب ممكن شوية ماية؟
- طيب!
قالت بعدما تأففت، و خدت إزازة تانية و رجعتله، مدتها ليه بنفاذ صبر، فـ تعالت أنفاسه بيقول بتعب:
- مش قادر و الله أحرك شبر فيا، جسمي همدان أوي! شربيني إنتِ!!!
- الصبر من عندك يارب!!!
قالت و هي بتفتح غطا الإزازة، و بتقعد جنبه، و بتلقائية شديدة حطت باطن كفها أسفل ذقنه خشية أن تتساقط القطرات على جسدُه، إرتشف هو من الإزازة، يتمنى لو كان بإستطاعته تقبيل كفها المثبت أسفل ذقنه و لا يترك به إنشًا سوى بعد أن يشبعه قبلات، رفع رأسه علامة على إنه إنتهى من الشرب، فـ أبعدت فوهة الزجاجة و غطتها بالغطا و تركتها جواره، قامت و كتفت ذراعيها قائلة بإستنكار:
- الباشا يؤمر بحاجة تانية؟!
- لاء يا قلب الباشا!
قالها بإبتسامة عذبة، فـ طالعته بضيق و سابته و مشيت، قفلت الباب بالمفتاح عليها كويس مغمغمة:
- هعمل إحتياطاتي عشان ميفكرش يعمل حركاته الزبالة دي معايا!!!
أسرعت للمرحاض تستحم و تبدل ثيابها لـ قميص للنوم من الحرير باللون البنفسجي الفاتح، قصير يصل لِما قبل ركبتيها، تهدل على جسدها فأظهر قوامها الممشوق، حررت خصلاتها و خلدت إلى النوم بإرهاق
*******
بالكاد عِرف يغمض عينيه، من شدة تعبُه نام لكن بعد مُعاناه، و صحي على الشمس اللي تسللت من أبواب الشاليه الزجاجية،  حاول يقوم و حمد ربُه على التحسُن اللي بقى عليه، شال الغطا و أخد الإزازة من على الطاولة عشان يشرب، خرج من الشاليه بيشعل سيجارتُه و هو بيتأمل البحر و ألف سؤال و سؤال في دماغُه، لحد ما خلص سيجارتُه و رمى بقيتها على الرملة، دخل الشاليه و إتوجه للأوضة اللي هي نايمة فيها، حاول يفتح الباب لكنُه كان مقفول بالمفتاح، تمتم بضيق:
- قافلة على نفسك يا نادين!!!
طلع برا الشاليه بغضب و لف حواليه لقى باب إزاز بعرض الحائط عليه ستارة عشان تمنع وصول الشمس ليها، حاول يفتحُه فـ إتفتح، إعتلت الإبتسامه وجهه و توسعت عينيه بلهفة لما بقى قُدامها فعلًا، كانت نايمة على السرير بقميص نوم لم يخفي قدميها الرشيقتان، حبس أنفاسه و عينيه بتمشي عليها بإشتياق حقيقي، من أول خصلات المفترشة الوسادة خلفها، وشها اللي بتزداد براءتُه و هي نايمة، ذراعيها .. و آه من ذراعيها اللذان يحتضنا وسادة صغيرة و رأسها عليها، تمنى لو كان هو بدل تلك الوسادة اللعينة، تمنى لو بإستطاعته الشعور بذراعيها يلتفا حول خصره مجددًا .. و تغمر رأسها في صدرُه مرةً أخرى، كيف له أن يُحرَم من أشياء كانت تبقيه على قيد الحياة؟ .. كيف يُحرم منها؟ 
سار بخطوات بطيئة لها، عيناه تتشرب كل إنش منها علُّه يشبع و يكتفي، جلس بجوارها و مال عليها مستندًا بكف فوق الفراش جوار صدرها و بكفُه الآخر أخذ يُغلغل أنامله في خصلاتها، يجذبهم على كفُه و يميل أكثر لكي يستنشق رائحتهم التي إشتاقها، تركهم على ظهرها، يُبعد خصلة ثائرة من فوق مٍحياها و يتركها خلف أذنها هامسًا و قد لمعت عيناه بالدموع:
- وحشتيني .. أوي و الله!
يُتبع
كانت نايمة على السرير بقميص نوم لم يخفي قدميها الرشيقتان، حبس أنفاسه و عينيه بتمشي عليها بإشتياق حقيقي، من أول خصلات المفترشة الوسادة خلفها، وشها اللي بتزداد براءتُه و هي نايمة، ذراعيها .. و آه من ذراعيها اللذان يحتضنا وسادة صغيرة و رأسها عليها، تمنى لو كان هو بدل تلك الوسادة اللعينة، تمنى لو بإستطاعته الشعور بذراعيها يلتفا حول خصره مجددًا .. و تغمر رأسها في صدرُه مرةً أخرى، كيف له أن يُحرَم من أشياء كانت تبقيه على قيد الحياة؟ .. كيف يُحرم منها؟ 
سار بخطوات بطيئة لها، عيناه تتشرب كل إنش منها علُّه يشبع و يكتفي، جلس بجوارها و مال عليها مستندًا بكف فوق الفراش جوار صدرها و بكفُه الآخر أخذ يُغلغل أنامله في خصلاتها، يجذبهم على كفُه و يميل أكثر لكي يستنشق رائحتهم التي إشتاقها، تركهم على ظهرها، يُبعد خصلة ثائرة من فوق مٍحياها و يتركها خلف أذنها هامسًا و قد لمعت عيناه بالدموع:
- وحشتيني .. أوي و الله!
مسك كفها الصغير .. فتحه و طبع قبلة فوق راحتها .. تحولت لـ عدة قُبلات على باطن كفها و رسغها، ليسند جبينه على مِعصمها و تساقطت دمعة خائنة منه تدحرجت من فوق رسغها، مسح عيناه و إبتسم بحُزن يميل على جبينها يُقبله، إزداد لهيب قلبُه و إشتياقه لها يزداد، فـ قبّل شفتيها قبلة رغم سطحيتها إلا أنها كانت عميقة .. فـ بدى و كأنه يتنفسها، إبتعد قبل أن يُقدم على شيء أكبر، و خرج من الشاليه يعود و يدلف للبهو ليرتدي قميصُه و يأخذ هاتفُه و متعلقاتُه و يغادر، يجري إتصالًا يقول فيه:
- عايزك تبعتلي طقم حراسة على شاليه في الساحل يا نادر، هبعتلك اللوكيشن على الواتساب!!
******** 
 إستفاقت من نومها .. سعلت بقوة بتسند مرفقيها على السرير و ريحتُه محاوطاها في كل مكان، بصت حواليها .. و بعد لحظات شهقت و هي بتتنفض من فوق السرير بتقوم مرددة:
- دخل .. دخل هنا!!
 خرجت من الأوضة و دوّرت عليه بعينيها في المكان لكن ملقتهوش، فـ غمغمت براحة:
- مشي .. أخيرًا!
لكنها قطبت حاجبيها بتكلم نفسها:
- بس دخل إزاي و أنا قافلة الباب!
دخلت الأوضة تاني فـ لاحظت الباب الزجاجي مفتوح قليلًا، شدت شعرها لـ ورا بتقول بحدة:
- غبية .. غبية يا نادين!!
صدح هاتفها برنين من فوق الكومود، خدت التليفون و ردتت بضيق:
- ألو
- قميص النوم كان يجنن عليكِ!!
شهقت بصدمة بعد ما إتعرفت على صوته، مسكت التليفون بإيديها الإتنين بتهدر فيه بعنف:
- إنت بني آدم سافل .. إزاي تدخل عليا الأوضة كدا و جبت رقمي منين أصلًا!!
قال عزيز و هو يطرق بأناملُه فوق مكتبه في الشركة:
- لو كنتِ قُدامي و قولتيلي إني سافل .. كُنت هوريكِ براعتي في إثبات وجهة نظرك دي!!! و بالنسبة لرقمك .. فـ أنا جبت عنوان .. مش هجيب رقمك الجديد يعني!!
ثم تابع مستمتعًا:
- و بعدين يا حبيبتي أنا جوزك .. إن شالله أشوفك من غير قميص النوم خالص إيه مشكلتك، هي يعني دي أول مرة أشوف جسمك فيها؟!
إزداد غيظها من كلماته، فـ طرقت فوق الكومود بحدة بتقول:
- عــــزيــــز!!!!
- يا عيون عزيز!!
هتف مبتسمًا .. متلذذًا بإسمه اللي بقاله كتير مسمعهوش منها، فـ قالت بنزق:
- بطّل بقى تعيش على ذكرياتك دي .. هتفضل مُجرد ذكريات!
إتنهد و قال بحُب:
- أوعدك هخليها حقيقة تاني قُريب!!
ثم تابع بمكر:
- زي ما عملت كدا النهاردة ودخلتلك هَريتِك بوس!!!
- إيـــــه!!!
هتفت مصدومة حاطة كفها على شفتيها السُفلى المُنفرجة، إهتز قلبها بعنف لما كمل بنفس النبرة الخبيثة:
- إيه يا حبيبي؟ مقدرتش أمسك نفسي طيب أعمل إيه؟ و لا رجلك و صــ!!!
قاطعته بتصرخ فيه مشيرة بكفها:
- بـــس .. بـــــس يخربيتك إنت بتقول إيه!!! إنت .. إنت إزاي تعمل كدا .. ده جازاتي إني قعدتك عندي!!
ضحك بقوة لدرجة إن راسُه رجعت لـ ورا، و رِجع يقول بإبتسامة:
- متقلقيش يا حبيبتي .. حاولت أعمل كنترول و متهورش أكتر من كدا!!!
- أد إيه إنت حقير و حنين!!
قال بسخرية، فـ ضحك و هو بيقول:
- لسانك طِول أوي يا نادين .. إعملي حسابك إني هطلع كُل ده عليكي لما نرجع!!
شدت شعرها يجنون بتصرخ فيه:
- إنــــتَ مـــوهــــوم!!! مـــش هـــنـــرجـع و رحـمـة أبـويـا ما في رجــوع!!!!
سكت .. و طال صمته و هو سامع صوت أنفاسها المتهدجة، لحد ما قال بجدية و هدوء:
- إهدي طيب و هعملك اللي إنتِ عايزاه! 
- نتطلق!! اللي أنا عايزاه .. دلوقتي .. طلاق!!!
قالت بأنفاس متقطعة حاطة إيديها على صدرها بتحاول تهدي نفسها، لكن إنتفخت أوداجها مجددًا لما قال:
- إنتِ كدا بتُحكمي عليا بالموت يا نادين!!!
هتفت بلا وعي:
- مــوت يا عـزيـز!! تبقى ريحتني!!!
غمّض عينيه و قد وقع صدى كلمتها على قلبه وقع خنجر أعطاه لها كي تحارب معه فـ غرسته في قلبُه، ساب التليفون بعد ما عرف إنها قفلت، و رجع بكامل جسده لورا بيسند ضهره على الكرسي و قد إشتد صداع رأسُه و ألم قلبُه!!
كان الأمر معها يماثلُه، وقفت في نص الأوضة بعد ما قفلت معاه، الدموع بتنهمر من عينيها و رجليها بتسوقها لـ برا من باب أوضتها المطل على البحر بتردد:
- بعد الشر .. بعد الشر عليه، من ورا قلبي يارب، و الله ما أقصد .. يارب متستجبش دعوتي، اللهم لا تؤاخذني ببادرة لساني في زوجي!! 
قعدت على الرملة فوق رُكبتيها، بتميل جسمها لقدام منهارة في العياط، و كإن قناع عالقوة اللي كانت لابساه وقع، و شراستها إتحولت فجأة لوداعة حمل، بتعيط و هي بتردد:
- أنا تعبت .. تعبت أوي والله!!!
*********
خرجت من المرحاض تلف جسدها بـ منشفة و منشفة أخرى تجفف بها خصلاتها، صدح رنين هاتفها فـ تنهدت و إتجهت له تظنه هو، لكنها وجدت محمد من يهاتفها، رفعت الهاتف لأذنها و قالت:
- أيوا يا محمد!!
هتف محمد بتهذيب:
- مدام نادين .. في طقم حراسة جايين يحرسوا الشاليه معانا ..
ثم تابع بعتاب:
- هو إحنا قصرنا مع حضرتك في حاجة يا فندم؟ 
قطبت الأخي،ة حاجبيها بإستغراب مرددة جملته:
- طقم حراسة!! مين اللي باعتهُم؟
- بيقولوا من طرف عزيز!!
نفخت وجنتيها ممرددة بخفوت بتبعد الهاتف عن أذنيها:
- مش هخلص أنا من عزيز!!
رجعت حطت التليفون على ودنها قائلة بهدوء زائف:
- طيب إستنى يا محمد أنا همشيهم .. سلام!!
بغضب ضغطت على شاشة الهاتف تهاتفُه، رد هو بهدوءه المُعتاد:
- ألو .. 
إنفجرت فيه:
- إنت مين سمحلك تبعتلي طقم حراسة هنا؟ هو إنت فاكرني مراتك و رايحة أقضي يومين في مكان هادي و راجعالك تاني فـ باعت تأمنّي!!! إنت عايز إيه؟!!
سكت للحظات .. و رجع قال بجمود:
- طب مـ إنتِ كدا فعلًا، مراتي رايحة تقضي يومين في مكان هادي تروق أعصابها و ترجع لحضني تاني!!
ضحكت من قلبها بسخرية .. ضحكة لا تمت للفرح بصلة، و رجعت قالت بعنف:
- آه ده إنت غلبان!! حُضن مين يابو حُضن .. ده أنا لو إتهددت بسكينة عشان أبقى في حُضنك يبقى أموت أحسن!!
- بعد الشر عليكي .. إن شالله أنا عشان أريحك زي ما قولتيلي من ساعتين!
قالها و لازال أثر الكلمة على قلبه يدوي، صمتت هي للحظات بإرتباك، فهي من ساعتينن بتحاول تتخطى الأمر ده، لكنها قالت بقوة زائفة:
- أنا على الأقل قولتهالك بالكلام .. بس إنت عملت كُل حاجة تخليني أتمنى الموت من قلبي!!!
غمض عينيه و همهم بندم:
- حقك عليا لو كنت حسستك بأي إحساس وِحش! 
- لو آه!!
هتفت مستنكرة إحتمالُه، و سكت هو كمان بيمسح على شعره الورا بكفه، لحد ما قطعت هي الصمت بتقول:
- أنا مش مكلماك أسمع أسفك، شوية الضُرف اللي برا دول تبعت تاخُدهم مش لازمِنّي!!!
قال مُبتسمًا على طريقتها:
- شوية الضُرف دول جاين جايين لحمايتك، معلش تعالي على نفسك و سيبيهم مع محمد و باقي السيكيورتي، الشاليه مش أمان و حضرتك بتنامي بقمصان نوم و بتسيبي البيبان مفتوحة!!
قطبتت حاجبيها بغضب من تذكرها أمرد دلوفه لغرفتها، فـ تنفست بضيق تتنظر حوها علّها تلقي بشيء فيهدأ غضبها، إلا إنه قاطعها لما قال برفق:
- الموضوع ممش مستاهل كل العصبية دي، هُما برا ممنوعين يلمحوا طرفك بس، بيحموكِ من بعيد لبعيد مش أكتر!!
قالت بحدة:
- ماشي يا عزيز، بس أول ما أكسب قضيتي مش عايزة ألمح أي حاجة تخُصك!!
- ماشي!
قالها بهدوء تجنبًا لما يُغضبها، أغلقت هي الهاتف معه تهاتف محمد مخبرة إياه أنه لا بأس من وجودهم لفترة مؤقتة فقط!
أنهت المكالمة مع محمد لتهاتف المحامي الخاص بها، قائلة بهدوء:
- أستاذ ثابت .. إزي حضرتك، كنت عايزة أسأل لو الإجراءات كلها ماشية تمام؟
أتاها صوته قائلًا:
- كله تمام يا مدام ناين متقلقيش، و بإذن الله باللي حضرتك حكيتيه ليا قضيتك كسبانة من غير نقاش!!
تنهدت بـ راحة قائلة:
- طيب الحمدلله .. أشكُرك يا فندم!!!
***********
يوم ١٢\٩ في سنة ٢٠٢٥، الخامسة عصرًا في فيلا رفعت محمد
وقفت قُدام المراية بتقفل أزرار قميصها الأبيض اللي بيعلو تنورة ضيقة على فخذيها تصل لـ ما قبل ركبتيها بقليل، و ذلك القميص ناصع البياض ضيق من منطقة الصدر و الخصر .. أدخلت طرفه في التنورة و فتحت أول زرين منه فأظهر جمال نحرها و رقبتها المرمرية، إرتدت سلسلتان رقيقتان واحدة إلتفت حول عنقها تحاوطه و الأخرى تهدلت منه، إرتدت خاتم في خنصرها و في بنصرها في يد .. و الأخرى في البنصر فقط، أ
إلتقطت بليزر رسمي و إرتدته فـ وصل لـ كمَر (بداية) الجيبة، فردت خصلاتها بعدما موجتهم تمويجات خفيفة، تميل بجزعها الممشوق تبحث عن أحمر شفاه بلون نهاري و ضعته، ثم ماسكرا ساهمت في تحديد و إبراز عيناها، و وضعت موورد خدود ليخفي شحوب وجهها الذي بدأ يظهر عليها في الآونة الأخيرة، عادت للخلف بخطوات مُفتخرة مُبتسمة تُلقي نظرة شاملة على مظهرها متمتمة:
- لسه في حاجة بتدايقة كمان معملتهاش؟ 
تابعت مبتسمة:
- الـ skirt قُصيرة .. القميص أول زرايره مفتوحة، و شعري مفرود، روج .. آه صحيح .. الـ heels!!
 أسرعت تلتقط حذاء بكعبٍ عالٍ باللون الأسود و إرتدته، سارت به بخطوات واثقة تلتقط هاتفها و حقيبتها، وقفت لثواني قبل ما تفتح تليفونها بتدور على رقمه واتساب، لقتُه و مكانش في أي رسايل بيينهم غير صورة بتجمعهم على الحصان اللي ركبته معاه قبل الواقعة بيومين، باعتهالها و هي مردتش عليه بـ حاجة، فتحت لوحة المفاتيح و كتبت "رايحة أخلعك يا عزيز"
رفعت وجهها للمرآة تطالع نفسها بإفتخار و حُب لِما آلت إليه، و طالعت الهاتف مرة أخرى فوجدته رد بـ " و أنا جاي أرجّعك يا حياة عزيز!!"
أصدرت صوتًا مغتاظًا و مردتش عليه، بتضرب بكعبها العالي الأرض بتصرخ في التليفون:
- ده لما تشوف حلمة ودنك!!!
أخذت ثواني بعدها تحاولة تهدئة نفسها قائلة:
- إهدي يا نادين .. متخليهوش يعكرلك مزاجك النهاردة .. ده اليوم اللي بتستنيه بقالك ٣ شهور!!
سارت بخطوات رشيقة مكملة في طريقها، خرجت من الفيلا و ساقت العربية للمحكمة، لاحظت وجود عربيته فـ عرفت إنه سبقها، دخلت بخطوات واثقة و قعدت على الأرائك الخشبية الجانبية في الأملم منتظرة وصول القاضي، لمحته بطرف عينيها قاعد بس النِحية التانية، لفت وشها ليه فـ لقته بيبُصلها بنظرات نارية لما لمح اللي هي لابساه، خصوصًا إنها حاطة رِجل على رِجل، مقدرش يمنع نفسه من إنه يقوم و يتوجه ليها، إستغربت و قطبت حاجبيها لما لقته وقف جنبها بيقلع الجاكت بتاعه و بيرميه على قدميها بيقعد جنبها بعنف و هو بيقول جازًا على أسنانه:
- إيه القرف اللي إنتِ لابساه ده!! ده إنتِ لو متجوزة خروف مش هتلبسي كدا!!!
بصتله في عينيه بحدة و ضيق بتواجه نظراته النارية، و بتقول بصوت واطي:
- متزعلش أوي كدا .. كلها دقايق و مش هبقى على ذمتك!!!
و مسكت الجاكت بتاعُه و إدتهوله، إهتزت قدمه بعنف بيبُص قدامه مش قادر يستحمل اللي عملتُه، لدرجة إنه قام من جنبها و خرج برا المحكمة كلخا، ركب عربيته و بكل عنف فِضل يضرب على المقود بقسوة رهيبة بيخرج كُل غضبه فيه، أنفاسه تعالت بيمسح على وشُه و شعرُه، ميل براسه على ابدريكسيون بيتنفس بصوت عالي، فضل على الحال ده دقايق لحد م طلع من العربية بوجه متشنج، و قعد في مكانه باصص قُدامه .. وشُه أحمر و عروقه بارزة و كإنه للتو خرج من معركة ساحقة، بصتله نادين بدهشة من ملامحُه المتشنجة لكن رجعت بصت قُدامها بشماته، القاضي حضر فعلًا بعد دقائق و يدأ محاميها بإلقاء حديثه، حتى طلب القاضي وقوفها و الإدلال بما تريد، وقفت فعلًا و إتحركت بتقف قدامهم، و للحظة ندمت على إرتداء تلك التنورة القصيرة، فـ جميع الأعين إنصبت فوق قدميها، إنكمشت بخجل .. هي مش محجبة لكن لبسها كان في الغالب محتشم خصوصًا بعد جوازها، و إتمنت لو تقدر ترجع تاخد جاكت عزيز و تغطي رجليها بيه، إهتزت مقلتيها و رفعتها للقاضي اللي قاله بصوته الجهوري:
- مدام نادين رفعت .. هل فعلًا بتكرهي للحياة مع جوزك؟ و هل لو إستمريتي معاه هتخافي ألا تُقيمي حدود الله؟!!
إزدردت ريقها، فالأمران ثقيلان على قلبها، لا هي كانت بكارهة للحياة معه قبل ما حدث، و لا كان تفكر أن لا تقيم حدود الله قبل ما فعلُه، تنهدت و سكتت للحظات قبل ما تقول:
- أيوا يا سيادة القاضي، أنا فعلًا بقيت كارهة الحياة مع جوزي .. عزيز القناوي، و أخشى ألا أقيم حدود الله!!
أومأ القاضي و قال و هو بيشاورلها:
- طيب يا مدام نادين تقدري تقعدي!
جلست نادين و قدميها يهتزان من شدة التوتر مما ترتديه، و نظرت جانيها فةجدت جاكته لازال جوارها لم يأخذه، أسرعت و يدون تفكير بتحطه على فخذيها و قدميها هامسة بخفوت:
- أنا عملت إيه .. لبست إيه!!!
أسرعت ترفع ؤأسها له لما طلب القاضي من محاميه بالتحدث، لكنها إتصدمت لما لقت عزيز مسك دراع محاميه بيمنعه من النهوض و وقف و هو بيقول للقاضي:
- معندناش حاجة نقولها يا سيادة القاضي!!!
فرغ ما بين شفتيها بصدمة، مستغربة موقفه اللي كان مُعاكس تمامًا لكلامه في الشات قبل ما ييجي و بموقفه من الأمر بأكملُه، مش هيتمسك بيها؟ مش هيعافر عشان ترجعله؟ حتى المحامي بتاعه بصله بدهشة، بصت قدامها بعيون بتهتز، و غمضت عينيها لما قال القاضي:
- حكمت المحكمة حضوريًا بخلع المدعي عليها نادين رفعت محمد من المدعي عليه عزيز رائد القناوي طلقة بائنة الخلع، و ألزمتها بـ رد مقدم الصداق و ثبوت التنازل عن حقوقها الشرعية المالية .. رُفعت الجلسة!
 يُتبع 
- حكمت المحكمة حضوريًا بخلع المدعي عليها نادين رفعت محمد من المدعي عليه عزيز رائد القناوي طلقة بائنة الخلع، و ألزمتها بـ رد مقدم الصداق و ثبوت التنازل عن حقوقها الشرعية المالية .. رُفعت الجلسة!
إنتفض جسدها لضربُه بذلك الشيء على الطاولة، فتحت عينيها و بللت حلقها بصتلُه لقته مرجّع راسُه لـ ورا و مغمض عينيه، ألقت بـ جاكيتُه جنبها و قامت و هي بتمشي بالكعب اللي أصدر صوت عالي من شدة قوة خطوتها، غضب ناري في قلبها، كانت تود أن تراه متمسك بها لآخر لحظة لربما يشفي ذلك غليلها، فتحت باب عربيتها عشان تركب لكن لقت اللي بيجذبها من دراعها بعنف و بيشدها وراه، شهقت بإنفعال و حاولت تبعد دراعها قبضته بتصرخ فيه؛
- إنت بتعمل إيه!!! إبعد إيدك عني!!! هصوت و ألم عليكي الناس يا عزيز إحنا قُدام المحكمة!!
- إسكتي و إركبي!
قالها بهدوء شديد عكس قبضته القوية على دراعها و هو بيلف حوالين عربيته بيفتحلها الباب و بيزقها برفق عشان تركب، لكنها اثبتت أقدامها في الأرض و قفلت الباب تاني بعنف بتبصله بحدة و هي تهدر:
- مش هركب!! إيه الجنان ده!! إحنا خلاص إتطلقنل يا عزيز!!
سند كفيه جوار ذراعيها على العربية، بيحاول يخفي جسمها بجسمه و هو بيبُص حواليه بيتأكد إن محدش بيبُصلها، و قال من أسفل أسنانه مغمض عينيه:
- إركبي قبل ما صبري ينفد .. أنا جوايا نار دلوقتي قسمًا بالله لو خرجتها هتحرق الكُل و أولهم إنتِ!!
كانت هتنطق لكن فتح عينيه بيقول بحدة:
- مش هخطفك!!! هتكلم معاكي كلمتين و بعدها مش هتشوفي وشي تاني!!
قطبت حاجبيها بضيق، و لفت بتفتح الباب فـ غمض عينيه مستنشقًا رائحة خصلاتها الخلابة اللي ضربت وشُه، ركبت فعلًا فـ زفر بإرتياح و لف عشان يركب و يسوق، كانت راكبة مندفسة في ضهر الكُرسي مكتفة ذراعيها، لاحظ إن تنورتها اللي إترفعت أكتر فـ بتهور ضرب المقود بعنف شديد إنتفضت على أثره تنظر له بهلع، ثبت رأسه على الدريكسيون، إعتدل في جلسته و رجع قلع نفس الجاكت بيحطه على رجله، و مكتفاش بكدة بل حاوط قدميها بذراع واحد عشان متشيلش الجاكت بيتمتم بحدة:
- غطي فخادك اللي طلقاها علينا دي!!!
ضرب دراعه بحدة عشان يبعد و هو بيسوق لكنه شدد على قدميها أكتر بيضمهما معًا، صرخت فيه:
- شــيــل إيـدك دي!!! إزاي بتلمسني كدا إحنا خلاص إتطلقنا الموضوع خلاص خلص!
- مـ إنتِ لو جاية بـ لبس مُحترم مكنتش عملت كدا .. لكن إزاي!!! عايزة تجنني أمي و خلاص!!!
كان بيسوق بسُرعة، نسيت كلامه و نسيت دراعه اللي محطوط على الجاكت المُثبت على قدميها، و بصت قدامها بخوف بتقول بخفوت:
- م تقلل السرعة شوية!!
زادها أكتر و كإنه مسمعهاش، فـ بصتله بحدة و صرخت فيه:
- عــزيـــز قـِلــل السُرعة!!!
إتنهد و بدأ فعلًا يُبطء من وتيرة سرعته، فـ سندت ضهرها على الكرسي بتتنفس بسُرعة، بصت حواليها لقت نفسها ع البحر، قطبت حاجبيها و بصتله بتقول بأنفاس متقطعة:
- إيه اللي جابنا .. هنا؟!
- هتعرفي حالًا!!
قال بهدوء، فـ خافت أكتر و صرخت فيه:
-إنت عايز تغرّقني!!
ضحك و هو بيصف سيارته قائلًا:
- ده أنا اللي غرقان!!
أول ما العربية وقفت نزلت بتمشي بعيد عن العربية، نزل هو وراها بيجري عشان يمسكها، و فعلًا مسك أكتافها بعد ما وقف قدامها بيقول برجاء:
- نادين!! إنتِ عملتي اللي في دماغك خلاص! .. إنتِ اللي كسبتي! سيبيني بقى أتكلم معاكي شوية!! 
هتفت بحدة و جسمها بيتنفض:
- إنت مش جاي هنا تتكلم .. إنت جايبني هنا تعاقبني على اللي عملته و مش بعيد تزقني و تغرقني!!
رفع حاجبيه بدهشة، و إبتسم و هو بيقول:
- هو إنتِ بتهزري صح؟ فاكراني ممكن أعمل كدا بجد؟
صرخت في وشه:
- إنت ممكن تعمل أي حاجة و إنت متعصب!!! 
إرتفع صدرها و هبط و هي ششايفة ملامحه بتستحال للصدمة، غمّض عينيه و ميل براسه لقُدام، سكت للحظات و رجع قال بأسف:
- أنا آسف .. آسف إني وصلتك للنقطة دي، و الله العظيم ما هعمل حاجة يا حبيبتي، مش هأذيكِ قسمًا بالله ما هعملك حاجة! هنتكلم بس يا نادين، نادين عشان خاطري كفاية الإحساس اللي أنا حاسُه دلوقتي ده!!!
بصتله لثواني قبل ما تتجه لليخت اللي مكتوب عليه إسمه، إتنهد براحة و مشي وراها مُبتسمًا بحُب، بص حواليه و إتأكد إن مافيش حد شايفهم، لقاها وقفت قدام اليخت بتردد بتبص لـ البحر، حست فجأة بدوار، مسكت راسها بدوخة و كانت هتقع لولا دراعه اللي لف على خصرها بيسندها و هو بيقول بخضة:
- مالك في إيه؟!
- دايخة .. من ساعة ما كنت في الساحل .. لما غرقت .. منزلتش البحر تاني!!
قالت و هي مغمضة عينيها بتحاول تشيل دراعه من على خصرها، لكنه قال و هو بيحاوط كتفيها بيمشي معاها بهدوء قائلٍا برفق:
- متخافيش .. أنا ماسكك أهو .. هنعديي مع بعض!!
مشيت معاه فعلًا و دخلوا مع بعض لليخت، قعدت على كنبة جنب البحر، و وقف عزيز بيطلع تليفونه و بيبعد عنها شوية بيعمل مكالمة، تابعتُه هي بعينيها بتمشي بكفيها على ذراعيها صعودًا و هبوطًا، رجع عزيز بعد دقايق و وقف قُدامها بيقول بهدوء:
- لسه تعبانة؟
نفت براسها بتتجنب النظر لعينيه، لكن إتصدمت لما لقتُه بيعد على ركبته قُدامها بياخد كفيها اللي كانوا على ذراعيها و بيحتفظ بيهم بين راحتي كفيه، بيقول بحنان:
- عايزة تبعدي عني يا نادين؟ عايزة تموتيني؟!
إتوترت من قُربه، و وضعها قُدامه بقدميها العاريتان، حاولت تبعد كفيها بتقول بتوتر:
- إنت بتعمل إيه، قوم .. اللي بتعمله ده مش هيغير حاجة!!!
ثم تابعت بضيق:
- إنت بنفسك قولت للقاضي إنك معندكش حاجة تقولها!!
هتف عزيز بحدة:
- عايزاني أعمل إيه و أنا شايفك جاية بالمنظر ده؟ ده أنا الدم غِلي في عروقي و كنت حاسس إني هرتكب جريمة!!
قطبت حاجبيها و قالت بحدة:
- أقلع ألبس خلاص!! أنا مبقتش على ذمتك و إنت مبقاش ليك حكم عليا!!! خلصت يا عزيز!!
كان هيتكلم لولا رنين هاتفه اللي صدح، قام وقف و رد قائلًا:
- طيب خليك عندك .. أنا جايلك!
لف لـ نادين اللي بتبصله بحيرة، و قال بهدوء:
- إستنيني هنا دقيقتين و جاي!!
أومأت نادين بضيق بتبص بعيد عنه، رجع بعد دقايق ماسك كيس، خرّج منه بنطلون قماش فضفاض إلى حدٍ ما بيقول:
- إدخلي الأوضة إلبسي البنطلون ده!!
- مش هلبس حاجة!! قولتلك ملكش دعوة بيا بقى سيبني في حالي!!!
قالت بعد ما إنتفضت و قامت بتتقدم نحوه، بتخطف منه البنطلون و بترميه على الأرض بتقول بإنفعال:
- ملكش دعوة بـ حياتي!!! خلاص أنا إتحررت منك!!!
غمض عينيه بيحاول يسيطر على نفسه، رجع بصلها بيقول بحدة:
- هي كلمة واحدة يا نادين، قسمًا بالله لو ما دخلتي دلوقتي و لبستي البنطلون ده .. هدخل معاكي الأوضة و أنا اللي هلبسهولك بنفسي، و أنا أقسمت بالله!
إزدادت حدتها في الكلام بتردف:
- لو فاكر إنك هتهددني بالكلام ده تبقى غلطان!!!
- طب ماشي!!! تـعالـي!!!
قال و هو بيجذبها من دراعها بعنف، شهقت و حاولت تفلت منه بخضة، ميل ياخد البنطلون اللي رمتُه، و إتجه للغرفة وسط صراخها:
- سيبني!!! بقولك سيبني إنت بتعمل إيـــه!!!!
دخلها الأوضة فـ إرتجف جسدها لما لقته بيقرب منها بيدور على سوستة التنورة صارخًا بعنف:
- سوستتها فــيــن دي!!!
حطت آيديها على صدره بتبعده و هي بتقول برجاء:
- طب .. طب خلاص هغير أنا والله إطلع بس برا!!
سكت، وقف عن الحركة و بصلها و صدره بيتعالى، رمالها البنطلون على السرير و خرج بيقفل الباب وراه بعنف، وقفت هي تلملم شتاتها، غيرت التنورة و لبست البنطلون، خرجت و أخدت شنطتها و موبايلها و مفتاح عربيتها و هي شايفاه قاعد بيدخن سيجارته و بيبصلها، و من غير كلام إتجهت عشان تمشي برا اليخت لكنها شهقت لما لقته بيتحرك، و بيبعد عن المينا، إلتفتت بتبصله بحدة، و قالت بعنف:
-أنا عايزة أمشي، لو قعدت معاك دقيقة كمان هرتكب فيك جناية!!
بصلها و قال بهدوء و هو بينفث دخان سيجارته:
- عايز أقعد معاكي شوية .. عايز أمّلي عيني منك قبل ما تمشي و تسيبيني!!
إنتفضت قائلة بحدة بتقرب منها مشهرة بسبابتها في وجهه:
- إنت بني آدم مجنون، و أنا مستحيل أقعد معاك لوحدنا في عَرض البحر!!
رمى السيجارة في البحر، و قرب منها، حاوط وجنتيها بإشتياق بيقول و عينيه بتمسح محياها بحُب إختلط بحُزن رهيب:
- بحبك أوي يا نادين! و حقيقي ندمان على كُل لحظة زعلتك فيها!
قطبت حاجبيها بتنكمش بجسمها بتحاول تبعد كفيه عن وجنتيها قائلة و عينيها بتبصله بتوسع غاضب:
- و أنا بكرهك يا عزيز، إنت مزعلتنيش بس .. إنت دمرت فيا حاجات كتير أوي!!! سيبني بقى .. سيبني أحافظ على اللي باقي مني!!
هزها بعنف صارخًا بوجهها و قد فُلتت أعصابه:
- و أنـــا!!! أنا أحـافـظ على اللي باقي مني إزاي من غــيــرك!!!
صرخت في وجهه بصوت أعلى:
- مــش مُــشكــلــتــي!!!! مش بتاعتي!!! إنت اللي عملت كدا من الأول فينا إحنا الإتنين!!!
دفعته من صدره و مشيت على اليخت في آخره بتقول و عينيها إتملت بالدموع:
- رجعني .. وقف المخروبة دي!!
رجع بضهرُه على سور اليخت بيقول بحدة:
مش هرجّعك يا نادين، هنفضل هنا لحد م أقنعك نطلع على المأذون!!!
بصتلُه بصدمة، و مشيت نحوه بخطوات عنيفة و هي حاسة إن الشياطين تتراقص أمام عينيها، وقف قُدامه و كادت تصرخ في وشُه، لكن فجأة حسِت بمغص في بطنها، شعور بالغثيان تمسكها، حطت إيديها على بطنها و الإيد التانية على فمها، قطب هو حاجبيه بتوجس و رجع خصلتها الثائرة على ورا بيقول بقلق:
- مالك يا حبيبتي؟
شدته من قميصه و أبعدته جانبًا بتميل على البحر و إستفرغت كُل ما في جوفها، أسرع جانبها قابضًا على خصرها بذراعه القوي و بكفُه يمسح فوق خصلاتها يلملمهم لورا، فضل جنبها لحد ما خلّصت بتصدر أنين متألم بتعتدل في وقفتها و عينيها مغمضة حاطة إيديها على بداية صدرها، إلتقط هو إزازة مياة من على الطاولة و ملأ كفه منها بيمسح على وشها و فمها، إستغرب نفسُه، محسش لحظة بالقرف رُغم شخصيته المتأنفة فهو يشمئز حتى الشُرب من مكان أحدهم، يشمئز لمسات أي شخص له، فما بالُه لا يشمئز من رؤيتها تستفرغ، و لا يشمئز من إزاحة بواقي تقيُئها بكفُه، إبتسم على شخصيته اللي إتغيرت على إيديها، خدها من كفها برفق و قعدها على الكنبة و قعد جنبها، مقدرش يمنع نفسه من جذبها لأحضانه بإشتياقٍ رهيب، بيمسح على شعرها و ظهرها وسط همهماتها بتعبٍ:
- سيبني .. رجّعني!!
قبّل جبينها بعشق، و بعد عنها بالعافية و هو بيقول بحنان:
- حاضر يا حبيبتي .. هعملك اللي إنتِ عايزاه كله!!
رفعت عينيها المُرهَقة و المُرهِقة له، بتقول:
- هترجّعني دلوقتي؟
- هرجّعك دلوقتي!
قال بيميل على جفنيها يقبلهما بحنوٍ، أخدها من كفه فـ قامت، لكن رجعت تاني في حضنه بتسند على صدره، قال هو برفق:
- إنتِ تعبانة يا نادين، ناكل و نمشي طيب؟ 
نفت براسها بتقول:
- لاء مش جعانة .. أنا تعبانة، البحر تعَبني!!
- تنامي طيب؟
قال و هو بيربت على ضهرها و بيمسح عليه، بصتله بتردد فـ أسرع يحثها:
- متخافيش، هتدخلي الأوضة واقفلي عليكي الباب و نامي براحتك!!!
و لإن راسها فعلًا تقلت .. فكرت في الموضوع قبل ما تقول:
- ماشي!!
حاوط كتفيها بيمشي معاها برفق، لحد ما وصلها للأوضة، إستلقت على الفراش فـ مسح هو على شعرها قبل ما يمشي و يقفل عليها الأوضة، بيقف قدام البحر بينفث دخان لُفافة التبغ الخاصة به بيبُص للبحر بعيون حزينة!!
********
إستفاقت من نومها، فركت عينيها و بصت حواليها بدهشة بتتسائل هي فين، إستوعبت المكان فـ إنتفضت شاهقة يتثول و هي بتجري على برا:
- يلاهوي!! إيه اللي نيمني هنا!!!
جريت على بهو اليخت فـ لاقته قاعد بيتفحص هاتفه، رفع راسه ليها و قال بدهشة:
- مالك يا حبيبتي؟
أسرعت بتبص حواليها لقت الشروق بيطلع، جريت عليه بتقول بإرتباك:
- بقولك إيه .. رجعني بقى!! يلا قوم شوف اليخت عايزة أرجع!!
حط هاتفه جانبًا بيقول برفق:
- طيب إهدي و أقعدي، هرجّعك دلوقتي!!
- ماشي، قالت و هي بتجلس بتبصله بإستغراب مش مطّمنة لهدوءُه و طاعته الغريبة ليها، لكنها فعلًا لقت اليخت بيتجه للمينا، طلع هو و وقف بيتأمل البحر، و لقته بيقول بهدوء:
- كان نفسي أوي نكمل مع بعض يا نادين .. تخلفي مني، و نربي عيالنا سوا، نعجز مع بعض، على أد مـ أنا نفسي إن السيناريو يمشي كدا، على أد م تعبت .. تعبت من عِندك و الجبروت الغريب اللي بقيتي فيه، مش عايز تبقي قاعدة معايا غصب عنك، هسيبك يا نادين، هسيبك تعيشي حياتك زي م إنتِ عايزة، بس مش هيأس أطلُبك من ربنا، و أدعي إنه يحنن قلبك عليا! بحبك أوي يا نادين .. بموت فيكِ و معنديش غيرك، و عُمري يما هنسى الأيام اللي عيشتها معاكِ، و لا هنساكِ أبدًا!!
إحنا وصلنا، و عربيتك برا على فكرة .. بعت حد يجيبها، مفاتيحها في شنطتك، إمشي لو عايزة!!!
كانت تطالعه بصدمة، تلاشت عند نهاية جملته، و حلت محله إبتسامة، إبتسامة تضاربت بها المشاعر، لا تعلم أهي سعيدة بمغادرته إياها، أم حزينة لكلماته، مستنتش تفكر في إحساسها، إنتفضت و قامت تجري على اليخت بعد م إلتقطت شنطتها و هاتفها، حتى خوفها نسيته لما مشيت على المعدية اللي وصلتها للبرا، مكانتش بس بتمشي .. كانت بتجري و كإنها فاكراه بيلاحقها، ركبت عربيته، بصت جنبها لقته بيبُصلها حاطت إيدُه في جيبه، مُبتسم و تكاد تجزم إنها شافت دموعه، بادلته الإبتسامة بتقول بعد تنهيدة عميقة:
- سلام يا عزيز!
ساقت عربيتها، بشكل سريع متهور، بتضحك من قلبها، ركنت العربية قُدام البحر و نزلت بعد ما نزعت حذاءها، جريت على البحر بتفتح ذراعيها بتفردها مُبتسمة .. مغمضة عينيها بتستنشق الهواء النقي، إتحولت إبتسامتها لبكاء .. أجهشت بالبُكاء لدرجة إن نفَسها مكانتش قادرة تاخده، قعدت على أريكة خشبية قُدام البحر، بتميل لقُدام بتعيط بحُرقة، لكن توقفت عن البكاء لما سمعت صوت متعرفتش عليه جاي من وراها بيقول بهدوء:
- إنتِ كويسة؟
أسرعت بتمسح دموعها بتعتدل في جلستها، دُهشت لما لقت الشخص المجهول ده بيُقعد جنبها، لكن على مسافة، بيقول و هو بيبُصلها بدهشة:
- إيه كُل العياط ده؟
بصتله بطرف عينيها بضيق و خدت شنطتها عشان تقوم، لكنه أسرع بيمد كفُه ليها بيقول بلُطف:
- إستني بس .. أنا آسف، معاكِ آسر .. آسر شرقاوي!!!
بصتله بضيق أكبر و إنفجرت فيه:
- محدش سألك أصلًا!!!
رجّع كفه لمحلُه و ضحك من قلبه على إنفعالها و ردة فعلها، فـ غمغم برفق:
- إنتِ صح! طب ممكن أسأل أنا؟
لملمت أشيائها تهم بالمغادرة، لا تعلم من أين أتى لها ذلك الأبله، لكنها توقفت فجأة .. طالعته بتردد، و رجعت قعدت بتسأله و هي باصة قٌدلمها بشرود:
- هو لما الراجل يغلط في حق البنت اللي بيحبها .. و يعتذر و يندم و يحاول يعمل أي حاجة عشان يرجعها، و هي مترضاش و تحاول تحافظ على كرامتها .. و .. و فجأة يبطل يحاول .. يبطل يعتذر، هو ده إيه؟
قطب حاجبيه لكلماتها الغير مناسبة لموقفهم مع بعض، لكنه تنهد و بص للبحر بيقول بهدوء:
- جايز حاجات كتير .. جايز زهق ..  و شاف إنه عمل اللي عليه و جه على كرامته، و جايز بيهاودها و خلاص و هيرجع تاني، جايز بيختبرها! في إحتمالات كتيرة!
إلتفت لها بيقول متأملًا محياها التائهة:
- لسه بتحبيه؟
- مش عارفة!
قالت بحيرة أكبر، و قامت خدت شنطتها و تليفونها بتتوجه لعربيتها،لكنه قاطع طريقها بيمد الكارت الخاص بيه ليها بيقول بمزاح:
- خلي الكارت ده معاكِ .. أنا دكتور أسنان لو ضرسك وجعك ولا حاجة تعالي العيادة!!
نفت براسها بتقول بضيق:
- لاء متشكرة مش عايزة كروت!
هتف بلطف:
- يا ستي خليه معاكي إحتياطي!
خدته منه عشان يمشي، و بالفعل إستقل سيارته و ذهب، فـ ركبت هي كمان عربيتها بترمي الكارت على الكُرسي اللي جنبها مع شنطتها، ساقت العربية لحد فيلا رفعت محمد والدها
********
بعد مرور يومان، مكانتش بتُخرج من غُرفتها، و على العكس مكانش إكتئاب، كان تخطيط للحياة اللي جاية، بدايةً من قرارها بـ نزول شركة والدها وصولًا لتوسيع دايرة معارفها و أصدقائها، حضرت كُل حاجة و كلمت اللي ماسك الشركة و قالت لـ أعضاء مجلس الإدارة العُليا إنها نازلة تمسك شركة أبوها، و لما جات لنقطة توسيع دايرتها الإجتماعية مفكرتش غير في آسر .. إلتقطت الكارت بتاعُه اللي إحتفظت بيه، و هاتفته، رد هو برزانة:
- ألو!
نضفت حلقها بتقول:
- دكتور آسر معايا؟
قال آسر:
- أيوا يا فندم إتفضلي!!
قالت الأخرى بحرجٍ:
- أنا .. نادين، اللي قابلتها قدام البحر من يومين!!
هتف آسر بلهفة ظهرت في صوته:
- آآه فاكرك طبعًا، ده أنا كنت فقدت الأمل في الرنة دي!!
إبتسمت و سكتت، فِ قال الأخير بإبتسامة متلهفة:
- طب بقولك إيه .. بمُناسبة إن تليفوني نوّر كدا، إيه رأيك نتقابل في مطعم تختاريه إنتِ؟
لفت بعينيها أنحاء الغُرفة بتردُد بتقول:
- ماشي .. في مطعم كويس هبعتلك اللوكيشن بتاعه على الواتس!
- جميل .. هستنى الـ Message 
- تمام .. باي!!
و قفلت معاه، إتجمعت الدموع في عينيها، مش قادرة تتقبل صوت غير صوتُه، و لا كلام غير كلامُه، لكنها قررت إن آسر ميكُنش أكتر من صديق بتفضفض معاه بكلمتين مش أكتر!
أتى موعد تقابلهما، فـ إرتدت بنطال من الجينز و كنزة عادية، لملمت خصلاتها للخلف و تركت غرتها، أخذت حقيبتها و غادرت متجهة لذلك المطعم، وجدته جالس ينتظرها، أقبلت عليه بإبتسامة، نهض يمد كفه لها، فـ مدت هي الأخرى كفها قائلة بهدوء:
- أتمنى مكُنش معطلاك!!!
إبتسم بعدما صافحته و قال و هو يجذب لها المقعد لكي تجلس:
- طب ده ياريت تعطليني كدا كُل يوم!!
إدتلع إبتسامة مُجاملة و قعدت و حطت حقيبتها على مقعد جنبها، و أخذت تفرك كفها الذي لمس كفه في بنطالها و كأنها تزيل لمسته عنها، هتفت هي بهدوء:
- بُص يا دكتور .. أنا آآ
قاطع حديثها بيقول بلطف:
- آسر بس .. إحنا مش في العيادة!
قالت بهدوء:
- معلش سيبني على راحتي!
- خلاص زي ما تحبي!
قال بإبتسامة هادئة، إتنهدت و قالت بهدوء:
- بُص يا دكتور .. أنا نادين، اليوم اللي قابلتني فيه ده كنت لسه مطلقة من جوزي .. أنا اللي طلبت الطلاق بالمناسبة!
قال و هو ينصت لحديثها بإهتمام:
- طبعًا .. مافيش واحد في قواه العقلية و يطلقك كدا من نفسُه!
قطبت حاجبيها بضيق و قالت:
- أنا على فكرة مبحبش الطريقة دي!! 
- خلاص أنا آسف!!
قال بجدية، فـ إتنهدت و تابعت:
- أنا كنت بحبُه، هو بتصرفاته خلاني أطلب الطلاق، و أنا حاليًا بحاول أتخطى التجربة دي كُلها، قررت أنزل شركة بابا و أشغلها تاني، و قررت أوسع علاقاتي الإجتماعية شوية، و حقيقي مش عارفة أنا ليه هنا معاك بس حسيت إني محتاجة أتكلم مع حد ميعرفنيش!
قال مبتسمًا:
- من حظي الحلو!
ثم تابع بهدوء:
- لسه بتحبيه؟
سؤالُه عرّاها، سكتت، و إلتفتت بوجهها بتدور على الجرسون و هي بتقول:
- أنا جُعت، لـو سـمـحـت!!
نادت لـ الجرسون فـ تابعها بعينيه، ثم إلتفتت له قائلة بإبتسامة:
- هتاكل إيه؟
- مش عارف .. أُطلبيلي إنتِ حاجة على ذوقك بما إنك بتيجي هنا كتير!
- طيب!
أعطت للجرسون طلبها، و رجعت بصتله فـ لقته بيقول بهدوء:
- أنا مبسوط بالمُقابلة دي، و عايزك تعتبري الثيرابست بتاعك، لما تحتاجي تتكلمي مع حد أتمنى أكون أنا الشخص ده!!
*********
بعد مرور ثلاثة شهور، في شركة رفعت للمقاولات، إعتلت وجهها إبتسامة سعيدة مُمسكة بـ بوكيه ورد وُضع عليه كارن و كُتِب عليه بـ الخط العريض "وحشتيني"، علاقتها بآسر تطورت لكن لسه مش قادرة تشوفُه غير صديق مُقرب، قاطع إبتسامتها طرقات على باب مكتبها، فـ تركت الورد جانبًا و قالت:
- إدخل!!!
دلفت سكرتيرتها قائلة بهدوء:
- نادين هانم .. في حد برا عايز يقابل حضرتك بس رافض يقول إسمُه!!
قطبت حاجبيها بدهشة، و قالت:
- رافض يقول إسمُه إزاي يعني؟ أنا مش فاضية يا نيرمين للألغاز دي، خليه يمشي!!
- بس هو بيقول ضروري يا فندم!
قالتها نيرمين بحرج، فـ تأففت الأخيرة قائلة:
- ماشي خليه يدخل! لما نشوف أخرتها!!
- حاضر يا فندم!
هتفت نيرمين بإبتسامة وغادرت، جلست نادين متأهبة لذلك المجهول ترتشف قليلًا من الماء في كوب زجاجي، توسعت عيناها و وقف الماء بحلقها فـ سعلت بقوة و هي تنهض تميل للأمام واضعة كفها على صدرها، لتجد يدُه تمتد لظهرها قائلًا بقلق:
- نادين .. إنتِ كويسة؟!!
رفعت وشها ليه بتحاول تتنفس و عينيها بتطالعُه بصدمة، بتغمغم:
- عزيز!!
إبتسم، أد إيه وحشته، و وحشُه إسمه اللي خارج من شفايفها، مد أناملُه يزيح خصلاتها متأملًا إياها بدايةً من خصلاتها لحد أسفل قدميها بيقول بإشتياق:
- وحشتيني! 
كان حالها مثل حالُه، تنظر له بمشاعرٍ مختلطة، و مرت ذكرياتهما قُدام عينيها كإنه شريط سينيمائي، جوازهم و معاملتُه ليها السيئة في اول الجواز، الشهر اللي قضوه حلوين مع بعض بدايةُ من وفاة أبوها، إفتكرت سِجنه ليه في مخزن محدش يقبل يقعد فيه، إفتكرت جوازه من واحدة تانية عشان يذلها، و شُغلها خدامة في قصرُه و نظرات الشماتة في عيون إمه، إنتفضت و بعدت عنه كإن عقرب لدغها، بترتجف و هي بتشاورلُه و بتقول:
- إبعد .. إبعد إنت إيه اللي جابك هنا تاني!
إعتدل هو كمان في وقفتُه و قال بهدوء:
- جاي في شُغل متقلقيش!!
ضربت على مكتبها بحدة و وهي بتقول:
- مافيش بينا شغل ولا عايزة يبقى فيه!!!
قعد على أحد الكُرسيين اللي قدام المكتب، و قال و هو بيشاورلها:
- طب أقعُدي بس نتكــ .. إيـه ده؟!!!
قال بعد ما بلع باقي كلامُه لما إتصدم بوجود بوكيه من الورد الأحمر، إتنفض من على الكُرسي، هي إتخضت و رجعت لِ ورا، إلتقط هو البوكيه بحدة بإيدُه اللي جنب الحيطة، قرأ الكارت اللي عليه، شعور غريب، كإن الدنيا بتلف بيه، إحساس خانق .. و كإن أحجار العالم بأكملها جاثية فوق صدرُه، برودة بأطرافُه، ضربات قلبه تزداد، و معدته تتقلص بعنف رافضة هي الأخرى الأمر، يغمغم بخفوت و عيناه تقرأ الكلمة للمرة الخامسة عشر:
- مين .. مين اللي كاتب كدا!!
كانت بتبصله بخضة، خضة من وجوده .. خضة من ملاحظته للبوكيه، خضة من ردة فعلُه، و عينيه اللي بتهتز و هي بتقرأ الكلمة، عروقة البارزة و نفسُه اللي إبتدى يعلى، هنا عرفت إنها مينفعش هي كمان تتعصب أو تعنِد، لأول مرة تحِس إنها لازم تحتوي غضبُه، إزدردت ريقها و قبل ما ترد كان هو بيصرخ فيها و هو بيضرب البوكيه الحيطة جنبُه فـ تناثرت بتلاته أرضًا:
- رُدي .. مــــيـــن الــــو** الــلــي بــاعـتـلـك ده!!
قطبت حاجبيها .. وخدت خطوتين لـ ورا رجعتهم تاني لما قبض على كتفيها بيشدها عشان تبقى قُدامه، بيهدر في وشها بعنف:
- خليكي هنا و قوليلي .. جايلك منين القــرف ده!!!
للحظة حسِت إنه لو فضل بالحالة دي هيجرالُه حاجة، فـ حاولت تهديه بتقول و إيديها على صدرُه:
- ممكن تهدى و هفهمك؟
- أهدى؟
قالها و إنفجر بعدها ضاحكًا، ضحكات ألمت قلبها أكتر، مكانتش ضحكات مرح، ضحكات حزينة، قلقت عليه أكتر فـ شملتُه بعينيها بتقول بتردد:
- عزيز!!
سكت .. بصلها و دفعها للحائط لكن برفق بيقول بصوت خافت و عينيه بتمشي على وشها:
- عايزاني أهدى و أنا شايف واحد باعت لمراتي بوكيه ورد على المكتب و عليه وحشتيني؟ 
نفت براسها ببطئ بتقول:
- مبقتش مراتك!!
نفى برأسُه هو بحدة أشد بيقول و هو مشدد قبضتيه على عضديها:
- لاء لسه مراتي .. أنا بعتبرك كدا، و ده مش رد على سؤالي أنا عايز أعرف مين ده؟
تنهدت بيأس من إنه يسيبها غير لما يعرف، فـ رمت القنبلة بوجهه بتقول:
- خطيبي يا عزيز!!!
يُتبع 
- خطيبي يا عزيز!!!
هي كدبت .. هو مش خطيبها و هي رافضة منه أي تلميح بالحب أو الجواز، لكن إحساس خلاها تقولُه كدا يمكن ييأس و يبعد، مكانتش تعرف إن اللي قالتُه هيفتح عليها نار هي في غِنى عنها! ساب ذراعيها، بيبُص لنقطة وهمية عل الأرض و هو بيبعد عنها خطوات بيردد كلمتها و كإنه بيحاول يستوعبها:
- خطيبك؟ 
غمضت عينيها و لوهلة حزنت عليه، لكنها رجعت فتحتهم بتومئ براسها بخفة، مقدرش يقُف، لَف ع المكتب و قعد بالعافية و كإنه خايف أقدامه تخونه، مدت إيديها ليه بلهفة لكن رجعتهم مكانهم تاني، كان شارد .. و كإنه خرج للتو من صدمات كهربية، تعالت أنفاسُه و هو بيردد:
- خطيبك ..
بللت شفتيها بقلق، و لفِت قتدت على الكُرسي اللي قدامه بتميل لقُدام و كفيها على ركبتيه بتقول برجاء:
- عزيز .. كفاية يا عزيز، شوف حياتك زي م أنا شوفت حياتي!!
- أشوف حياتي؟
قالها ساخرًا و هو بيبُصلها، و تابع بألم:
- م أنا قاعد قُدامها أهو .. و شايفها بتتخطف مني!!
رجعت لـ ورا بتمسح على شعرها، لكن إتخضت لما لقته بيق م و بيقعد على ركبتيه قُدامه، كفيه فوق كفيها المسنودة على قدميها بيقول بصوت ينفطر له الحجر .. بيرجوها تنفي:
- هو إنتِ بجد هتقدري تتجوزي واحد غيري؟ هتقدري تنامي مع حد غيري و تحضُنيه و يحضُنك!!
غمض عينيه مش قادر يتخيل الفكرة لمجرد الفكرة، بيتابع و هو حاسس بلسانه بيتقل:
- هتقدري تحبيه زي ما كُنتِ بتحبيني؟ هتترمي فيحُضنه زي ما كنتي تعملي معايا! نادين متسكتيش رُدي عليا أنا حاسس إن قلبي هيُقف!!
فضلت مغمضة عينيها، إيديها اللي في حضن إيديه بتترعش، صوته و كلامه خلوها تقشعر، مكانتش عارفة تقول إيه .. لحد ما بصتلُه بتقول:
- إنت كدا بتعذب نفسك!!
نفى براسه بيسندها على حِجرها فِ إرتجف بدنها بتغمض عينيها سامعاه بيقول:
- أنا حاسس دلوقتي إحساس ربنا ما يكتبُه على راجل!!! 
لأول مرة من ساعة اللي حصل تشفق عليه، كانت بتتمنى لو تقدر تمد أناملها و تغلغلها في خصلاته، لكن فضلت على حالها تراقبه بحزن، لحد ما قام، قام وقف بيبُص حواليه زي التايه، بيمسح على وشه و شعره بعنف شديد، ضر.ب على المكتب عدة ضربات إنكمش لها جسدها، حالة من الثوران تلبسته، و في لحظات كان كل اللي على المكتب في الأرض، أي فازة كانت في مكتبها إتهشـ.ـمت، أي ديكور بقى عُبارة عن قطع صغيرة، و كانت هي قاعدة ساكته بتبصلُه بألم، سكرتيرتها نيرمين دخلت من حدة الصوت لتشهق من حالة المكتب فـ صرخت بفزع:
- في إيــه .. أنا هطلب البوليس!!
إنتفضت نادين بتقوم و هي بتقول بحدة:
- إطلعي بـرا يا نيرمين!!!
خرجت نيرمين فورًا، فـ نظرت هي لذلك الثور الهائج اللي كان بصعوبة بيلتقط أنفاسُه، إندفعت نحوه و وقفت قريبة منه بتقول بهدوء:
- إرتحت كدا؟
بصلها .. سكت و بعدها قال بإنفاس متقطعة:
- أنا مبرتاحش، أنا معنى الراحة خسرتُه في اليوم اللي رجعت فيه ملقتكيش، جوايا نار قايدة من ساعتها، أنا حياتي واقفة من ساعة اللحظة دي و إنتِ .. إنتِ عايشاها .. عادي! 
خطف كفها فـ إتخضت و جفلت، حطُه على قلبه بيردد:
- ده مات من ساعة ما طلعتي من حياتي، كل خلية في جسمي ماتت، أنا بقيت عايش على أمل ترجعيلي بس، على أمل إن كل حاجة هترجع تاني، على أمل إني هاخدك في حضني تاني، حتى الأمل ده مسبتينيش أعيش بيه، حتى ده خدتيه مني!!!
لمعت عينيها بالدموع على حالتُه، سابه إيديها و هو بيقول بتعب:
- مبروك يا نادين .. مبروك، و آسف بهدلتلك المكتب، شوية و هتلاقي حد عندك يصلح كل اللي باظ فيه!!
تابعت ذهابُه بلهفة، هي عارفة إنه لو ساق دلوقتي بالحالة دي إحتمال مؤكد يعمل حادثة، ركضت بقف قدامه ساندة ضهرها على الباب رافضة خروجه بتقول:
- إستنى هنا شوية لحد ما تهدى!!
إبتسم ساخرًا و قال:
- متشيليش همي أوي كدا، دي بقت حالتي الطبيعية آخر فترة! 
إوعي عايز أمشي!!
و فعلًا بعدت واقفة على جنب، فتح هو الباب بعنف و صفعه وراه بقسوة شديدة، حريت على الإزاز بتشوفُه من وراه لكن مكنش لسه نزل، وقفت لحد ما ظهر بيركب عربيته و تليفونه على ودنه، فضل واقف بالعربية دقايق و بعدين إتحرك بسُرعة متهورة!! قطبت حاجبيها بتتخيل أسوأ السيناريوهات اللي ممكن تحصلل بتردد:
- أستر يارب .. أستر عليه يارب و يرجع بالسلامة!!
قعدت على المكتب و مقدرتش تتحكم في وصلة عياط مُنهارة حاطة راسها بين كفيها بتعيط بحُرقة رهيبة!!!
بعد ساعة من العياط، صُداع رهيب إتملك منها، قامت تغسل وشها، و رجعت خدت تليفونها بتردد، عايزة تتصل تطمن عليه و في نفس الوقت مترددة، لحد ما حسمت أمرها و إتصلت على تليفونه، حمدت ربها ألف مرة بعد ما سمعت صوته بيقول بهدوء:
- نعم يا نادين! 
إتسعت إبتسامتها بتربت على صدرها المهتاج و قلبها اللي كان بيدق بعنف من خوفه عليه، بتقول بعد ما جمّعت كلامها:
- كنت بس .. بطمن إنك بخير .. الحمدلله!!
سمعت صوته بيقول ساخرًا:
- متقلقيش عليا!!
ثم تابع بجدية:
- في حد هييجي يظبطلك المكتب حالًا، إطلعي إنتِ برا عشان يشتغل!!
- طيب!
قالت بهدوء فـ سمتعه بيقول:
- سلام!!
تنهدت و قفلت معاه، و بالفعل دخلت نيرمين عينيها بتدور في المكان بصدمة و ذهول بتمتم:
- نادين هانم .. في حد جاي يــ آآآ!!!
- دخليه يا نيرمين!!
قالت نادين بهدوء، و بالفعل دلف ذلك الشاب البشوش يقول بإبتسامة:
- مساء الخير يا هانم، إديني ساعة و هتلاقي المكتب ده أحلى من الأول، عزيز بيه موصيني على حضرتك و جايب كمان الديكورات اللي إتكسرت!!
أومأت له نادين بهدوء بتاخد تليفونها و شنطتها و بتقول:
- تمام .. هسيبك و هطلع عشان تاخد راحتك!!
- إتفضلي يا هانم ألف شكر!
قال الشاب واضعًا كفه على صدره مائلًا للأمام و لكن مش كتير، فـ غادرت نادين ليتمتم هو:
- إستعنّى ع الشقى بالله!!
**********
قاعد قُدام مكتبُه، بيسند ضهره لـ ورا و أنامله على شفتبه بعد ما سند بكوعةعلى مسند كُرسيه الجلد، بيبُص بعيون زي يالصقر على شاشة اللاب توب اللي قدامه، بيبتسم إبتسامة جانبية و هو شايفها في مكتبها بتشتغل، إبتسم بإرتياح بعد ما نجح في مُخطُطه إنه يراقبها من على قُرب، و الحقيقة إن اللي راح مكتب نادين مكانش عشان بس ينضفُه، كان عشان يزرعلها كاميرات تكون جايبة كل حاجة بتحصل بأمر من عزيز، إبتسم عزيز بحنين و هو شايفها بتشتغل، لاحظ إنها مسكت تليفونها و ردت على مُكالمة و كانت تمبتسمة فيها، زاد غليلُه أكتر متوقع إنه نفس الشخص اللي كتبلها وحشتيني، و لحُسن الحظ كان ماضي بإسمُه .. آسر شرقاوي، و ده سهِّل كتير على عزيز في إنه يبحث عنه و يعرف تفاصيل حياته، قلبُه إرتاح بعد ما عرف إنه مش خطيبها و إنه مش خاطب أصلًا، كُل ده حصل في يومين، و ده التالت، أنهت المكالمة فإرتاح قلبُه، لكن أظلمت عينيه برغبة لما لقاها بتفتح أزرار قميصها الأبيض و كإنها مخنوقة، مُظهرة عن مفاتنها و نهديها، رقبتها الطويلة و عظمتي الترقوة، أشياء باتت ظاهرة للعنان له، أد إيه و حشتُه .. للحد اللي مخليه عايز دلوقتي يقوم ياخدها في حضنه و يعاقبها على التعب اللي تعبتولُه، حررت خصلاتها المعقودة فـ إبتسم هامسًا:
- هرجّعك يا نادين .. هرجّعك مطرحك!
**********
- إنت فين يا آسر، المطعم زحمة و مش لاقياك!!
قالت و هي لابسة فُستان بُني طويل واصل للأرض بأكمام لكنه يضيق على جسدها راسمًا إياه، مُلملمة خُصلاتها للخلف تاركة غُرة طويلة فقط، إبتسمت فورما وقعت عيناها عليه و نهض هو، بيرجع الكُرسي لـ ورا عشان تقعُد مغمغمًا:
- إيه حلاوتك دي؟
إبتسمت نادين بخجل و جلس و هي رافعة راسها بتقول:
- طب أقعد بس ناكُل عشان أنا على لحم بطني من إمبارح!
قال بدهشة و هو يجلس:
- من إمبارح يا نادين؟ عاملة دايت ولا إيه!!
- مكنش ليا نِفس، تطلب إيه؟
هتفت و هي بتقلب في المنيو، أملى عليها طلبُه ينظُر لها بإعجاب حقيقي و هي غير منتبهة لنظراتُه، أملت طلبهما على الجرسون و تسامرا في أحاديث عادية، حتى فاجأها بقُنبلة موقوتة قائلًا:
- نادين أنا عايز أتجوزك!!!
- إيه!!
قالت مايلة بجسمها للأمام تتصنع عدم السمع، فإبتسم يعيدها على أذنيها:
- عايز أتجوزك .. و جدًا!!
رجعت لـ ورا، تنهدت و قالت:
- وصلنا لنُقطة كنت خايفة منها من الأول، آسر إنت عارف إني مش بعتبرك أكتر من صديق عزيز صح؟
- م بلاش عزيز دي!!!
قال ممتعضًا من ذكر إسم زوجها السابق بدون قصد، فـ إبتسمت متابعة:
- بُص يا آسر، أنا حقيقي بعزك أوي، و يمكن إنت الشخص الوحيد اللي كنت بتديني من وقتك و وتسمعني، بس أنا مش هقدر أدخل في تجربة جديدة و أنا لسة مخلصتش الأولانية!
قطب حاجبيه بيقول:
- هو إنتِ لسه بتحبيه؟
غمرت راسها بين كفيها تميل للأمام بتقول بألم:
- آه يا آسر .. للأسف لسه بحبُه، مش قادرة أنساه و لا قادرة أبعد و لا هقدر أقرب، إحساس وحش أوي مش عارفة أوصفهولك، عزيز ده أول حب في حياتي، من و أنا صغيرة كنت بحبه، رغم إنب شوفت منه حاجات كتير وحشة لكن كان في حلو و الحلو ده مش قادرة أنساه، آسر أنا متلغبطة و تابهة .. أنا بتمنى أنساه صدقني و أبتدي حياة جديدة، بس مش قادرة، أقولك حاجة؟ تفاصيل ملامحُه أنا فاكراها بالمللي .. مش المفروض لما حد بيبعد عن حد فترة بينسى تفاصيل ملامحه شوية، أنا فاكراها لدرجة إني أقدر أوصفهالك دلوقتي!!
قال و هو بيبُص لنقطة وراها بعيد عنها ساند شهره:
- بلاش أحسن!!
غرزت أسنانها بشفتيها و قالت بحزن:
- أنا أسفة يا آسر .. متزعلش مني!!
هتف آسر بهدوء:
- مش زعلان .. بس عايز أمشي!!
تنهدت و قالت بأسف:
- ماشي نمشي .. هقوم بس أروح التويلت و نمشي!!
أومأ لها بهدوء، فـ قامت و هي حاسة إنها تايهة، دلفت للمرحاض بالفعل و خرجت بعد دقيقتان، سارت خطوتين لكن إرتطمت بـ صدر أحدهم حتى شعرت أنها إرتطمت بحائط، غمضت عينيها لما تغلغلت رائحتُه لخلاياها، مش قادر ترفع راسها عشان عارفة إنه هو .. عزيز!! 
وجدته يقبض على كفها، بيجذبها معاه بهدوء قائلًا:
- تعالي معايا!!
مشيت معاه بتقول و هي بتبص على آسر اللي كان شارد مش منتبه ليهم:
- هنروح فين!! طب آسر!!!
رفعت فُستانها بتحاول تلاحق خطواته اللي بقت اسرع بعد ما سمع اسم آسر، وقفها قُدام عربيته، فتحلها الباب و دفعها بلُطف عشان تركب فـ فعلت بتقول بضيق:
- أيوا يعني إنت واخدني على فين!
قفل الباب و راح ركب مكانُه، قررت تتعامل معاه بهدوء عشان ميحصلش فيه زي المرة اللي فاتت، هي لسه مش قادرة تنسى شعورها بالذنب وقتها، بصتلُه بتقول بضيق:
- عزيز مبحبش أبقى زي الأطرش في الزفة كدا!!
- هنتكلم يا نادين!
قال بهدوء، و هو بيتجه لطريق مش معروف، إزدردت ريقها بتقول بتوتر:
- طب إنت واخدني فين!
- هتعرفي دلوقتي!
قال بغموض وتّرها أكتر، خرجت تليفونها من شنطتها و فتحته، فتحت شات آسر و لسه كانت هتكتبلُه إنها مشيت لكن عزيز خطف منها التليفون بيرمي على التابلوه قدامه بغضب، هنا خرجت عن هدوءها و هدرت فيه:
- إزاي تعمل كدا!! عايزة أبعت للغلبان اللي قاعد مستنيني ده يقوم يمشي!!!
صرخ فيها:
- إخـرسـي يـا نـاديـن!!!
- عزيز هات التليفون!!!
قالت بعد ما وطت نبرتها فاتحة إيديها ليه، مسك كفها و إحتفظ بيه في يدُه بيقول بهدوء زائف:
- متخلينيش أرميه من شباك العربية يا نادين! متختبريش صبري!
سكتت مندفسة في المقعد بغضب، حاولت تشيل كفها من كفُه لكنه شدد عليه أكتر، حاولت تاني لكن توسعت عينيها و هي شايفة الطريق الغريب اللي داخلين فيه، بصِت حواليها و هي شايفة الغابات المرعبة اللي بقوا فيها، رجعت بصتله و عينيها إتملت دموع:
- هو .. هو إنت هتقتلني؟
فضل ساكت فـ وتّرها أكتر، كانت هتتكلم لولا المكان اللي دخلوه فيه، النور الأصفر اللي نبع من آخر الطريق و الكوخ المُزين و عليه حرف إسمها مكتوب بالورود، إبتسمت و والصدمة تحتل معالم وشها، لما وقف بالعربية نزلت مشدوهة من جمال المكان، مشيت و نزلت بعينيها و هي شايفة الطريق المفروش بالورود الحمراء، إتسعت إبتسامتها البريئة فرِحة بالمنظر ده، زقت باب الكوخ بتحاول تستكشفُه أكتر فـ شهقت و هي شايفة كُل معالم الراحة، من أضواء صفرا لـ دفاية حطب و سرير عالي، شاشة متوسطة قدام السرير، بصتلُه و قال ببراءة:
- المكان تُحفة!
وقعت عينيها عليه و هو بيقل باب الكوخ وراه .. بالمُفتاح، فـ إنزاحت إبتسامتها و حل محلها صدمة، بترجع لـ ورا و هي بتقول و قد تلبسها الخوف مرة تانية:
- هو .. هو إنت هتعمل إيه؟
قرّب منها بخطوات بطيئة، فـ رجعتهم لكنه مسك كتفيها بيقول و عينيه بتشرب ملامحها:
- متخافيش .. هنتكلم، أكيد مش هنعمل حاجة و إنتِ مش على ذمتي!!
قرّب منها و همس في أذنها بخبث:
- بس قسمًا بـ ربي .. أول ما ترجعي مراتي .. مش هحِلك!!!
دفعته من صدرُه بإرتباك و بعدت عنه، قعدت على كرسي و قالت بتوتر:
- و مين قالك إني هرجع على ذمتك، يلا قول الكلمتين اللي عايز تقولهم عشان أمشي!
إتنهد و قعد هو كمان على كرسي لكن في مواجهتها و بعيد عنها، بيقول بهدوء:
- فاكرة لما سألتك لو تعرفي إن أبوكِ اللي قتل شريف؟ فاكرة قولتيلي ساعتها إيه؟ كدبتي و قولتي إن مش هو اللي قتلُه، وقتها صدقتك من غير ما أشك فيكي للحظة، عشان كدا إتوجعت لما عرفت إنك كنتي عارفة باللي هو عملُه، و على أدوجعي على أدما كان رد فعلي قاسي، و على فكرة أنا مش ببررلك .. اللي عملته مكانش ليه مبرر، و إنتِ كمان ردة فعلك كانت قاسية، هربتي .. و عرفت بعدها إنك مشيتي بمساعدة أم حمادة من باب المطبخ اللي لا كان عليه حراسة و لا كاميرات، هربتي و قعدت شهور معرفش عنك حاجة، معرفش إنتِ عايشة أصلًا ولا ميتة، و في الآخر يخبط على الباب واحد بيقولي إن مراتك رافعة عليك قضية خُلع!!! على أد مـ كنت مصدوم، على أد مـ كان هو الأمل الوحيد إني أعرف طريقك، جيت على نفسي .. و على كرامتي و جيتلك أصالحك و أرجعك، لقيت رافعة عليا مسدس ولا كإني قتّال قُتلة، قولت في نفسي معلش يا عزيز .. حقها تعمل أي حاجة بعد اللي حصل ليها، طردتيني و طلعت قعدت في العربية مش عارف أعمل إيه، لا قادر أرجعلك و أخدك بالعافية فـ أبوظ الدنيا بينا أكتر، و لا قادر أرجع إسكندرية من غيرك تاني، قعدت يوم كامل لا باكل ولا بشرب و لولا إنك جيتي و خدتيني أنا متأكد إن كان هيجرالي حاجة، إهتميتي بيا و فضلتي معايا و ده اللي أكدلي إنك لسه بتحبيني .. إداني أمل أكبر أفضل معاكِ و أحاول عشانك، مشيت اليوم اللي بعده و لما كلمتك دعيتي عليا بالموت، وقتها حسيت إني إنتهيت، حاجة جوايا ماتت حقيقي، أكتر بنت حبيتها في الدنيا عايزاني مبقاش فيها أصلًا، روحت الجلسة .. و إتخليت عن سمعتي اللي مرمطتي بيها الأراضي و روحت و أنا متأكد إن الصحافة ما هيصدقوا يكتبوا الخبر ده بالبونت العريض .. حرم عزيز القناوي بتخلعُه، كل ده مهمنيش في سبيل إني أرجعك في حضني، روحت الجلسة و أنا مأكد على المحامي يعمل كل حاجة في إيدُه عشان أنا اللي أكسب القضية، عرضت عليه فلوس مياخدهاش في ١٠ قواضي في سبيل بس إني مخسركيش، و في الآخر ألاقيكي جاية بـ جيبة مافيش راجل يقبل يخلي مراته تلبسها، كنت حاسس إني عايز أمسكك أكسرك، حقيقي دي أكتر حاجة خليتني أخرج عن شعوري بكل المقاييس، الدم كان بيغلي في عروقي و قررت أسيبك تعملي اللي إنتِ عايزاه، منكرش إني ندمت بعدها و خدتك بردو معايا، بس أنا حقيقي وقتها كان ربنا اللي عالم باللي جوايا! روحنا اليخت و تعبتي و بردو سيبتك تمشي و أنا حاسس إن آخر أمل كان جوايا راح، و بعد ٣ شهور آجي مكتبك بحجة شغل .. ألاقي بوكيه ورد عليه و مكتوب عليه وحشتيني .. و في الآخ، تقوليلي إنك إتخطبتي!!!
قام ..قرب منها و هي كانت قاعدة بتنصتلُه بهدوء، على عكس الدموع اللي في عينيها من تذكر اللي حصل في حياتهم الآونة الأخيرة، مسك دراعها و قومها قُدامه بهدوء بيحاوط وجنتيها و بيقول بإبتسامة:
- بس أنا عرفت إنك كنتِ بتكدبي عليا .. و إنك هتفضلي على إسمي مهما حصل!!
إتصدمت من إنه إكتشف كدبتها، إهتزت عينيها و هي بتبصلُه بحُزن:
- عزيز أنا آآآ ..
بتر عبارتها و هو بيقول و أنامله تتلمس بشرته مكوبًا وجهها:
- مش مهم أي حاجة دلوقتي يا روح قلب عزيز! المهم عندي دلوقتي إنك لسه بتحبيني و أنا بموت فيكي! هنطلع دلوقتي على أقرب مأذون و هنتجوز تاني على سُنة الله و رسوله!
حطت إيديها على كفيه الموضوعان على كفيها بتقول بدهشة:
- الموضوع مش بالسهولة دي!!
قال بلُطف:
- مين قال يا حبيبتي .. ده مافيش سهولة كدا، إنتِ لابسة فُستان و أنا بدلة أهو!
إبتسمت مش مصدقة اللي هو بيقولُه و للحظة إفتكرتُه بيهزر، لكنُه شدها من دراعها برفق و مشي بيها برا الكوخ، مسكت دراعه بتقول و هي مصدومة:
- عزيز .. إنت بتعمل إيه!!
- هنمشي يا حبيبتي!
قال و هو بيجرها برا الكوخ، فتحلها باب العربية عشان تركب فـ مسكت في كُم بدلة عزيز اللي تحتيها قميص إسود راسم عضلات صدرُه، بتقول برجاء:
- عزيز أصبر بس!!
- صبرت كتير أوي!!
قال و هو بيدفعها للعربية، ركبت بحيرة مش عارفة تعمل إيه، لف و ركب مكانه و مش بس مشي بالعربية .. جِري، اللهفة ملت قلبُه بعد ما أدرك إنه على بُعد دقايق بس من إنها ترجع مراتُه تاني، مسك كفها بعشق بيُقبله و بيحطها عند قلبُه، بصت هي قُدامها بتتنهد و بترجع تبُص للشباك، مش هتنكر إن كلامه أثر فيها، و مش هتنكر إنه من ساعة ما جالها المكتب و هي مبتنامش، غمضت عينيها مش مصدقة إنها هترجع مراتُه تاني، كُل حاجة حصلت في ثواني، راحوا للمأذون و كان متفق مع إتنين شهود، كتب عليها تاني و بعت للصُحف تنزل خبر إنه إتجوزها تاني ضارب بكُل كلام الناس عرض الحائط، خرج و هو ماسك إيديها، وقف قُدام العربي و شدها لحضنه، تنهيدة عميقة خرجت منه و هو بيميل بيشدها لأحضانُه أكتر عايز يدخلها جواه، غمض عينيه و إيديه بتتحسس ضهرها بيتمتم بخفوت شديد:
- الحمدلله .. الحمدلله!!
إبتسمت لما سمعته .. و بعد ما كانت إيديها جنبها رفعتها لخصره بتغمر راسها أكتر في حضنه ساندة راسها تحت راسُه، إبتسم هو الآخر و ضدد على حضنها أكتر، فضلوا كدا ما يزيد عن الرُبع ساعة، لحد ما بعدت بتبصلُه بحُب، بتحاول تتأكد إنها مش بتحلم .. لدرجة إنها رفعت أناملها بتتلمس وشُه عشان تتأكد إنه حقيقي قدامه، إتسعت إبتسامتُه و مسك كفها بيوزع عليه قبلات حنونة، جذبها ممن خصرها عشان تركب و خلاياه كلها بتناديها، ركب و ساق بأقصى سُرعة عندُه لنفس الكوخ، لدرجة إنها حطت كفها على رجلُه بتقول بخوف:
- بالراحة يا عزيز!!
حاوط كتفها بيقربها منه و بيقول بحنان:
- متخافيش يا حبيبتي!!!
وصلوا للكوخ، نزل وفتحلها باب العربية،  ميّل و شالها فـ شهقت بتتمسك في رقبته و بتقول بخضة:
- عزيز!!
- عيون عزيز!!
هتف مُقبلًا أرنبة أنفها، بيدخل الكوخ و بيقفل الباب برجلُه، قرب من السرير و نزلها عليه برفق، رجع و قفل الباب بالمُفتاح، و قفل الشبابيك كويس فـ قطبت حاجبيها بتقول و هي بترجع على السرير لـ ورا:
- هو .. هو إنت هتعمل إيه!!
أظلمت عينيه و إبتدى يحرر أزرار قميصُه بيقول بجدية تلبسته فجأة:
- هدفعك تمن اللي عملتيه فيا!!
ظهر الذُعر على محياها، بترتجف و هي بتلزق ضهرها في ضهر السرير بتقول:
- عزيز .. متهزرش معايا الهزار البايخ ده!!!
- بس أنا مبهزرش!!
قال و هو بيلقي قميصُه أرضًا، مال على السرير و قرّب منها و هو بيجذب قدميها عشان تستلقى على ضهرها، طل عليها بكتفيه فـ حطت إيديها على صدرُه و عينيها بتلمع بالدموع و هي شايفة عيونه جادة تمامًا خالية من أي بوادر مزاح، لكن سُرعان ما قال بلهفة لما شاف الدموع بتلمع في عينيها:
- بهزر يا حبيبتي .. مش عايز أشوف دموعك!!
ضربته على صدرُه بتقول بحدة و ضيق:
- حرام عليك يا عزيز بتخوفني منك ليه!!!
إبتسم و همس أمام شفتيها بحُب:
- بُصي أنا من نِحية إني هعاقبك .. فـ أنا هعاقبك فعلًا .. بس بطريقتي!!
مال على شفتيها دون مُقدمات يقبلها بلهفةّ مُنقطعة النظير، و رُغم أنه لم يجد منها تجاوب لكنُه ظل يرتوي من عسل شفتيها بعشقٍ لا مثيل له، و عندما تجاوبت معُه محاوطة عنقُه .. جن جنونه، و اللُطف تحول لرغبة جامحة، حتى إبتعد عنها لكي لا يؤذيها هامسًا بأنفاس هربت من رئتيه:
- عهد عليا .. يا نادين .. هعوضك عن كُل حاجة وحشة حصلتلك بسببي!!
بصتلُه بأنفاس لاهثة، بتغمغم و عينيها بتمشي على ملامحه:
- إفرض .. منسِتش؟
مال يُقبل جفونها قائلًا بحنان:
- أنا هنسيكِ .. هنسيكِ كُل حاجة .. سيبيلي نفسك بس!!
تسللت أناملُه لسحاب فُستانها من وراء ظهرها يجرُه بخفة يلهيها بتقبيل كافة أنحاء وجهها، حتى أزاحُه عنها يبُث لها شوقُه و عشقه، يهمس لها كم إشتاق وجودها بين ذراعيه .. إشتاق رائحة جسدها .. إشتاق لمساتها و ندائها بإسمه في أوَج لحظاتُه جنونًا بها، إشتاق أن يلقي برأسه في أحضانه، كما كان يفعل دائمًا، و كم إشتاق لتلك الأنامل التي تعبث بخصلاته من الخلف!
********
فتحت عيناها تستشعر ملمس صدرُه أسفل رأسها و ذراعها، عانقه أكتر و رفعت رأسها له لكن إتفاجئت بيه صاحي، إبتسمت لما لقتُه بيتأملها بإشتياق تقريبًا مبطلش يبُصلها بالنظرات دي من إمبارح، مسح بكفُه على ضهرها العاري من أسفل الغطاء فـ غمغمت بخجل:
- صاحي من إمتى؟
جذبها من خصرها لأعلى فـ بقت في مستواه، بيعبث بـ خصلاتها المفرودة على المخدة جنبها بيقول بحنان:
- منمتش .. ببُصلك و خايفة أغمض و أفتح ألاقيني كنت بحلم!!
عبثت بأناملها في دقنه نايمة على جانبها الأيمن و هو بيلف براسه عشان يبُصلها، بتقول بإبتسامة:
- إنت مش بتحلم .. أنا معاك!!
مسك خلف رأسها بكفُه بيقرب جبينها من شفتيه يطبع فوقُه قبلة عميقة غمّض فيها عينيه، و رجع يقول و هو بينام على جنبه عشان يبقى في مواجهتها:
-أقولك حاجة؟
أومأت له تحثُه على الحديث، فـ هتف بحُب:
- إمبارح كُنتِ مكسوفة لدرجة إني حسيت إنها أول ليلة بينا!!!
عادت وجنتيها تشتعل خجلًا فـ صدحت ضحكاته بيشاور على وجنتيها قائلًا بمكر:
- أهو !! شايفة خدودك بتحمر إزاي! أومال فين نادين اللي مكنتش بعرف ألمها و هي في حضني!!!
شهقت بتضربه على صدرُه بخفة تردف:
- عزيز بس بقى!!
إبتسم و أبعد خصلاتها عن وجهها بيقول بحنو:
- هو أنا ليه مبشبعش منك يا نادين؟
سكتت .. و عشان تغير الموضوع حاوط خصره من أسفل الغطا بتلزق جسمها فيه و هي بتلف حواليها:
- عزيز أنا خايفة أوي حد يشوفنا هنا!!
قال و هو بيضمها مشددًا على ضهرها أكتر:
- مُستحيل يا حبيبتي .. المكان متأمن جدًا متخافيش!
لفت راسها ليه فِ لقت عينيه بتغمض بنعاس، إبتسمت بحنان و رفعت نفسها أكتر فـ بقت أعلى من مستواه، ضمت راسه لصدرها بتمسح على خصلات شعرُه من الخلف قائلة برفق:
- إنت نعست يا عزيز عشان منمتش من إمبارح، يلا نام شوية!!
كان الأمر لا يحتمل النقاش، فـ هو بأحضانها مشددًا على خصرها و أناملها تمسح خلف عنقه و على خصلاته بذلك اللين، حتى نام بالفعل بأحضانها و غفلت هي الأخرى مسنة رأسها فوق رأسه!!
*******
إستفاق من نومه على رائحة مخبوزات داعبت أنفُه، فتح عينيه بدهشة ظنًا منه إنه كان فعلًا بيحلم و دي ريحة مخبوزات أم حمادة، إنتفض من نومه بيفتح عينيه فـ لاقاها لابسة قميصُه اللي كان واسع عليها واصل لرُكبتها، و خصلاتها مرفوعة لأعلى بعشوائية، بتعجن بإيديها عجينة و الصينية التلنية على الحطب، إبتسم و رجع لـ ورا ع السرير ساند ضهرُه بيتفرج عليها بإستمتاع، إزاي يقنعها إنها ألذ من المخبوزات اللي بتعملها؟ من إنغماسها في اللي هي بتعملُه مخدتش بالها إنه صحي، ميلت قعدت على ركبتها بتطلّع الصينية بـ جوانتي مُخصص لـ ده، و حطتها على الأرض قُدامها بتاخُد قطعة مما يُسمى بُريك مُزين بـ حبة البرَكة، بتبردها على إيديها و بتدوقها فـ إبتسمت ببراءة تتمتم بفخر:
- برافو يا نادين!
إتسعت إبتسامته و مقدر يقاوم لطافتها، قام من على السرير فـ إتخضت و بصتله و هي لسه ع الأرض بتقول بدهشة:
- صحيت إمتى!!
مشي بيقرب منها، و قعد وراها بيحاوط خصرها مُلصقًا ظهرها بصدرُه بؤُقبل رقبتها مستندًا بدقنُه على كتفها بيقول و كفه بيمشي على بطنها:
- عايزة الريحة الحلوة دي تبقى في المكان و مصحاش؟
إلتقطت قطعة من تلك المخبوزات و إلتفتت برأسها و ذراعيها له تُطعمُه واضعة كفها أسفل فمُه لكي لا يقع منه شيئًا، أكلها بتلذُذ لكُنه قطب حاجبيه بيقول:
- سخنة أوي!!
- إفتح بؤك طيب!
قالت بلهفة، فـ أفرغ ما بين شفتيه بالفعل فأخذت تطلق هواء من فمها لكي تُبرد فمه و جوفه، قربها منه أكثر فرِحًا بفعلتها، و بدأ يمضغ تلك القطعة بإستمتاع مغمغًا و هو مغمض عيناه:
- مممم!!!
إبتسمت بلهفة بتقول و هي بتصقف بكفيها مرة واحدة ضامة إياهما لصدرها:
- حلو؟
- تُحفة!!!
قال بإبتسامة و هو ياخذ الأخرى و يأكلها، فـ إتسعت إبتسامتها، و مالت على شفتيه تطبع فوقهم قبلات خفيفة مُتقطعة من شدة سعادتها، إبتسم محاوطًا وجنتيها بيسألها:
- جبتي الدقيق و الحاجات دي منين؟
أسرعت تقول بلُطف:
- قولت لواحد من الضُرف اللي برا دول يجيبلي!
قطب حاجبيه و نزل بعينيه للي لابساه و رجع يبُصلها بيقول رافعًا حاجبه الأيمن:
- كدا؟!!
أسرعت بتقول:
- لاء طبعًا مش كدا .. لبست الدريس تاني و طلعت!!
- ماشي!
قال مُبتسمًا، كاد يضمها لصدرُه لولا أنها سارعت في الإبتعاد عنه بتقول بلهفة:
- إستنى البُريك هيتحرق!!
و أسرعت تسير على كفيها و ركبتيها لمشعلة الحطب، بتلبس قفاز الحرارة و بتاخد الصينية التانية و بتحُط بدالها واحدة تانية، و رجعت لفتلُه محاوطة عنقه واثبة على ركبتيها بتقول بمكر:
- كُنا بنقول إيه بقى!!!
صدحت ضحكاتُه عاليًا، و حاوط خصرها يميل على عنقها يطبع عليه قبلات بطوله فـ عادت برأسها للخلف تضحك عاليًا!!
- بس أنا مش عايزة أمشي!!
قال مُتشبثة في عنقه لكي لا ينهض من عليها و يرتدي ثيابه بعدما أخبرها بـ لزوم الرحيل، قال بلُطفٍ:
- لازم نرجع يا حبيبتي .. في حاجات كتيرة في شغلي لازم أخلصها!!
قطبت حاجبيها بتقول بحُزن:
- طب م أنا بردو في حاجات في شغلي المفروض تخلص، بس أنا عايزة أفضل معاك هنا!!
مال يدفن أنفه في عنقه يقول بهدوءٍ:
- أوعدك هجيبك هنا تاني وقت ما تحبي!
تنهدت بيأس من أن يقتنع، و حررت عنقُه فـ أمسك هو بذراعها يضعه مجددًا عل عنقه من الخلف، إبتسمت و حاوطته مجددًا فـ قال بهدوءٍ:
- لو مش حابة نرجع الفيلا يا نادين نــ آآآ!!
قطاعته و قد لمعت عيناها بالمكر تقول بهدوء:
- مين قال مش حابة؟!
ثم تمتمت بخفوت سمعُه:
- و أضيع على نفسي النظرة اللي هشوفها في عين ثُرية!!!
قرص أرنبة أنفها هاتفًا بإبتسامة:
- سمعتك يا سوسة!!
إبتسمت و غمغمت بإرتباك:
- آآ أنا مش قصدي حاجة، بس إنت عارف إنها سبب اللي حصل و آآ!
قاطعها بهدوء بيقول بجدية:
- المهم عندي متحتكوش ببعض، لا إنتِ تدايقيها و لا أنا هسمح لحد يدايقك، لولا إن صعب أوي عليا أبعد و أسيبها لوحدها في السن ده و هي مالهاش جد كنت بعدتك خالص عن الفيلا أصلًا!!
حاوطت عنقه بتقول بهدوء:
- مش مهم يا حبيبي إن شاء الله مافيش حاجة هتحصل!!
- طب يلا قومي خدي شاور و إلبسي!
قال يجذبها من ذراعها فـ نهضت بالفعل تبحث عن ثوبها عشان تاخدُه معاها الحمام، لكنها فجأة لقت نفسها في الهوا، محمولة بين ذراعيه، صرّخت بفزع و تشبثت في عنقه بتقول بصدمة:
- إنت بتعمل إيه يا عزيز!!!
- هنستحمى!
قالها ببرود غير مُبالي لصدمتها اللي إستغربها من الأساس!!
توسعت عيناها بتقول و هي بتمسك في عنقه:
- لاء إنسى الكلام ده .. أنا بجد مش هقدر أعمل كدا .. بقيت بتكسف منك مش عارفة ليه!!
وقّفها قُدامه في الحمام بيقول و هو بيحرر زراير قميصُه اللي على جسمها:
- طب مـ دي مُشكلة!!
مسكت في قميصُه اللي لابساه بتضمه لصدره ململمة أطرافُه بتقول في مشهد درامي:
- لاء مُستحيل!!!
ضحك من قلبه بيقول و هو يغمز لها بمكر:
- يا حبيبتي أنا هسحمك بس مش هقل أدبي .. مع إني نفسي!!
إنكمشت أكتر بتقول بحدة:
- إسمع بقى .. أنا بجد مش هقدر أعمل كدا .. بجد مكسوفة والله!!
قالت في آخر جملتها و قد تحولت نبرتها من حادة إلى راجية بتبصلُه بعيون بريئة بتميل راسها لتحت، إتنهد و سألها بهدوء:
- هو الكسوف ده معناه إن حُبك ليا قل صح؟
قطبت حاجبيها مُندهشة من تفسيرُه، لكنها قالت بلهفة تبرر له:
- لاء مش كدا صدقني .. بس أنا .. مش هعرف!
- طيب!
قالها بهدوء و هو بيربت على كتفها بيسيبها و بيمشي!، وقفت مصدومة، بتسأل نفسها بحيرة:
- هو زعل ليه دلوقتي!
تنهدت و هي بتغمغم لنفسها:
- هستحمى دلوقتي و لما أطلع هصالحُه!
و بالفعل تحممت و إغتسلت وخرجت محاوطة جسدها العري بمنشفتُه التي عُبقت بـ رائحتُه، إبتسمت تستنشقها بحُب و خرجت من المرحاض، وجدتُه جالس على الأريكة ممسكًا بهاتفُه و قد إرتدى بالفعل، دار بعيناها بتفكير بعد ما لاحظت إنه مرفعش عينُه يبُص حتى عليها، إتجهت له و جلست جوارُه بتقول بمرَحٍ:
- ريحتي بقت كُلها بيرفيوم رجالي من الفوطة اللي كلها ريحتك دي!!
بصلها و أعطاها إبتسامة خفيفة و رجع بَص لتليفونُه، قطبت حاجبيها بضيق لكنها قالت بتحاول تحافظ على نبرتها الشقية:
- حتى قرّب كدا شمني!!
بصلها و قال بنفس الإبتسامة الخفيفة:
- م أنا عارف يا حبيبتي! يلا قومي عشان تلبسي!
يئست من مُصالحته، فـ نهضت مُبتسمة بخُبث، وقفت جوار المزينة و نظرت لإنشغاله بالهاتف، و أسرعت تضرب بـ قبضتها المزينة مُمسكة بقدمها بتميل لقُدام بتتآوه بوجع:
- آآآه
أسرع عزيز يرفع عيناه و وجهه لها، قام مُنتفض من فوق الأريكة و أسرع ناحيتها بيميل يشوف رجلها بكفُه و بدراعه التاني محاوط خصرها بيقول بقلق:
- فين يا حبيبتي وريني .. وجعاكِ أوي؟
حطت إيديها على كتفه العريض بتقول بألم زيفته ببراعة و هي رافعة قدمها المصابة:
- أوي يا عزيز!!
حملها بين ذراعيه و حطها على السرير، قعد قُصاد رجلها بيتفحص ساقها و هو بيقول:
- فين بالظبط؟
أشارت لمكان وهمي بتقول بملامح منكمشة:
- هنا كدا!! وجعاني أوي و دلوقتي تبقى كدمة!!
مد أنامله يدلك نفس المكان اللي شاورت عليه، إبتسمت و هي بتشوفُه بيعمل كدا بإهتمام، و قبل ما يرفع عينيه و يبُصلها كانت بتقطب بحاجبيها بألم بتمثيل بارع، فـ لطلالما إشتهرت بين أفراد عائلتها بقُدرتها على التمثيل، مد أناملُه يتحسس وجنتها بيقول بحنان:
- إنتِ كويسة يا حبيبتي؟
تنهدت بتقول بحُزن:
 - آه شوية! بس شكلي كدا مش هعرف أقف أغير هدومي، ممكن تساعدني ألبس؟
أومأ لها بإبتسامة هادئة و مال حملها بين ذراعيها و عاد يجعلها تقف، إستندت على كتفه بترفع رجلها المصابة بتقول:
- آه .. مش قادرة أقف عليها!!
- طيب إسندي عليا و أنا هغيرلك!!
قال بهدوء بيرفع راسُه ليها، فـ غمغمت الأخيرة بتبص حواليها:
- خايفة حد يكون شايفنا!!
- لاء متقلقيش يا حبيبتي!
إعتدل بوقفتُه و سندها بدراعُه و ميّل بيلتقط فستانها، حطت كفيها على أكتافُه فـ أزاح المنشفة، و كانت هي بالفعل مرتدية ملابسها الداخلية، و رغم خجلها منُه إلا أنها قاومت ذلك الخجل تذكر نفسها كل ثانيتان بأنه زوجها، قطبت حاجبيها مغمضة عينيها لما مال لكي يُسدل الثوب على قدميها، إعتدل بوقفتُه فـ إبتسمت بتميل عليه محاوطة عنقه قائلة بحُب:
- تسلم إيدك!!
حاوط خصرها يحدجها باعيُن راغبة قائلًا:
- بس بقى أنا مش ناقص .. إحمدي ربنا إني مسكت نفسي!!
إبتسمت نادين تُريح رأسها على كتفُه قائلة:
- إنت عارف .. أنا بقى بحب فيك إنك بتعرف تعمل كنترول!!
ضحك عاليًا بيقول بحُب:
- مش دايمًا، أنا بعرف أعمل كنترول قدام أي ست .. إلا إنتِ! إنتِ الوحيدة اللي مبيبقاش فيه في قاموسي كلمة كنترول قدامها! إحنا بس عشان ماشيين، بس لما نرجع الفيلا نبقى نشوف موضوع الكنترول ده!!
أعطته قبلة خاطفة على شفتيه و إبتعدت عنه، و للحظة نسيت تكمل التمثيلية و مشيت بشكل عادي، بصلها بدهشة و مشي وراها و في لحظة كان بيحملها من خصرها، إتخضت و شهقت و هي بتقول:
- عزيز في إيه!!
حطها على الفراش منيمها على ضهرها بيثبت كفيها بقبضتيه بيقول بخبث مُضيقًا عيناه:
- بقى بتضحكي عليا يا نادين!!
شهقت مدركة اللي عملتلُه، بصتلُه ببراءة و هتفت و هي تعبث في قميصُه:
- كُنت عايزة أصالحك يا عزعوزة!!
- عزعوزة كمان!
قالها بأعين متوسعة، فـ ضحكت بشقاوة لكنها شهقت بصدمة لما لقت كفيه بتتمد لطرف فُستانها بيرفعه لأعلى بـ بُطء و هو بيردد بمكر:
- دلوقتب أوريكِ عزعوزة ده هيعمل فيكي إيه!!!
مسكت كفيه بتقول بدهشة:
- إنت بترفع الفستان ليه دلوقتي طيب!!
إنزوت شفتيه بإبتسامة خبيثة و قال بمكر:
- هتعرفي حالًا!!
- عـزيـز!!
صاحت فيه بخجل لما رفع ثوبها بالفعل حتى ظهرت معدتها وقدميها الرشيقتان، و على عكس توقعها وجدته يدغدغ معدتها فإنتفض جسدها يتلوى بضحكاتٍ عالية ترجوه أن يكف و لكنه لا يفعل، حتى شعر بأنفاسها تتلاحق فـ توقف و مال لأسفل برأسُه و طبع بشفتيه يُقبل معدتها قبلات متعددة مُتقطعة إبتسمت على أثرها، صعد بشفتيه لعظمتي ترقوتها و ذقنها و عاد يُقبل وجنتيها قائلًا بحنان:
- أنا بحبك أوي!!
جذب ثوبها لأسفل فـ إبتسمت مغمغمة بحُب:
- و أنا كمان بحبك!
- أوي؟
سألها بهدوء فـ أسرعت تجيب:
- أوي أوي!!
إبتسم و شدها فجأة من دراعها و هو بيقوم و بيقومها معاه بيقول بإبتسامة:
- طب يلا نمشي عشان متهوَّرش!!
********
خطت معه داخل الفيلا اللي زي ما عاشت فيها لحظات جميلة رغم قِلتها .. لكن عاشت فيها الحظات أسوأ ما يكون، شددت على كفُه من دون شعور لما إفتكرت اللي حصلها، في الرُكن ده بالظبط شدها عشان يدخلها المخزن، حَس بيها فـ وِقف .. لفِلها و حاوط وجنتيها بيميل على عينيها المغمضة بيُقبلها بحنان، مُثبتًا جبينه على جبينها بيهمس بحُزن:
- حقك عليا يا حبيبتي .. حقك عليا!!
ملئت رئتيها بالهواء و زفرته بتبتسم و بتفتح عينيها، بتربت على كفيه قائلة بهدوء:
- مافيش حاجة!
بصلها و لازال الحزن و الندم ساكن بعيناه، مسح بإبهامُه فوق وجنتبها و رجع مسك إيديها و دلفوا لبهو الفيلا، أخد دنفس عميق و نادى بصوته الجهوري لدرجة جعلت الأخيرة تُفزع:
- أمـــي!
خرجت ثُرية من جناحها بإبتسامة. و لكن فور إقترابها من الدرج و عينيها اللي وقعت على نادين اللي زينت ثغرها بإبتسامة شامتة .. هرب الدم من وشها، شُحب و كأنها هتموت، بتردد و كإن للتو أُلقي عليها سطل من المياه المثلجة في ليالي شديدة البرودة:
- إيه ده .. يا عزيز يابني؟!!!
هتف عزيز بهدوء:
- تعالي يا أمي إنزلي نتكلم!!
هتفت ثُرية بحدة و هي بتنزل السلم:
- نتحدت في إيه يا ولَدي .. بتعمل إيه إهنه دي!!!
- إيه ده .. يا عزيز يابني؟!!!
هتف عزيز بهدوء:
- تعالي يا أمي إنزلي نتكلم!!
هتفت ثُرية بحدة و هي بتنزل السلم:
- نتحدت في إيه يا ولَدي .. بتعمل إيه إهنه دي!!!
وقفت ثُرية أمامهم، فـ رفعت نادين كفها اللي عزيز مش ماسكُه بتمشي على دراعه العضلي و هو بيقول:
- أنا إتجوزت نادين تاني يا أُمي، نادين مالهاش علاقة بموت شريف و إنت عارفة كويس. الكلام ده .. بأمارة الواد اللي دفعتيلُه عشان يقول إن هي اللي كانت بتتابع معاه، و ده محصلش!!
إتنهد بيستعيد تلك الذكريات السيئة و بيقول و هو شايف وشها بيُمتعض:
- أنا مش هقولك تعامليها كويس .. أنا مش عايز بينكوا تعامُل خالص!!
مقدرتش ثُرية تسكت و هدرت بحدة:
- يعني إنت متجوز بنت اللي قتل أخوك و جايبها هنا تقعدها في نص بيتي و أنا المفروض أحُط جزمة في بؤي!!!
هتف عزيز بهدوء:
- لاء خالص يا أمي، لو تحبي أنا ممكن آخدها و أمشي دلوقتي و أوعدك هجيلك كل يوم أطمن عليكي!!
صمتت للحظات قبل ما تقول مُقطبة حاجبيها:
- لاء يا عزيز .. مجدرش أقعد من غيرك يا ولَدي!
ظل مُحتفظًا بكفها داخل أحضان كفه ليمد الآخر خلف عنق والدته يُقبل جبينها قائلًا بإبتسامة هادئة:
- و لا أنا يا ست الكُل!!
إغتاظت نادين من فعلتُه لكن صمتت، و بعد لحظات ودّعها و صعد مع نادين لجناحهما، إبتسمت عندما دلفت له و تركت كفه مرتمية على الفراش، فـ قال هو مُحررًا أزرار قميصُه:
- هاخدد شاور و أروح الشركة يا نادين!!
- هتتأخر؟
سألتُه بلهفة فـ إبتسم مُجيبًا:
- لاء يا حبيبتي!
أومأت له بإبتسامة، و نهضت تُبدل ثيابها في غرفة تبديل الملابس، خرجت بـ كنزة شتوية فضفاضة بـ رقبة على سروال قصيرة و في قدميها حذاء قطيفة، رفعت خصلاتها لأعلى و خرجت له، فوجدته لازال في المرحاض لكنه فاتح بابه يقف أمام المرآة مُمسكًا بـ ماكينة الحلاقة خاصته، شهقت و أسرعت تدلف للمرحاض واقفة جوارُه بتقول بأعين متوسعة:
- إنت بتحلق دقنك!!! متحلقهاش يا عزيز سيبها!!
بصلها و قال بإبتسامة:
- بحددها مش بحلقها متقلقيش!
صعدت على الرُخام أمامه بتبص للي بيعملُه بتركيز، حتى قالت بإبتسامة:
- م تديني أجرب أحلقلك كدا!!
قال بهدوء:
-مش هتعرفي و هتعوّريني!!
شهقت و كإنه سبها، بتقول بفخر:
- أنا أعوّرك!! طب ده أنا كُنت بحلق لـ بابا و أخليه فُلة شمع منورة!!
نسي كُل حاجة، نزل الماكينة و بصلها و عينيه ظهر فيها الإنزعاج .. ظنت إنه بسبب ذكر سيرةأبيها، لكنها تفاجأت بيه بيسند. كفيه جوار ركبتيها بيقول بضيق ظهر على وشُه:
- بتحلقي لأبوكِ؟! مش شايفة إنك كُنتِ واخدة عليه شوية!!
لمحت الغيرة في عيناه، فـ إبتسمت بمكر لم يلاحظُه، و حاوطت عنقه بتقول ببراءة زائفة:
- لازم أخُد عليه مش بابا .. و بعدين دي أقل حاجة، ده أنا ساعات كتير كنت بنام جنبُه على السرير!!!
إنتفخت أوداجُه أكتر و قال بحدة:
- إزاي تبقي كبيرة و شحطة كدا و تنامي جنب أبوكي على سرير واحد!!!
قالت بهدوء:
- عشان مكانش ليا غيرُه، كان كُل حياتي الله يرحمُه!!
نزل برأسه بيغمض عينيه بيحاول يتحكم في النار اللي إشتعلت في جسمُه، و هي الوحيدة اللي قادرة تطفي نار غيرتُه، رفع كفيه بيحاوط وجنتيها مُغمغمًا و وجهه قريب منها بيردد بغيرة جنونية:
- بس إنتِ دلوقتي مالكيش غيري صح؟
هتفت نادين بحُب بتحط كفيها على كفيه المثبتان على وجنتيها:
- صح يا حبيبي!!
كإنه عايز تأكيد منها أكتر، فـ قال و عينيه بتمشي على ملامح وشها:
- أنا كُل حياتك صح؟
حسِت إنها قُدام طفل صُغير، سكتت للحظات تُشعل نيران قلبُه أكتر من دون قصد، فـ شدد على وجنتيها بيقول و كإنه بيرجوها تنطق:
- ناديـن!
- آه يا عزيز!!
هتفت بها بهدوء و جانب منها يتراقص فرحًا على تلك الغيرة، فـ قال بضيق:
-آه إيه بالظبط .. قوليها على بعضها!!
إبتسمت و قرّبت نفسها منُه أكتر بتقول بحُب:
-إنت كُل حياتي يا عزيز!!
تنهد و كإنه بذلك إرتاح قلبُه، أسند جبينه على كتفها فـ ربتت على ظهرُه العاري بإبتسامة شقت ثغرها، و رجعت تقول بحماس:
-يلا تعالى أحلقلك!!!
رفع وشُه ليها و ناولها الماكينة و إلتقطتها و بدأت في تهذيب ذقنه بإنتباه شديد، و هو ينظر لها بيقول مبتسمًا:
-عايز أجيب بنوتة شبهك كدا و أفضل أدلع فيها ليل و نهار!!
هتفت هي بحنق زائف:
- و أنا اتركن على الرف بقى خلاص!!
- لاء إنتِ الأساس!!
قال بحُب يعبث بـ تلك الغرة الساقطة على وجهها، إبتسمت و لما خلّصت بصتلُه ممسكة بطرف ذقنه تدير روجهه لكي تنظر له عن كثب، و رجعت قالت بإبتسامة:
- تسلم إيديا!
إبتسم و بص لنفسُه في المراية للحظات قبل ما يقول:
- إيدك حلوة .. هجيبك إتنين و خميس تحلقيلي!!
ضربتُه فوق كتفه بخفة، فـ حملها من خصرها لتلف قدميها حول خصرُه تُريح رأسها فوق كتفُه قائلة بحُزن:
- خليك معايا .. مش عاوزاك تمشي يا عزيز!
خرج بها من المرحاض و أنزلها على الفراش برفق فـ ظلت محاوطة عنقه، لحد ما قال بحنان:
- مش هتأخر يا روح عزيز!!
هتفت بهدوء محاوطة وجهه:
- طب أنا عايزة أنزل شركة بابت بردو!
إتنهد و قال:
- شوفي حابة تنزلي إمتى و إنزلي!!!
توسعت عينيها بصدمة، بتقول بعدم تصديق:
- بجد؟ يعني هتسيبني أكمل شُغلي!!
قال بحُب:
-أي حاجة هتبسطك هسيبك تعمليها!
لمعت عيناها بحُب و حاوطت عنقه ترفع جسدها له تحتضنه، مسح على ظهرها بعشقٍ حتى إبتعدت عندما تابع:
- بس على شرط!!
قالها بتحذير فأسرعت تقول بلهفة:
- قول يا حبيبي!!
قال بيمّشي إبهامه على وجنتها:
- أرجع ألاقيكي، مش عايز أرجع ملاقيش مراتي و أقعد أكلم الحيطان
 أسرعت تقول بإبتسامة:
- لاء يا حبيبي مش هيحصل، متقلقش!!
إنهالت على وجهه بالقُبلات فـ تعالت ضحكاته الرجولية، حتى نهض من عليها بيقول:
- أنا همشي بقى عشان دقيقتين معاكي كمان و هحلف م هروح!!
********
ودّعت عزيز بعناق قبل ما تنزل على الدرج و هي بتمتم بمكر:
-كدا بقى نبتدي الشُغل!
و زي ما توقعت لقِت أمه قاعدة قُدام التليفزيون بتتابع مسلسل قديم مُفضل. ليها، جريت على المطبخ و قالت لأم حمادة اللي إستقبلتها بالأحضان:
- عايزاكِ تعمليلي أكبر طبق فشار يا أم حمادة!
و بالفعل في دقائق كانت ممسكة بـ علبة الفشار المخصصة له و هي تسير بتغنج جوار ثُرية اللي صبت كامل إهتمامها فوق شششاششة التليفزيون، قعدت جنبها و ببرود خدت ريموت التليفزيون و غيّرت القناة، إنتفضت ثُرية من شدة غضبها بتهدر فيها لعنف:
- مين سمحلك تجلبي القناة يا بت إنتِ!!!
لم تعايرها نادين إهتمام و هي بتاكل حبات الفشار ببرود، إحمر وجه ثُرية من شدة الغضب و خدت منها الريموت بترميه على الأرض بقسوة، بصتلها نادين بجمود و قالت ساخرة:
- معلش يا حماتي فداكي مليون ريموت!!
حسِت ثُرية إنها هترتكب فيها جريمة، فـ قامن من جنبها بتضرب الأرض أسفل قدميها بغضب صاعدة لجناحها قُدام التليفزيون الخاص بيها، إبتسمت نادين بل و صدحت ضحكاتها الفرِحة من أول إنتقام من تلك التي قلبت حياتها رأسًا على عقب!!!
جلست بالفعل أمام التلفاز ساعتان، و من ثم نهضت لكي تأكل و صعدت جناحها،قررت تبديل ثايبها لقميص من النوم قصير باللون الأحمر القاتم وصل لما قبل ركبتيها ظهر من جسدها أكثر مما أخفى، أشعلت التكييف على وضع التدفئة، و صففت خصلاتها بتمويجات واسعة، و أبدعت في وضع مساحيق التجميل بإحترافية، تنظر للساعة و قد تبقى على ميعاد عودته نصف ساعة، موسيقى هادية ملت الجناح مع رائحة عطرها الملفت، سمعت صوت سيارته فـ أسرعت تشعل نور أصفر هادي و ضربات قلبها تتعالى متعرفش ليه، تخبأت خلف باب الغرفة، دلف هو بعد ثوانٍ بيدور عليها بعينيه بينادي:
-نادين!!
خرجت نادين من ورا الباب تحتضن خصره من الخلف متمتمة:
- قلب نادين!
إبتسم و إرتاح قلبُه اللي كان بيدق بعنف خوفًا من ذهابها .. و كإنه هيفضل عايش في كابوس إنها تمشي فجأة، لف ليها بيتأملها بإعجاب شديد، ألقت هي بنفسها بأحضانُه محاوطة عنقه تقف على أطراف أصابعها، ضمها له بشدة محاوطًا خصرها مُقبلًا عنقها بعدما أزاح خصلاتها عن عنقها، إبتسمت و سارت بأظافرها المُدببة على كتفه و ضهره تتمتم:
- وحشتني!!
إبتعدت عنه بتنظر لعيونه العاشقة، أمسكت بكفُه و. بكفها الآخر وضعته أعلى كتفه فـ حاوط هو خصرها، تمايلت بجسدها بخفة كما فعل هو يرقصان رقصة slow شهيرة، سندت راسها على كتفُه و هي. لازالت تتمايل معه تسمع همسه بصوت عاشق:
- و إنتِ وحشتيني .. أوي!!!
إبتسمت و توقفت عن الرقص تقف أمامه و تمد أناملها لتزيح جاكت بدلته عن جسده تنزعه، وضعته جانبًا و أخذت تحرر أزرار قميصُه الأسود فـ نظر لفعلتها بحاجب مرفوع بيقول بخبث مُحبب لها:
- بتقلّعيني القميص!! إنتِ أد اللي بتعمليه ده!
أومأت له بخجل، فـ رغم فعلتها الجريئة إلا أنها فعلتها بأنامل ترتجف، و وجنتي إستحالا لإحمرار إبتسم على أثرُه، قرّب منها أكتر و مسك أناملها يُقبلهم واحد تلو الآخر لما لاحظ إرتجافهم بيهمس في أذنيها بحُب:
- مهما حاولتي تمثلي دور الجريئة اللي مقطّعة بطاقتها، بردو هتفضلي بتتكسفي و بتترعشي كدا لما ندخل في الجد!!
تنحنحت بحرج بتقول و هي بتششاور بكفها الحر لـ ورا:
- هـ .. هروح أجيب حاجة!!
مال على شفتيها يُقبلها قبلة سطحية خفيفة قائلًا بإبتسامة:
- حبيبتي هتروح تجيب إيه؟
غمغمت بحيرة و إرتباك:
- حـا .. جـة!!
قالتها بصوت متقطع من شدة توترها، حاوط وجنتيها يُشبع وجهها قبلات هامسًا بخفوت أمام شفتيها:
-مش وقتُه .. مُشكلتك إنك بتحضّري العفريت و مبتعرفيش تصرفيه!!!
إبتسم لما لاقاها واقفة ساكتة مغمضة عينيها مش عارفة تقول إيه، حملها بين ذراعيه يضعها فوق الفراش قائلًا بحنان:
- بحبك يا نادين!!!
*******
- عزيز أنا بنزف آآآه!!!
كان نايمة في حُضنه لما حسِت بـ سائل دافيء بينزل منها و آلام رهيبة أسفل معدتها، صرخت بالجُملة دي فإنتفض من نومُه، صدمة إعلت وجهه لما لقى الغطا اللي متغطية بيه عليه بُقعة دم كبيرة، قام بسُرعة لبس اللي لاقاه قُدامه وسط تآوهاتها، و حط عليها إسدال فضفاض و شالها، مسكت في رقبتُه و الألم بيزيد بتصرخ بوجع رهيب:
- عزيز آآآآه مش قادرة
نزل من على السلم بيطري بيها بيقول بقلق:
- حصلك إيه!!!!
دفنت وشها في صدرُه بتعيط بحُرقة بتقول وسط عياطها:
- مش قادرة يا عزيز مش قادرة أستحمل!!!
شاور لسائق سيارته ييجي يسوق و ركب العربية و هي في حضنه في الأريكة الخلفية بيدوس على زرار فـ بيطلع إزاز كـ حاجز بين و بين السائق، كانت شِبه في أحضانه بيمسد على خصلاتها و ضهرها بيردد و القلق بينهشش في قلبُه:
-إهدي يا حببتي .. ثواني و هنوصل إهدي، أنا آسف حقك عليا!!!
نفت براسها بتقول و هي بتشدد على قميصه من ذلك الألم الذي يضرب أسفل معدتها:
- بتتأسف ليه .. مش بسببك .. مش عارفة إيه السبب!!
وصلوا للمستشفى، نزل يجري بيها في طرقة المستشفى الطويلة، حاسس إنه تايه و عاجز و مش عارف يتصرف!، لحد ما طلبوا منه يحطوها على تروللي و دخلو بيها غرفة الطوارئ، قعد على الأرض بيتلمس بنطلونه من أعلى اللي بقى عليه دمها، عينيه إتملت دموع بيردد رافع راسُه لأعلى:
- يارب عافيها .. مش بعد ما طلع عيني عشان تبقى في حضني تاني، أرجوك يارب!!
قعد ما يُقارب الاعتين بيدعي ربُه لحد ما خرجت طبيبة، وقف قدامها بيسألها بلهفة:
- كويسة؟
أبعدت الطبيبة الكمان عن وجهها بتقول بهدوء:
-هي المدام حاليًا بخير، وقفنا النزيف و الحمدلله إن حضرتك جبتها على طول، بس هي لازم تتعرض على طبيب نسا .. واضح إن في مُشكلة في الرَحم!!
سكتت للحظات قبل ما يقول بقلق:
-مشكلة إزاي يعني!
ثم إنفعل و قال بحدة:
-مـ تجيبوا دكتورة النسا هنا ليها .. مستشفى طويلة عريضة زي دي مافيهاش دكتورة نسا تشوف مراتي فيها إيه!!
حاولت الطبيبة تحتوي غضبه بتقول بلُطف:
- يا فندم إهدى بس، أنا مبقولش لحضرتك تاخدها توديها،إحنا عندنا أكفأ أطباء النسا هنا في المُستشفى .. أنا بس بعرف حضرتك إننا هنعرضها على طبيب نسا!!
قال بحدة:
- دكتورة مش دكتور!!!
- حاضر يا فندم!
قالت بهدوء و ذهبت من أمامه، و بعد ثوانٍ كان التروللي بيخرُج من الأوضة، أسرع نحوه .. بيوقفُه بإيديه و هو بيمسح على خصلاتها بحنان، شكلها و شحوب وشها و برودة جسمها خلته بيقول للممرضة و هو لسه بيبُصلها:
- مدام نزفت كتير تبقى محتاجة دم .. خُدي مني .. أنا نفس الفصيلة، خدي الدم اللي إنتِ عايزاه مني بس تبقى كويسة!!!
إبتسمت المُمرضة على ذلك الرجل العاشق حتى النخاع، فـ قال بهدوء:
- متقلقش يا فندم، إحنا كان عندنا أكياس دم كتير فصيلتها و هي خدت الدم اللازم!!
أومأ لها بهدوء و لسه عينه مثبتة على نادين، مقدرش يقاوم رغبته في إنه يشيلها بين ذراعيه، يسب ذلك الفراش الصغير الذي إحتضن زوجته عوضًا عنه، أسرعت الممرضة تقول بخضة من فعلته المفاجأةة
- بالراحة عليها يا أستاذ .. دي لسه تعبانة!!
مشّى كفه على ذراعها، و رفع راسه للمرضة بيقول بهدوء:
- أوديها أنهي أوضة؟
أشارت له على رقم الغرفة فـ سار بها بيضمها لصدره بيستشعر وجودها تاني بين إيديه، مال يُقبل عينيها قبل ما يحطها على السرير بحذر شديد، سحب كُرسي و قعد و لف للمرضة بيقول بهدوء:
- عايز أكفأ دكتورة نسا عندكوا في المستشفى تيجي على هنا لما تفوق تكشف عليها!!
هتفت الممرضة بتهذيب:
- حاضر يا فندم تفوق بس و إحنا هنشيلها في عينيا!!
و خرجت تاركة لهم بعض الخصوصية! جلس هو على الكرسي قدامها و قرب منها مسك كفها بيقول بحاجبين متقطبين و لسه صريخها و ألمها بيتردد في أذنيه:
- أنا مش عارف إيه اللي حصل ..  مش فاهم ليه نزفتي كدا يا عُمري ..  أنا مكُنتش عنيف .. مش قادر أفهم!
قال و هو بيفتكر تفاصيل تلك الليلة اللي كانت تخلو من أي عنف، حُب و مودة و لطافة فقط دارت بينهما، إزاي تنزف بعد ما كانت في حضنه و هو كان بيعاملها زي الجوهرة!! رفع كفها لشفتيه و قبلُه عدة مرات بيسند راسُه جنب جسمها بإرهاق شديد لحد ما غفل، و إستفاق على أنامل بتتغلغل في خصلاته بحنان، رفع راسُه ليها و إبتسم لما لاقاها فاقت، و بلهفة قام قعد جنبها بيحاوط وجنتها بكفُه و بكفه الآخر محتضنًا كفها:
- حبيبتي ..  حاسة بإيه دلوقتي أحسن؟
قالت نادين بهدوء:
- أنا كويسة يا حبيبي .. شوية وجع بس في بطني هنا!
قالت و هي بتشاور على ما أسفل معدتها بقليل بملامح منكمشة، حط إيدُه مكان إيدها بيقول و قد إنكمشت ملامحُه و كإن الألم اللي بتحسُه متوصل بيه بالظبط:
- حبيبتي .. هجيبلك حالًا دكتورة نسا تكشف عليكي!!
أومأت له بإبتسامة دافية و بصت لعينيه المرهقة بتقول بأسف:
- تعبتك معايا يا عزيز حقك عليا!!
قطب جبينه بضيق من حديثها، تحسس وجنتها الناعمة أسفل خشونة أنامله، و مال مُقبلًا معدتها قبلة تلي الأخرى مبسمًا، مقدرتش تقاوم رغبتها في إنه تحصنه، فتحت ذراعيها تدعوه لإحتضانها .. و كأنها دعتُه للجنة،أسرع يحاوط خصرها بذراعٍ و بالآخر يحاوط عنقها، بيقربها منه بحُب و بيمسح على ضهرها، قبّل عنقها و رجع بِعد بيقول برفق:
- هروح أنده للدكتورة يا حبيبي!!
أومأت له نادين بإبتسامة هادية، و بعد مغادرته إنكمشت محياها تدلك ذلك المكان الذي يؤلمها تسترجع الألم اللي حسِت بيه و كإنه كان بياخد روحها معاه!، دخلت الدكتورو و وراها عزيز، رحبت بيها الطبيبة بتقول بإبتسامة هادية:
- أخبار القمر بتاعت المُستشفى إيه!
إرتاحت نادين لإسلوبها، و قالت بطريقة مازحة هي الأخرى:
- القمر إترمرمط جامد!!
هتفت الطبيبة بضحكة:
- لاء لا عاش ولا كان، هنشوف دلوقتي سبب الممرطة دي إيه!!
و بالفعل حطت عليها غطا و فرغت ما بين قدميها و بدأت تكشف عليها و هي بتسألها شوية أسئلة تحت أنظار عزيز اللي كان واقف جنب نادين محتفظ بكفها في حضن كفُه، لحد ما قالت الدكتورة بأسف:
- بُصي يا نادين .. إنتِ بقالك فترة كويسة أوي متجوزة و محصلش حمل، النزيف ده يا حبيبتي كان بيبي .. و حصلُه إجهاض!!
شهقت نادين بصدمة، بينما توسعت أعين عزيز بيقول:
- طيب ليه يحصلُه إجهاض يا دكتور؟ أنا مكُنتش عنيف معاها في العلاقة خالص!!
أسرعت الطبيبة تقول بهدوء:
- م هو ده يا أستاذ عزيز مكانش بسبب العنف أو العلاقة من الأساس، المدام عندها مشكلة مناعية للأسف بتمنعها من الخلفة، الجهاز المناعي بتاعها بيعتبر إن البويضة كائن غريب و بيبتدي يهاجمُه كإنه شايف مرض زي الإنفلونزا مثلًا!! الحالات ديد بتكون نادرة شوية و علاقة للأسف صب،و لكن هناخد بالأسباب و تعمليلي التحاليل دي و تجيلي على عيادتي و ساعتها أديكِ العلاج!!
شعور قاسي إتملك منها، و كإنه للتو مسكت قلبها و ضربُته بعنف، إرتجف جسمها لما وصلت لنقطة إن اللي عندها علاجُه، صعب، و كإنها بذلك بتنفي إحتمالية إنها تبقى أم، تسارعت أنفاسها و هي بتسألها بـ حلق قد جف، و قطرات العرق تكونت على مقدمة جبينها:
- قصدك إني مش هخلف؟
يُتبع
- قصدك إني مش هخلف؟
قلبت الطبيبة شفتيها للداخل بأسف و رجعت قالت بهدوء:
- مافيش حاجة بعيدة عن ربنا يا حبيبتي .. ناخد بالأسباب و إن شاء الله خير!!
مرتاحتش لكلامها .. و كإنها بتديها مُسكن لساعتين و يرجع الألم بعدها ينهش فيها تاني، بصِت لعزيز اللي حالتُه مكانتش أفضل منها للصدمات اللي توالت عليه، كان واقف ساكت مُتسمر شارد، و بعد ترك الطبيبة لورقة بها التحاليل المطلوب و إستئذانها للخروج، مسكت دراعه بإيدها التانية فـ إستفاق من شرودها، قعد قُدامها و حاول يبتسم لكن إتصدم بوشها الأحمر و الدموع اللي لطخت كامل وجهها، بتهمس بإسمه و كأنه بترجوه ينتشلها من الدوامة دي:
- عزيز!!!
قرب منها بيحاوط وجنتيها بيقول في محاولة لتهدأتها:
- يا نور عين عزيز! إهدي يا حبيبتي .. نعمل زي ما هي قالت و ناخد بالأسباب و نعملها التحاليل و نرجعلها!
كإنه مسمعتهوش، الدموع بتنزل أقوى من ذي قبل بتحفر وجنتيها و هي بتردد و بتبصلُه:
- مش هخلف .. مش .. هخلف، جسمي .. جسمي بيهاجم إبني يا عزيز!
تابعت و هي بتبكي بتميل براسها و جزعها العلوي لقدام:
- إبني النهاردة مات يا عزيز، مات قبل ما أعرف حتى بوجوده!! 
و بسرعة كان بياخدها في حضنه بأقوى ما عنده، بيمسح على شعرها و ضهرها و هو بيهمس لها بحنو:
- ششش إهدي يا حبيبتي .. نجيب تاني يا نادين لسه العُمر قدامنا!!
نفت براسها بتقول و هي ماسكة في قميصه منهارة في العياط:
- نجيب تاني إزاي .. إزاي و أنا جسمي رافض أي محاولة مني في إني أبقى أُم!!
سكت .. مش عارف يقول إيه، لحد ما قالت بألم رهيب وسط عياطها:
- مش هبقى أم يا عزيز .. أنا مش هبقى أم أنا أسفة، و الله كان نفسي أعملك عيلة .. كان نفسي أخليك أب يا عزيز سامحني!!
بعدها عنه بيحاوط وجنتيها بيقول بغضب من حديثها:
- نادين إهدي .. إنتِ أقوى من كدا يا حبيبتي، هنلاقيحل بإذن الله متفيش حاجة بعيدة على ربنا، إهدي يا نادين!!
بصتلُه ورجعت غمضت عينيها بتعبط أكتر،، فـ ميل يُقبل وجنتها و دقنها و شفتيها مغمغمًا:
- يا روح قلبي إنتِ بنتي .. و عيلتي، و الله بعتبرك بنتي قبل مراتي فـ أنا كدا كدا أب أهو!!
نفت براسها بتحاوط عنقه بكل قوتها بتلقي بجسمها المتعب بين أحضانه بتقول بألم:
- لاء .. بتقول كدا بس عشان متزعلنيش!! إنت نِفسك في بيبي .. و أنا مش هعرف أعمل ده! 
شدد على إحتضانها بيدفع بخصرها أكتر نحو صدرُه بيهمس بحنان:
- والله ما بحايلك يا حبيبتي .. إنتِ حقيقي بنتي، و مش فارق معايا طفل .. إنتِ اللي فارقة معايا!!
نفت براسها بتبكي أكتر بعد ما إفتكرت كلامه:
- مكُنتش قولتلي إمبارح الصبح في الحمام إنك نفسك في بنت!!! أنا أسفة يا عزيز!!!
قالت و وإنهارت في البُكاء بتريح راسها على كتفُه و بتتمسك فيه أكتر خايفة يسيبها، سكت و لكن نقالت بعد لحظات:
- إنتِ بنتي يا حبيبتي!!!
******
رجعت معاه للبيت، كان شايلها على ذراعيه و هي نايمة على صدرُه مغمضة عينيها المنتفخة من شدة البكاء، ماسكة في قميصه بتحاول تمنع تلك الشهقات التي تلي البكاء من الخروج، دخل الفيلا فـ صادف والدته نازلة من على السلم بتقول بإستنكار:
- مالها الغندورة!!
قطب حاجبيه بضيق، فـ آخر ما يود أن تراه زوجته هي أمه، بيقول بهدوؤ و هو بيعديها عشان يطلع بـ نادين السلم:
- و لا حاجة يا أمي متشغلش بالك!!
مسكت في قميصُه بقوة و كإنها بتستمد قوتها منه، دخل جناحهم و منه للمرحاض، قعدها على التويلت بعد ما قفل غطاه، و جهزلها مايه دافية في البانيو و صابون، و رجع لفِلها بيمسك ذراعيها بيقول بهدوء:
- أقفي يا حبيبتي أغيرلك هدومك!!
مقدرتش تمنعُه، كانت في حالة لا هي قادرة تمنعه عن فعل شيء و لا حتى قادرة تستجيب، كانت مُستسلمة تمامًا ينزع عنها ثيابها بما فيها الداخلية، و رجع حملها بين ذراعيه بيدخلها البانيو، إستلقت جوا البانيو مغمضة عينيها، إستغرب حالتها و للحظة إنتابُه الخوف عليها .. قرر ميسيبهاش و يخرج، فضل جنبها بيمسح على شعرها بيوجه عليه مايه خفيفة رقيقة من الدُش بيغسلُه ليها، قلق عيها أكتر من عينيها المغمضة من ساعة ما دخلت البانيو، فـ قال بيرفض يسيبها لأفكارها تنهش فيها:
- بُصيلي يا نادين!!!
فتحت عينيها الحمرا و بصتلُه، رفع كفها المبتل لشفتيه يقبلُه بحنان .. باطنه و ظاهرُه، و قال و هو بيرمقها بعشقٍ خالص:
- بحبك أوي!
إبتسمت رغمُا عنها، و أمسكت هي الأخرى بكفُه تقبل باطنُه بحُب و أعين دامعة بتمتم بصوت مبحوح من عياطها:
- و أنت بموت فيك!!
إبتسم و قال بمزاحٍ:
- طب حيث كدا أنزل معاكي بقى!!
و لصدمته لاقاها بتومئ و كأنها ترجوه أن يفعل و ميسيبهاش وحيدة أفكارها، بتقول:
- ماشي تعالى!!
إندهش من موافقتها السريعة عكس خجلها السابق، لكنه إنتهز الفُرص و أسرع يحرر أزرار قميصه مرددًا بأسلوب فكاهي علُه يرى ضحكتها:
- يا فرج الله!!
ضحكت فعلًا و هي شايفاه ينزع بنطاله مكتفيًا بـ سروالُه الداخلي على جسده، قال و هو بيشاورلها:
- إطلعي قدام شوية!!
فعلت و هو لسه مستغرب، لكن أدرك إنها في أمسّ الحاجة للدعم النفسي، إستلقى بيفرد قدميه جوار قدميها، يأخذها بأحضانه و إلتفتت هي بجنبها تنام برأسها فوق صدرُه، إبتسم و أخذ يمسد على خصلاتها و ظهرها من أسفل المياه يحاوطها، تمتمت هي و هي مغمضة عينيها:
- تقيلة عليك؟
هتف بحنان:
- لاء يا عُمري!!
إبتسمت و قد ذاب قلبها لجرعات الحنان اللي بيدهالها، رفعت نفسه أكتر بتحاوط عنقه وراسها مسندة على كتفه تنهمر بالقبلات البطيئة على عنقه مغمغمة بألم إختلط بـ حُب حقيقي:
- بحبك أوي يا عزيز .. أوي!!!
إبتسم و قبل ذراعها العاري المُلتف حول عنقه، حتى سمعها ترجوه بتمتمة خافتة و دموع أحرقت بشرة عنقه من لهيبها:
- عزيز أحضُني جامد!!
ضمها لصدره بالفعل بقوة بيتمنى لو يدخلها جواه بيمسح على وجنتها و شعرها، كانت شفتيها لازالت فوق وريد في عنقه و أنفاسها الحارة من بكائها الصامت تحرق قلبُه!!
********
دلفت للطبيبة مُمسكة بكفه و بكفه الآخر فحوصاتها و تحاليلها، قدمها للطبيبة و جلست نادين و وقف هو جوارها يحاوط كتفها، طالعت الطبيبة الأوراق بنظارتها الزجاجية، لـ تتنهد واضعة الأوراق أمامها:
- للأسف الأجسام المُضادة موجودة بكثرة، و إحتمال إن الحمل يكمل شبه معدوم، لكن بردو هديلك أدوية تقلل من الأجسام المُضادة دي! 
سكتت هي بعيون دامعة، لكن رفعت راسها لعزيز اللي سأل الطبيبة بهدوء:
- مينفعش نعمل منظار و نقتل الأجسام المضادة مثلًا؟
هتفت الطبيبة بعملية:
- هيبقى على الفاضي، الجسم هيصنّع الأجسام المضادة مرة تانية!!
- طب الحل إيه؟
قال عزيز بإهتمام حزنت نادين لأجلُه، و تأكدت هنا أن أمر الإنجاب أكثر من هام لديه، حسِت بقلبها بيتكسّر حتت لما قالت الطبيبة تنظر لـ نادين بشفقة:
- مافيش حل غير إنها تستمر على الأدوية و تاخدهم في ميعادهم و العلاقة تحصل بإنتظام، و بإذن الله خير!!
أومأ لها عزيز بهدوء و شكرها، سعد بكفه و هبط فوق كتفها بيقول بحنان:
- يلا يا حبيبتي!!
قامت معاه و الشرود متملك منها، بتمشي معاه مسلوبة الإرادة مش عارفة تعمل إيه، وقفوا قدام العربية، مسك طرف دقنها و قال بلُطف:
- حبيبتي سرحانة في إيه؟
رفعت عينيها ليه، بتبصلُه للحظات قبل ما تقول بهدوء:
- ولا حاجة يا عزيز!
مال و وإلتقط قبلة من شفتيها ضاربًا بالمرء حوله و نظراتهم عرض الحائط، فقط لكي يشتت تفكيرها، و بالفعل إتلغبطت و شهقت بصدمةو هي بتبص حواليها و بتقول:
- عزيز إحنا في الشارع!
قال و هو بيمسد على وجنتيها:
- حتى لو فين .. مدام حسيت إني عايز أبوسك هعمل كدا أيًا كان المكان!! 
إبتسمت بخجل فـ همس لها بمكر:
- بقولك إيه .. إحنل نروّح نستحمى مع بعض بقى زيي ما عملنا من يومين!!
أسرعت تنفي برأسها بخجل رافعة سبابتها له:
- لاء إنسى الكلام ده!! 
و تابعت بحيرة:
- أنا مش عارفة إزاي عملت كدا .. بس كنت محتاجالك جنبي بشكل غريب!!
إبتسم و طبع شفتيه فوق جبينها بيقول بحُب:
-و أنا جنبك يا حبيبتي طول الوقت .. يلا إركبي!!!
صعدت معاه بالسيارة و ريحت راسها على كتفه لحد ما وصلوا، إعتدلت بجلستها و تنهدت و نزلت من العربية و رجع الشرود يسيطر عليها، أخد كفها بـ كفه و سارا للداخل، كانت ثُرية قاعدة على الكنبة، و لما وقعت عينيها عليها قامت و قالت بحدة بتقفوا قدامهم:
- كنت فين يا عزيز ..بتنزلوا إكده كل يوم بتروحوا فين!!
هتف عزيز بهدوء:
- عادي يا أمي مشاوير!!
هتفت ثرية بعنف:
- بلاش الحجج الخايبة دي، قولي بتروحوا فين!
تضايق عزيز مقطبًا حاجبيه بيقول:
- هو تحقيق يا امي!!!
هتفت الأخيرة بقسوة:
- آه تحقيق يا ولَدي!!
- كُنا عند دكتورة نسا .. و قالتلي إني مبخلفش!!!
قالتها نادين ببرود تام بتبصلها بأعين خالية من الحياة، مسح عزيز على وجهه بغضب من اللي قالتُه، آخر حاجة كان عايزها إن أمُه تعرف!! و كانت صدمة ثُرية شديدة، بتقول بغضب:
- كمان!! كمان أرض بور و مبتخلفيش!!! كمان ولَدي وحيدي هيتحرم من ضناه بسببك!!! 
مقدرتش تسيطر على إنفعالها، و إنقضت عليه بتحاول تنال منها لكن عزيز وقف قدامها بيخبي نادين ورا ضهرُه و بيقول بحدة:
- أمــــي!!!!
إنتفضت ثُرية بتصرخ فيه:
- بلا أمي بلا زفت!!! مش كفاية خدت مني حق إني أبقى أم لشريف .. عايزة تاخد مني حق إني أبقى جدّة كمان!!
غمّض عينيه بيحاول يتحكم في أعصابه، و إلتفت براسُه لنادين اللي رغم الجمود اللي كان في عينيها لكن كانت الدمعات بتتساقط منها تباعًا، قالها بهدوء:
- إطلعي يا نادين الأوضة دلوقتي!
بصتلُه للحظات قبل ما تتحرك لأعلى تحت نظرات ثُرية و أنفاسها الهادرة، لما إتأكد من طلوعها بص لأمه و قال بهدوء:
- إسمعي يا أمي، نادين كون إنها مبتخلفش دي حاجة مش بإرادتها .. و لا أنا ولا إنتِ هنعاقبها على الموضوع ده لإنه مش بإيديها، لو إنتِ مش هتقدري تصبُري و تدعيلنا و هتبكتيها بالكلام في الرايحة و الجاية يبقى هاخدها و همشي من هنا خالص!!!
إنتفضت ثُرية تطالعه بضيق مقطبة حاجبيها، تقول و قد إنهمرت 
معاتها:
- كمان يابني .. كمان عايز تمشي و تسيبني و خلاص كدا ميبقاش ليا حد، تبقى خدت ولادي الإتنين و حفيدي كمان!!
جذب خصلاته للخلف بيقول بضيق:
- فين حفيدك ده اللي هي عايزه تاخده!!!!
ختفت ثرية تقترب منه و عيناها ترجوه:
- هي مبتخلفش .. بركة إن شالله تولَع، لكن إنت يابني، راجل و بصحتك و ما شاء الله عليك تقوم بيها و بتلاتة كمان! بس أنا مش عايزة التلاتة .. أنا عايزة واحدة بس .. واحدة بس تتجوزها و تخلف منه ولد يبقى من صُلبك و يشيل إسمك يا عزيز!!
بصلها عزيز بصدمة للحظات، قبل ما يقول بدهشة:
- عايزاني أتجوز عليها؟ عايزاني أقهرها تاني؟!!
أسرعت هي بتقول بحدة:
- م تتقهر و لا تموت، و هي لو معرضتش عليك تتجوز تبقى أنانية! فاكر ندى يا عزيز؟ رجّع ندى و خلف منها و ساعتها إعمل اللي إنت عايزُه!!
توسعت عينيه بصدمة و في لحظة غضب ضرب على ضهر الكنبة وراه بيقول بحدة:
- إنـــتِ بتقـولـي إيــه!!! إسمعي يا أمي .. شيلي الموضوع ده من دماغك خالص، إبني لو مكانش من نادين يبقى مش عايزُه!!
و طلع على السلم بخطوات قوية عنيفة و صوتها بيصدح خلفه قائلة:
- خليها تنفعك يا ابن بطني، خليك جارها!!!
وقف قدام باب الجناح بياخد نفس عميق بيحاول بيه يهدى إضطراب الدم في عروقُه، و كإن مجرد ذكر اسم امرأة غيرها غيّر تركيبة الدم في جسمُه، فتح الباب. و رجع قفلُه وراه، تقدم لغرفتهما و فتح الباب فـ لاقاها قاعدة على المصلية، بتدعي ربنا و وشها متغطي بالدموع، إتنهد و ميّل عليها بيُقبل رأسها، و دخل يغير هدومُه، طلع لاقاها قاعدة على الكنبة بمنامية حريرية بتتكون من شورت قصير و بلوزة بحمالات واصلة لمنتصف بطنها، و لما طلع قامت بتقرب منه بتقول بعيون قوية و هي بتبصلُه:
- عزيز .. إتجوز!!!
قطب حاجبيه من كلمتها، و غمض عينيه بيتنفس بغضب، فتحها تاني و قال بضيق و هو بيبعد عنها و بيدخل البلكونة بيخرج سيجارة من جيبُه:
- هتعمليلي زيها بقى!!!
قربت من البلكونة عشان تدخل لكنه منعها بكفه اللي حطُه على بطنها بيقول و هو بيرفع حاجبه بتحذير:
- هتطلعي البلكونة كدا و لا إيه!!
دخلت لبست إسدالها و بعفوية حطت طرحته على شعرها، دخلت البلكونة بتقف جنبه و بتقول بسُخرية:
- يعني هي قالتلك تعمل كدا؟ على فكرة عندها حق مش هلومها، هي بردو عايزة تبقى جدة .. و أنا مش هقدر أعمل ده!!
سكت .. بينفث دخان سيجارته و عينيه بتدور قدامه بضيق، فـ تابعت بألم:
- عزيز أرجوك فكر في الموضوع .. إنت نفسك في بيبي .. و أنا كمان!
قالت آخر جملة بصوت مخنوق بالبكاء، و لكن تابعت بتحاول تصمد:
- بس أنا مقدرش أظلمك معايا .. ده حقك، أنا ربنا مش كاتبلي أبقى أم بس كاتبلك إنت تبقى أب يا حبيبي!!!
مقدرش يمسك نفسُه و ورمى السيجارة بحدة من البلكونة بيلتفت ليها و بيمسك أكتافها بحدة بيهزها بعنف مميل عليها عشان يبقى في مواجهة وشها:
- هو الموضوع عندك سهل للدرجادي!! عايزاني أتجوز عليكي و يبقى عندي طفل من ست غيرك عادي كدا!! إنتِ من كُل عقلك بتطلبي مني أنام مع واحدة غيرك و أعمل معاها اللي بعمله معاكِ!!!
قطبت حاجبيها لمجرد الفكرة بترجوه يسكت:
- عزيز كفاية!!!
هزها بعنف أكتر و كإنه بيفوقها بيصرخ في وشها:
- لاء مش كفاية!!! إنــتِ غـبـيـة، عشان إنتِ بتطلبي مني حاجة مش هتقدري تتحمليها، مجرد الكلام مش قادرة عليه، ما بالك تبقي قاعدة هنا و عارفة إن جوزك في حضن مراته التانية!!
بكت بحُرقة بتنكمش بين ذراعيه و كإنها ورقة في مهب الريح، تعالت شهقاتها فـ زود أكتر الضغط عليها بيقربها منُه بيصرخ فيها:
- حابة تعرفي هعمل إيه مع ضُرتك؟ أوريكِ؟
نفت براسها برجاء لكنُه دفعها ضد الحائط بينزل بشفتيه على طول عنقها، يُقبلها قبلات عنيفة عكس المُعتاد، حاولت تدفعه على صدرُه بضعف لكنه كان زي الجبل مبيتهزش، مجرد التفكير في الأمر خلها قشعر بدنها،أن يلصق شفتيه بجسد غيرها، أن يتلمس بأناملُه فتاة دونها، يخبرها كم يعشقها بين قبل و الأخرى و إن كان كذبًا، أن يضمها له زي ما بيعمل دلوقتي، و يرتفع بشفتيه لوجهها، فقدت السيطرة على نفسها، و بكت بقوة بتترمي في حضنه بتقول بعياط:
- لاء لاء .. لاء خلاص مش عايزة .. مش عايزاك تتجوز!! أنا أسفة خلاص .. متعملش كدا .. مش عايزة أحس الإحساس اللي إتخيلتُه دلوقتي ده، متعملش كدا يا عزيز أرجوك!!!
غمض عينيه و هو بيضمها لصدره بيتنفس بصعوبة، مسح على شعرها اللي وقعت من عليه الطرحة بيضمها له بقوة أشد، بيحاول يهدي عياطها في حضنه و هو بيميل براسه بيهمس في ودنها:
- إهدي يا حبيبتي .. مش هيحصل أصلًا، أنا قولت لأمي تحت و هرجع أقولك تاني .. لو الطفل اللي هجيبه ده مش منك يبقى مش عايزُه!!!
شددت على أحضانُه بتقول و قد هدأت شهقات بكائها:
- أنا بحبك .. بحبك أوي!!!
- و أنا بعشقك!!! 
قال بحنان بعدما قبّل رأسها، رفعت راسها ليه و هي لسه حاضناه بتقول بعيون بترتجف:
- أنا بنتك صح؟ 
إبتسم و مال يلتقط كرزتين ترتجف، و ألصق جبينه بـ جبينها بيقول بحنان:
- إنتِ بنتي .. و حبيبتي .. ومراتي، إنتِ كُل حاجة في حياتي و أهم عندي من أي طفل!!!
إبتسمت وسط دمعاتها و ريحت راسها على صدرُه تلتصق بـ جسمها في حضنه أكتر مُقبلة موضع قلبُه برقة!!
**********
كانت نايمة في حُضنه نص جسمها العلوي مُرتكز على صدرُه و خصلاتها مفترشة ضهرها، فتحت عينيها بتبُص قدامها فـ لقت البلكونة مفتوحة و النهار طالع، رفعت راسها ليه و إبتسمت و هي شايفاه غارق في النوم، قبّلت صدغُه و قامت، لبست شبشب و خرجت من الجناح بنفس المنامية الحرير القُصيرة قاصدة المطبخ بعد ما شعرت بجفاف غريب في حلقها، دخلت المطبخ اللي كان فاضي و فتحت التلاجة، طلّعت إزازة مايه إزاز و إبتدت ترتشف منها بعطش شديد، قلبت عينيها بتغمضها لما سمعت صوت ثُرية وراها بتقول بضيق:
- يا بجاحتك يا شيخة!!
حطت نادين الإزازة مكانها و بصتلها ببرود شديد، و مشيت تكاد تمر من جنبها و تطلع من المطبخ لكن كف ثُرية القوي مسك دراعها و رجعها قدامها بتنفض دراعها عن كفها و بتصرخ فيها بحدة:
- لما أكلمك تُجفي و تتحدتتي معايا زي العالم و الناس! 
ربعت نادين ذراعيها و قالت ببرود:
- هاتي اللي عندك!!
هتفت الأخيرة بقسوة:
- إبني مالوش ذنب في عُقمك!!!
و رغم قسوة الكلمة اللي نزلت على قلبها زي الرُصاصة، إلا إنها قالت بجمود:
- عندك حق .. و عشان كدا أنا عرضت عليه يتجوز واحدة تانية، و هو اللي مرضيش .. عارفة ليه؟
تابعت بخبث و هي بتقرب وشها منها:
- عشان بيموت فيا .. بيعشقني و ميقدرش يلمس ست غيري!
قطبت الأخيرة حاجبيها بضيق رهيب، حاسة إن كلامها فوّر الدم في جسمها أكتر، فـ قالت بحدة:
- إنتِ موهومة يا بنت رفعت!! 
و من ثم تابعت بمكر:
- مكانش لمس ندى .. و نام معاها لما كانت على ذمتُه!!!
يُتبع 
- مكانش لمس ندى .. و نام معاها لما كانت على ذمتُه!!!
رمشت بأهدابها و قد هزت جملتها بدنها بأكمله، طالعتها بصدمة إختلطت بشك، و بعد صمت قالت بحدة:
- كدابة .. مُستحيل أصدقك!!!
تابعت الأخير بأعين تلتمع بالخبث:
- هسمعك بنفسُه إعترافُه بس مش دلوقتي!! في الوقت المناسب!! سلام!
و غادرتها، وقفت مش قادرة تتمالك أعصابها، سندت على الرخامة حاسة بـ دوار غريب، و كإن الدم كله إتسحب من جسمها، إرتجف بدنها و هي بتحاول تمشي على الأرضية بتوصل للسلم، مسكت في الدرابزين و طلعت بخطوات وئيدة بتتخيلُه مع ندى، تلك الفتاة مُكتنزة الجسد بإثارة كافية لجعل أقوى الرجال خاتم بإصبعها، لمعت عيناها بالدموع بتردد من غير وعي:
- مُستحيل .. مُستحيل!!
ططلعت لجناحهم، قفلت الباب بتمسح على شعرها لـ ورا، و دخلت الغرفة، ألقت بجسمها بجواره و حمدت ربها إنه لسه نايم عشان ميشوفهاش بالحالة دي، إترمت في حضنه و بقى جسمُه كلُه على جسمه، نايمة بوضع الجنين محاوطة رقبتُه بتمتم بصوت بيترعش:
- عزيز ميعملش كدا .. ميعملش كدا!
نزلت دموعها غصب عنها على رقبته اللي دفنت فيها راسها، فضلت على حالها لحد ما حسِت بيه بيصحى، بيضمها أكتر لصدره بدراع واحد بيقول بصوته الناعس:
- صاحية بدري ليه يا حبيبتي؟
مكانتش في حالة تسمحلها ترُد، مش بتعمل حاجة غير إنها بتقرب منه أكتر و بتخفي وشها و دوعها عن عينيه في عنقه، مسح على شعرها بيقول بعد ما حَس بسائل دافي على رقبته:
- بتعيطي؟
أسرعت بتقول:
- ل يا حبيبي .. ده أنا شوفت كابوس بس خضني شوية مش أكتر، أنا كويسة!!!
حاول يبعدها عشان يعرف اللي حصل لكنها شددت على رقبته بتقول برجاء:
- متبعدنيش .. خليني في حُضنك!
ضمها ليه بيبتسم و هو بيحسس على شعرها زي الطفلة بيقول برفق:
- متأكدة إنك كويسة؟
- مممم
همهمت كإجابة بتمسح على وجنتُه و دقنُه المهذبة بكفه الآخر، و كإنها عايزة تستشعر وجوده، و تثبت لعقلها اللي أُرهق في التفكير إنه معاها و بيحبها و مستحيل يعمل كدا، فضلت في حُضنه و لم يمل هو من التربيت على خصلاتها و المسح عليهم و على ضهرها، لحد ما نامت و الله وحده يعلم كيف نامت وسط تلك الأفكار السوداوية، إستفاقت من نومها بعد ثلاث ساعات، لقتُه واقف قُدام المراية بيلبس هدوم الخروج عشان يروح للشركة، فركت عينيها بنعاس و قامت متوجهة له على طول بتقف جنبه و بتقول بصوتها النابم و عينيها النصف مفتوحة:
- هتمشي!!
جذبها من خصرها بكفٍ واحد و مال يُقبل وجنتها و رقبتها يستنشق ريحتها اللي هتوحشُه بيقول و هو بيبُصلها بحُب:
- مش هتأخر يا حبيبي!!
أومأت له بإبتسامة تكلفتها، فضلت واقفة جنبُه بتتأملُه بحُب و حزن معًا، لحد ما قالت بهدوء بعدما طفح بها الكيل:
- عزيز هي الفترة اللي كانت ندى فيها هنا معاك في أوضة واحدة .. حصل أي حاجة بينكوا!!
إستغرب سؤالها، و قال بهدوء بعد ما بصلها و لفلها عندما إستشعر جدية الموقف:
- حاجة زي إيه؟
إزدردت ريقها اللي تقسم إنها حسِت بيه نار مغلية بتنزل تكوي معدتها، لكنها قالت بعد ثواني بعد ما لملمت شتاتها:
- يعني قصدي .. حصل حاجة .. يعني بوستها حضنتها نمت .. معاها!!!
قالت جملتها الأخيرة و هي حاسة بنغزات بتضرب قلبها بقوة و عنف و كإن أحدهم ماسك شاكوش بينزل بيه بقوته على قلبها، لدرجة إن نفَسها ضاق و بصت حواليها بتاخد نفس عميق بتحاول تهدى، لحد ما قال و الصدمة إعتلت محياه:
- إيه الهبل اللي بتقوليه ده!!
قربت منُه بتحط كفيها على صدرُه بتقول برجاء و عينيها كلها 
دموع:
- ممكن تجاوبني؟
إتنهد، حاوط وجنتيها بيقول و هو بيحاول يحتوي الموقف:
- مافيش الكلام ده .. المرة الوحيدة اللي قربت منها ساعة م لاقيتك بتبُصي، و كنت عاصر على نفسي كيلو لمون وقتها و مكنتش طايقها و لا طايق اللي بعملُه!
أومأت عدة مرات و كإنها بتحاول تدخل الكلام عقلها و تقنعه بيه، فـ يرججع يكدبها تاني و يخليها تقول بحُزن:
- أصل هي يعني كانت حلوة و مُلفتة .. فـ طبيعي إنت كراجل يعني تضعف!!
إبتسم عزيز على تفكيرها و ميل عليها بيقول بعد ما خلّى وشه قريب من وشها:
- بس أنا مبشوفش ست حلوة و مُلفتة غيرك!
ثم طبع قبلة صغيرة جوار شفتيها و عاد يقول:
- و مش بضعف قدام واحدة غيرك!
و قبّل شفتيها المنفرجة قليلًا بحُب أربكها، إبتسمت فـ تابع:
- و بحبك!!!
ثم عاد يقبل شفتبها لكن بعمق تلك المرة حتى شعر بها تبادلُه بلهفة و حبٍ مماثل، إبتعد يهمس لاهثًا:
- كل يوم الصبح لازم كدا تندميني إني رايح الشغل و سايبك؟
إبتسمت و حاوطت عنقُه بحُب حقيقي تسب ثُرية في نفسها، طبعت قبلة سريعة سطحية فوق شفتيها قائلة بحُب:
- متتأخرش يا حبيبي، هستناك!!
- مينفعش أتأخر!
قال بإبتسامة بعد ما قرص طرف ذقنها، لكنه تابع بجدية:
- لو أمي دايقتك أو حصل حاجة كلميني على طول!
أومأت له بإبتسامة، فِ قبّل جبينها و ذهب، تابعت ذهابة بقلق بينبض، إزاي ممكن حد يوحشك بعد ما يبعد عنك بثواني؟ مش المفروض على الأقل يمر وقت .. ليه هو بيوحشها أول م تبعد عن حضنُه، إتنهدت و إتجهت للمرحاض تستحم و تتوضأ لتصلي فرضها، و قررت المكوث في جناحها لا تطيق رؤية تلك الـ ثرية أبدًا، تابعت سير عملها بالهاتف تخبر سكرتيرتها أنها سوف تعود للشركة غدًا بإذن الله، جلست بعدها تشاهد التلفاز و اللاب توب على حجرها تتابع فيه عملها، حتى شعرت بششعور غريب .. إشتياق حقيقي لـ عزيز و صوته و أنفاسُه و أحضانه الدافئة، فكرت في الإتصال به و مسكت بالفعل هاتفها لكن أدركت أن تلك الحديدة لن تروي إشتياقها له، فـ هم لازالوا لم يخترعوا العناق من على بعد، قامت بحماس و قررت تروحلُه، لبست بنطلون قماشي واسع و بليزر و أسفله تيشرت قطني، وقفت أمام ذلك الإيشارب التي إبتاعته من سنوات لكي تربطُه على خصرها فوق المايوه عندما كانت بالساحل الشمالي، و كان يليق تمامًا بـ البليزر، و بدون وعي منها و بتلقائية شديدة أخذته، و لفته على رأسها بعدما لملمت خصلاتها، وقفت قدام المراية بصدمة و عيون دامعة تردد:
- الله!! 
إبتعدت قليلًا و عادت تقترب تتفحص هيئتها و رغمًا عنها تساقطت دمعاتها، وضعت القليل من مستحضرات التجميل، و أخذت حقيبتها و مفاتيح سيارتها و غادرت، و لحسن حظها لم تجد ثرية في بهو الفيلا، لكن لاحظتها أم حمادة فـ شهقت تتمتم بفرحة:
-ما شاء الله اللهم بارك!!
قررت ألا تعترض طريقها و تبارك لها بعد أن تأتي، خرجت نادين للحديقة و منه للجراج، خدت سيارتها و خرجت من الفيلا، طرقت على المقود و الإشتياق يُداعب قلبها، وصلت لمقر شركته فـ صفت سيارتها جانبًا و أسرعت تترجل منها، و لأن الحراس لم يتعرفوا عليها فـ إستوقفوها يقول أحدهم بهدوء:
- مين حضرتك؟
هتفت نادين بإبتسامة مشعة:
- نادين رفعت .. حرم عزيز القناوي!!!
إبتسم الآخر يقول بترحاب:
- يا أهلًا يا هانم أُعذرينا اللي ما يعرفك يجهلك، إتفضلي يا هانم!!
قال مفسحًا لها المجال فـ أعطته إبتسامة مجاملة و دلفت لمقر الشركة، تعرّفوا أغلب الموظفين عليها يتهامسون عنها و إلتقطت أذنيها تلك الجملة من إحدى الموظفات:
- مش دي اللي كانت رافعة على عزيز بيه قضية خُلع .. دي معندهاش قلب حد يبقى في إيدُه النعمة دي و يستغنى عنها!!!
و رغم ضيقها من ذلك الأمر اللي هيفضل يطاردهم طول عمرها، لكنها لم تهتم و صعدت لـ مكتبُه اللي كانت عارفة مكانه كويس، وقف قدام الباب فـ طالعتها السكرتيرة بإحترام متمتمة:
- نادين هانم أهلُا وسهلًا بحضرتك!
هتفت نادين بهدوء:
- أهلًا بيكي .. عزيز في مكتبُه؟
- آه يا فندم .. ثواني هبلغُه!!
قالت بعملية، لكن هتفت نادين بهدوء:
- لاء خليكِ .. عايزة أعملهاله مُفاجأة!
أومأت لها السكرتيرة بإحترام فـ دخلت نادين من دون إستئذان مكتبُه، رفع هو راسه منتويًا على تلقين من إقتحم مكتبه من دون طرق الباب درسًا لا ينساه، لكنه وقف مصدوم من وجودها و من ذلك الحجاب اللي زيِّن وشها، إبتسمت هي ملء شفتيها من ردة فعلُه، قفلت الباب بإيديها من الخلف بتسند ضهرها عليه، طلع من ورا مكتبُه و هو بيردد بصدمة:
- نادين!!!
- قلب نادين!
قالتها بحُب و هي واقفة في نفس المكان، فتح ذراعيه لها و هو بيقول بفرحة لم تسع مكتبُه:
- إتحجبتي!!! 
جريت عليه بلهفة بتترمي في أحضانُه محاوطة عنقه بقوة، شدد فوق خصرها بقوة بيحملها من وِسطها بيقول و هو بيمسح على شهرها و الطرحة اللي مش مصدق وجودها على راسها:
- نادين إنتِ بتتكلمي بجد!!
شددت على عنقه بتقول برقة:
- آه يا حبيبي بجد .. حسيت إني محتاجة ألبسُه!!
غمض عينيه مبسوط من اللي وصلتلُه، فـ لطالما دايقه إن شعرها ياين و لبسها اللي رغم إحتشامه إلا إنه كان بيفصل جسمها، لكنه مكانش حابب يضغط عليها و يجبرها على الحجاب و اللبس الفضفاض، و يمكن لو كان أجبرها مكنش حَس بـ لذة اللحظة دي! قبّل ما طال من ذراعها و كتفها بيشيلها للمكتب، قعدها عليه و كوّب وجنتيها بيميل على كل إنش في وشها بيُقبله بحُب إبتسمت و تعالت ضحكاتها أثر قبلاته السريعة المتقطعة و المتلهفة لها، فـ رددت و الإبتسامة تعلو شفتيها:
- بالراحة يا عزيز!!
بصلها بيتأملها و لسه محاوط وشها، بيقول و عينيه بتتأمل كل جزء في وشها:
- إنتِ جميلة .. و نضيفة، بحبك أوي! مش قادر أقولك أد إيه شكلك حلو بيه، و مش قادر أوصفلك فرحتي إن شعرك محدش هيشوفُه غيري .. و إنك بتاخدي خطوات تقربي بيها لربنا!!
و تابع بلهفة:
- حالًا هنروح أنا و إنتِ على أقرب مول نشتري منه كل ألوان الطرح اللي تحبيها، و كل اللبس الواسع اللي تنقيه! بقولك إيه يلا دلوقتي!!
قال و هو بياخد هاتفه و مفتاح سيارته، فـ صدحت ضحكاتها بتقول بدهشة:
- دلوقتي إيه .. طب و شُغلك!!!
هتف عزيز و هو بيججذبها عشان تنزل من على المكتب:
- شغل إيه دلوقتي بلا شغل بلا زفت! يلا تعالي!!
ضحكت و هو يجرها خلفُه، خرج من المكتب و هو وراه بتحاول توقفُه، لكنه قال للسكرتيرة بنبرة لا تقبل النقاش:
- إجتماعات النهاردة كلها تتأجل .. و لو معرفتيش تأجليها إلغيها!!
شهقت نادين تنظر للسكرتيرة اللي قالت بهدوء:
- حاضر يا مستر عزيز!!
*******
وقف وراها حاطت كلا كفيه في جيب بنطالُه القماشي الفخم، و قميصُه إرتسم على صدرُه بعدما نزع جاكت بذلته، إبتسم و هو يراها تنتقي ألوان طرح مختلفة و تضع إحداهم على رأسها فوق الطرحة اللي لابساها بتقول مُبتسمة و هي بتلفلُه:
- لونها حلو عليا؟
- إنتِ اللي محلياها! زي القمر!
قال بإبتسامة و أعين تنطق بالحب، إبتسمت و أعطته قبلة سريعة بالهوا، و رجعت تختار باقي الطُرح، جالُه تليفون فـ قال بهدوء:
- هطلع أرُد برا يا حبيبتي عشان هنا مافيش شبكة!
قالت و هي منغمسة في ألوان الطرح و البندانات:
- ماشي يا حبيبي!!!
ذهب بالفعل بعيدًا عنها، و فور ذهابُه سمعت صوت جاي من وراها عارفاه كويس .. صوت آسر و هو بيقول:
- زي القمر يا نادين!!!
إلتفتت خلفها بصدمة، بتردد بدهشة:
- آسر؟
قرّب منها بخطوات مُتلهفة، بيقول بحُب:
- وحتشيني حقيقي!!
بعدت عنه بعيون تدور حولها بحثًا عن عزيز اللي لو شافها معاه هيبهدل الدنيا، و رجعت بصتلُه بتقول برجاء:
- آسر إمشي من هنا .. لو عزيز شافك هتبقى مُشكلة!!
قال آسر بحدة:
- يشوفني مش هتفرق .. أنا عايز أتكلم معاكي!!
مسحت على وشها بحركة إكتسبتها من عزيز، قالت و عينيها توضح حجم المشكلة اللي هي فيها:
- آسر إمشي لو سمحت .. أنا متجوزة و بجد عزيز لو شافك مش هيحصل كويس!!
ضرب بكلامها عرض الحائط، و قرب منها أكتر بيمنع نفسُه إنه يحط إيدُه عليها لكنه بيقول بتعب إختلط بولهٍ:
- نادين أنا بحبك .. بحبك أوي .. ليه عملتي فيا كدا! ليه جعتيلُه و إنتِ عارفة إني بحبك؟!
- و إيه كمان يا روح أمك!!!
غمضت نادين عينيها بعد ما إستوعبت إنه واقف وراها، توقعت أي حاجة إلا إنه يمسكُه من تلابيب قميصُه و ينهال عليه باللكمات في وسط المول! شهقت و تسمرت مكانها، تجمع المرء حوله بيحاولوا يبعدوه عن آسر لكنه صرخ بأعلى صوت لديه:
- محدش يشيلُه من تحت إيدي .. ده واقف بيعاكس مراتي و أنا قسمًا بالله ما هسكُت!!!
ذهب البعض بعد ما حسوا إنه من حقُه يعمل فيه كدا، و البعض الآخر حاول يهديه، بينما إنتفضت نادين بتقف قدامُه بتقول برجاء:
- عزيز كفاية أرجوك يلا نمشي من هنا! 
حدجها بنظرات حارقة و الغضب بينطق من عينيه، بص لـ آسر اللي قام بيهدر فيه بعنف:
- إنتَ معندكش دم!!! نادين بتحبني أنا و رجعتلك مجبورة!!!
إلتفتت له نادين مصدومة بترفع حاجبيها مش مصدقة للطذة اللي إتقالت للتو، إتخضت لما عزيز بعدها من قدامه لكن برفق و في لحظة كان بيهجم على آسر اللي إستعاد قوته البدنية و سدد له لكمان هو الآخر وسط صرخات نادين، فـ آسر يماثل عزيز في القوة البدنية و لكن عزيز أكتر شوية، إترجت الناس يبعدوهم عن بعض و بالفعل حاول الناس إنتزاعهم .. البعض مكبل عزيز و الأخر يقيد ذراعي آسر، وقف نا
وقفت قدام عزيز اللي شفتيه كانت بتنزف و صدره بيهتاج بقسوة، بتقول برجاء محاوطة وشه:
- عزيز و حياة أغلى حاجة عندك نمشي بقى!!
و في لحظة كان بيسحبها من كفها بيمشي بيها و رجع لف بيقول بصوته العالي و هو بيرجع خطوات لـورا:
- طـــب و قــســمًــا  عــــظـــمًــا مــا هسيبـك!!!
حاولت نادين تجذبه معاها فـ مشي بالفعل تاركًا آسر بيمح خط الدم اللي نازل من شفايفُه متمتمًا بوعيد:
- أنا اللي مش هسيبك و لا هسيبها!!
كان بيجرها وراه للعربية، و بحدة دفعها من دراعة على العربية فتآوهت بألم من ضهرها اللي وجعها من شدة الإرتطام، حط كفيه جنبها بيقول و هو بيضرب على العربية جنب راسها بإيديه الإتنين و الشر بيطلع من عينيه:
- إيـــه الـلـي وقـفـك مــــعــــاه!!!
صرخ في آخر جملته بعد ما ففد أعصابه، خافت منُه و وإنكمشت بتمتم بإرتجاف:
- معملتش .. حاجة!!
بِعد عنها بيلاحظ خوفها منُه فـ إزداد غصبه أكتر، مقدرش يطلع غضبُه عليها فـ وقف قدام العربية بيضرب على الكَبوت بكل عنف، أخفت وجهها بين كفيها لكن حالتُه خلتها تبصلُه و هي شايفة كفيه بقوا شديدي الإحمرار، راحتلُه بلهفة بتُقف قُدامه ماسكه أحد ك فيه بترجوه و هي بتقول:
- إهدى .. عشان خاطري إهدي و متعملش كدا .. شايف إيدك!!
نزع كفه من كفها مش بيردد غير:
- سيبيني .. سيبيني!!!
بِعد عنها مغمض عينيه بيسترجع المشهد في عينيه تاني، راحتلُه بخطوات وئيدة فـ صرخ في وشها بقسوة:
- إبـــعـــدي!!!
وقفت عن التقدم له، بتقطب حاجبيها من صراخه عليها، و في لحظة كانت بتاخد الأكياس اللي إبتاعتها و شنطتها و بتمشي بعيد عنه و عن العربية! بخطوات غاضبة، إتصدم من فعلتها و سُرعان ما كان بيمشي وراها بخطوات سريعة بيوقفها قابضًا على ذراعها بحدة بيشدها فـ إرتطمت بصدرُه ييهتف بصوت عالي:
- فاكرة نفسك رايحة فين!!
نزعت ذراعها من كفه بتقول بحدة:
- مش إنت عايزني أبعد!!! هبعد أهو!
مسك دراعها مرة تانية بيجذبها خلفُه بيقول بضيق:
- طب إركبي عشان أنا على أخري!!
حاولت تبعد إيديها عن كفه بتقول بضيق أكبر:
- سيبني يا عزيز أنا هروح لوحدي!!
زفر حاسس بخنقة رهيبة، فتح باب العربية و شدها عشان تركب فـ ركبت بنفاذ صبر بتصفع الباب خلفها، ركب هو الآخر مكانُه و بدأ يسوق و عقله مش مبطل تفكير، كان ماسك المقود بإيد واحدة و دراعه التاني مسنود على المسند اللي جنبُه،لاحظت شدة إحمرارُه من قوة الضرب على العربية، قطبت حاجبيها و قد أشفقت عليه، تنهدت و قالت علّها ترحمُه من أن تنهش الأفكار عقلُه:
- أنا كُنت واقفة بختار الطُرح لما إنت سيبتني و مشيت، لقيته جه من ورايا و بيقولي وحشتيني و إنه عايز يقعد يتكلم معايا، أنا رفضت و قولتله يمشي و إني ست متجوزة دلوقتي، لحد إنت ما جيت، أنا موقفتش معاه بمزاجي .. و لو إنت مكنتش جيت كنت أنا أصلًا همشي و أسيبه و أجيلك!!
بصتلُه بتشوف تأثير كلامها عليه .. فقد هدأ وجهه المتشنج، و خفت قبضته على المقود، نزلت بعيناها لجوار شفتيه المجروح لتعود تنظر أمامها مغمضة عيناها بأسفٍ، تقول بهدوء:
- حقك تدايق و تخرب الدنيا ،، بس و الله لو كنت إتأخرت دقيقة كمان كنت هتلاقيني بوقفُه عند حدُه و أبهدلُه!!
فضل ساكت لكن كلامها كان كـ ثاني أكسيد الكربون المنصب على نيران موقودة، بصتلُه و إلتقطت كفُه المُلتهب، حطتُه في حضنها و فتحته فـ قطبت حاجبيها و هي شايفاه كتلة من الإحمرار و الجروح الطفيفة، أخذت تمسح عليه بإبهامها بحنان، و رفعته لشفتيها تُقبلُه برقةٍ قبلة تلي الأخرى بتقول و هي بتحضن كفه بكفها:
- واجعك أوي؟
مش هينكر تأثره بكلامها و فعلتها الرقيقة اللي لمست قلبُه و أسهمت في هدوءُه و إستكانتُه فورًا، فـ هي في لحظة واحدة إستطاعت إمتصاص غضبُه الذي كاد يحرقه هو شخصيًا، و لما سمع كلمتها قال بهدوء:
- مش هو اللي واجعني بس .. قلبي واجعني بردو!!
إقتربت منه بتحاوط خصره تميل بوجهها لناحية صدرُه البعيدة عنها تقبل موضع قلبه برفق و حنان و هي لسه محتفظة بكفه في حضن كفها، و كانت هتبعد، لولا محاوطته لكتفيها فـ إبتسمت تريح رأسها فوق صدره تحاوط خصرُه مغمضة عيناها
تستشعر لمساته الدافئة على ضهرها و ذراعها!
وصلا، فـ إبتعدت عنه تنظر له محاوطة جانب وجهه اللي مش في مُقابلها بتقول بحُب:
- إنت حبيبي يا عزيز!!!
إبتسم و قبّل جبينها يقول بحنان:
- و إنتِ عُمري!
إبتسمت و غادرت السيارة و خرج هو الآخر، وقفته بتقف جنبه و بتقول بحماس مُفاجئ:
- بقولك إيه .. أنا هجري و لو إنت شاطر إمسكني!!!
ضحك على طلبها المُفاجئ و سألها بخبث:
- و لو مسكتك المُقابل إيه؟
هتفت هي مقطبة حاجبيها:
- مبتعملش حاجة لله كدا أبدًا!!
إبتسم و مال عليها بخُبث ينظر لها بيقول:
- لو مسكتك هتلبسيلي قميص النوم الأحمر اللي أنا بحبُه!!
شهقت بتقول بخجل:
- القليل الأدب ده؟ لاء ده أنا يادوب قِستُه حسيت إني يواقفة من غير لبس!!
- م هو ده المطلوب .. يلا إجري .. و هعد من واحد لـ تلاتة كمان عشان أديلك فُرصة!!
قال قارصًا ذقنها بلُطف، فـ إبتسمت هي و صفقت بحماس بتقول:
- ماشي!!
و بدأت بالفعل بالركض في الجنينة، حسِت بيه بيلحقها بخطوات شديدة السرعة وترتها و خلتها تتخض و هي بتحاول تزود سرعتها لكن في ثوانٍ معدودة كانت بين إيديه في الهوا، شهقت ممسكة بكتفه بترجع راسها لـ ورا من كُتر الضحك بتقول بدهشة:
- إنتَ جريت بسرعة أوي، ده أنا ملحقتش!
غمزلها و هو متجه بيها لباب الفيلا:
- هو أنا أي حد .. خبّطي!!
طرقت على الباب فـ فتحت إحدى الخدامات، مشي بيها في بهو الصالة و طلع على السلم و هو بيهمسلها بخبث:
- متنسيش إتفاقنا!!
ضحكت بتقول بمكر:
- لاء هنام بقى!!
- إنــســــي!!
قال و هو بيرجع راسُه لورا كعلامة على الرفض التام، فـ إبتسمت مسندة راسها على صدرُه دخل جناحهم و منه لأوضتهم، دخل بيها على أوضة اللبس و نزلها، طلع من دولابها قميص النوم اللي كان قاصدُه بيقول بجدية:
- خمس دقايق و ألاقيكي طالعة بقميص النوم ده .. لو عدت خمس دقايق و ثانيتين هدخل ألبسهولك أنا!!
خطفته منه و قالت بخضة:
- لا والله .. طب يلا إطلع برا!!!
قرّب منها بيقول بمكر:
- طب م أساعد!!
هتفت بحدة:
- بلاش سفالة .. و إطلع يلا!!
- هطلع أهو!!
قال و هو بيغمزلها بمكر و طلع، أسرعت هي تنزل ثيابها لتشهق من الخجل و هي شايفة القميص مش خافي من جسمها حاجة، إتكسفت تطلع لكن حدثت نفسها بتقول و هي بتشاور لنفسها عشان تهدى:
- إهدي يا نادين .. ده جوزك .. و ياما شافك من غير هدوم أصلًا!
خدت نفس عميق و طلعت، لقتُه قاعد على الكنبة ماسك تليفونه، رفع راسها ليه فـ إرتفعا حاجبيه بإعجاب و هو شايفها واقفة بتضم كفيها لتحت بخجل بان على وشها و جسمها اللي كان مُنكمش، قام بيقرب منها بتروي .. مُبتسم و عينيه بتاكُلها، حاوط وجنتيها .. و مال على شفتيها يعطيها قبلة خفيفة مغمغمًا بحُب:
- أجمل بنت شافتها عيني!! عايز أكلك!
إبتسمت بخجل و عينيها متثبته على جوار شفتيه المجروح، قطبت حاجبيها بحُزن و حاوطت وجنتيه بتشرأب بعنقها و بتقف على أطراف أصابعها، مُقبلة ذلك الجرح قبلة عميقة رقيقة، بتهمس و وشفايفها قريبة من خاصته:
- أسفة يا حبيبي!
ثم قبلت ذقنه و شفتيه و دقات قلبها تتسارع، فـ لا تعلم لمَ إجتاحتها رغبة جامعة في تقبيل كل إنش بوجهه، بل و الإلتصاق بجسدُه و وإحتضانه، إبتسم على فعلتها و في ثوانٍ كان يحملها، يضعها على الفراش و هو يهمس أمام شفتيها:
- عايزة تجننيني صح؟
قالت و هي تنظر له بحب:
- إنت مجنون خِلقة يا عزيز!!
- أنا مجنون بيكي .. تعالي أثبتلك!
قال مُبتسمًا يميل على حنايا عنقها يُقبلها بقبلات متقطعة عميقة إبتسمت على أثرها محاوطة عنقه، غمضت عينيها بتقول برقة:
- بحبك يا عزيز!!
- بموت فيكِ .. يا روح قلب عزيز!!
قال و هو يشعد بشفتيه لشفتيها، و لا يعلم كيف يكون بهذه اللهفة عليها و هي بين يداه، يعشقها بل و يهيم بها، و على نقيض لهفته .. و جنونه بها و إشتياقه الذي لا حد له لها .. إلا أنه كان يعاملها كالماسة، رقيقًا معها و كأنه لازال خائفًا من تكرار أمر نزيفها مرة أخرى، كان يعاملها و كأنها ليلتها الأولى، يعشقها و لكن يخاف عليها!
*******
بعد مرور إسبوعان، كانت نايمة ببن أحضانه شفتيها على عنقه، إستفاق هو قلبها و دثر جسدها العاري بالغطاء حتى لا تبرد، و قام بيجهز عشان يروح شُغلُه، صحيت هي بعد نص ساعة، بتتآوه بألم و هي حاسة بـ قطر دايس على جسمها، بتغمغم بتعب:
- عزيز .. جسمي متكسر أوي!!
ترك عزيز برفانُه و قرّب منها بيقول بحاجبي تقطبا:
- ليه يا حبيبتي حاسة بإيه؟
هتفت هي بإستنكار لسؤاله:
- ليه إيه يا حبيبي .. إنت اللي بتسأل!!
هتف هو بمكر:
- طب م إنتِ كُنتِ واحشاني أعمل إيه يعني!!
قرّب منها و حاوط خصرها من فوق الروب اللي لبسته، و مال على شفتيها لكن سُرعان ما حطت كفها على شفتيها و هي حاسة بإنقلاب معدتها من ريحة عطره، و في لحظة بعدتُه عنها و قامت بتجري على المرحاض، إستغرب اللي عملتُه لكن ركن ضيقٌه لما سمعها بتستفرغ!!، راحلها بيلملم خصلاتها لـ ورا بيغمغم بحنان:
- سلامتك يا حبيبتي .. إهدي!!
غسلّها وشها بيلفها ليه و بيجفف قطرات المايه بالمنشفة، إترمت في حضنه ماسكة بطنها بتقول:
- عزيز .. تعبانة أوي!!
قطب حاجبيه بضيق على حالها بيقول و هو بيربت على ضهرها:
- حبيبتي .. نروح لدكتور؟
نفت براسها بتقول بتعب:
- لاء يا حبيبي مش لدرجة دكتور ..  أنا غالبًا عشان كلت من برا إمبارح فـ معدتي تعبتني!! إن شاء الله هبقى كويس متقلقش!
- مقلقش إزاي يا نادين! إنتِ وشك مافيهوش نقطة دم!!
قال و هو بيحاوط وشها بيرجع خصلاتها ورا ودنها، فـ حطت كفيها على كفيه بتقول بهدوء:
- و الله يا حبيبي ما تقلق .. روح إنت شغلك و لو حصل أي حاجة هكلمك تيجي على طول!
ربّت على خصلاتها، بيقول بهدوء:
- طيب .. و أنا هكلمك أطمن عليكي!
أومأت له بإبتسامة مرهقة، مال يُقبل وجنتيها بيقول بحنان:
 - متتحركيش من الجناح و أنا هخلي أم حمادة تجيبلك الفطار هنا!
أومأت له بهدوء، فـ ربت فوق ذراعها و غادر، فـ شردت هي أمامها بعيون مشخصة!!
**********
بأقدام هُلامية وقعت أرضًا و هي ممسكة بين يديها أختبار الحمل، تتنفس بصعوبة و كفها الآخر فوق شفتيها تمنع نفسها من الصراخ .. تردد بجنون و هي تنظر للشرطتان مش قادرة تصدق:
- حـ .. حامل .. أنا .. أنا حامل!!!
يُتبع 
- حـ .. حامل .. أنا .. أنا حامل!!!
ضمت الإختبار لصدرها بتردد و المدوع بتنزل من عينيها بإنهمار:
- يعني أنا .. أنا حامل؟! 
بكت بحُرقة بتميل لقُدام بتخبط على الأرض بإيديها الفاضية، و ضحكت بهدها بهيستيرية جنونية بتهتف بفرحة شديدة:
- هجيب بيبي!!
قامت بصعوبة ماسكة في مقبض الباب، خرجت من الحمام و قعدت على السرير و هي حاسة رجليها مش شايلاها، إلتقطت هاتفها من فوق الكومود و إتصلت بـ طبيبة النسا الخاصة بيها، قالتلها اللي حصل بعد ما حاولت تجمع كلماتها تاني، فـ هتفت الطبيبة بإبتسامة فرِحة:
- يبقى ربنا إستجاب دُعائك يا نادين .. لو إنتِ صح و الأعراض اللي بتقولي عليها دي من إسبوعين و شوية يبقى العلاج الحمدلله جاب نتيجة، أنا عايزاكِ تجيلي دلوقتي نتأكد و أديكي أدوية تثبتُه!!
هتفت نادين بلهفة و عيون دامعة من شدة فرحتها:
- دقيقتين و هتلاقيني قُدامك!!!
قفلت معاها و مستنتش، قامت لبست و لفت حجابها  و خدت مفاتيح عربيتها و تليفونها و غادرت جناحها، قابلت ثُرية في وشها و أعطتها إبتسامة فـ صُدمت ثُرية لكن متكلمتش، خرجت نادين من الفيلا و ركبت عربيتها و ساقت لـ عيادة الدكتورة!!
و في خلال دقايق كانت نايمة على سرير العيادة و الدكتورة بتكشف عليها، تابعتها نادين بلهفة بتقول:
- حامل صح؟
أومأت لها الطبيبة بإبتسامة بتقول بهدوء:
- حامل يا حبيبتي .. ألف مبروك!! 
رجّعت نادين راسها لورا بتبص لفوق و هي بتقول:
- أحمدك يارب .. أحمدك و أشكر فضلك عليا يارب!!
*******
رجع عزيز من شُغله و الغضب يتطاير قُدام عينيه بعد ما عرف إنها خرجت من وراه و مبتردش على مكالماته، لقاها بتصلي و بتعيط!! إستنى لما تخلص صلاة بعدم صبر، و لما خلّصت هدر فيها بحدة:
- إزاي تخرجي من غير ما تقوليلي، مش قولتلك تبطلي الحركة دي!!!
بصتلُه بإبتسامة و قامت وقفت قدامه بتقول بحُب:
- وحشتني أوي!!
ضيق عينيه بيقول بضيق:
- كنتِ فين يا نادين؟
إرتمت بأحضانه بتقول بإبتسامة:
- أحضني و أنا أقولك!!
أبعدها عنه ماسك كتفيها بيقول محذرًا إياها من صبره اللي على وشك النفاذ:
- نـــاديــن!!!
إبتسمت و بعدت عنه متجهة لـ الكومود، خرجت من الدُرج إختبار الحمل و حطته ورا ضهرها بتخبيها عن عينيه، راحتلُه فـ بص لكفها اللي ورا ضهرها بإستغراب، لكنها وقفت قدامها و دموعها بدأت تنزل بتردد و جسمها بقى بيترعش فجأة:
- هقولك حاجة ماشي؟
قِلق، فـ قال بهدوء:
- قولي!
مسكت دراعه بتحاوط بيه خصرها بتقول بإرتجاف:
- إمسكني طيب عشان حاسة إني هقع!
قطب حاجبيه بقلق أكبر و حاوط بالفعل خصرها، طلعت هي إيديها من ورا ضهرها ماسكة في إيديها إختبار الحمل بترفعه قدام عينيه بتقول بصوت باكي:
- أنا .. أنا حامل!!!
توسعت عينيه بصدمة، فضل ساكت للحظات بيستوعب جملتها، كلمة تكونت من أربع حروف قدرت تقلب كيانُه، مسك الإختبار بين إيديه .. بيردد و هو بيحاول يلملم شتاته:
- إ آآ .. إتأكدتي؟
سندت راسها في حضنه بتقول بإبتسامة:
- أيوا .. لسه راجعة من عند الدكتورة و قالتلي إن الإدوية جابت نتيجة، عزيز أنا حاسة إني هقع من طولي والله العظيم ما مصدقة!!!
ضمها له بكل قوته مغمض عينيه بيقول بإبتسامة:
- الحمدلله .. و الله أنا اللي هقع من طولي!!
حاوطت خصره بتردد ببكاء:
- فرحان أوي!!
- أنا طاير!!
قال بسعادة ملقاش وصف ليها غير الكلمة دي!!، فـ ضحكت محاوطة خصره أكتر بتقول بإبتسامة:
- مش أكتر مني و الله!!
قعد على الكنبة وراه بيضم جسمها ليه و هي واقفة قدا بينزل بشفتيها لمعدته بيُقبلها قبلات متقطعة و رغمًا عنه إنسابت دمعاته، ضمت راسه ليها و عيطت، قعدها على رجله بيدفن وشه في عنقها بيقول بحُب:
- بحبك و بحبُه أوي!!!
*********
بعد مرور ثلاثة أشهر، إنتفضت نادين بتصحى من نومها على صوت صراخ أم حمادة و الخادمات قطبت حاجبيها بتزيح الغطا من على جسمها و بتقول و هي بتردد:
- أستر يارب .. أستر يارب!!!
نزلت الدرج لكن تخشبت قدميها لما شافت ثُرية واقعة على الأرض و الكل حواليها بيحاول يفوقها، مشيت لـ قُربهم بتبعدهم عنها بتقول بحدة:
- إبعدوا عنها عشان تعرف تتنفس!!
لكن إنحبست الأنفاس برئتيها هي لما مدت أناملها تتفحص نبضها فوجدتها متوقف، و النفس لا يخرج من أنفها، بصت لأم حمادة بتقول بصدمة:
- ده لا فيه نبض و لا نفس!!
إزدادت صراخات الخادمات و هتفت أم حمادة بهلع:
- فجأة يا نادين هانم والله لقيناها بتُقع من طولها!!!
- لا حول و لا قوة إلا بالله!
هتفت نادين و ومجاش في دماغها غير عزيز و إحساسُه، بدأت تعمل مكالماتها في إجراءات الدفن و العزا من غير ما تقول لعزيز مشددة على الخدم ميجيبوش سيرة ليه لحد ما يرجع من شغلُه، راحوا للمستشفى و قعدت هي برا بعد ما قفلت معاه و قالتله ييجي على المستشفى من غير ما توضحلُه أسباب، راح هو يركض في ممر المشفة، وقفت هي قدامه فـ قال محاوط و جنتيها و عينيه بتمشي على وشها و جسمها بلهفة:
- مالك يا حبيبتي .. تعبانة و لا فيكي إيه؟!
نفت نادين براسها بتقول بحنان:
- مافيش فيا حاجة يا حبيبي، أنا هقولك بس عايزاك تهدى ماشي؟
أومأ لها و أسوأ السيناريوهات في دماغُه، فـ هتفت و هي بتتابع رد فعلُه:
- مامتك .. إتوفت!!
رجع لـ ورا بعد ما شال إيدُه من عليها بصدمة، آخر حاجة كان يتوقع إنها تقولها، بص لباب الأوضة اللي هي قاعدة قدامها و رجع بصلها بيقول و جسمه فجأة بِرد و كإن الدم إتسحب منه:
- إزاي؟ ماتت إزاي؟
إزدردت ريقها و قربت الخطوات اللي بعدها بتقول برفق:
- حبيبي .. فجأة .. أم حمادة قالتلي إنهم لاقوها واقعة فجأة!!!
إتعلقت عينيه بالأوضة اللي هي فيها و قال بعيون لمعت بالدموع:
- عايز أدخُلها!!!
ربتت على كتفه و قالت بتأثُر:
- إدخل يا حبيبي!! هستناك هنا!!
سابها و دخل بلهفة، بينما وقفت هي حزينة على حالُه، فـ هي تظل أمه مهما حصل! قعدت على الكُرسي لحد ما طلع، لقتُه طالع منهار، الدموع ملت عينيه رافضة تنزل، و وشه شديد الإحمرار! قامت إتجهت ليه بلهفة و حاوطت كفيه بتقول برفق:
- إستهدى بالله يا عزيز!!
شدها ليها بيحاوط خصرها ساند راسه على كتفها بيردد بنبرة لمست فيها الألم:
- حاسس إني تايه .. يمكن مكانتش حنينة، بس كانت أمي .. و كنت بحبها أوي والله!!
إزدردت ريقها بتربت على ضهره بتحصه يتكلم أكتر، و بالفعل قال بألم شديد:
- ملحقتش أحضنها قبل ما تمشي و أقولها إني حقيقي بحبها!!
مسحت على عنقه من الخلف و خصلاته بتقول بحنان:
- هي حاسة بيك و سامعاك يا حبيبي! 
مسحت على ضهرُه العريض برفق لحد ما إعتدل في وقفته و قال بهدوء زيفُه:
- هكلم حد ييجي يغسلها!
قالت و عينيها بتتأملُه بنظرات حنونة مربتة على أعلى ذراعه:
- أم حمادة هتغسلها متشيلش إنت هم .. و كلمت حد بردو ييجي عشان صوان العزا و الدفنة!!
حاوط وجنتها مُقبلًا جبينها بيقول بهدوء:
- متشكر يا نادين!!
إبتسمت بهدوء بترفع جسمها و بتحاوط عنقه بحنان مُقبلة جانب عنقه!!
********
وقفت تاخد العزا في الفيلا و عينيها على باب الفيلا بتتدور عليه بلهفة، لكنه كان بيتخد عزاها مع الرجالة برا، لحد ما الناس مشيت فـ دخل الفيلا بتعب، راحتلُه بلهفة لقته بيقعد على الكُرسي حاطت راسه بين كفيه مميل لقُدام، راحتلُه و قعدت تحت رجليه ماسكة كفيه اللي متثبتين على راسه، بتغمغم برفق:
- عزيز!
بصلها و مسك كتفيها بيقومها و قعدها على رجلُه، إبتسمت و ضمت راسه لصدرها، بتقول و هي بتمسح على خصلاته:
- عيّط يا حبيبي .. متكامش دموعك كدا!!!
حاوط خصرها ساند راسه على صدرها و كلامها كان بمثابة ضوء أخضر لـ إنهمار دموعه اللي كاتمها من ساعة ما عرف بالخبر، بكى بين إيديها فـ بكت على بكاءه و إيديها بتنزل و بتطلع على ضهره، فضل على نفس الحالة ساعة كاملة، لحد ما حَس إنه خرّج شُحنة بكاءُه، بِ عد عنها فـ ربتت على وجنتُه بتقول بإبتسامة حنونة و وشها كلُه دموع:
- أنا معاك .. و بحبك!!
ثم هتفت بمرحٍ لكي تخفف الأجواء:
- إعتبرني ماما يا سيدي!!!
إبتسم على كلمتها و حط كفه على بطنها اللي برزت قليلًا بيقول بلُطف:
- أحلى أم في الدنيا!!
**********
- محتاج أشوفك يا نادين!!
قالها آسر برجاء ماسك في تليفونُه كإنه ماسك في عمره الجاي، بينما هتفت نادين بهدوء:
- آسر إبعد عني لو سمحت، أنا خلاص كلها كام شهر و أبقى أم .. لو سمحت إبعد عني و شوف حياتك، أنا بحب عزيز و مستحيل أفكر أسيبُه!!
- يعني إنتِ حامل؟!!!
قالها بصدمة، فـ هتفت هي بضيق:
- آه حامل .. الرقم ده متتصلش عليه تاني يا آسر سامعني؟
غمض عينيه بعد ما قتلت آخر أمل فيه، بيقول بألم:
- طيب .. أسف إني دايقتك .. سلام!!
وقفل معاها و هو حاسس بنغزات في صدره مغمغمًا:
- الظاهر إني فعلًا لازم أشوف حياتي!!
مرت خمسة أشهر، وقفت قدامه لبس زي شاش، ماسكة في ذراعيه بتقول و هي بتترعش:
- عزيز أنا خايفة أوي أوي!!!
حاول يهديها بيحاوط وجنتيها قائلًا بحنو:
- قلب عزيز .. إهدي خالص متقلقيش، مش هتحسي بحاجة صدقيني!!
- طب أُحضُني!
قالتها و هي عارفة إنها لما بتبقى في حضنه بتنسى الخوف و بتنسى اللحظة اللي هي فيها، مكانتش بتدلع هي فعلًا محتاجة حضنه يمكن يشتت تفكيرها عن عملية الولادة اللي هتعملها بعد دقايق، ضمها لصدرُه بيمسح بكفُه على ضهرها بيردد برفق:
- متخافيش يا حبيبتي .. أنا معاكي!!
إبتسمت و قد كانت كلماته ليها تأثيرها في تهدأتُه، نادت عليها الممرضة فـ نزعت نفسها من بين ذراعيه قسرًا، بتبصلُه بدموع و هي بتبعد عنه، لحد م إختفت عن ناظريه فـ وقف هو يردد:
- يارب قومها بالسلامة .. ماليش غيرها!!
بعد عملية إستغرقت ساعات، صدح بكاء إبنته، إبتسم ملء فيه فـ خرجت الممرضة بـ طفلته، أسرع إليها، وقف بعيون بتلمع من شدة الحب لهذه القطعة الصغيرة فِ مدتها الممرضة له تقول بعَجلة:
- ألف مبروك يا عزيز بيه!!!
و بتردد شديد إلتقطها بين ذراعيه، مسمعش الممرضة و إختفت كل الأصوات من حواليه، مافيش في أذنيه غير صوت بكاءها اللي خف بعد حمله إياها و كإنها عرفت إنه أبوها، ضمها لصدرُه بكفي يرتجفا من ملامستهما لطراوة جسدها و ليونته اللي خوفتُه، مال يقبل رأسها برفق شديد فـ لامست شفتيه نعومة وجهها الشديدة، إبتسم و غمغم و هو يطالع محياها الصغيرة يردد:
- إيه الإحساس ده؟!!!
و بصوت خافت ردد في أذنها بخشوع:
- الله أكبر .. الله أكبر!!!
*******
خرجت نادين على سرير المشفى الصغير، فـ أسرع يناول إبنته للممرضة يحمل جسد نادين اللي لازال مكتسب بعض الوزن، شاورتله الممرضة على الغرفة اللي هينقلها فيها، ذهبت ناحيتها و حطها على السرير بحذر شديد بيمسح على خصلاتها المتعرقة و جبينها، بص للمرضة بيسألها بهدوء:
- هتفوق إمتى؟!
- بعد دقايق!
قالت الممرضة و هي بتديله طفلتُه، مسكها بلهفة و جلس جوار نادين ممسك بكفها بكفه الآخر بيقول بحنان:
- قومي يا حبيبتي .. قومي شوفي واخدة ملامحك كُلها إزاي!!!
بعد نصف ساعة فاقت نادين .. بتغمغم بدون وعي:
- عزيز .. عز .. عزيز!!
أسرع عزيز يجيبها مقبلًا كفها بحنان:
- قلب عزيز و روحُه! أنا جنبك يا حبيبتي!!
فتحت عينيها نص فتحة بتقول بدموع:
- بنتي .. بنتي فين .. كويسة ..!!
أسرع بيقرب بنتها لحضنها بيثبتها وماسك ذراعي نادين عشان يحاوط بيهم الطفلة، أجهشت نادين بعياطط و هي بتضمها لصدرها فـ قال بحنان:
- إيلا في حُضنك يا حبيبتي .. إهدي عشان متخوفيهاش!!
سكتت فعلً بتضُمها لصدرها بتبصلها بفرحة مُقبلة جبينها، و بتبص لعزيز و كإنها بتقولُه .. أخيرًا!!، ربت على وجنتها بيسألها برفق:
- إنتِ كويسة؟
قالت و هي بتبُص لبنتها:
- عُمري ما كُنت كويسة كدا!! 
تابعت و الدموع بتنهمر من عينيها:
- حاسة إني خلاص مش عايزة حاجة تانية من الدنيا دي .. إنت و هي وخلاص كدا!!!
إبتسم بحُب و إستغل عرض السرير في النوم جوارها و إبنته بالمنُتصف، يُقبل جبين نادين و جبين صغيرتُه بياخد نفَس عميق حاسس بـ روحُه رجعتلُه!
********
تابع بعينيه نادين اللي كانت لابسة مايوه إسلامي واسع و طرحة ملفوفة بإحكام بتداعب إيلا بنتهم اللي كملت النهاردة ٣ سنوات بتبني معاها بيت رمل على بحر الساحل الشمال، في المكان ده قابلها لتاني مرة .. و في نفس المكان بقت مراتُه و بقى معاه منها بنت جميلة شبهها، إبتسم لما أقبلت عليه بتضحك على أفعال بنتها مد ذراعه الأيسر لها فـ أسرعت تجلس جوارة متوة أحضانه بتبص على بنتها بإبتسامة فـ قال هو بحنان:
- المنظر ده كان حلم حياتي من أول ما شوفتك!!
إبتسمت و بصتلُه، فـ تابع و هو بيبص على إيلا:
-تبقي مراتي .. و يبقى عندي منك طفل و كان نفسي في بنت، و أبقى قاعد كدا ببُص عليكوا!! فاكرة لما شوفتك هنا؟
أومأت بتريح راسها على صدرُه مبتسمة:
- ده يوم يتنسي!!
- روحي هاتيها!
قال مربتًا على كتفها، قامت فعلًا شالت إيلا بترفعها في الهوا فـ صدحت ضحكات الطفلة، نامت جنبه و حطت بنتهم في النص اللي مسكت كف أبيها تُتابعُه، فـ قال عزيز بحُب بيبُص لنادين:
- إنتوا حياتي .. دُنيتي كلها!!!
إبتسمت نادين و قبّلت ذقنه بعشق، فـ إبتسم و قبّل رأسه إبنته و هو يحيط أكتاف نادين بذراعيه بعشقٍ مُقبلًا جبينها بيقول بحُب:
- إنت عديتي أغوار عزيز .. كسرتي حواجزُه و دخلتي إحتليتي قلبُه و و روحُه و حياتُه!! لو كان في إحساس أكبر من العشق و الهوس .. هحسُه بردو ليكي، بعشقك يا نادين!!!
تمت بحمد الله

خلصتي؟ الرواية الجاية أقوى وأحلى… تعالي وعيشيها معانا👇

تعليقات